في أيام عيد الأضحى المبارك، تزداد البيوت احتفالاً وتكريماً لتقاليد هذه المناسبة الدينية المميزة، حيث تملأ رائحة اللحوم المشوية الأجواء، وتشهد الأسواق نشاطاً ملحوظاً في بيع الأضاحي. يعد العيد فرصة للعطاء والكرم، ويتم خلاله ذبح الأضاحي وتقديمها كقربان، ما يؤدي إلى وفرة اللحوم في البيوت المسلمة.
مع هذه الوفرة، تبرز أهمية التحكم السليم في حفظ اللحوم لضمان سلامتها وجودتها. من الضروري اتباع معايير الحفظ المثلى لتجنب أي تلف قد ينجم عن سوء التخزين. ينصح الخبراء بسرعة تبريد اللحوم بعد الذبح وتقسيمها إلى حصص صغيرة قبل تخزينها في درجات حرارة منخفضة. هذا الإجراء يضمن بقاء اللحوم طازجة وصالحة للإستهلاك لفترة أطول.
كما يحث الخبراء على استخدام تقنيات التجميد السريع وتفادي التعرض المباشر للحرارة أو الضوء، مما يساهم في الحفاظ على القيم الغذائية للحوم وتجنب نمو البكتيريا. استخدام الأكياس المخصصة للتخزين والأوعية المحكمة الغلق يمكن أن يساعد أيضاً في الحفاظ على جودة اللحوم. من خلال تطبيق هذه الإرشادات، يمكن للأسر المسلمة الاستمتاع بفوائد هذه النعمة الكريمة دون القلق بشأن أضرارها المحتملة.
اللحوم بين الحرارة ودرجة التخزين
العديد من الناس يعتقدون خطأً أن اللحوم ذات الرائحة الطبيعية هي دائماً آمنة للأكل، بينما يمكن أن تكون اللحوم التي تبدو وتشم رائحتها جيدة ملوثة بأنواع من البكتيريا التي لا تؤثر على مظهر أو رائحة اللحم، ولكنها تظل خطرة وقادرة على التسبب في أمراض خطيرة مثل التسمم الغذائي.
على العكس، قد يظهر اللحم الفاسد بشكل واضح من خلال تغيير في اللون أو الرائحة أو الملمس، وهذا يعني أن البكتيريا المسببة للتلف قد تكون نشطة، ولكنها عادةً لا تسبب الأمراض مباشرةً، وإنما تجعل اللحم غير صالح للاستهلاك.
تحتوي هذه الأخيرة على بكتيريا مثل السالمونيلا والليستيريا، التي يمكن أن تكون غير ضارة في درجات الحرارة المنخفضة لكنها تصبح خطيرة إذا تُركت في درجة حرارة الغرفة لفترات طويلة. تكمن الخطورة في أن هذه البكتيريا يمكن أن تتكاثر بسرعة في "منطقة الخطر" التي تتراوح بين 40 و140 درجة فهرنهايت (4 إلى 60 درجة مئوية)، حيث يمكن أن تتضاعف أعداد البكتيريا في أقل من 20 دقيقة، مما يزيد من خطر الإصابة بالتسمم الغذائي.
من المهم جداً التأكد من أن اللحوم تُخزن في الثلاجة على درجة حرارة تقل عن 4 درجات مئوية لتجنب هذا الخطر. يُنصح باستخدام مقاييس حرارة داخل الثلاجة لمراقبة هذه الدرجات بدقة. في حال انقطاع التيار الكهربائي أو إذا كانت الثلاجة لا تعمل بكفاءة، يجب التخلص من اللحم المخزن على درجة حرارة أعلى من 4 درجات مئوية لأكثر من ساعتين لضمان السلامة وتجنب التسمم الغذائي.
أيهما أفضل الورق أم البلاستيك؟
التعامل مع اللحم وتخزينه بطريقة مناسبة يعد جزءاً مهماً لضمان جودتها وسلامتها الغذائية. يفضل الكثيرون استخدام الأكياس البلاستيكية لتخزين اللحوم بعد شرائها، معتقدين أن ذلك يحافظ على نظافة الثلاجة ويمنع تلوث الأطعمة الأخرى بعصارات اللحم النيئ.
لكن في الواقع، ورق الجزار يمكن أن يكون خياراً ممتازاً لتخزين اللحوم في الثلاجة لفترة قصيرة، حيث يسمح بتنفس اللحم ويحافظ على جودته بشكل أفضل من الأكياس البلاستيكية المحكمة الإغلاق التي قد تحبس الرطوبة وتسرع من عملية التلف.
عند الرغبة في تجميد اللحم لفترة طويلة، ينصح بلف اللحوم أولاً بورق الجزار ثم وضعها داخل كيس بلاستيكي محكم الغلق لتقليل التعرض للهواء والرطوبة. تقنيات مثل استخدام أجهزة تفريغ الهواء يمكن أن تعزز من هذه العملية، حيث تساعد في الحفاظ على طعم اللحوم وطراوتها لفترة أطول.
استخدام أكياس التفريغ الهوائي أو حتى تقنيات بسيطة مثل غمر الكيس في وعاء به ماء لإخراج الهواء يمكن أن يكون فعالاً في الحفاظ على الجودة خلال التخزين المجمد.
التخزين في المجمد
تجميد اللحم هو وسيلة فعّالة للحفاظ على جودتها على المدى الطويل، حيث يوقف تجميد اللحوم عند درجة حرارة -18 درجة مئوية أو أقل نشاط الميكروبات مثل البكتيريا والخمائر والعفن، وكذلك يبطئ من نشاط الإنزيمات التي قد تتسبب في تحلل اللحم.
وفقاً لمعلومات من مصادر موثوقة مثل الخدمة الوطنية لفحص الأغذية وسلامتها (USDA) ومنظمات متخصصة في سلامة الأغذية، هناك توصيات محددة لمدة تجميد أنواع مختلفة من اللحوم لضمان أقصى درجات السلامة والحفاظ على الجودة:
- اللحم المفروم (مثل البقر والضأن والبتلو): يمكن تخزينه في المجمد من 3 إلى 4 أشهر.
- شرائح اللحم والمكعبات: تظل هذه الأنواع من اللحوم بجودة ممتازة لمدة تتراوح بين 4 أشهر و12 شهراً.
- الأعضاء الداخلية مثل الكبد والكلى: يمكن تجميدها أيضاً لمدة تصل إلى 4 أشهر.
بالنسبة للضلوع أو الريش، فهي عادةً لا تُنصح بتجميدها لأنها قد لا تحتفظ بجودتها بالشكل المثالي عند التجميد. يُعتبر التجميد عند درجة حرارة مناسبة وللمدة الزمنية المناسبة أمراً حيوياً للحفاظ على القيمة الغذائية والمذاق الطيب للحوم.
مدة الصلاحية في الثلاجة دون تجميد
الإرشادات التي ذكرتها صحيحة بخصوص مدة حفظ اللحوم المختلفة في الثلاجة. إليك تفصيل أكثر دقة لكيفية حفظ اللحوم بشكل آمن في الثلاجة:
- اللحم المفروم (سواء كان لحم عجل أو ضأن، مسلوقاً أو مطبوخاً): ينصح بحفظه في الثلاجة لمدة تتراوح من يوم إلى يومين.
- اللحم الطازج غير المفروم، مثل المكعبات والشرائح: يمكن حفظه بأمان على رف الثلاجة لمدة تتراوح بين 3 و5 أيام.
- مشتملات الذبيحة مثل اللسان والكلى والكبد والقلب: يجب استهلاكها أو تجميدها خلال يوم إلى يومين من التخزين في الثلاجة.
- الحساء أو اليخنات: من الآمن تناولها إذا تم حفظها في الثلاجة لمدة تصل إلى 4 أيام.
من المهم التأكد من أن الثلاجة تعمل بشكل صحيح وأن درجة الحرارة مضبوطة على 4 درجات مئوية أو أقل لضمان سلامة الأغذية. هذه المعلومات تأتي من مصادر موثوقة تختص بسلامة الأغذية مثل الخدمة الوطنية لفحص الأغذية وسلامتها (USDA) ومنظمات أخرى تعنى بالصحة العامة وسلامة الأغذية.
تكرار تجميد اللحم وذوبانه
وضع الطعام الساخن مباشرة في الثلاجة أو تبريده بسرعة في حمام ثلج قبل تخزينه هو ممارسة صحية تُعزز من سلامة الأغذية. بالنسبة لسؤالك حول إمكانية تجميد اللحم الذي ذاب تجمده، يمكن فعلاً تجميده مرة أخرى إذا تم إذابته بطريقة آمنة في الثلاجة ولم يتم تركه خارجها عند درجة حرارة الغرفة. ومع ذلك، يُنصح بطهي اللحم أولاً قبل إعادة تجميده لتحسين السلامة والحفاظ على الجودة.
فيما يتعلق بإعادة التجميد، تشير الخدمة الوطنية لفحص الأغذية وسلامتها (USDA) إلى أنه من الآمن تجميد اللحوم التي تم إذابتها في الثلاجة، ولكن قد يحدث تدهور طفيف في جودة اللحم بسبب فقدان الرطوبة. من الأفضل استخدام اللحوم المذابة في أقرب وقت ممكن أو طهيها ومن ثم تجميدها مرة أخرى بعد الطهي.
لتخطيط استخدام اللحوم بشكل فعال وتجنب الحاجة لإعادة تجميدها، يمكن تبني استراتيجيات مثل التخطيط الأسبوعي لوجبات الطعام وتجميد اللحوم التي لن تستخدم قريباً. كما يُنصح بتدوين التاريخ على عبوة اللحوم عند وضعها في المجمد لتتبع مدة تخزينها بشكل أفضل.