جميعنا نحرص على تقديم أفضل الأطعمة الصحية لأطفالنا لضمان سلامتهم من الأمراض والمشاكل الناجمة عن السمنة، ولذلك يمارس بعضنا الضغط على الأطفال لتناول الطعام الصحي
نعتقد أننا نفعل ذلك لمصلحتهم، لذا لا نتخيل أن ضغطنا المستمر عليهم لتناول الطعام الصحي والابتعاد عن الأطعمة السيئة قد يؤثر على سلامتهم النفسية أكثر من الأطعمة الضارة.
الضغط على الأطفال لتناول الطعام الصحي
بحسب موقع couriermail، يواجه الأطفال حول العالم ضغوطاً تتعلق باختياراتهم الغذائية، أكثر من أي وقت مضى.
ويتعرض الأطفال للإحراج الكبير إن أقدموا على تناول الأطعمة التي تراها أسرهم ومعلموهم في المدارس سيئةً.
الأمر الذي أدى إلى ظهور جيل من الأطفال الذين ابتعدوا عن طريق السلامة الصحية، وربما يكونون أكثر عُرضةً للإصابة بالاضطرابات الغذائية.
وما يزيد الحالة ارتباكاً، هو أن البالغين أيضاً لا يمتلكون المعلومات والإرشادات الكافية حول عملية اختيار الطعام الصحي.
ووفقاً لبحثٍ جديد أُجري في جامعة موناش، تفرض المدارس ضغوطاً كبيرة كي تضمن احتواء حقيبة غذاء الأطفال على خيارات "صحية".
وتتسبب المدارس بشعور الأطفال بالتقصير في بعض الحالات، عبر توبيخهم على خياراتهم الغذائية "السيئة".
تفاقم معاناة الأطفال مع الغذاء الصحي
وأشار رئيس الجمعية الطبية الأسترالية، توني بارتون إلى زيادة عدد الأطفال الذين يزورون الطبيب العام جرّاء حالات القلق المتعلقة بالطعام.
ويأتي ذلك نتيجة لتركيزنا المحدود على تناول الأغذية "الصحية" بدلاً من تناول الطعام بعقلية معتدلة، حسبما يقول.
كما كشفت أبحاث شركة News Corp Australia، أن 41% من البالغين يواجهون مشاكل في استيعاب المعلومات المتعلقة بالأكل الصحي.
ويقول 62% منهم إن الأخصائيين الصحيين هم المصدر الأكثر موثوقية لمعلومات التغذية.
بينما يثق 18.1% منهم بأفراد عائلاتهم أكثر من أي شخص آخر، و12% يثقون بما يُعرض على التلفاز. وهناك 11.8% من المراهقين الذين شملتهم الدراسة، يثقون بما يُنشر على الشبكات الاجتماعية أكثر من أي شيء.
يقول الخبراء إن في أستراليا فقط، هناك واحد من بين كل أربعة أطفال يشخصون بالبدانة أو السمنة المفرطة، وتختلف هذه النسبة بين بقية الدول.
وسيرتفع هذا الرقم إن لم تطرح حلول مبتكرة لربط الأطفال بالطعام بطريقة إيجابية.
المدارس هي أكثر من يمارس الضغوط
تقول العميدة المساعدة في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة موناش، جانماري ماهر، إن هناك ضغوطاً هائلة على عاتق الأطفال في مسألة الأطعمة "الجيدة" أو "السيئة"، لا سيما في البيئة المدرسية، ما يسبب لهم قلقاً لا داعي له.
حيث أجرت ماهر مقابلات مستفيضة مع 50 عائلة، ضمن دراسة حول شعور الأطفال حيال الطعام والضغط الواقع عليهم.
وفي أحد الأمثلة، أخبر المدرسون طالبة أنها لن تكون قادرة على تناول الزبادي المغطى بالزبيب، الذي أحضرته في علبة غذائها لأنه "غير صحي".
وتقول ماهر، "لقد وجدنا قدراً كبيراً من إصدار الأحكام والتصنيف من جانب المعلمين وأولياء الأمور والأطفال فيما يتعلق بخيارات الطعام. إذ يُستخدم الطعام للعقاب والمكافأة بدلاً من أن يكون جزءاً من مفهوم الأطفال عن صحتهم".
وأكدت أن الأطفال يمكنهم فهم ما هي الأطعمة الصحية وغير الصحية، ولكنهم نادراً ما يناقشون الاعتدال في تناول الطعام".
الأثر النفسي لفرض الطعام الصحي على الأطفال
يقول توني بارتون إن مزيداً من الأطفال كانوا يزورون الطبيب العام بسبب القلق المتعلق بالطعام.
وإذا استمر مستوى الضغط الحالي الذي يتعرض له الأطفال، ستتفاقم معاناة الجيل القادم من اضطرابات الطعام الصحي.
ويضيف بارتون "الأطفال واقعون في حيرة شديدة وشك وقلق، وليس من النادر الآن أن يقابل الأطباء العامون أطفالاً يعانون من قلقٍ متعلقٍ بالطعام".
كما أشار إلى ازدياد الضغوط المتعلقة بصورة الجسم بشكل لا يصدق لدى الأطفال هذه الأيام.
وتقول المختصة، ميريام رالي "يجب أن يحدث تحول كبير في اللغة التي نستخدمها، ويجب أن يتمكن الأطفال من الاستمتاع بجميع أنواع الأطعمة دون أن يشعروا بضغط متزايد".
ويجب أن يكون الطعام ممتعاً، وعلينا أن نعلم أطفالنا الاختيارات الصحية، فتناول بعض الحلوى باعتدال ليس تصرفاً خاطئاً.