“جهات خارجية” تُحاربه.. تفاصيل الجدل الذي رافق تسويق أول أنسولين منتج محلياً في الجزائر وكيف ردت السلطات

عربي بوست
تم النشر: 2024/05/19 الساعة 10:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/05/19 الساعة 10:07 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية لمريض بالسكري/ رويترز

رافق تصدير أول شحنة من الأنسولين الجزائري المنتج محلياً جدل بشأن مدى فاعلية هذا الدواء الجنيس الذي بدأ فعلاً في تسويقه داخل الجزائر وبيعه لمرضى السكري في شهر يناير/كانون الثاني 2024، واعتبرت الجزائر أن هذا الدواء المنتج محلياً "يتعرض لحملة ممنهجة".

وجاء ذلك على لسان وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني الجزائري، علي عون، وسط رغبة من السلطات الجزائرية في تطوير الصناعة الدوائية التي دائماً ما تتعرض لانتقادات من بعض الجهات، إضافة إلى حملات التشكيك الكبيرة في جودة الأدوية المصنعة محلياً.

هذا التشكيك قوبل بانتقادات من الجهات المسؤولة في البلاد التي أكدت أنها تتعرض لحملات خارجية، وشددت على ضرورة العمل من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الأدوية، خاصة بعد الأزمة التي شهدها العالم خلال جائحة كورونا.

إقبال على "الأنسولين الجزائري" المحلي

في جولة قادتنا إلى بلدية براقي جنوب شرق العاصمة الجزائرية، يشير إلينا محمد العامل في إحدى الصيدليات بالمدينة إلى أن "الأنسولين" المحلي أضحى مطلباً رئيسياً بالنسبة لمرضى السكري المتوافدين على الصيدلية طيلة 16 ساعة عمل.

ويذكر محمد في حديثه مع "عربي بوست" أن سعر الأنسولين الجزائري الموسوم باسم "غلاروس" يبلغ 6261 ديناراً جزائرياً (31 دولاراً)، مؤكداً أن سعره مناسب جداً خاصة إذا علمنا أن مريض السكري مؤمَّن ويمكن أن يقتنيه في بعض الأحيان مجاناً عن طريقة بطاقة الشفاء.

ومقارنة بسعر "الأنسولين" الأجنبي، يبرز أنه لا يختلف سعره كثيراً عن سعر "الأنسولين" الجزائري وهذا بفارق طفيف بعض الشيء يبلغ 1300 دينار (7 دولارات)  زيادة عن سعر "الأنسولين" المحلي.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون/ صفحة رئاسة الجمهورية بفيسبوك
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون/ صفحة رئاسة الجمهورية بفيسبوك

ويشدد محمد على أن صيدلته لم تستقبل أي شكوى ضد "الأنسولين" الجزائري منذ الانطلاق في بيعه بداية السنة الجارية، مضيفاً أن الأمور على ما يرام لحد الٱن وما يتم تداوله من معلومات بشأن سوء نوعية "الأنسولين" الجنيس لا أساس لها من الصحة.

محاولات لعرقلة إنتاج الدواء المحلي

أكّد وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني الجزائري، علي عون، إن الجزائر أصبحت "من أهم منتجي الأدوية في أفريقيا بـ 203 شركات"، وكشف الوزير الجزائري عن بلوغ الصادرات الصيدلانية 12.6 مليون دولار سنة 2023.

من جهته، أكد القيادي بالنقابة الوطنية للصيادلة الخواص، فيصل عابد، أن للجزائر كل الإمكانيات لحقيق الاكتفاء الذاتي في الأنسولين ومختلف الأدوية.

وفي هذا السياق، أوضح لـ"عربي بوست" أن بلوغ هذا الهدف يتطلب عوامل عديدة أهمها ضرورة إتاحة كل  الفرص الممكنة أمام الصناعة الدوائية، بعيداً عمن وصفهم باللوبيات التي لها مصالح مع المخابر الأجنبية ومع الإستيراد.

وأبرز أنه في ظل الامتيازات الممنوحة حالياً من طرف الدولة الجزائرية لمنتجي الأدوية الحساسة يمكن تحقيق نتائج جيدة، مشيراً إلى أن الأسعار يمكن أن تكون أكثر انخفاضاً باعتباره منتوجاً محلياً.

ومقارنة مع نظيره المستورد من فرنسا، أشار المتحدث إلى أن تقييم الدواء الجنيس يقتضي مرور بعض الوقت من أجل تلقي ردود المرضى، داعياً مصنعي الدواء إلى استغلال هذه الفرصة المتاحة. 

وراهن المتحدث بصفته صيدلانياً على إمكانيات التقدم وتغطية الحاجيات الدوائية ومن ثم التوجه نحو التصدير، وأرجع الصعوبات التي تحولً دون بلوغ ذلك إلى العرقلة التي تتم من طرف بعض الأشخاص، مما يجعل الوضع يبقى رهين المخابر الأجنبية في عدة أدوية.

وأشار فيصل عابد إلى وجود أدوية تسجل ندرة بين الفينة والأخرى، رغم تواجد أكثر من 136 وحدة تصنيع في البلاد، وهو الرقم الذي لا تملكه عدة دول يقول المتحدث، مؤكداً ضرورة تغيير الذهنيات للتخلص من التبعية وتحقيق قفزة نوعية في هذا المجال.

وشدد على ضرورة العمل بكل جهد على مرافقة المصنّع المحلي والدواء الجنيس، والوقوف في وجه من يسعون وراء المصالح الشخصية والعاملين على عرقلة تحقيق الاكتفاء الذاتي.

عون يفتح النار على المشككين

 وفي رده على الانتقادات التي طالت جودة الأنسولين الجزائري، فتح وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني بالجزائر، علي عون، النار على من سماهم المشككين في كل دواء مصنوع في الجزائر.

وشدد الوزير الجزائري، في كلمة خلال حضوره انطلاق أشغال المؤتمر الوطني السابع عشر للنقابة الوطنية للصيادلة الخواص، يوم 22 أبريل/نيسان الماضي، على أن هنالك حملة جديدة انطلقت منذ أسبوعين ضد الأنسولين المنتج محلياً.

وأكد أنه ولأول مرة خلال شهر رمضان الماضي لم يتم تسجيل أي مشكلة أو نقص في الأنسولين، لافتاً إلى أنه تم القضاء على هذه الحملة التي تحاك ضد الأنسولين المصنوع محلياً، خاصة بعد إطلاق شائعات حول الأنسولين بأنه منتوج جديد لم يتم التحكم فيه من قِبَل الجزائريين.

وشدد المسؤول ذاته على أن الأنسولين الجزائري متوفر وهو ذو جودة وبأسعار في متناول المريض الجزائري، مشيراً إلى أن تحقيق الاكتفاء الذاتي هو تحقيق للسيادة الوطنية، وهذه الحملات لن تنجح في ضرب صناعة الدواء في الجزائر.

الجزائر تصدر "الأنسولين" إلى السعودية 

ويوم الأحد 28 أبريل/نيسان الماضي صدرت الجزائر أول شحنة لأقلام الأنسولين السريعة من وحدة الإنتاج "نوفو نورديسك" ببوفاريك بمحافظة البليدة مكونة من 2.5 مليون قلم على ثلاث دفعات. 

وشحنت الدفعة الأولى من الأنسولين الجزائري حسب ما أكدته وسائل إعلام محلية قبل نهاية شهر أبريل/نيسان إلى المملكة العربية السعودية بقيمة 11 مليون يورو. 

وقال الوزير الإنتاج الصيدلاني الجزائري، عون، إن هذه العملية تؤكد حرص "نوفو نورديسك" على وفرة أدوية مرضى السكري بكل أنوعها، والاستغناء نهائياً عن استيراد الأنسولين.

وأوضح بلوغ التحدي من خلال تغطية السوق بنسبة إنتاج 60 بالمئة، مشيراً إلى أنها المرة الأولى في تاريخ الجزائر التي لم يسجل فيها نقص في دواء الأنسولين خلال شهر رمضان.

تحميل المزيد