نعم، يمكنك «تنمية معدل ذكائك» وجعل دماغك أصغر سناً

بغض النظر عن عمرك أو مستوى ذكائك الحالي، فإن هذه المادة الرمادية في جمجمتك تتغير باستمرار وتتطور من خلال قليل من العمل الذي ترصده لهذا الأمر

تم النشر: 2019/04/26 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/26 الساعة 12:09 بتوقيت غرينتش
يمكنك «تنمية معدل ذكائك» وجعل دماغك أصغر سن

من نواحٍ كثيرة، فإن ذكاءك العام قد تكوّن إلى حد ما، قبل أن يكون لديك أي علاقة به، وقد سيطر عليه عدد من العوامل، مثل: علم الوراثة العائلية، ونظامك الغذائي كطفل رضيع، واللقاحات، والأمراض خلال مرحلة الطفولة، والتعليم قبل المدرسي، وحتى أنواع العقاب التي اختارها والداك لتتخلص من سلوكياتك الخاطئة بالنسبة لهم، تربط الدراسات كل هذه العوامل ومئات العوامل الأخرى بذكائك في نهاية المطاف كشخص بالغ.

هل تنمية الذكاء أمر جائز؟

كما يمكنك العمل بجد في صالة الألعاب الرياضية وتغيير نظامك الغذائي للتغلب على الصفات الوراثية الجسدية السيئة، يمكنك أيضاً تدريب عقلك على تجاوز إمكاناته الفكرية الأولية، يقول عالم الأعصاب مايكل ميرزينيتش، وهو أستاذ فخري بجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو: "قد لا تكون عضلة، لكن يمكنك تدريب عقلك تماماً كما تفعل مع عضلاتك لأداء مستوى أعلى بكثير".

بغض النظر عن عمرك أو مستوى ذكائك الحالي، فإن هذه المادة الرمادية في جمجمتك تتغير باستمرار وتتطور من خلال قليل من العمل الذي ترصده لهذا الأمر، كما أن معدل ذكائك والقدرة على إدارة البيانات ومعالجتها يمكن أن يتطورا ويتحسنا.

فالبشر لديهم مرونة في المخ، أو المرونة العصبية، وهي قدرة الدماغ على التغيير للأفضل أو للأسوأ في أي عمر، تؤدي هذه المرونة بالدماغ دوراً مهماً في التطور الإيجابي أو التراجع السلبي لأدمغتنا، وكيفية تشكيل شخصياتنا المميزة.

فيمكن أن تكون العلاقات العصبية مزيفة أو مقطوعة، ويمكن أن تتقلص المادة الرمادية، هذه التغييرات تعكس التحولات السلبية في قدراتنا، وعلى سبيل المثال بإمكان تعلم مهارة جديدة ربط مسارات عصبية جديدة بأدمغتنا، في حين أن الشيخوخة قد تُضعف بعض المسارات العصبية التي كانت موجودة من قبلُ، وتؤدي إلى عدم عمل ذاكرتنا كما كان يحدث في السابق.

الأساسيات السبعة

طورت جمعية القلب الأمريكية مؤخراً سبع خطوات تهدف إلى مساعدة الأفراد على الحفاظ على صحة أدمغتهم، من الطفولة إلى الشيخوخة، وهي: الانتظام في ممارسة التمارين الرياضية، وأكل نظام غذائي صحي، والحفاظ على وزن صحي، والسيطرة على الكوليسترول، وتنظيم مستويات السكر في الدم، وإدارة ضغط الدم، والإقلاع عن التدخين.

فقد ثبت أن ارتفاع ضغط الدم بمنتصف العمر يزيد من خطر التدهور المعرفي في الشيخوخة، فيجب إجراء تعديلات على نمط الحياة للحفاظ على ضغطك منخفضاً قدر الإمكان، كما ثبت أن مرض السكري عامل خطر مهم في الإصابة بالخرف، ويمكن المساعدة في منع مرض السكري عن طريق تناول الطعام بشكل صحيح وممارسة الرياضة بانتظام، الأمر نفسه بالنسبة للمستويات العالية من الكوليسترول الضار LDL.

بالإضافة إلى الأساسيات السابقة، سنتناول هنا أكثر الطرق الفعّالة لتعزيز قوة الدماغ، وتحسين الذاكرة، وبناء روابط عصبية جديدة، وتنمية التعلم، وتحسين الوظيفة الإدراكية، وهي مدعومة بأحدث البيانات والأبحاث التي تثبت كيف يمكن أن يحسن الشخص العادي ذكاءه بشكل عام.

طرق فعّالة لتنمية الدماغ وتطوير الذكاء

1- الحصول على نشاط بدني بانتظام:

من الطفولة إلى مرحلة البلوغ وحتى الشيخوخة، يكون للنشاط البدني دور هام للاستفادة من صحة الدماغ، حتى وإن كان هذا النشاط لا يتجاوز تمشية حيوانك الأليف في الحديقة، ستجد أيضاً أن القيام بنزهة سريعة قبل الامتحان أو الاختبار يمكن أن يعزز أداءك ويُحسنه.

يؤثر النشاط البدني في بنية دماغ الأطفال منذ سن مبكرة، وهو ما يؤثر بدوره في أدائهم الأكاديمي، فقد اكتشف الباحثون أن الأطفال الذين يتمتعون بلياقة بدنية يميلون إلى الحصول على مزيد من المادة الرمادية في مناطق الدماغ، وهذا الأمر ضروري للوظيفة التنفيذية والحركية والتعلم والعمليات البصرية.

وقد تم إثبات أن التمرين يحسن الذاكرة ويُحسن من القدرة على التفكير لدى كبار السن المصابين بضعف إدراكي خفيف، كما تبين أن التمارين الرياضية على وجه الخصوص، تزيد من حجم المخ في معظم مناطق المادة الرمادية، وضمن ذلك المناطق التي تدعم الذاكرة على المدى القصير وتحسّن الوظيفة الإدراكية.

أشار العلماء إلى أنه حتى نوبات قصيرة من النشاط البدني قد يكون لها تأثير إيجابي على الدماغ، فقد ارتبطت المشاركة في 20 دقيقة من التدريبات عالية الكثافة مدة 6 أسابيع، بالتحسينات في الذاكرة بشكل إيجابي، والتي تسمح لنا بالتمييز بين سيارتنا وسيارة أخرى من الطراز واللون نفسيهما، على سبيل المثال.

كشفت أبحاث أخرى أن تمريناً مدته 10 دقائقَ مرة واحدة يعزز مؤقتاً مناطق الدماغ المسؤولة عن التركيز وصنع القرار وحل المشكلات، ويشير هذا إلى أنه قبل مهمة صعبة مثل الامتحان أو الاختبار أو المقابلة، قد يتم تحسين الأداء من خلال المشي السريع مدّة 10 دقائق.

كذلك، فإن ممارسة 25 دقيقة من اليوغا أو التأمل يومياً يُحدث تحسينات في وظائف الدماغ التنفيذية وقدراته المعرفية، وكذلك القدرة على تنظيم الاستجابات العاطفية.

2- اتباع نظام غذاء البحر الأبيض المتوسط لتعزيز الدماغ:

البحر الأبيض المتوسط ​​هو موطن الشمس والبحر والأطعمة المعروفة بخصائصها المُعززة للدماغ، فحِمية البحر المتوسط ​​غنية بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والفاصوليا والمكسرات والبذور وزيت الزيتون، وتشمل أيضاً كميات معتدلة من منتجات الألبان والأسماك، في حين أن اللحوم الحمراء والدواجن والأطعمة المصنّعة محدودة.

اكتشفت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتبعون حمية البحر الأبيض المتوسط ​​قد يتمتعون بحماية دماغية طويلة الأجل، إذ احتفظ المشاركون في الدراسة المنتظمون في اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط ​​بحجم دماغ أكبر من أولئك الذين لا يتبعون النظام الغذائي.

كما تبين أنّ تناول نظام غذائي متوسطي يُبطئ معدل الانخفاض المعرفي ويرتبط بتحسين وظائف المخ لدى كبار السن.

وجدت دراسة ركزت على تأثير تناول المكسرات على الدماغ، أن استهلاك الجوز المنتظم يقوي ترددات الموجات الدماغية المرتبطة بالإدراك والتعلم والذاكرة والشفاء، وغيرها من وظائف المخ الحيوية.

اختبر فريق البحث اللوز والكاجو والفستق والجوز، والفول السوداني، وقد تم الوصول إلى أن بعض أنواع الجوز مهمة لتحفيز ترددات دماغية محددة أكثر من غيرها، وكان الفستق يولد أعلى استجابة لموجة جاما، في حين أن الفول السوداني أنتج استجابة دلتا، ترتبط استجابة موجة جاما بالحفاظ على المعلومات والتعلم والمعالجة الإدراكية والإدراك، وترتبط استجابة موجة دلتا بالشفاء الطبيعي والمناعة الصحية.

3- تعلّم لغة جديدة:

هناك طريقة أخرى يمكنك استخدامها لتعزيز قوة الدماغ، وهي تعلم لغة جديدة أو عدة لغات أجنبية، فتعلم اللغات الأجنبية يشعل القدرات المعرفية لدى الرضع، ويفيد الدماغ المتقدم في السن، ويشحذ العقل.

أفاد باحثون بالمدرسة العليا للاقتصاد ب=في موسكو، وكذلك بجامعة هلسنكي في فنلندا، بأن تعلم اللغات الأجنبية يعزز مرونة الدماغ وقدرته على ترميز المعلومات، ويشرحون أنه كلما زاد عدد اللغات التي يتعلمها الشخص، زادت سرعة تفاعل شبكته العصبية لمعالجة البيانات المتراكمة.

كشفت الأبحاث الأخرى، التي قادتها جامعة إدنبره في المملكة المتحدة، أن التحدث بلغتين أو أكثر قد يبطئ التراجع المعرفي المرتبط بالشيخوخة، حتى لو تم تعلّم اللغات الأخرى في أثناء مرحلة البلوغ.

4- تعلّم آلة موسيقية:

بغض النظر عما إذا كنت تدرس آلة موسيقية خلال مرحلة الطفولة أو البلوغ، فإن تعلّم آلة موسيقية سيكون له تأثير مفيد على عقلك، فالتعرض للموسيقى بسنّ مبكرة يسهم في تحسين نمو الدماغ، وإنشاء شبكات عصبية، ويحفز الشبكات الموجودة بالفعل في الدماغ.

تم إثبات أنّ تلقي التدريب الموسيقي للأطفال يمنع تدهور مهارات الاستماع للكلام في السنوات اللاحقة، وقد يتجنب التدهور المعرفي المرتبط بالعمر.

كشفت دراسة نُشرت في مجلة العلوم العصبية عن السبب في أن العزف على آلة موسيقية قد يكون له تأثير وقائي على الدماغ، فقد وجد العلماء أن العزف على أداة موسيقية يغير موجات المخ بطريقة تؤدي إلى تحسين مهارات الاستماع والسمع بسرعة. ويوضح نشاط المخ الذي تم تغييره، أنه بإمكان المخ إعادة تجديد الشبكات العصبية ومعالجة الإصابات التي قد تعيق قدرة الشخص على أداء المهام.

كما تبين أن تعلّم حركات جسدية مع الموسيقى يزيد من الاتصال الهيكلي بين مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة الأصوات والسيطرة على الحركة.

5- استمرَّ في التعلم:

يرتبط مستوى أعلى من التعليم بتحسين الأداء العقلي في الشيخوخة، يعتقد الخبراء أن التعليم المتقدم قد يساعد في الحفاظ على قوة الذاكرة من خلال جعل الشخص معتاداً ممارسة النشاط العقلي. يُعتقد أن تحدي عقلك بالتمرين الذهني يؤدي إلى تنشيط العمليات التي تساعد في الحفاظ على خلايا الدماغ الفردية وتحفيز التواصل فيما بينها.

كثير من الناس لديهم وظائف تجعلهم نشطين عقلياً، لكن متابعة هواية أو تعلّم مهارة جديدة أو التطوع لمشروع خيري يتضمن اكتساب مهارة لا تستخدمها عادة، بإمكان هذه المهارة أن ترفع مستوى الذكاء وتساعد على تحسين الذاكرة.

6- التمارين العقلية:

في دراسة وجد الباحثون تحسناً بنسبة 30% في الذاكرة عند استخدام بعض الألعاب العقلية، تحديداً عندما استخدموا تمريناً يسمى "الظهر المزدوج". مارس المشاركون في الدراسة نحو 30 دقيقة يومياً مدة 5 أيام في الأسبوع، واختبروا مهاراتهم من خلال التذكر.

في ملخص للنتائج، أوضح الباحثون أن المشاركين رأوا مربعات تومض على شبكة في أثناء سماع الرسائل، وكان عليهم أن يتذكروا ما إذا كان المربع الذي رأوه للتو والرسالة التي سمعوها متشابهين في  الوقت نفسه.

عندما أصبح الاختبار أكثر صعوبة، كان عليهم أن يتذكروا المربعات والحروف من الثانية والثالثة والأربع جولات إلى الوراء.

7- اضحك على مزحة:

اختبرت دراسة أُجريت عام 2014، من جامعة لوما ليندا، النظرية القائلة بأن الفكاهة يمكن أن تحسن طريقة عمل عقلك بشكل عام، شاهد المشاركون في الدراسة مقاطع فيديو مضحكة مدة 20 دقيقة، ثم أجروا سلسلة من الاختبارات لمعرفة مدى نجاح ذاكرتهم القصيرة الأجل، ووجد الباحثون أن قدرتهم على التعلم زادت بنسبة 38.5%.

في ملخص للنتائج، أوضح الباحثون أنه عندما يضحك أحدهم، يبدو الأمر كما لو أن الدماغ قد مارس تمريناً، وهذا يسمح بالتفكير بشكل أكثر وضوحاً وتكون الأفكار أكثر تكاملاً، وهذا ذو قيمة للأفراد الذين يحتاجون أو يرغبون في إعادة النظر في، أو إعادة تنظيم، أو إعادة ترتيب الجوانب المختلفة من حياتهم أو تجاربهم، لجعلهم يشعرون بأنهم أكثر تركيزاً.

8- ثِق بنفسك:

يمكن أن تسهم الأساطير حول الشيخوخة في إضعاف الذاكرة، يعمل المتعلمون بمنتصف العمر وكبار السن بشكل أسوأ في مهام الذاكرة عندما يتعرضون للقوالب النمطية السلبية المتعلقة بالشيخوخة والذاكرة، ويعملون بشكل أفضل عندما تكون الرسائل إيجابية حول الحفاظ على الذاكرة حتى الشيخوخة.

الأشخاص الذين يعتقدون أنهم لا يسيطرون على وظائف ذاكرتهم أقل عرضة للعمل في الحفاظ على مهارات الذاكرة الخاصة بهم أو تحسينها، ومن ثم هم أكثر عرضة لتجربة التدهور المعرفي.

علامات:
تحميل المزيد