بعد أن حقق الأغلبية في البرلمان بتحالفه الانتخابي.. هل سيحقق أردوغان الفوز بالرئاسة في جولة الإعادة؟

تم النشر: 2023/05/16 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/05/16 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

أظهر الرئيس أردوغان عبقرية فذة في إدارته لانتخابات 2023 رغم الأصوات التي تتحدث عن ضرورة التغيير، وذلك من خلال الوجوه الشابة التي دفع بها، وتقديم كبار وزرائه كمرشحين، ثم لاختياره أحزاباً بعينها لبناء تحالفه للانتخابات. 

حقق التحالف مفاجأة من العيار الثقيل بفوزه في الانتخابات البرلمانية بنسبة تمكنه من إصدار التشريعات، ومراقبة أداء الرئيس القادم أياً كان اسمه.

الفوز البرلماني الذي حققه حزب العدالة والتنمية بتحالفه يؤكد الشعبية الحقيقية التي يتمتع بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه وتحالفه من ناحية، كما يطمئن كلاً من مؤيدي أردوغان من المواطنين والمقيمين، بأنه لن تطرأ أي تغييرات على المستوى التشريعي تؤثر على الحياة السياسية أو الاجتماعية في تركيا خلال الخمسة أعوام القادمة.

بنجاح تحالف الجمهور تتبخر أحلام المعارضة ووعودها في إصدار تشريعات تحول النظام السياسي من رئاسي إلى برلماني، وتمنعهم من تنفيذ التهديدات التي صرحوا بها ضد الجاليات بسحب الجنسيات عنها، وإصدار تشريعات جديدة تغير القوانين التي حددت حقوقهم وواجباتهم في الفترة السابقة من عهد الرئيس أردوغان.

لكن هذا العرس الانتخابي لم يكتمل بعد، وما زال  الرئيس أردوغان وتحالفه يحتاج إلى إعادة الانتخابات الرئاسية حتى يحقق الفوز بها. وهذا ما سنتناوله في هذا المقال.

المرشحون للرئاسة في تركيا، عربي بوست

هل سيحقق أردوغان الفوز بالرئاسة في جولة الإعادة؟

إذا فاز الرئيس أردوغان خلال جولة الإعادة يكون بذلك قد ضمن وتحالفه القرار السياسي بعد حصولهم على الأغلبية في البرلمان التركي، ويكون ذلك إنجازاً تاريخياً تكرر للرئيس "أردوغان" لمدة تزيد على 25 عاماً متتالية، وهو إنجاز غير مسبوق عالمياً.

لقد أظهرت الجولة الأولى من الانتخابات التركية عدة حقائق ومؤشرات، أولها أن شعبية الرئيس أردوغان وحزبه وتحالفه تعتبر في قمتها، والتحدي الذي يواجهونه في الجولة الثانية هو مجرد المحافظة على هذه القمة حتى لا تنزل ولو بدرجة 0.5%، وهو هامش التذبذب الذي حدث في شعبية الرئيس، هذا التحدي وإن كان معيقاً في الجولة الأولى، إلا أنه سيبدو تافهاً في الجولة الثانية. 

أما التحدي الذي سوف يواجهه مرشح المعارضة في جولة الإعادة هو كيف يستطيع أن يعلي من سقف شعبيته الذي تحصل عليه بشق الأنفس في الجولة الأولى؛ أي إن المطلوب منه الحصول على مستوى لم يكن قد تحصل عليه من قبل.

إن النسبة التي حصل عليها مرشح تحالف الطاولة السداسية "كمال كليجدار أوغلو" في الجولة الأولى قد حصل عليه بشق الأنفس، أي إن الوصول إليه مرة أخرى يعتبر تحدياً في غاية المشقة، فكيف يستطيع إذاً الوصول إليه ثم القفز عليه ليضمن الفوز على الرئيس أردوغان؟

كمال كليجدار أوغلو يدلي بصوته/رويترز

ثلاثة احتمالات في جولة الإعادة

تحتمل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التركية ثلاثة احتمالات لا رابع لها.

الاحتمال الأول: هو أن يحصل كل مرشح على نفس نسبة التصويت التي كان قد حصل عليها في الجولة الأولى، بالطبع سيصب هذا الاحتمال في مصلحة الرئيس أردوغان ويمكنه من مقعد الرئاسة، لأنه سيكون صاحب النسبة الأكبر، خاصة أنه في الجولة الثانية ليس مقيداً بعتبة الـ 50% من الأصوات وهي العتبة التي حرمته من الفوز في الجولة الأولى وأنقذت منافسه "كليجدار أوغلو" من الهزيمة.

يستطيع الرئيس "أردوغان" الحصول على هذه النسبة بكل سهولة؛ لأن التحدي الذي واجهه في الجولة الأولى كان دوماً هو تخطيها، وليس مجرد الوصول إليها؛ لأنه ببساطة كان ولا يزال موجوداً فيها أصلاً، أما السيد "كليجدار أوغلو" فهو الذي يواجه هذا التحدي بالوصول والتخطي لمستوى أعلى من مكانته الحالية.

الاحتمال الثاني: هو أن يحصل كل من أردوغان وأوغلو على نسبته التي حصل عليها من الجولة الأولى ثم تتوزع عليهما نسبة الـ5% التي حصل عليها المرشح الآخر، هذا الاحتمال أيضاً في صالح الرئيس أردوغان ويضمن له الفوز بالرئاسة مهما كانت نسبة التوزيع.

من الأفضل للسيد "كليجدار أوغلو" أن يترك نسبة الـ 5% تتوزع تلقائياً دون أي تدخل من جانبه، أو دون أي مفاوضات حولها مع المرشح الثالث السيد "سنان أوغان"؛ لأن شروط الأخير ستغضب حلفاء "كليجدار أوغلو" من حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ويفقد بذلك نسبة الـ10% التي حصل عليها منهم مقابل 5% من "سنان أوغان".

الاحتمال الثالث: هو أن يحدث اهتزاز وخلخلة في نسبة التصويت، وبالتالي لا يحصل كلا المرشحين على النسبة التي حصل عليها في الجولة الأولى، وهذا هو الاحتمال الأقرب للحدوث، ولمناقشة كيفية حدوثه يجب أن نناقش أولاً طبيعة كل تحالف على حدة؛ لننظر أي التحالفين مرشح أكثر للاهتزاز والتخلخل من داخله؟ 

يتكون تحالف الرئيس "أردوغان" من عدة أحزاب يمينية يجمع بينها تقارب فكري، وبرنامج عمل معروف مطروح سلفاً، وأسلوب تنفيذه معروف أيضاً، مما يدعم ويؤكد مستوى التجانس الكبير المحقق داخل هذا التحالف، بل إنهم يرون أهليتهم الكبيرة لما يتمتعون به من مميزات. 

عكس تحالف المعارضة الذي لا يجمع بينهم سوى الرغبة في إسقاط أردوغان من ناحية ثم تقاسم الحكم على أنقاضه من ناحية أخرى، أي إنه لا يوجد أي رابط فكري يجمع بين أعضائه، ولا سابق تاريخ مشترك، وأن الاختلافات الشخصية والسياسية بين قيادته كبيرة.

يأتي هذا الاختلاف في تحالف الشعب المعارض، لدرجة أنهم أنفسهم تحدثوا عنها، وتبادلوا حولها الاتهامات التي تحولت إلى انشقاقات حتى إن السيدة "ميرال أكشينار"، رئيسة حزب الجيد، قد وصفت الطاولة التي تجمعها مع حلفائها بأنها طاولة قمار، ثم فارقتها وأقسمت أن لا تعود إليها مطلقاً، لكنها رجعت لاحقاً.

لذا فإن تحالف الشعب المعارض هذا متفكك ذاتياً من داخله، وبالتالي فهو أكثر عرضة للتخاذل والانقسام والتراجع، عوضاً عن أنه في الجولة الأولى كان قد قدم أقصى ما عنده وبالحد الأعلى، وحصل على أعلى أصوات يستطيع تجميعها؛ لذا فإنه عرضة للخسارة والتراجع لا التقدم.

الخلاصة

كل الاحتمالات تشير وبقوة إلى إمكانية وأحقية السيد رجب طيب أردوغان في الفوز، وبالتالي ستجتمع كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية في يد تحالف الجمهور بقيادة أردوغان الذي يقوده، ويستطيع من خلاله تنفيذ وعوده وبرنامجه الانتخابي، مما يعد مكسباً كبيراً يطمئن مؤيديه على تحقيق الاستقرار السياسي والتشريعي والاجتماعي الذي ينشدونه.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

محمد عثمان عوض الله
كاتب صحفي متخصص في الشأن السوداني والعربي
كاتب صحفي متخصص في الشأن السوداني والعربي
تحميل المزيد