للأرز مكانة خاصة على الموائد العربية والآسيوية والعالمية. ولأنه على تلك الأهمية وذلك الانتشار، تمكَّن علماء من التوصل إلى طريقة تساعد في تخفيض السعرات الحرارية في الأرز إلى النصف.
فتلك الحبوب البيضاء عماد الكثير من الأطباق المختلفة حول العالم، بل هي الوقود الذي يُبقي الطلاب على قيد الحياة إلى حد كبير (إلى جانب المعكرونة).
وعلى الرغم من أن حبوب الأرز متعددة الاستخدامات ورخيصة وسهلة الطهي، فإنها ليست على وفاق مع محيط الخصر، إذ يحتوي كوب واحد من الأرز المطبوخ على حوالي 240 سعرة حرارية نشطة، يمكن تحويلها بسرعة إلى دهون إذا لم يتم حرقها.
طريقة طهي جديدة تساعد على تخفيض السعرات الحرارية في الأرز
لكن الباحثين في سريلانكا اكتشفوا طريقة بسيطة لطهي الحبوب التي تقلل السعرات الحرارية بشكل كبير، بنسبة تصل إلى 50%.
كما أنها توفر بعض الفوائد الصحية الهامة الأخرى.
فوفقاً لدراسة تمت عام 2015، كل ما عليك القيام به هو ما يلي:
- اغلِ بعض الماء.
- قبل إضافة الأرز إليه، يمكنك إضافة زيت جوز الهند، بمقدار حوالي 3% من وزن الأرز (وهو ما يعادل ملعقة صغيرة لكل نصف كوب من الأرز).
- أضف الأرز وانتظره حتى يكتمل طهيه.
- لا تأكله الآن.
- ضعه في الثلاجة 12 ساعة.
- والآن يمكن تسخينه وأكله.
الأمر بسيط، أليس كذلك؟ لكن العملية تتضمن في الواقع بعض كيمياء الطعام الرائعة.
فالنشويات نوعان.. مقاومة وقابلة للهضم
في قلب هذه التقنية حقيقة علمية، مفادها أن النشويات جميعها ليست على قدم المساواة.
فهناك نوعان رئيسيان:
1- النشويات القابلة للهضم، التي تتحول في أجسامنا بسرعة إلى غلوكوز وتخزن كدهون إذا لم نحرقها.
2- النشويات المقاومة، التي لا تنقسم إلى جلوكوز في المعدة، لذلك فإن بها محتوى منخفض السعرات الحرارية.
تمر تلك النشويات المقاومة إلى الأمعاء الغليظة، حيث تتصرف مثل الألياف الغذائية، ويمكنها توفير جميع أنواع الفوائد للأمعاء.
وعلى الرغم من أن الكثير من الأطعمة النشوية، مثل البطاطس والأرز، تبدأ باحتوائها على الكثير من النشويات المقاومة، إلا أنها غالباً ما تنتهي بالتغير الكيميائي (تصبح نشويات قابلة للهضم) قبل أن نأكلها، وذلك بسبب طريقة طهيها.
تبريد الأرز يغير تركيبة "النشا" ويجعلها مقاومة
وكان الباحثون لاحظوا في السابق أن الأرز المقلي والأرز المطهي بطريقة بيلاف يتمتعان بمقدار أكبر من النشويات المقاومة، أكثر من الأرز المطهو على البخار.
كما بيّنت دراسة أجريت عام 2014، أن ترك المعكرونة تبرد قبل إعادة التسخين وتناولها يزيد بشكل كبير من محتوى النشويات المقاومة.
لذلك أراد الباحث السريلانكي سوداهير جيمس، والمشرف على دراسته بوشباراجاه ثافاراجاه Pushparajah Thavarajah إجراء المزيد من التحقيق.
اختبروا 8 طرق مختلفة لطهي الأرز على 38 نوعاً مختلفاً من أنواع الحبوب الموجودة في سريلانكا.
وإضافة القليل من الدهن أفضل من طهيه على البخار
واكتشفوا أنه بإضافة الدهون مثل زيت جوز الهند قبل الطهي، وبعد ذلك على الفور تبريد الأرز، يمكن تغيير تركيبة "النشا" في النتيجة النهائية، بحيث تحتوي على نشا أكثر مقاومة.
يعمل الزيت عن طريق التفاعل مع جزيئات "النشا" على تغيير بنيته.
ونقل موقع Science Alert عن جيمس أن "التبريد لمدة 12 ساعة سيؤدي إلى تكوين روابط هيدروجينية بين جزيئات الأميلوز خارج حبيبات الأرز التي تحولها أيضاً إلى نشا مقاوم".
ولاحظ جيمس أن تسخين الأرز بعد ذلك لإعداده للتناول لا يغير من مستويات النشا المقاومة.
النشويات تنخفض عندها 15 مرة وكذلك السعرات الحرارية
ووجد الباحثان أنه يمكن تقليل كمية "النشا" القابل للهضم 15 مرة، ومعه خفض السعرات الحرارية بنسبة 10 إلى 15%.
أما مشروعهما المقبل، فهو استخدام أفضل نوع من الأرز الطبيعي، المعروف باسم "سودورو سامبا Suduru Samba".
يعتقد العالمان أنهما سيتمكنان من خفض السعرات الحرارية بنسبة 50 إلى 60%. ويعملان على تجربة أنواع أخرى من الدهون، مثل زيت عباد الشمس.
فهل ينطبق الأمر على البطاطس والخبز؟
يمكن أن تؤدي تقنية الطهي الجديدة هذه إلى أرز جديد معبأ مسبقاً تم طهيه بالدهون وتبريده، ويكون جاهزاً للميكروويف مع سعرات حرارية أقل بكثير من المنتجات الحالية.
والأهم من ذلك، يعتقد الفريق الآن أنه يمكن استخدام نفس التقنية لجعل الأطعمة النشوية الأخرى المحبوبة أكثر صحية.
فهل تنجح هذه التقنية الجديدة في تخفيف مشاعر الذنب وتفتح الباب أمام تناول البطاطس والخبز بلا مشاعر الذنب إياها؟!