ما الذي يحدث إذا توقف بنا الوقت؟ رواية “تابوت الزمن” تخبرنا بالنتيجة

عربي بوست
تم النشر: 2021/07/07 الساعة 11:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/07 الساعة 11:06 بتوقيت غرينتش
معضلة الزمن وتعريف الوقت/ Istock

لطالما شغلتني نفسي بأسئلة حول الزمن: ما تعريفه؟ كيف نتغلب عليه؟ ما قيمته التي لا نعرفها إلّا بمرور الأيام؟ ماذا لو استطعت أن أوقفه أو أحتفظ بالأيام واللحظات السعيدة فقط؟ حتى تلك الأفلام التي تناقش الزمن وعلاقة الماضي به، لا أعرف لماذا دائماً كانت تستهدف لحظات الماضي والحنين إليه؟

أتعجب حقاً من جملة "الماضي أفضل"، يخبرنا من هم أكبر منا دوماً أنّ زمانهم أفضل من زماننا، وتقول أمي إنّ حرارة الشمس كانت أكثر دفئاً في الماضي، حتى أصدقائي القدامى يقولون دائماً إنّ ماضينا أفضل من حاضرنا.

هكذا كلّما رجعنا إلى الوراء سنجد من يقول إن ما مضى أفضل. لم يَكُن الماضي يوماً مكاناً جيّداً كي نختبئ فيه، فإننا نتيجة ما حدث لنا في الماضي، في الماضي أحببنا، في الماضي عرفنا كلّ الآلام التي استهلكتنا، في الماضي بكينا، لقدّ قضينا وقتاً طويلاً ونَحن نتمسك بالماضي، لكن لا جدوى من ذلك بالنسبة للزمن.

لم أشعر يوماً بعودة الحنين إلى الماضي كالكثير منا، ولم أردد: "ليت الزمان يعود يوماً"، فلا علاقة بالماضي بما نواجه الآن، ربما لأنّي لم أسعَ إلى تغيير شيء مما مضى، حتى وإن عادَ الزمان للوراء فسأختار أن أسلك نفس الدرب الذي أنا عليهِ الآن، لا يهم إن كُنت سأصل إلى اليقين في النهاية أم لا، الأهم أن أستمر في مواصلة رحلتي.

لا يمكننا أن نلوم الزمن أو نمتن له. كل وقت له تجربته الجديدة لا دخل للزمن فيها، لا من بعيد ولا من قريب، كلّ وقت من الزمن هو جديد على الدوام. وستدرك مع الأيام ومرور الزمن أن كلّ ما تريد الوصول إليه والحصول عليه هو الأمان.

لكن يبقى السؤال قائماً ماذا لو هزمنا الزمن؟ رواية "تابوت الزمن" للكاتب الأيسلندي أندريه سنير ماجنسون، تجيب عن هذا السؤال وما الذي سيحدث نتيجة حدوث ذلك.

في حكاية فلسفية تروى الرواية قصة البشر مع الزمن، وكيف أن الزمن لم يكن عدواً لنا.. تبدأ الحكاية عن ملك جشع يدعى دايمون أثار عداوة بين الحيوانات والبشر حتى يتمكن من غزو العالم لتعويض ابنته عن وفاة أمها إلى أن نجح في تحقيق هدفه، إلى أن وصل لنهاية الأرض بعد أن جعل كل بلد يغزوها خراب، وفي نهاية رحلته وجد امرأة عجوزاً قالت له: تظن أنك قد غزوت العالم، لكنني سأخبرك بشيء، لا أحد يمكنه غزو العالم ما لم يهزم الزمن.

ليجن جنون الملك ويقتلها، ثم يعود مسرعاً إلى قصره يبشر ابنته أنه حقق حلمه وامتلك العالم بعد سنين من الحروب، لكن سرعان ما تذكر العجوز وقولها له، فأمر بجمع كبير مستشاري كل له يمكنني هزيمة الزمن، قل لمن يمكنه أن يجعلني أهزم الزمن أني سأعطيه نصف العالم، لتأتي القوافل من جميع شتات الأرض لتقدم وسيلة هزيمة الزمن، وبعد ليالٍ من الوسائل عديمة الفائدة، ظهر مجموعة من الأقزام يحملون تابوتاً مصنوعاً من خيط العنكبوت بإتقان ولا أحد يعرف سر صناعة هذا التابوت إلّا قوم الأقزام، إنها حرفتهم التي يتوارثوها، هذا التابوت الذي إذا دخل شيء فيه يتوقف الزمن عليه، وبعد أن حصل الملك دايمون على التابوت وقتل الأقزام ظناً منه أنهم يسخرون منه، وتمكن مستشاروه من حساب عدد الأيام التي يمكن للملكة الصغيرة أن تدخل فيها لتعيش إلى الأبد، حتى قرر الملك أن يتم فتح التابوت للملكة الصغيرة في الأيام المشمسة والسعيدة فقط حتى تحظى بلحظات جميلة طوال عمرها.

لكن وبسبب قتل الملك للأقزام أصابت المملكة لعنة أدت إلى انشقاق العالم إلى نصفين وخسر الملك نصف مملكته ليقرر من جديد أن عليه استرجاع النصف الآخر من الأرض ليعود إلى حروبه وسفره بعيداً عن ابنته.

لتدور الأيام ويتغير كل شيء حول الطفلة الصغيرة التي سرعان ما تندهش عندما يفتح من عليها غطاء التابوت لتجد كل شيء حولها قد تبدل وتغير دون أن تفهم ماذا حدث إلى أن تنتهي الأحداث، ويكتشف أحد المستكشفين هذا التابوت ويعرف سره ليجعل العالم كله يريد أن يهرب من واقعه ويظن أنه سيستيقظ ليجد كل ما حوله قد تحسن إلى أن انهار العالم الجديد الذي يعيشونه الآن.

عندما أتساءل لماذا نحن نفكر دائماً في سر الزمن ونسعى وراء معرفته، أرى أن كلاً منا فريسة للزمن، مجرد قصة نرويها لأنفسنا لأنه غير معروفة بالنسبة لنا، الماضي أجمل لأننا نعرفه، والحاضر مقلق لأننا نراقبه ونريد أن نعيشه جيداً، والمستقبل مُخيف لأننا لا نعرف ما سيحدث فيه، وكل ما هو مجهول مخيف.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

إسلام كوجاك
كاتب مصري
كاتب مصري حاصل على بكالوريوس إعلام، دارس للنقد الفني من أكاديمية الفنون، له العديد من المقالات والنصوص الأدبية التي نشرت في عدد من المنصات الإلكترونية، كما عمل كمحرر صحفي في عدد من المواقع والصحف الإخبارية، ويعمل حاليًا في مجال الدعايا الإعلان بإحدى القنوات الفضائية -CBC- التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية. صدرت له روايته الأول تحت عنوان في الليلة الأخيرة بيننا - سنة 2020، والرواية الثانية سَكرةُ الحياة صدرت 2023.
تحميل المزيد