هل تشعر بتوترٍ كبير كلما اضطررت إلى التحدث إلى أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في عملك؟ كيف تتحدث إلى الشخص الذي تخشاه في العمل؟ تتساءل ما الذي يمكنك فعله حيال ذلك؟ جميعنا تعرَّض لهذا الموقف.
فحتى الأشخاص الذين يشغلون مناصب عُليا كانوا موظفين عاديين يوماً ما، حتى إذا ترقّوا سريعاً لأنَّ أحد أقربائهم يشغل منصباً مهماً في الشركة، أو كان شخصاً مشهوراً.
وبغضِّ النظر عن مدى الثقة التي يبدون عليها حالياً، فقد شعر كل شخصٍ منهم من قبل بأنَّه صغير الشأن في حضورٍ شخصٍ أكبر شأناً.
وهذا يعني أنَّ كلنا بشرٌ ولدينا عيوب، وكل واحدٍ منَّا يخشى شخصاً ما أو شيئاً ما، حتى ذلك المسؤول التنفيذي الكبير الذي تخشاه، ولكن هناك طرق للتغلب على هذه المشكلة بشكل مناسب بحسب موقع Medium.
قبل كل شيء.. هذا الشخص يضطرب أحياناً مثلنا تماماً
تقول جيسيكا باول، مسؤولةٌ تنفيذية سابقة في شركة جوجل إنها عملت سابقاً مع مسؤولٍ كبير في مجال المبيعات كان ذكياً جداً، وكثيراً ما كان يقول تعليقاته وملاحظاته بطريقةٍ قاسية. فكان الموظفون يخشونه بشدة، لدرجة أنَّهم كثيراً ما كانوا يشعرون بالارتباك ولا يجيدون التعامل معه. وما زاد الطين بلة أنَّه بدا وكأنَّه يستمتع بارتباكنا.
ولكن بعد ذلك، في أحد الأيام، كانت كاتبة المقال في نقاشٍ مع هذا المسؤول ومجموعةٍ من المهندسين، فألقى أحدهم مزحةً عن نظام تشغيل لينكس، فلمحت على وجهه علامةً توحي بأنَّه لم يفهمها. وبقدر ما كان يود تذكير مَن حوله بخلفيته العلمية، كان واضحاً لي من وجهه وصمته أنَّه لم يفهم النكتة، وأنه لا يريد أن يلاحظ أي شخصٍ جهله.
فأدركت حينئذٍ أنَّ هذا الشخص يضطرب أحياناً مثلنا تماماً. وبعد ذلك اليوم، وجدت التحدث إليه أسهل بكثير. وصحيحٌ أنَّ ذلك المسؤول ظلَّ حاداً كما كان دائماً، وكان يتحين الفرصة لإفحامنا جميعاً في النقاشات، لكنني وضعته في حجمه داخل عقلي، وقد جعله ذلك شخصاً طبيعياً في نظري.
حين تحاول التغلب على خوفك من مديرك، فمربط الفرس لا يكمن في البحث عن نقاط ضعفه، بل تذكير نفسك بأنَّ كل شخصٍ لديه نقاط ضعف، وليس هناك من هو أفضل منك في كل شيء. فأنا، على سبيل المثال، لا يمكنني إجراء حساباتٍ رياضية معقدة بطريقةٍ فورية، ولا يمكنني حفظ قيمة الثابت Pi حتى عشرين رقم عشري، ولكن يمكنني كتابة المقالات في أثناء مشاهدة عروضٍ على نيتفليكس، وهذا شيءٌ مهم على الأقل للأشخاص الذين يقرأون مقالاتي.
لذا فأهم شيء أن تدرك أنَّه لا يوجد سببٌ يجعلك تخشى شخصاً ما، لكنَّ ذلك قد يتطلَّب سنواتٍ من العلاج واستحضار الثقة.
عند التحدث إلى المديرين.. اعتمد على نقاط قوتك
أولاً، احرص على تحضير نفسك جيداً لأي لقاء مع الشخص الذي تخشاه. هل اللقاء مع مجموعة كبيرة من الأشخاص، وهل هم أشخاص لديهم خبراتٌ في مجالات مختلفة عن مجالات عملك؟ حينئذٍ لن تكون قادراً على "التفوق" على هؤلاء الأشخاص في مجالاتهم، لكن يجب أن تكون قادراً على تجهيز نفسك بما يكفي كي تكون إسهاماتك -التي تعتمد على نقاط قوتك- في الاجتماع مبنيةً على أساسٍ متين من المعرفة. وبذلك ستُظهِر لمديرك الذي تخشاه وزملائك الآخرين أفضل ما فيك.
وبالإضافة إلى ذلك، جهَّز غرفة الاجتماع: أي حدِّد الأشخاص الرئيسيين قبل بداية الاجتماع، وناقش معهم المشكلة. وحاول أن تعرض عليهم الفكرة التي تريد التقدم بها في الاجتماع، واعرف تعليقاتهم وملاحظاتهم. صحيحٌ أنَّ ذلك قد يبدو مملاً وروتينياً، فمن يريد أن يعقد اجتماعاً قبل الاجتماع؟! ولكن إذا كنت تعاني قلقاً، فيمكن أن يكون هذا شكلاً من أشكال الدفاع، بالإضافة إلى أنَّه وسيلةٌ رائعة لتعزيز علاقتك مع الزملاء الآخرين.
توقُّع اهتماماتهم
وهناك ميزةٌ أخرى لهذه الطريقة، وهي أنَّك إذا حصلت على ملاحظاتهم فستكسب دعمهم بالفعل في الاجتماع. أمَّا إذا لم تكن تريد اتباع هذه الطريقة، فيمكنك على الأقل توقُّع اهتماماتهم والاستعداد للتعامل معها، وكل ذلك سيجعلك تُقلِّل فرص تعرُّضك للهجوم، سواءٌ الهجوم المباشر من المسؤول التنفيذي الذي تخشاه، أو من الأشخاص الآخرين في الغرفة الذين يمكن أن يقوضوك.
وبعد ذلك، اسأل نفسك: ما الذي يهتم به هذا المسؤول تحديداً؟ وما المجالات التي تراه يسأل عنها، وما نقاط قوته؟ فإذا كان هذا المسؤول على سبيل المثال لديه خبرةٌ في إدارة أطقم الفنيين الكبيرة، أو لديه خلفية تسويقية قوية، فربما تكون لديه آراء قوية في هذه المجالات. لذا احرص على التفكير ملياً في هذه المواضيع، واجعل شغلك الشاغل هو عدم الارتباك حين يسألك هذا المسؤول عن شيءٍ يهتم به. ولا يُشترَط هنا أن تكون لديك الإجابة الصحيحة أو الإجابة التي يعتقدها هذا المسؤول صحيحة، ولكن عليك أن تثبت أنك فكَّرت في هذا الموضوع.
منظور التعاطف
ومن المفيد دائماً أن تكون مستعداً لسؤالهم عن آرائهم أو طلب نصائحهم. فطلب النصيحة من الشخص الذي أمامك دائماً ما يعد طريقةً رائعة لإزالة أي توتر بينكما، ويرفع عنك عبء التحدث، ويعطي انطباعاً بأنَّك تُقدِّر رأي هذا الشخص.
وأخيراً، لا تنس أن تأخذ نفساً عميقاً، لأنَّ ذلك يعد استراتيجيةً جيدة للاستعداد لأي لقاء يجعلك تشعر بالقلق.
وحين تأخذ نَفَساً عميقاً لا تتخيل في ذهنك صور الشاطئ، أو أصوات الموسيقى الهادئة، أو أي شيء يُنصَح به عادة، بل تخيَّل في ذهنك ذلك المسؤول الكبير الذي تخشاه وهو يقف وحيداً في مسرح المدرسة الثانوية أثناء حفل الرقص البطيء، أو يلعب بعض الألعاب التافهة.
وتذكر أننا جميعاً لدينا أوقات نشعر فيها بالتوتر والقلق، وحاول أن تُفكِّر في مديرك المُخيف من منظور التعاطف، ولكن إذا كان ذلك يبدو لطيفاً أكثر من اللازم، ففكِّر فيه من منظور السخرية، أو أي منظورٍ يجعلك تتغلب على هذا القلق.