بعد انقضاء مهلة “إيكواس” للانقلابيين.. إليك مقارنة بين قدرات النيجر وجيش نيجيريا الأقوى بغرب إفريقيا

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/08 الساعة 18:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/08 الساعة 18:38 بتوقيت غرينتش
عشرات الآلاف داخل أكبر ملاعب كرة القدم في النيجر، تعبيراً عن دعمهم للانقلاب العسكري/ وكالة الأناضول

بعد انقضاء المهلة التي منحها تجمع دول غرب إفريقيا "إيكواس" للمجلس العسكري الحاكم في النيجر بإعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم للسلطة، بات احتمال التدخل العسكري من قبل الإيكواس قائماً، فما هي قدرات جيش النيجر مقارنة بالجيش النيجيري أكبر وأقوى جيوش التجمع وكيف يمكن أن تتم هذه العملية العسكرية المحتملة؟

طلبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"من قادة الانقلاب، يوم 26 يوليو/تموز 2023، أن يتنحوا عن السلطة بحلول يوم الأحد، 6 أغسطس/آب 2023، وإلا سيواجهون تدخلاً عسكرياً محتملاً، لكن المجلس العسكري ردّ بإغلاق المجال الجوي للنيجر، وتعهد بالدفاع عن البلاد، كما قيل إنه طلب دعماً من قبل قوات شركة فاغنر للمرتزقة الروسية.

إليك الدول التي أبدت استعدادها للمشاركة في العملية العسكرية

وقالت نيجيريا وساحل العاج والسنغال وبنين جميعها إنها مستعدة لإرسال قوات إلى النيجر في حال قررت إيكواس القيام بذلك.

وقالت تشاد المجاورة، إنها لن تتدخل عسكرياً.

وتشاد ليست جزءاً من إيكواس لكن قائدها العسكري الرئيس محمد إدريس ديبي، لعب دوراً في جهود الوساطة هذا الأسبوع، كما أن جيشها ينظر له على أنه أحد جيوش المنطقة القوية، ويلعب دوراً كبيراً في مكافحة الإرهاب، وحليف مقرب لفرنسا. 

الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، مع رئيس النيجر المعزول محمد بازوم/ الأناضول

والسبت الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أن باريس ستدعم بقوة جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) لإحباط الانقلاب العسكري في النيجر، ولكنها لم تحدد ما إذا كانت ستقدم دعماً عسكرياً لهذا التدخل.

لم تصدر "إيكواس" رداً حاسماً بعد انتهاء المهلة أمس الأول الأحد، لكنها قالت الإثنين 7 أغسطس/آب 2023، إنها ستعقد قمة يوم الخميس المقبل لبحث الموقف، وهو قرار قال الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إنه يتيح مجالاً للوساطة.

تتألف مجموعة "إيكواس" من 15 دولة، وأبدت موقفاً حاسماً حيال الانقلاب الذي وقع في النيجر مقارنةً بالانقلابات السابقة، وهو السابع الذي تشهده المنطقة خلال ثلاث سنوات، وأصبحت مصداقيتها على المحك؛ لأنها قالت إنها لن تتسامح مع أي انقلابات عسكرية أخرى.

بوركينا فاسو ومالي تتعهدان بدعم المجلس العسكري في النيجر

واجهت "إيكواس" تحدياً كبيراً، بعدما تعهد المجلسان العسكريان الحاكمان في مالي وبوركينا فاسو بالدفاع عن النيجر إذا لزم الأمر، ما أدى إلى تفريق وحدة صف "إيكواس". 

وقد فرضت عقوبات بالفعل على قادة الانقلاب العسكري وقُطعت إمدادات الكهرباء من نيجيريا المجاورة إضافة إلى إغلاق الحدود، وهو ما يعني أن البضائع لم تعد تصل إلى الدولة غير الساحلية التي فقدت أيضاً طريقها إلى الموانئ.

والمشكلة في الوقت الراهن هي أن جهود الوساطة التي تقوم بها إيكواس لم تُؤت ثمارها. فقد عاد وفد أُرسل إلى النيجر الخميس خلال ساعات قليلة دون تحقيق شيء يُذكر على ما يبدو.

وفي هذه الأثناء، صعّد المجلس العسكري من خطابه ضد الغرب وإيكواس. وأعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع نيجيريا وتوغو والولايات المتحدة وفرنسا، وقال إنه يعمل على إلغاء الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا التي تتيح للقوة الاستعمارية السابقة أن تنشر 1500 جندي هناك.

واستخدم رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، المُحتجز من قبل الجيش، لغة صارخة في مقالة نُشرت في صحيفة واشنطن بوست مؤخراً. فقد وصف نفسه بأنه "رهينة"، ودعا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي برمته إلى المساعدة في إعادة النظام الدستوري للبلاد.

وتقود نيجيريا التوجه الحازم لإيكواس الذي يلوح بالتدخل العسكري في النيجر لإعادة الرئيس المنتخب، وهي لا تبدو ليس مدفوعة فقط بالضغط الغربي لا سيما الفرنسي، ولكن بشكل أساسي من مخاوف لدى قادة المجموعة خاصة لدى الرئيس النيجيري بولا تينوبو من توسع ظاهرة الانقلابات في المجموعة.

لإيكواس تجربة سابقة للتدخل من أجل حماية الديمقراطية

ووصف المسؤولون النيجيريون الخيار العسكري بأنه "الحل الأخير". وقال الرئيس تينوبو إنه قد يكون هناك تدخل عسكري "لفرض الامتثال على المجلس العسكري في النيجر في حال ظل متمرداً".

وسبق لإيكواس أن تدخلت في دولة غامبيا لإعادة الحكم الديمقراطي، حيث  دخلت القوات من بعض دول المجموعة غامبيا في يناير/كانون الثاني 2017 بعد رفض الرئيس الغامبي لفترة طويلة يحيى جامع التنحي بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 أمام أداما بارو. أنهى هذا في نهاية المطاف الأزمة الدستورية الغامبية 2016-2017.

ولعب الجيش السنغالي الدور الرئيسي في هذا التدخل، حيث إن غامبيا دولة صغيرة المساحة والسكان وهي بمثابة جيب تحيط به السنغال من كل الاتجاهات ما عدا الساحل، وما زالت قوات الإيكواس في البلاد حتى الآن لضمان الاستقرار وتدريب الجيش.

ولكن هذا التدخل في النيجر سيكون أصعب، فهي بلد شاسع المساحة، ويتوقع أن يلعب جيش نيجيريا الدور الأكبر في أي عملية عسكرية.

وقال عبد الفتو موسى، مفوض إيكواس للشؤون السياسية والسلام والأمن، إنه بموجب خطة التدخل، فإن قرار توقيت ومكان الإضراب سوف يتخذ من قبل رؤساء الدول ولن يتم الكشف عنه لمدبري الانقلاب.

أياً كان الخيار الذي تختاره الهيئة المكونة من 15 دولة، فإنها تخاطر بمزيد من الصراع في واحدة من أفقر مناطق العال ، حيث تزدهر الجماعات المرتبطة بالدولة الإسلامية والقاعدة وسط الفوضى، حسبما ورد في تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.

مقارنة بين قوة جيش النيجر ونظيره النيجيري

يبلغ عدد سكان نيجيريا نحو 225 مليون نسمة وهي أكبر دولة في إفريقيا، مقابل نحو 25 مليوناً للنيجر.

ويبلغ حجم الجيش النيجيري نحو 230 ألف جندي، ويصنف رقم 36 على العالم مقارنة بجيش النيجر الذي يبلغ عدد جنوده نحو 25 ألفاً ويصنف الـ119 على العالم.

ويمتلك جيش نيجيريا نحو 177 دبابة أحدثها ست دبابات من طراز إم بي تي 3000 الصينية، و25 تي 72 الروسية الصنع، و24 دبابة تي 54/55 السوفييتية القديمة و106 دبابات Vickers البريطانية و16 من دبابات AMX-30 الفرنسية.

 سلاح الجو النيجيري هو واحد من أكبر أسلحة الجو في إفريقيا، ويتألف من حوالي 18000 فرد في عام 2021 ولديه الطائرات 9 طائرات من طراز Chengdu F-7 الصينية (مشتقة من ميغ 21 السوفييتية) و12 من طائرة التدريب والهجوم الأرضي من طراز ألفا جيت، وثلاث طائرات JF-17 Thunder Block II الصينية الباكستانية الصنع، و12  من طائرة الهجوم الأرضي البرازيلية Embraer EMB 314 Super Tucano.

كما أن لديه 15 من المروحية الهجومية الروسية ميل مي 24، ومروحيات نقل ومهام متعددة أخرى، إضافة لعدد من الطائرات المسيرة.

القوة المدرعة الرئيسية لدى جيش النيجر تتكون من 124 من المدرعة الفرنسية المدولبة Panhard AML، و32 من المدرعة الفرنسية المدولبة Panhard M3 VTT وهي حاملة أفراد مدرعة برمائية.

فعلى غرار بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء جيش النيجر، لديه قوة مدرعة محدودة، ومع ذلك، فإنه مجهز جيداً بسيارات تويوتا لاندكروزر ذات الدفع الرباعي المزودة بمدافع رشاشة من عيار مختلف، وتم تحسين القدرة اللوجستية العامة للجيش مؤخراً.

والقوة الجوية الأساسية لجيش النيجر تتكون من طائرتين روسيتين الصنع من طراز سوخوي 25 المخصصة للهجوم البري (تطير بأقل من سرعة الصوت)، وثلاث مروحيات هجومية خفيفة فرنسية الصنع من طراز غازيل، وثلاثة مروحيات روسية من طراز ميل مي 17 متعددة المهام (مخصصة للنقل ولكن يمكنها القيام بعمليات هجومية).

الجيش النيجيري لديه مشاكله الخاصة

وهاجم بعض الساسة النيجيريين دولتي بوركينا فاسو ومالي لتهديدهما بدعم جيش النيجر، في مواجهة أي تدخل للإيكواس بقيادة النيجر، وأشاروا إلى أن نيجيريا قد يكون لديها مشاكلها الخاصة، ولكن الجيش النيجيري صارم أمام الأعداء، وطالبوا البلدين بعدم التقليل من قوة الجيش النيجيري.

والجيش النيجيري لديه تاريخه الخاص بالانقلابات، كما خاض العديد من النزاعات أغلبها داخلية في البلد الغني بالنفط والمعقد إثنيا وطائفياً، وقد واجه مشاكل كثير لفترة مع جماعة بوكو حرام النشطة في شمال البلاد، واستعان في بعض الأوقات بجيش تشاد الأصغر والأضعف للتعامل معه.

الدبابة الروسية الصنع T-72 التيي يمتلك الجيش النيجيري أعداداً متوسو منها/ ويكيبيديا

تواجه نيجيريا، التي تقود التوجه لإعادة الرئيس بازوم إلى الحكم، العديد من التحديات الأمنية في الداخل، وبالتالي فإن إرسال جزء كبير من الجيش إلى النيجر سيكون بمثابة مقامرة.

وتشترك نيجيريا والنيجر في العديد من الروابط التاريخية والعرقية، حيث يتحدث الناس على جانبي الحدود اللغة نفسها وبالتالي فإن هذا قد يجعل بعض الجنود النيجيريين مترددين في القتال إذا ما وصل الأمر لذلك (نسبة كبيرة من سكان البلدين من عرقية الهوسا المسلمة). 

وجيش النيجر أصبح أصعب مراساً

في المقابل، فإن جيش النيجر رغم أنه أقل كثيراً في العدد والتسليح من الجيش النيجيري، ولكنه يعتقد أنه اكتسب خبرة كبيرة عن طريق التدريب المكثف الذي تلقاه من الأمريكيين والفرنسيين لمواجهة الإرهاب في بيئة السافانا والصحراء القاسية للبلاد.

أبرز العمليات التي شارك بها جيش النيجر كانت "ثورة الطوارق" ما بين عامي 1990 -1996، "تمرد الطوارق" بين عامي 2007-2009، وعملية الأمم المتحدة في كوت ديفوار، تمرد تنظيم بوكو حرام، عمليات مكافحة الإرهاب ضمن قوات الأمم المتحدة والغرب.

العملية العسكرية المحتملة للإيكواس ليس بالسهولة التي قد تظهر في الفارق الهائل بين قوة جيش النيجر والجيش النيجيري وغيره من جيوش مجموعة الإيكواس.

والبلاد مترامية الأطراف، فهل تكرر نيجيريا مأساة ليبيا في الحرب مع تشاد؟

فالنيجر مترامية الأطراف بلد مساحته  1,267,000 كلم،  ضعف فرنسا مرتين ونصف، وهو بلد مناخه قاسي، وسكانه ليسوا بالقليلين (25,396,840) وهناك مؤشرات على تأييد شعبي للانقلاب، الذي يقدم نفسه كمعارض للاستغلال الفرنسي للبلاد.

سيواجه أي تدخل عسكري مشكلة كبيرة في الإمداد والتموين في مساحات النيجر الشاسعة وصعوبة التفرقة بين المدنيين والعسكريين وخاصة المدنيين المتعاطفين مع الانقلاب.

كما أنه في التقاليد العسكرية يجب أن يكون للمهاجم تفوق عددي على المدافع بمعدل ثلاثة أضعاف (إذا تساوت النوعية)، الأهم أن التجارب السابقة (والحالية) في إفريقيا، تشير إلى أن الجيوش الضعيفة التي تعتمد على سيارات الدفع الرباعي قد تفوز بالمعارك ضد الجيوش التقليدية التي تعتمد على الدبابات والطائرات فيما يعرف باسم حروب التويوتا، مثلها حدث في الحرب الليبية التشادية.

فلقد تغير تاريخ حروب المركبات في معركة "فادا" المفصلية في الحرب الليبية التشادية عام 1987 حين هزمت تشاد قوة قوامها 5000 ليبي، مع مقتل ما يقرب من 800 جندي مشاة ليبي، وتدمير 92 دبابة من بين العديد من المركبات الأخرى، علماً بأن الجيش الليبي كان يمتلك معدات سوفييتية أكثر تطوراً بكثير من القوات التشادية.

هل تتحول المعركة إلى حرب عالمية على أرض إفريقيا؟

في الأغلب، إذا حدث تدخل عسكري للإيكواس سيكون مدعوماً بشكل كبير من قبل فرنسا التي لديها 1500 جندي في النيجر، وقواعد عسكرية ونفوذ واسع النطاق، أو أمريكا التي لديها قواعد وقوات أيضاً (رغم أنه تبدو أقل حماساً من باريس للعمل العسكري).

من شأن تدخل فرنسا وأمريكا أن يغير شكل المعركة إلى حد كبير، ويزيد فرص نجاحها التدخل العسكري، خاصة فيما يتعلق بعمليات القصف الجوي والاستطلاع، والقوات الخاصة.

ولكنه من ناحية أخرى، قد يستفز الشعور الوطني لشعب النيجر، والمشاعر المعادية لباريس في منطقة غرب إفريقيا ولا سيما الدول التي كانت مستعمرة من قبل فرنسا (بالأخص دول جنوب الصحراء الأكثر فقراً)، كما أنه سيظهر الإيكواس كألعوبة في يد باريس وواشنطن.

أما السيناريو الأسوأ، فهو تدخل دول المنطقة الثلاث التي يحكمها عسكريون، مالي وبوركينا فاسو وغينيا، بجانب جيش النيجر، خاصة أن هناك حلفاً يبدو أنه يتشكل في منطقة الساحل بين الدول الثلاث، والآن من المحتمل أن تنضم النيجر، وهو حلف يجهر بالعداء لفرنسا ويسعى إلى النضال ضد ما يسمونه الاستعمار الجديد. وفي مالي وبوركينا أصبح واضحاً ذلك نظراً للشراكات البديلة التي تم عقدها في الأشهر الماضية مع دول أخرى أهمها روسيا وتركيا.

ويعني ذلك أن العملية العسكرية التي تهدف لإعادة رئيس النيجر المنتخب قد تتحول إفريقية، يتحارب فيها الأفارقة، وسيكون هناك طرف منهم مدعوم من قبل باريس وواشنطن، والطرف الآخر ممثلاً في جيش النيجر ومالي وبوركينا فاسو وغينيا مدعوم من روسيا أو فاغنر على الأقل لتصبح حرباً عالمية بالوكالة على الأرض الإفريقية.  

تحميل المزيد