في رحلة البحث عن الشغف المفقود.. هل الحب هو الطريق؟

عدد القراءات
576
عربي بوست
تم النشر: 2020/06/19 الساعة 10:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/19 الساعة 10:19 بتوقيت غرينتش
رحلة البحث عن الشغف المفقود

"يُحكى أنه كانت على ضفة هذه الحياة فتاة مليئة بتفاصيل الحياة؛ شغوفة جداً، تكتب لكي تعيش.. وتعيش كي تكتب. وفجأة.. وكأنها فقدت الشغف".

نتحدث كثيراً عن فقدان الشغف ولا نعلمُ إن كان أمراً عادياً أم لا.. نقع في دوامة التساؤلات ونتيه بين دواليب الإجابات ثم نَصمت. 

الشغف؛ هو أن يمسك الكاتب أو مُتطفل الكتابة قلمه بلهفة تُغنيه عن الدنيا وما فيها.. فتُصبح لحظته الروحانية التي وجب عليه عيشها بجميع جوارحه.

أو أن يجلس الموسيقيّ وبين يديه الآلة الأحب إلى قلبه وهو في كامل سعادته؛ لا يتغلغله سهو ولا سرحان.. يعزف الموسيقى التي يُحب ويصعد إلى عنان السماء وكأنه طائر قُدّر له التحليق بكل ما أوتي من قوة.  

أو ربما يكون الشغف؛ شغف الأماكن والعادات.. ربما لحظات التأمل شغف؛ أو لحظات الامتنان شغف؛ أو ربما تكون الحياة في نظر أحدهم شغفاً. 

يقول جلال الدين الرومي: "كلّ إنسان خُلق لعمل معين.. ستجدُ الشغف بذلك العمل في كلّ قلب لكن.. من يرى؟".

الشخص الذي يعيش على الشغف الممزوج بالحب لا تلمس مسلمات البديهي والأعراف وماذا يجب أو ما لا يجب مراده.. وربما هناك أو هنا شخصٌ امتلأت روحه بكل هذا. ولكن شاء القدر أن يفقده -كما يُقال-، أو أن يتيه عن الطريق المؤدي إليه وهي الأصح بالنسبة لي، لأن صاحب الشغف لا يفقده. 

تأتي لحظات؛ يُصبح فيها الإنسان وكأنه لا يفعل أي شيء؛ يعيش لأنه توجب عليه ذلك.. يُحارِب من أجل اللا شيء ويُقاوم دون سبب، يشعر وكأنه خالٍ من الروح التي كانت تمده بالطاقة من قبل.

فقدان الشغف مُتعب جداً، يُصبح المرء فجأة داخل دوامة روتينية عادية خالية من كل ما هو جديد، يرى الأمور بسطحية يغمرها انعدام الحِس والشعور، ثم يصمت.

ولا ضير في صمته أبداً؛ فمنه يبدأ السلام مرة أخرى وبه ينطلق إلى حياته وشغفه. 

أتُزهرُ الوردة بعد أن أصبحت باهتة الود والوصال؟ أتعود إلى طبيعتها الأولى؟ 

طبعاً نعم؛ وبشدة أيضاً.. لا شيء يبقى كما هو؛ ربما أنت الذي تقرأ الآن بجفاء قُدّر لك أن تُزهر بعد حين.. وربما ذاك الذي يؤمن بأن الحياة وردية لا متاعب ولا ألم فيها.. يفقد شيئاً من إيمانه. 

هذه هي سنة الحياة اللامفر منها ولا تغيير لتقاسيمها. 

وإذا شاء القدر وتهت عن طريق شغفك وأصبح الوصول صعباً.. تذكر أنك ستصل. ستصل حتى بعد أن تشعر وكأنك فقدت كل شيء.. لم تعد للأمور قيمة، ترى نوراً.. ربما من شخص؛ أو مكان أو جملة أو كلمة.. وربما أيضاً من نفسك؛ فتتذكر ضرورة المثابرة والمصابرة ثم تنفض الغبار العالق على روحك وتنهض. 

يجبُ أولاً أن يتم الاعتراف بحقيقة ما يحدث لأنفسنا، ونُصبح مدركين بخطورة الوضع إن لم نلتفت لما يحدث.. نحاول بعدها.. ونحارب.

ثم، وثانياً.. يجبُ الانشغال بالنفس؛ والاهتمام بها بإعطائها وقتاً للتمرد والتساؤل والإجابة أيضاً. 

يُقال إن الوقت يعالج كل شيء؛ لكن ماذا لو كان ممزوجاً بلحظات روحانية يغيبُ فيها العقل عن الوجود؛ يُسافر في كينونته.. ويبحثُ عن الصواب داخل اللحظات العابرة والمتكررة؟ 

ويبقى الحب؛ هو الحل الوحيد.. هو حل الخوف الذي يعتريك وأنتَ تسأم من دنياك.. هو ضمان الطموح وملاذه. 

أن تستحضر وجدانك وفؤادك في ما تفعله، سيساعدك على استرجاع المعنى والغوص في وهج شغفك.

لا تترك لتخبط روحك واضطراب قلبك أن يجعلاك غارقاً في متاهات مُظلمة.. تذكر دائماً أن لك شغفاً يجب أن تعيش على نوره كي لا تتعثر. 

"وماذا حدث لتلك الفتاة؟ 

عاد النور إلى قلبها مرة أخرى؛ فأبصرت الدنيا بعين الحب ويقين الشغف، وعادت إلى حياتها؛ وإلى الكتابة".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب أعمارة
طالبة وكاتبة مغربية
طالبة وكاتبة مغربية
تحميل المزيد