رسالة تهديد “ضمنية” من تل أبيب للرباط.. سفير إسرائيل في المغرب يُهاجم حكومة العثماني بسبب تضامنها مع غزة

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/25 الساعة 20:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/25 الساعة 20:15 بتوقيت غرينتش
جانب من توقيع اتفاقيات التطبيع بين المغرب وإسرائيل (أرشيف)/ رويترز

على وقع الغضب الكبير في المغرب، سحب القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، دافيد غوفرين، تغريدة هاجم فيها رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، على خلفية موقف الرباط من العدوان على حي الشيخ جراح، والقدس، والحرب الأخيرة على غزة.

الهجوم غير المسبوق الذي تعرض له المغرب من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية، والقائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، تمثل في اتهام رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، بتأييد ودعم حماس والجهاد الإسلامي، وحلفاء إيران، ووصف حركات المقاومة الفلسطينية بما سماه "الإرهاب".

أزال رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب التغريدة بعد الجدل الذي صاحبها
أزال رئيس مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب التغريدة بعد الجدل الذي صاحبها

تطاول على المغرب

دون مراعاة للأعراف الدبلوماسية، هاجم دافيد غوفرين، القائم بالأعمال في مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، صباح الثلاثاء 25 أيار/مايو الجاري رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، واتهمه بتأييد حماس والجهاد الإسلامي رغم كونهما في حلف مع إيران، وذلك في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر.

ويُعد دافيد غوفرين، أول قائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، بعد 21 سنة من إغلاق الرباط مكتب الاتصال السابق في سنة 2000، عقب الانتفاضة الثانية.

وقال غوفرين في تغريدته على تويتر: "أثارني تصريح رئيس الوزراء المغربي العثماني الذي أيد وهنأ تنظيمات حماس والجهاد الإسلامي" التي وصفها بـ"الإرهابية المدعومة من إيران".

وأضاف غوفرين: "من يدعم حلفاء إيران يقوي نفوذها الإقليمي. أليس  تعزيز إيران التي تزرع الدمار في دول عربية وتؤيد جبهة البوليساريو مناقضاً لمصلحة المغرب والدول العربية المعتدلة؟".

وأمام سيل التعليقات الغاضبة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي المغربي، ساهمت فيها كل الحساسيات الاجتماعية والفكرية والسياسية، قام دافيد غوفرين، بإزالة التغريدة من حسابه على تويتر.

بعد دقائق من اختفاء التغريدة من حساب غوفرين على تويتر، قام حساب إسرائيل تتكلم بالعربية المعتمد، التابع لوزارة الخارجية في الكيان الإسرائيلي بإعادة نشر التغريدة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعد ذلك.

 وكان دافيد غوفرين قد غادر المغرب في الأيام الأولى للعدوان على فلسطين، وهو ما اعتبره عدد من المصادر مؤشراً على الغضب المغربي من تصرفات إسرائيل، غير أن غوفرين نشر تغريدة أكد فيها مغادرة المغرب، معلناً أنه ذهب لعيادة والده المريض.

أرسل حزب العدالة والتنمية رسالة تهنئة إلى حركة حماس بعد انتهاء حرب غزة
أرسل حزب العدالة والتنمية رسالة تهنئة إلى حركة حماس بعد انتهاء حرب غزة

صمت رسمي

وبالرغم من مرور ساعات على الهجوم الإسرائيلي على رئيس الحكومة المغربي، وأيضاً دخول إسرائيل الرسمية على خط الهجوم، لم يصدر لحد كتابة هذه الأسطر أي رد رسمي مغربي على هذا الهجوم.

هجوم غوفرين، والصمت الرسمي المغربي، يأتي في سياق أكدت فيه مصادر متطابقة وجود خلافات كبيرة بين الرباط وإسرائيل، زاد من حدة التباين فيها العدوان الأخير على فلسطين، وكان من نتائجها مغادرة دافيد غوفرين المغرب.

من جهته علق محمد رضى بنخلدون، السفير المغربي السابق في ماليزيا، ورئيس لجنة العلاقات الدولية لحزب العدالة والتنمية، في تصريح لـ"عربي بوست"، قائلاً إن "ما جرى خطأ دبلوماسي كبير".

وأضاف رضى بنخلدون تعليقاً على هجوم دافيد غوفرين، على رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني في حديث مع "عربي بوست": "هذا الأمر تدخل في الشؤون الداخلية للمملكة".

وسجل المتحدث نفسه أن "تغريدة القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي ليس لها علاقة بحزب العدالة والتنمية كحزب، بل تحدثت عن رئيس الحكومة، وهذا تدخل في الشؤون الداخلية للمملكة".

وأفاد المتحدث أن "القائم بأعمال مكتب الاتصال لم يشر إلى حزب العدالة والتنمية، هو تحدث عن رئيس الحكومة، وهذا موضوع يتعلق بالحكومة ويجب الاتصال بالخارجية والحكومة لمعرفة رد الفعل، لأن هذا الأمر يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية للمملكة".

هذه التصريحات ليست جديدة من طرف غوفرين فقد سبق له أن تدخل في الشؤون الداخلية للمغرب، بحسب مراقبين، حين هاجم حزب العدالة والتنمية واتهمه برفضه التطبيع، محاولاً دق الأسافين بين حزب رئيس الحكومة والملك.

رسالة من تغريدة السفير الإسرائيلي في المغرب

وكشف أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية تازة إسماعيل حمودي، أن تدوينة غوفرين تكشف مدى الغضب والحنق الإسرائيلي من موقف المغرب الرافض للعدوان على فلسطين.

وقال إسماعيل حمودي في تصريح لـ"عربي بوست" إن كلمة السر وراء كل هذا الغصب هي كون المغرب أول دولة في العالم العربي اعتبرت على لسان رئيس حكومتها ما جرى من عدوان على فلسطين "جريمة حرب".

وتابع حمودي: "خطورة الموقف المغربي أصبح مهيمناً على الخطاب الرسمي العربي عند الحديث عن العدوان الأخير على فلسطين، لدرجة أن الخارجية الأردنية اعتبرت محاولات إخراج الفلسطينيين من الشيخ جراح "جريمة حرب" كذلك".

ودعا إلى الانتباه إلى ما نشره القائم بأعمال مكتب الاتصال، فهو من جهة وصم حركات المقاومة بـ"الإرهاب"، ومن جهة أخرى لم يقل أي شيء عن جبهة البوليساريو (انفصالية) التي تصنفها الرباط جماعة إرهابية، ويمكن قراءتها كرسالة تهديد مبطنة للرباط، عبر توظيف الانفصاليين ضد المغرب.  

هذا وسبق لغوفرين أن أدلى بتصريحات أثارت استياء في الرباط، من قبيل حديثه عن قبول الملك للتطبيع ورفض العدالة والتنمية، وهو ما اعتبره رئيس الحكومة السابق عبدالإله بن كيران، في شريط فيديو نشرته الصفحة الرسمية، في 18 فبراير/شباط الماضي، تطاولاً على ملك المغرب، وتدخلاً في شؤون البلاد السياسية.

وتفاعلاً مع التطورات التي عرفتها فلسطين، انطلقت أصواتٌ تُطالب الرباط بطرد القائم بالأعمال الإسرائيلي بشكل نهائي، هذه الدعوات كانت مواقع التواصل الاجتماعي هي السباقة إليها قبل أن ترفع شعارات في الوقفات والمسيرات، ومن ثم تصل البرلمان، إذ شرع عدد من النواب في رفع طلبات لطرد جوفرين.

تحميل المزيد