تفجرت أزمة المياه في الجزائر غير مسبوقة، لا سيما في المناطق الوسطى، ومن بينها العاصمة التي يقطنها أكثر من 6 ملايين شخص، والمناطق الغربية التي تتواجد بها عدة ولايات ذات كثافة سكانية كبيرة، على غرار وهران وتلمسان.
وأظهرت فيديوهات وصور على مواقع التواصل الاجتماعي جفاف سد قدارة (شرقي العاصمة)، والدويرة (غربي العاصمة) اللذين يمدان العاصمة بالمياه، كما انتشرت صور في شوارع العاصمة لمواطنين يتدافعون على صهاريج تبيع الماء.
أزمة مفاجئة..
لم يكن أحد في الجزائر يتحدث عن أزمة المياه قبل شهرين أو ثلاثة، وكأن الأزمة فاجأت الحكومة والشعب معاً.
ويتحدث يحيى، صاحب الـ29 ربيعاً، والذي يقطن بالضاحية الشرقية للعاصمة لـ"عربي بوست" عن أزمة المياه فيقول: "منذ أسبوع لم يصلنا الماء، كانت المياه لا تفارق الحنفيات، وفجأة تحدثوا لنا عن أزمة المياه، وأن السدود جفت وأن محطات تحلية المياه لا تعمل، لا ندري ماذا حدث".
وأضاف يحيى: "لقد أخبرونا عن برنامج جديد لتوزيع المياه بحيث ستوزع بالتداول على المناطق، وحيّنا سيستفيد من 6 ساعات كل ثلاثة أيام، وهذا لن يكون كافياً لأنني لا أملك أن أخزن ما يكفيني، لذلك عليّ شراء صهريج ماء، وهذا مُكلّف بالنسبة للعائلة، خاصة أننا على أبواب عيد الأضحى".
بينما يقول أحمد، الذي كان يحمل معه مياهاً معدنية إن "الحنفيات في البيت أصبحت تنقل الهواء بدلاً من الماء، فمنذ خمسة أيام لم تصل قطرة ماء إلينا، لا نعرف ماذا كانوا ينتظرون ليستعدوا لهذا الوضع، لقد تفاجأت الحكومة مثلنا، وهذا دليل على أنهم لا يملكون استراتيجية ولا استشرافاً.. في النهاية نحن من يدفع الثمن".
آبار ومحطات تحلية مستعجلة
قالت الحكومة الجزائرية إنها ستلجأ إلى حل استعجالي من أجل تدارك النقص الفادح في المياه، الذي تعرفه المناطق الوسطى والغربية من البلاد.
ومن بين الحلول التي بدأت الحكومة العمل عليها، حفر قرابة 293 بئراً، وإنشاء 4 محطات لتحلية المياه في العاصمة.
كما قررت الحكومة تحويل المياه من سدود ولايات الشرق إلى الوسط، باعتبار الأخيرة تعرف عجزاً بقرابة 25%.
ووفق بيان لوزارة الموارد المائية الجزائرية، فإن سبب العجز المائي الذي تُعاني منه البلاد ناجم عن التغيير المناخي الذي يعرفه العالم عموماً، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط خصوصاً.
وقال الخبير البيئي أمير بركان إن "المشكل في الجزائر هو غياب استراتيجية طويلة الأمد في قطاع الموارد المائية، وليس المشكل في تغيير المناخ أو شح الأمطار".
وأضاف بركان في تصريح لـ"عربي بوست" أن "الجزائر عليها أن تعتبر وزارة الموارد المائية وزارة سيادية، وتتعامل معها كوزارة الطاقة والبترول، وعليها وضع مخطط لخمسين سنة قادمة، وليس لخمس سنوات ارتباطاً بعهدة الرئيس".
وفيما يخص الحلول لأزمة المياه قال بركان إنها "معلومة لدى الجميع، فيمكن الاستثمار في محطات تحلية المياه، فلدينا شريط ساحلي بطول 1600 كلم، كما يمكن الاستثمار في محطات إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وبناء المزيد من السدود، لكن المشكل في أن هذه الحلول لم تطبق، كان يفترض الانطلاق فيها قبل خمس سنوات على الأقل؛ كي لا نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم".