رغم تشديد القوانين ضد التبغ والسجائر في كندا، فإن الشيشة (أو الأرجيلة كما يسميها أهل الشام) تشهد انتشاراً واسعاً في مدينة مونتريال منذ عدة سنوات.
الشيشة لم تقطع هذا الطريق الطويل من الشرق إلى أقصى الغرب وحيدةً، بل رافقتها العديد من المأكولات العربية كالشاورما والكسكس، والتي تشهد إقبالاً ملحوظاً من الكنديين المعروفين بانفتاحهم على الثقافات الجديدة.
في وسط مونتريال المتحدثة بالفرنسية تبرز سلسلة مطاعم "الباشا" اللبنانية الشهيرة، وهي تقدم المأكولات العربية كالشاورما، والفلافل، والحمص، والكسكس وغيرها من المأكولات السريعة. وقد لاقت هذه الأطباق إقبالاً كبيراً لدى مرتادي هذه السلسلة.
محمد – أحد العاملين في مطاعم "الباشا" -، تحدث لـ "عربي بوست" قائلاً إن المطعم قريب من جامعة كيبيك، لذا فإن الطلبة هم أكثر المرتادين، "إضافةً إلى أن أسعارنا تنافسية ومن الممكن تناول كمية جيدة من الطعام مقابل نحو 10 دولارات".
وعن جنسية الزبائن، قال محمد "تتردد كافة الجنسيات على المطعم، وهناك الكثير من الطلبة الكنديين والأجانب الذين يعشقون المطبخ الشرقي. نجحنا في استقطاب الزبائن من خلال الطبق اليومي، والذي يضم عدداً من الأطعمة والمشروبات، كما تمّتَ إضافة الكسكس إلى قائمة المأكولات نظراً لتردد الكثير من المغاربة".
ولدى سؤال إحدى الزبائن – وتدعى ماريانا -، قالت إنها تتردد على المطعم الشرقي مرتين في الأسبوع، لأنها تعشق الشاورما. وأضافت أنها منذ تذوقت هذا الطبق أصبحت مدمنة عليه، وكثيراً ما تدعو صديقاتها لتجربته معها.
مكان آخر يشتهر في مونتريال يدعى "سوق الميزان" ويحتوي على كل ما يخص تحضير المأكولات العربية. أسسه زيد دعيس (كندي من أصل فلسطيني) مع أخيه قبل نحو 11 عاماً.
يقول دعيس لـ "هافنغتون بوست عربي" إنه أراد أن يفتتح مشروعاً يقدم مُنتجاً، فتطور مشروعه مع الوقت ليبيع فيه جميع المواد الأساسية لتحضير الأطباق العربية، إذ يبيع الحمص، والفول، والزعتر، والحلاوة، والأرز المصري، والميرامية، والشاي بمختلف أنواعه وغيره الكثير، كما يتم ذبح اللحوم يومياً لتلبية طلبات الزبائن.
وحول جنسية الزبائن، قال زيد إن "نسبة الكنديين المترددين على السوق لا تزيد عن 15%، والغالبية من العرب (مصر، فلسطين، لبنان وسوريا)، إضافةً إلى نسبة لا بأس بها من منطقة المغرب العربي، كما هناك نسبةً جيدةً من الإيرانيين"، مشيراً إلى أنه يحاول التنويع في البضائع من أجل جذب الزبائن من جميع الجنسيات.
وقد عرفت مونتريال في السنوات الأخيرة موجات هجرة، خاصة من الجزائر والمغرب، وتحديداً إلى حي قريب من وسط المدينة يدعى "المغرب الصغير"، نظراً لتمركز المهاجرين المغاربة فيه. وانتشرت محلات عديدة تعود ملكيتها لجزائريين مثل "طاسيلي" ولمغاربة مثل "دار الخير".
وعادة ما تشهد الأسواق العربية حراكاً خاصاً في فترة الأعياد وشهر رمضان، حين يحرص العرب على تعليم الجيل الجديد التقاليد الخاصة بهذا الشهر المميز.
الشيشة محبوبة الجميع
وبالعودة إلى الشيشة، فإن لها في كندا وضع خاص، إذ تقدم خالية من النيكوتين وفي أماكن مخصصة. وينص القانون الكندي على منع المحلات التي تبيع المأكولات أن تقدم الشيشة وكل ما له علاقة بالتبغ.
طُبق القانون في منتصف التسعينات، لما لدخان السجائر من تأثير سلبي على طبيعة المأكولات ونوعيتها، وفق وزارة الصحة.
ويعتبر مقهى "جيتان" أحد أقدم مقاهي الشيشة في مونتريال، إن لم يكن الأول في المدينة.
يقول صاحب المقهى أولفان بوكو (وهو كردي من تركيا)، إنه وصل إلى كندا قبل 30 عاماً، وبعد إنهاء دراسته في الاتصالات عمل في مختلف المجالات، لكنه قرر في النهاية أن يفتح شركته الخاصة، ففتح مطعماً إلى جانب بيع السيجار الكوبي. وفي منتصف التسعينات، خيّره مندوبو الصحة الكندية بين بيع المأكولات والسيجار، فاختار السيجار وأضاف عليه الشيشة.
وقال باكو لـ "هافنغتون بوست عربي" إن تدخين الشيشة "كان في البداية شيئاً غريباً، على اعتبار أنها نوع من التبغ القوي، لكن مع الوقت ازداد التردد على المقهى مع انتشار التكنولوجيا وتعرف الكنديين على الثقافات الأخرى ومنها الشيشة، فأصبح سكان مونتريال يترددون بكثرة لتجربتها وتذوق التبغ (المعسل) بنكهاته المختلفة".
وأضاف: "يبقى المقهى مفتوحاً إلى ساعة متأخرة بعد منتصف الليل، ويقصده نحو 40 جنسية مختلفة. وربما ما يميزه تقديم كل أنواع المشروبات كالقهوة والشاي إضافة إلى المشروبات الروحية".
وفي جولة سريعة على المقهى نجد عشرات الشيش تصطف على طاولة خاصة جاهزة لتقديمها إلى الزبائن، علما أن سعر الشيشة يبلغ 17 دولاراً كندياً.
ميليسا، فتاة كندية كانت في المقهى تدخن الشيشة، أوضحت أنها لا تُدخن عادة، لكنها جربت الشيشة منذ عام وأعجبتها، وهي عادة تأتي إلى المقهى لتنال قسطا من الراحة.