على الرغم مما يُشاع عن عدد معين من الخطوات اليومية التي يجب على الإنسان أن يخطوها من أجل الحفاظ على صحة جيدة، لكن معروف أنه لا يوجد رقم سحري بالنسبة لكل الناس على حد سواء.
لذلك عكفت العديد من الدراسات العلمية في هذا الشأن على التوصُّل لمعادلة معينة تحدد الحد الأدنى من الخطوات اليومية التي يجب مشيها من أجل الحفاظ على معدلات الحرق الصحية خلال اليوم، ولكي يتم الحفاظ على وظائف الجسم بأفضل كفاءة ممكنة.
وفي دراسة جديدة، اتضح أن ما يعتقده الكثيرون حول العالم من أن المشي 10 آلاف خطوة يومية هو الرقم السحري المطلوب ليس بهذه الدقة كما يظن البعض؛ لذا.. ما هو عدد الخطوات اليومية الذي لا ينبغي أن تقل عنه لكي تحافظ على صحتك؟
10 آلاف خطوة.. هذا اعتقاد خاطئ دام طويلاً
عندما يتعلق الأمر بالمشي، فإن الرقم الأكثر وضوحاً الذي يفكر فيه الكثير منا هو 10 آلاف خطوة. وكان هذا الرقم منذ فترة طويلة هو الهدف المثالي الذي يجب تحقيقه من حيث الخطوات اليومية اللازمة لتحسين صحتنا والحفاظ على لياقتنا.
وبالفعل كان هناك العديد من الأدلة التي تدعم هذا الاعتقاد؛ إذ أظهر عدد من الدراسات في السنوات الأخيرة أن اتخاذ المزيد من الخطوات على أساس يومي يرتبط بتقليل خطر الوفاة المبكرة، وقالت الأبحاث إنه لا يهم حتى من أين تأتي هذه الخطوات، المهم أن تتم بشكل يومي.
ولأن هذه النتائج فضفاضة وغير دقيقة.. مثلاً، هل يختلف الأمر من شخص لآخر؟ هل يختلف حساب الخطوة وفقاً للنشاط الذي يتم القيام به؟ هل للقدرات الجسمانية اعتبارات أخرى؟ تزايدت التساؤلات وأصبح الجواب أكثر إبهاماً عن أي وقتٍ مضى.
لهذا السبب واصل العلماء إجراء أبحاث جديدة ومتزايدة حول مدى جودة الخطوات اليومية لجسم الإنسان، بالإضافة إلى تحديد من سيستفيد مما تحديداً، ومقدار الخطوات وطرق قياس ذلك.
دراسة جديدة تقطع الشك باليقين!
وفي أحدث دراسة لاستكشاف هذه التفاصيل نشرتها مجلة Science Alert، قام فريق بقيادة عالمة الأوبئة وخبيرة النشاط البدني أماندا بالوش، من جامعة ماساتشوستس الأمريكية، تم تتبع مجموعة من أكثر من 2000 رجل وامرأة من أعراق مختلفة في منتصف العمر، جاؤوا من أربع مدن أمريكية مختلفة.
وارتدت المجموعة البحثية، التي كان متوسط عمر الشخص فيها يزيد قليلاً عن 45 عاماً، مقاييس تسارع نبضات القلب لتتبع عدد الخطوات اليومية وشدة الخطوة وتأثيرها أثناء ساعات الاستيقاظ، وظلوا يرتدون تلك المقاييس بينما كانوا يمضون في حياتهم بصورة طبيعية.
وقد بدأت التجربة منذ عام 2005، وتمت متابعة المشاركين على فترات منتظمة سنوياً حتى عام 2018، حيث توفي 72 من المجموعة الأصلية.
ووجد الباحثون وفقاً للنتائج المنشورة في مجلة Jama Network العلمية للأبحاث، أن الأفراد الذين مشوا ما لا يقل عن 7000 خطوة في اليوم كان لديهم خطر أقل بنسبة تراوحت من %50 إلى %70 تقريباً من الموت المبكر، مقارنةً بأولئك الذين كان متوسط مشيهم يومياً أقل من 7000 خطوة في التجربة.
وفي الوقت ذاته، لم يكن لشدة الخطوة أو سرعتها أي تأثير على معدل الوفيات أو التأثيرات الأخرى على الصحة.
الزيادة عن 7000 خطوة لن تشكل فارقاً كبيراً في هذا الإطار
ووفقاً للباحثين، فإن زيادة عدد الخطوات اليومية بين الأشخاص الأقل نشاطاً في شريحة المشاركين في الدراسة قد تمنح أكبر قدر من الحماية ضد الوفاة، ولكن بعد نقطة معينة، يبدو أن الخطوات الإضافية أصبحت لا تشكل تأثيراً مفيداً إضافياً. على الأقل بالنسبة للهدف الأساسي للدراسة المتعلق بالصحة العامة وخطر الوفاة المبكر.
وبالمقارنة مع الرقم الجديد للخطوات اليومية، أوضح الباحثون في دراستهم أن المشي أكثر من 10 آلاف خطوة في اليوم عوضاً عن 7 آلاف لم يكن مرتبطاً بمزيد من الانخفاض في مخاطر الوفاة. بمعنى أن الحد الأقصى لعدد الخطوات اليومي الموصى به لتقليل مخاطر الوفاة والحفاظ على الصحة العامة توقف عند المشي 7 آلاف خطوة فقط، ولم يكن هناك حاجة لمشي المزيد من الخطوات بعد ذلك لتحقيق نتائج أفضل.
التبعات الصحية على الجسم بعد المشي 7000 خطوة يومياً
ويوضح ويليام كراوس، أستاذ الطب العام بجامعة ديوك الأمريكية، وعضو اللجنة الاستشارية لإرشادات النشاط البدني لعام 2018 بالولايات المتحدة الأمريكية، في مداخلة له مع موقع NBC News، يقول إنه يوصي بأن يهدف الناس إلى المشي من 7000 إلى 13000 من الخطوات اليومية للحصول على الفوائد الكاملة التي يمكن أن توفرها التمارين الرياضية الأخرى ولتحقيق أقصى استفادة ممكنة، بما في ذلك حماية الجسم من أمراض مثل السرطان والسكري والمساعدة في إنقاص الوزن.
وتابع: "يجب على البالغين القيام بما لا يقل عن 150 إلى 300 دقيقة أسبوعياً من النشاط البدني المعتدل، أو من 75 إلى 150 دقيقة في الأسبوع من النشاط البدني القوي، أو ما يعادله".
الخطوات تعتمد على مستوى نشاط الشخص خلال يومه الطبيعي
وبالنسبة للبالغين، فإن المشي 2000 خطوة يساوي السير نحو ميل واحد، اعتماداً على خطوة الفرد واتساعها وسرعتها. وتشير التقديرات إلى أن الناس قد يقطعون ما يصل إلى 5000 خطوة في اليوم الواحد بمجرد القيام بالأنشطة العادية للحياة اليومية التي قد لا تكون بالضرورة خارج المنزل حتى.
وتابع كراوس موضحاً أن الأشخاص الذين يجلسون كثيراً، مثل العاملين من المنزل مثلاً أو أصحاب الوظائف المكتبية، لا يحظون بعدد الخطوات اليومية المماثل للآخرين، لذلك من المحتمل أن يحتاجوا إلى العمل بجدية أكبر ليكافئوا جلستهم الطويلة مع عدد ساعات من النشاط الكافي.
لذلك في المرة القادمة التي ترى فيها عبر ساعتك الذكية أو تطبيقات الصحة على هاتفك المحمول تقول إن عدد خطواتك اليومي أقل من 10 آلاف خطوة، لا تشعر بالإحباط أو تفقد الحافز. وتذكر أنك ستحصل على بعض الفوائد الصحية من القيام بحوالي 7000 خطوة فقط لا أكثر.
أما إذا كنت ترغب في تحسين صحتك من خلال زيادة حجم خطواتك، فقد أظهرت الأبحاث أن زيادة خطواتك اليومية بمقدار 1000 خطوة يومياً لها فائدة كبيرة على الصحة والجسم. في هذا التقرير تعرّف على فوائد المشي يومياً وتأثيره على الصحة النفسية والجسدية.