زيادة الوزن المفرط أو نقصانه بشكل حاد قد تؤديان إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع بـ 4 أعوام. دليل آخر يؤكد من جديد الحاجة للاعتدال في علاقتنا مع الطعام.
دراسة طبية حديثة نشرت في مجلة "Lancet" المتخصصة في أمراض السكري والغدد الصماء، توصلت إلى هذه النتيجة بعد معاينة 3.6 مليون شخص!
التقرير، وهو أحد أكبر التقارير البحثية التي نشرت من نوعها، شارك فيه ما يقرب من 3,362,674 مسجلين لدى الأطباء في بريطاني
مؤشر كتلة الجسم.. كلما تباعد الرقم عن النصف قصرَ العمر
وجد الباحثون أنه من سن الأربعين وما فوق، شهد الأشخاص في الطرف الأعلى (نسبياً) من مؤشر كتلة الجسم الصحي (BMI) خطراً أقل للوفاة بسبب تعرضهم للأمراض.
أما الأشخاص في أعلى وأسفل مؤشر كتلة الجسم (أي المصابون بسمنة مفرطة أو نحيلون جداً)، فإنهم يخاطرون بحياة أقصر.
ما هي معايير مؤشر كتلة الجسم الـ BMI؟
عادة ما يتم حساب مؤشر كتلة الجسم عن طريق قسمة وزن الشخص البالغ على مربع الطول.
ويعتقد معظم الأطباء المتخصصين في أمراض البدانة أن أفضل طريقة لديهم هي معرفة ما إذا كان شخص ما يعاني من السمنة، لأنه معيار دقيق وقابل للقياس.
تتراوح النسب كما يلي:
- 18.5 أو أقل، إذاً أنت نحيف جداً
- 18.5 – 24.9، إذاً أنت في فئة الوزن المثالي
- 25 – 29.9، إذاً أنت في فئة الوزن الزائد
- 30 أو أكثر، عندها تدخل مرحلة السمنة
على هذا الرابط من NIH أو المعهد الوطني الأميركي لأمراض الرئة والقلب والدم، يمكن إدخال أرقامك لتطلع على مؤشر كتلة جسمك.
من الجدير ذكره أنه معيار لا يتوافق مع جميع النساء، بفضل تجمع الدهون في منطقة الصدر أو الأرداف.
وهنا يلجأ الأطباء إلى مراعاة القياسات إلى جانب مراقبة الوزن.
لحياة أطول لا تكن سميناً ولا نحيفاً
ما توصلت إليه الدراسة هو أن متوسط العمر المتوقع للذكور والبدناء كان أقل بـ 4.2 و 3.5 سنة (على التوالي) من الأشخاص في نطاق وزن الجسم الصحي الكامل.
بالمقابل، كان الفرق بين الرجال والنساء الذين يعانون من نقص الوزن 4.3 (رجال) و4.5 سنة (سيدات).
واستخلص الباحثون من ذلك أن كلاً من زيادة الوزن أو نقصانه يشكلان عاملين مهمين في تراجع متوسط عمر الإنسان.
وأشار التقرير إلى أن مؤشر كتلة الجسم كان مرتبطاً بجميع أسباب الوفاة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي. باستثناء الحوادث بطبيعة الحال.
لكن، هذه النتيجة لا تعني أن الشخص الموجود ضمن الفئة الصحية "المثالية" ليس معرضاً للإصابة بالأمراض.
وقال مؤلف التقرير الدكتور كريشنان باسكاران لهيئة الإذاعة البريطانية BBC: "بالنسبة لمعظم أسباب الوفاة، وجدنا أن خطر الموت يزداد تحت مستوى مؤشر كتلة الجسم الأمثل أو فوقه".
وأوضح: "في مؤشر كتلة الجسم أقل من 21، لاحظنا المزيد من الوفيات من معظم الأسباب، مقارنة مع المستويات المثلى لمؤشر كتلة الجسم".
واستطرد قائلاً: "مع ذلك، قد يعكس هذا جزئياً حقيقة مفادها أن انخفاض وزن الجسم يمكن أن يكون علامة على اعتلال الصحة الكامنة
لكن الدراسة الضخمة لم تخل من النقد والجدل
لم تحظ الدراسة الجديدة بالقبول من قبل باحثين آخر.
فقد شكك بعض الخبراء فيما إذا كان مؤشر كتلة الجسم وسيلة دقيقة لتحليل صحة الإنسان.
إذ تعتقد الدكتورة كاتارينا كوس، المحاضرة في أمراض السكري والبدانة في جامعة Exeter، أن مؤشر كتلة الجسم "إجراء جيد بالمجمل".
وقالت: "نعرف من بيانات مرضى السكري كيف يمكن للأنظمة الغذائية ذات السعرات الحرارية المنخفضة وفقدان الوزن أن تحسّن مرض السكري على سبيل المثال".
إلا أن الدكتورة التي أعدت تقريراً عن الموضوع نفسه لأشخاص بين عمر 60-69 عاماً لم توافق على النتائج.
واعتبرت في تقريرها أن ما يعرف بـ"مفارقة خطر السمنة" لم "يدعم قبول" النظرية.
ما هي "مفارقة خطر السمنة" أو Obesity Risk Paradox؟
يستخدم مصطلح "مفارقة السمنة" منذ نحو 15 عاماً، حيث نشر باحثون من كلية الطب بجامعة كاليفورنيا تقريراً يذكر أن السمنة يمكن أن تحمي المرضى المصابين بأمراض الكلى المزمنة من مضاعفات معينة.
لم تكن هناك آلية بسيطة تشرح ذلك، وحتى مع بدء الدراسات الأخرى في إظهار نتائج مماثلة مع حالات صحية أخرى، بقي السؤال ما إذا كان للسمنة فوائد جدية.
أحد الاحتمالات هو تأثير زيادة الوزن على تحفيز الجهاز المناعي، ليكون بمثابة حالة عمل جاهزة؛ أي أنه يوفر نوعاً من احتياطي الطاقة.
لكن لا تزال مفارقة السمنة "الصحية" نقطة خلاف في المجال الطبي.
ودعم النظرية ما قدمته دراسة ثانية في المؤتمر الأوروبي للسمنة ECO2018، أن المرضى البدناء كانوا أقل عرضة للوفاة من أمراض الرئة بنسبة 30%.
وبعد تحليل أكثر من 1.7 مليون حالة من حالات الالتهاب الرئوي، في أكثر من 1000 مستشفى في الولايات المتحدة، وجد الباحثون أن "الزيادة في مؤشر كتلة الجسم كانت مرتبطة بشكل كبير مع تحسن فرص البقاء على قيد الحياة".
وهو ما يؤكد إلى حد ما "مفارقة خطر السمنة"، لتبقى النصيحة الأخيرة لما بدأ به التقرير، ألا وهي ضرورة الاعتدال في علاقتنا مع الطعام كماً ونوعاً.