يمكن أن تتأثر أجهزة الجسم المسؤولة عن التوازن بالتغيرات التدريجية الطارئة على الجسم، سواء كان ذلك بسبب الشيخوخة والتقدم في السن أو كأحد الآثار الجانبية عند تناول بعض الأدوية.
هناك أيضاً مجموعة من المشكلات الصحية والنفسية التي يمكن أن تؤدي إلى عدم التوازن، على رأسها أمراض الدماغ واضطرابات القلب، وكذلك الشعور بالتوتر والقلق المزمن والاكتئاب الحاد، وهو الأمر الذي من شأنه أن يجعل أمراً ببساطةِ نزول الدرج أو السير بخطوة سريعة مُجهداً ومُربكاً.
وقد تسبب مشاكل عدم التوازن الدوار وتشوُّش الرؤية الشديد، ما يجعلك تشعر كما لو كنت تدور أو تتحرك في مكانك؛ ونتيجة لذلك قد لا تشعر أنك على ما يرام، وأن الأمر قد يعرضك حتى للخطر.
على سبيل المثال، إذا ما تسبب شعورك بعدم التوازن في تعرُّضك للسقوط أثناء الاستحمام أو أثناء القيادة أو عند الوقوف في شرفة أو نافذة مرتفعة.
أعراض الإصابة بعدم التوازن
يشير موقع WebMD أن عرض هذه المشكلة الرئيسي هو الإحساس بعدم الثبات أثناء الوقوف والمشي وطلوع ونزول الدرج، وقد يكون من الصعب المشي دون الوقوع والتعرُّض لحوادث مثل العرقلة أو الارتطام أو السقوط أرضاً.
مسببات عدم التوازن الأكثر شيوعاً
تشمل أسباب مشاكل التوازن بحسب موقع Healthline الصحي، ما يلي:
- التهابات الأذن.
- مشاكل الأذن الداخلية والأذن الوسطى.
- إصابات الرأس.
- ضعف الدورة الدموية.
- أثر جانبي لبعض الأدوية.
- اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ.
- ضغط الدم المنخفض.
- ضغط الدم المرتفع.
- الظروف العصبية والضغط النفسي.
- التهاب المفاصل المزمن.
- الشيخوخة وتبعات التقدم في السن الطبيعية.
ويسبب عدم التوازن الشعور بالدوار عند تحريك الرأس، وقد تحدث الأعراض عادةً عند النظر إلى الخلف أو إلى الأعلى، مثل محاولة جلب شيء معين من مكان علوي مرتفع في المنزل.
كما يمكن أن تتسبب عدوى أو التهاب الأذن الداخلية في شعور المصاب بالدوار وعدم التوازن والاستقرار، إضافة لذلك يمكن حتى لنزلة قوية من الإنفلونزا أو عدوى الجهاز التنفسي العلوي أن تؤدي إلى هذه الحالة.
ويُعد مرض مينيير أحد مسببات الشعور بهذه المشكلة، لأنه يتسبب في تغيير حجم السائل في الأذنين، ما يؤدي لمشاكل في التوازن وفقدان السمع وطنين في الأذنين.
وبطبيعة الحال، فإن الرأس هو المسؤول الرئيسي عن توازن الإنسان، لذلك يمكن أن تتسبب إصابة الرأس والنشاط البدني الشاق والمُجهد والتهابات الأذن وتغيرات الضغط الجوي في تسرب سائل الأذن الداخلية إلى الأذن الوسطى، وهذا يمكن أن يسبب مشاكل في التوازن.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن يتسبب السفر عبر البحر والجو في حدوث مشكلات في التوازن، قد تستغرق ساعات أو أياماً أو شهوراً للتخلص منها، وتعافي الإنسان من تبعاتها، وهي طبعاً حالة مؤقتة من شعور عدم التوازن، وهي لا تستدعي القلق أو الحصول على مساعدة طبية متخصصة.
لكن إذا لم تكن تعاني من أيٍّ من المشكلات السابقة، فقد يمكن أن تتسبب الإصابة بالورم الدماغي، أو مثل ورم العصب السمعي، في حدوث مشاكل في التوازن.
كيف يمكن تحديد المشكلة الصحية المتسببة في عدم التوازن؟
كثيراً ما يصعُب علاج مشكلة عدم التوازن، لأنها قد تكون ناجمة عن عوامل عديدة، قد يسألك الطبيب المختص عن الأعراض كبداية، ثم يراجع تاريخك الطبي لمعرفة الحالات والأدوية ذات الصلة.
وفي بعض الحالات، قد تتم إحالتك إلى أخصائي أنف وأذن وحنجرة، وهناك يمكنهم إجراء الاختبارات التالية لتحديد سبب المشكلة وشدتها:
- تحاليل الدم
- اختبارات السمع
- اختبارات حركة العين
- فحوصات التصوير للدماغ والرأس، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي
- تصوير وضعية الجسم، وهي دراسة وضعيتك وطريقة انتصاب جسمك الطبيعية
ويتم أحياناً تصحيح مشاكل التوازن من خلال معالجة الحالة الصحية الأساسية. ويمكن علاجها كالتالي وفقاً لموقع Healthline الطبي: استخدام الأدوية المتخصصة، إجراء الجراحة، تحديد تغييرات غذائية، العلاج البدني والطبيعي والتمرينات.
خطورة عدم التوازن على وتيرة الحياة، وكيف يمكن البدء بعلاجه؟
وبالرغم من أن التوازن مهارة ضرورية في حياتنا اليومية، لكنها أيضاً قابلة للتلف، لأن العضلات التي نستخدمها للوقوف طويلاً وبذل الجهد تضعف تدريجياً بعد إتمام عمر الثلاثين عاماً فقط، ويبدأ طول خطواتنا في التضاؤل، وتتباطأ وتيرتها، وتصبح حتى رؤيتنا الدقيقة للأشياء أقل وضوحاً.
حتى انقطاع الطمث يمكن أن يجعل مشيتنا أكثر تذبذباً، ويزيد من شعور عدم التوازن، لكن الأمر يمكن التعامل معه مثل تعاملنا مع العضلات، وحول ذلك تقول أستاذة العلاج الطبيعي، لين ميلر، لموقع Prevention: "التوازن مهارة كلما زاد استخدامها قويت وأصبحت أكثر متانة، ويمكن الحفاظ عليها بإبقائها نشطة ومتأهبة".
لكن الشعور المعزز بالاستقرار لا يساعد فقط في حمايتك من السقوط في المستقبل. يقول فابيو كومانا، مدرس في الأكاديمية الوطنية للطب الرياضي، إن هناك فوائد صحية فورية -تنقل أفضل، وإصابات أقل، وقدرة أكبر على دفع نفسك بقوة أكبر أثناء التدريبات- تزيد من اللياقة العامة.
ومن أجل تعزيز قدرة الشعور بالتوازن، نشر موقع Health Harvard الصحي أن المشي وركوب الدراجات وصعود السلالم كلها أنشطة من شأنها تقوية عضلات الجزء السفلي من الجسم. وتعتبر تمارين الدراجة المستلقية أو صعود الدرج طريقة آمنة للبدء إذا كنت تحتاج إلى الكثير من العمل.
ويؤدي التمدد إلى إرخاء العضلات المشدودة، ما قد يؤثر على قدرة الوقوف بانتصاب والشعور بالتوازن، وبالتالي تعمل تمارين اليوغا والبيلاتس على تقوية وتمديد العضلات المشدودة، بينما تتحدى مهارات التوازن الديناميكي والثابت.
وتقدم تمارين تاي تشي Tai Chi، التي تتضمن تحويلات تدريجية للوزن من قدم إلى أخرى جنباً إلى جنب مع تدوير وثني الجذع وتمديد الأطراف، سلسلة من التحديات والتمرينات الضرورية لعلاج عدم التوازن وتحسين إحساس الاتزان في الجسم.
لكن ماذا لو لم تكن نشطاً على الإطلاق، أو تمارس أي نوع من أنواع الأنشطة البدنية؟ تظهر الأبحاث وفقاً لموقع Health Harvard أن التمارين الصحيحة يمكن أن تساعد الأشخاص المستقرّين على تحسين قوتهم وتوازنهم بشكل كبير في أي عمر أو أي مستوى وقدرة بدنية، بمعنى أنه كل ما عليك فعله هو البدء، إذ لم يفتك الوقت لتصحيح المشكلة.
وفي تقرير لصحيفة Guardian البريطانية حول مشكلة عدم التوازن، ذكرت أنه يمكن للتدريبات والتمارين التالية أن تساعدك في تجاوز المشكلة:
1- الوقوف على ساق واحدة- تمرين الفلامينغو
بالإمكان تنفيذ هذا التمرين حتى أثناء إنجاز المهام اليومية المعتادة، مثلاً أثناء جلي الصحون، وعندما تتمكن من الحفاظ على وضعية الوقوف على ساق واحدة لمدة 30 ثانية على كل جانب، قف على سطح أقل ثباتاً، مثل وسادة الأريكة؛ لزيادة التحدي أكثر وتدريجه، ثم ابدأ في القيام بالتمرين مغمض العينين لزيادة التحدي وقدرتك على التوازن.
2- التوازن على لوح متذبذب
واحدة من الطرق المتوفرة في صالات الرياضة وقاعات التمارين الرياضية هي استخدام لوح متذبذب لتحسين الثبات ومعالجة إحساس عدم التوازن.
وفي دراسة ذكرها موقع Prevention، ثبت أنه بعد ثلاث جلسات تدريبية في الأسبوع، مدة كل منها 6 دقائق فقط، لوحظ تحسُّن كبير في توازن وثبات المشاركين.
وحول طريقة تنفيذ التمرين: يتم الوقوف على اللوح والقدمان متباعدتان بعرض الكتفين، مع شد عضلات البطن، والقفز للأمام والخلف ومن جانب إلى جانب لمدة دقيقة في المرة الواحدة. (ويمكنك أمساك كرسي للدعم إذا لزم الأمر، ثم تخلى عنه تدريجياً).
3- تمرينات طلوع ونزول الدرج
باستخدام جهاز تمرينات الدرجة الواحدة أو حتى باستخدام درج المنزل العادي، اصعد برجلك اليمنى بطريقة بطيئة ومنضبطة ومستقيمة، ثم ارفع رجلك اليسرى لأعلى للانضمام إليها.
انحنِ وكرّر التمرين بالتناوب بين الأرجل الأمامية.
ولجعل الأمر أكثر صعوبة ابحث عن خطوة أعلى من الدرج التالي، أو استخدم صندوقاً في صالة الألعاب الرياضية لجعل المهمة أكثر صعوبة، ويساعد هذا التمرين البسيط في بناء ثبات الورك وتقوية الركبتين لتعزيز الشعور بالتوازن.
4- تمرينات القوة لتعزيز ثبات الجسم
تساعد التمارين المتخصصة مثل تمرينات Lunges والقرفصاء أو Squats على تقوية الجسم وزيادة نطاق الحركة وتحدي توازنك بشكل سليم.
وعند جلوس القرفصاء، قف مع توجيه القدمين للأمام، مع مباعدة الوركين. وتأكد أثناء التمرين من عدم تقويس ظهرك والتوقف عند الوركين ودفعهما للخلف، وتخيل وجود كرسي خلفك على وشك أن تجلس عليه لتحقيق الوضعية الأمثل.
حافظ على عضلات بطنك مشدودة، ولا تنخفض كثيراً إذا تسببت في تقوس ظهرك. وانتظر لبضع ثوان واقفاً، ثم قم بالدفع من خلال كعبيك وعاود الكرة.
5- أخيراً.. نل قسطاً مناسباً من النوم والراحة
نم أكثر من 7 ساعات في الليلة الواحدة، وقم بالعمل على تعزيز سلامتك النفسية أيضاً، لأن التوتر والقلق المزمن والاكتئاب الحاد كلها أمور من شأنها تعطيل تقوية جسمك ومنعك من الراحة والنوم الجيد، وحتى تناول الطعام، وهي كلها أمور من شأنها تعزيز شعورك بعدم التوازن.
ويعمل الحرمان من النوم على وجه التحديد في إبطاء قدرتك على إبداء رد الفعل الجسدي، وقد أظهرت دراسة في مركز كاليفورنيا باسيفيك الطبي أن انعدام النوم الجيد والكافي ليلاً مرتبط أيضاً بشكل مباشر بالسقوط وكثرة العثرات.
وقد تتبع الباحثون ما يقرب من 3000 امرأة مسنة، ووجدوا أن أولئك الذين ينامون عادة ما بين 5 و7 ساعات كل ليلة كانوا أكثر عرضة بنسبة 40% للسقوط من أولئك الذين ينامون لفترة أطول.