أكَّدت دراسة نُشرت هذا الأسبوع في دورية JNCI Cancer Spectrum أنَّ النظام الغذائي يُمكن أن يلعب دوراً هاماً في احتمالية إصابة الأفراد بالمرض، فضلاً عن كون عاداتهم الغذائية تعد أسلوب حياة، مثل ممارسة الرياضة أو تناول المشروبات الكحولية.
أعربت فانغ فانغ تشانغ، المؤلفة الرئيسية للدراسة والأستاذة المساعدة في تخصص علم الأوبئة في مدرسة فريدمان لعلم التغذية في جامعة تافتس، عن أملها في "أن يُدرك الناس حقيقة أنَّ عدداً كبيراً من الحالات المصابة بالسرطان في الآونة الأخيرة يمكن اتقاؤها".
وأضافت في حديثها إلى موقع Healthline: "يُمكن تعديل النظام الغذائي. إنَّه أمرٌ صعبٌ بالتأكيد، ولكن يُمكن الحيلولة دون ظهور العديد من حالات السرطان إذا تمكنا من تحسين استهلاكنا لتلك العوامل الغذائية".
ركَّزت هذه الدراسة، على عكس الدراسات السابقة التي ركزت على مخاطر الإصابة بالمرض لدى الأفراد، على احتمالية إصابة سكان الولايات المتحدة البالغين ككل.
تذكر فانغ أنَّ أناساً في الولايات المتحدة يموتون جراء الإصابة بالسرطان أكثر من أي سبب آخر، باستئناء أمراض القلب؛ بحسب موقع Health Line الأمريكي.
بيانات عن خياراتنا الغذائية ومرض السرطان
حلَّل الباحثون بياناتٍ محليةٍ حول كمية الطعام في كل فئة من الفئات السبع التي يتناولها البالغون في الفئة العمرية 20 فأكثر.
مع النظر كذلك في أنواع مختلفة من السرطان ظهرت في عام 2015.
ومن ثمَّ توصل الباحثون إلى تقديراتٍ حول عدد حالات السرطان التي يجري تشخيصها كل عامٍ، ويُمكن أن يرجع سببها إلى اعتماد أنظمة غذائية تحتوي على كمية غير مناسبة من الحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان، والفواكه، والخضراوات، واللحوم الحمراء والمُعالجة كليهما، والمشروبات التي تحتوي على السكر.
تعد هذه الدراسة جزءاً من جهد تموّله الحكومة الفيدرالية للتوصل إلى سبل فعالة لتحسين صحة الناس من خلال اتباع نظام غذائي.
وجد الباحثون في تلك الدراسة أن الحميات الغذائية فقيرة التغذية تسببت في إصابة قرابة 80110 حالة شُخصت بالسرطان في عام 2015.
ظهرت معظم هذه الحالات، ما يمثل نسبة 84%، كنتيجة مباشرة لعدم تناول المرضى ما يكفي من الحبوب الكاملة، ومنتجات الألبان أو تناولهم الكثير من اللحوم التي تعتبر مُسرطنة، إلى جانب المشروبات المحلاة بالسكر.
التغذية السليمة كنوع من الوقاية
يقول أنطون بليشيك، أستاذ الجراحة في معهد جوان واين للأمراض السرطانية ورئيس قسم الجراحة العامة في مركز سانت جون الصحي في سانت مونيكا بولاية كاليفورنيا، إنَّه بينما يشتبه العلماء منذ أمدٍ طويل في وجود صلة مباشرة بين الحمية الغذائية والإصابة بالأمراض السرطانية، تؤكد البيانات الكثيرة التي ظهرت في السنوات الأخيرة وجود تلك الصلة.
يقول بليشيك: "نحن الآن أمام بعض العلوم الحقيقية التي لم نكن نملكها من قبل".
ويلاحظ بليشيك، على سبيل المثال، أنَّ عدد الحالات المصابة بسرطان القولون مؤخراً قد ارتفع بشكلٍ كبير بين جيل الألفية، وهو اتجاهٌ يعتقد أنَّه ناتج عن تناول كميات كبيرة من السكر، والأطعمة المُصنَّعة، مع عدم ممارسة التمارين الرياضية بدرجة كافية.
إذ تزيد مستويات السكر العالية من إفراز هرمون الأنسولين، الذي يُعتقد أنَّه يُحفز تكون الخلايا السرطانية.
ما أثار دهشة بليشيك هو تركيز هذه الدراسة على التغذية باعتبارها عامل محتمل يُسبب السرطان.
ويشير إلى أنَّ الدراسات السابقة التي بحثت في أسباب الإصابة بالسرطان عادة ما كانت تنظر في مجموعة من عوامل الخطورة، والتي لا تتمثل في السمنة وحسب، بل في السلوكيات الضارة مثل التدخين وعدم ممارسة الرياضة.
لكن أبحاث فانغ ركَّزت، بخلاف ذلك، على الحمية الغذائية للأفراد، موضحةً أنَّ الخيارات الغذائية الفقيرة ببعض العناصر المهمة يُمكن أن تتسبب في الإصابة بالسرطان سواء كان المريض مُدخناً أم لا.
ويقول بليشيك: "تقدم هذه الدراسة دليلاً إضافياً على حقيقة أنَّ النظام الغذائي المتبع يعد وسيلة هامة للوقاية. فالنظام الغذائي يُعبر عن نفسه".
وتعزى حالات الإصابة المتبقية إلى السمنة، التي تشكل في حد ذاتها عامل خطورة في 13 نوعاً من الأمراض السرطانية.
مخاطر الإصابة بالسرطان متنوعة
وجد الباحثون أنَّ ثمة اختلافات بين الفئات الفرعية من السكان. إذ كانت مخاطر الإصابة بالسرطان أعلى بين الرجال، والبالغين في المرحلة العمرية المتوسطة، والأقليات العرقية وكذلك الإثنية.
كما اكتشفوا عن طريق إجراء المزيد من البحث أنَّ سرطان القولون هو النوع الأكثر شيوعاً المرتبط بعادات الأكل السيئة.
وثمة أنواع أخرى من المرض تُعزى إلى سوء التغذية بالترتيب التالي:
سرطان الفم، والبلعوم، والحنجرة
سرطان الرحم
سرطان الثدي (بعد سن اليأس)
سرطان الكلى
سرطان المعدة
سرطان الكبد
أخطاء نرتكبها في نظامنا الغذائي
أقرَّ العلماء، بالنظر إلى الأنظمة الغذائية المرتبطة في غالب الأحيان بحالات السرطان، بأنَّها تكون تلك التي تخلو من الحبوب الكاملة، مثل دقيق الشوفان، والأرز البني، والخبز المصنوع من دقيق القمح الكامل.
وذكر مؤلفو الدراسة أنَّه رغم كون الأمريكيين يتناولون المزيد من الأطعمة التي تحتوي على الحبوب الكاملة على مدى الـ14 سنة الماضية، فإنَّ الوجبة اليومية الواحدة التي كانوا يتناولونها في الفترة من 2013 و2014 لا تزال أقل بكثيرٍ من الوجبات الثلاث في اليوم التي توصي بها الإرشادات الغذائية لإدراة الغذاء والدواء الأمريكية.
وإليك بعض الأخطاء الغذائية الأخرى التي تزيد خطر الإصابة بالسرطان من الأعلى إلى الأقل:
- تناول كمية قليلة من منتجات الألبان
- تناول كمية كبيرة من اللحوم المصنعة
- تناول وجبات طعام لا تحتوي على كمية كافية من الفواكه والخضراوات
- الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء
- تناول الكثير من المشروبات المحلاة بالسكر
يتناول البالغون في الوقت الحالي أقل من نصف الحصص اليومية الثلاث من منتجات الألبان المُعتمدة في الإرشادات الغذائية للأمريكيين 2015-2020.
ولا يزال حب الأمريكيين للحوم المصنعة لا يتوقف، رغم تراجع شعبية اللحوم الحمراء، على مدار الـ15 عاماً الماضية، بحسب الدراسة.
إذ يأكل الأمريكيون في المتوسط قرابة 28.34 غرام يومي من هذه المادة المسرطنة، أي أكثر من ضعف الكمية التي تنصح بها جمعية القلب الأمريكية.
الحلول الممكنة
يُقدر الباحثون أنَّ المستهلكين لا يدركون مخاطر اللحوم المصنعة أو الفوائد الصحية للأطعمة التي تحتوي على الحبوب الكاملة.
ويأملون في أن تؤدي النتائج التي توصلوا إليها إلى تغيير هذا الاتجاه من خلال حث الحكومة على اعتماد سياسات تتمثل في وضع ملصقات تحذيرية على الأطعمة التي تحتوي على اللحوم المصنعة، وتحد من تقديمها في المدارس أو المقاهي في أماكن العمل الجماعية.
واعترافاً بأنَّ اعتماد أنماط غذائية تفتقر للعناصر المفيدة يُمكن أن يبدأ مبكراً في الحياة، اقترحت الدراسة كذلك أن يضع صانعو السياسات استراتيجيات للوقاية من السرطان يُمكن أن يفهمها الشباب.
وأن يطالبوا المدارس بالحد من توافر المشروبات المحلاة بالسكر، وأن يقدموا عوضاً عن ذلك وجبات تستوفي أفضل المعايير.
ويقول بليشيك في الوقت نفسه إنَّ للدراسة تبعات مذهلة بالنسبة لأولئك الذي يعتقدون أنفسهم يتمتعون بصحة جيدة على الرغم من الطعام الذي يأكلونه.
ويُضيف: "إنَّ الدارسة ترسل بالفعل رسالة مفادها أنَّه بإمكانك أن تتمتع بنشاطٍ بدني، ولا تدخن، ولكن لا تزال معرضاً لخطر الإصابة بالسرطان إن كنت تتناول أطعمة غير صحية".
حسِّن نظامك الغذائي لتحد من فرص الإصابة بالأمراض السرطانية من خلال تضمين وجبات من كل مجموعة من المجموعات الغذائية التالية. عدد الوجبات اليومية المُوصى بها هي للنساء النشيطات ومعظم الرجال:
الحبوب، وبالأخص الحبوب الكاملة (مثل الأطعمة التي تحتوي على القمح، والذرة، والأرز، والشوفان):
9 وجبات
منتجات الألبان: 2 إلى 3 وجبات
الخضراوات: 4 وجبات
الفواكه: 4 وجبات
اللحوم قليلة الدسم، والبيض، والفاصوليا الجافة: وجبتين تحتويان على ما يُعادل 168 غراماً.