يتناول كثيرون كوباً من القهوة
(أو كوبين أو ثلاثة) خلال اليوم، ولكن هل القهوة صحيَّة؟ ما هي منافعها؟ ومتى يصبح
الأمر خطيراً على الصحة؟
كثيرة هي الدراسات عن القهوة وعدد الفناجين، ولكن أحدث دراسة أُجريت عام 2019 ونُشرت في موقع Scientific Reports، ألقت الضوء على جانب آخر من منافع القهوة التي نعرفها ونقرأ عنها دائماً.
القهوة تحرق الدهون
بحوث سابقة ربطت بين تناول القهوة وانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأيضاً طول العمر وحتى كبح الشهية.
في حين أشارت دراسات أخرى إلى أن القهوة قد تؤدي إلى زيادة الوزن وارتفاع مستويات السكر في الدم.
وفي حين أننا لن نحسم الأمر اليوم، فهناك دراسة جديدة يمكن إضافتها إلى قائمة الدراسات التي تشجع على تناول القهوة.
فقد وجدت تلك الدراسة الحديثة المنشورة في موقع Scientific ،Reports أن شرب القهوة يحفز الأنسجة الدهنية البنية، أو ما يُطلق عليه "الدهون البنية" في الجسم، وهو نوع من الدهون يمتاز بخصائص تحرق السعرات الحرارية.
ما هي الدهون البنية؟
مايكل سيمونديز، وهو أستاذ جامعي بمدرسة الطب التابعة لجامعة نوتنغهام وأحد الباحثين المشرفين على الدراسة، شرح الأمر قائلاً: "تعمل الدهون البنية بطريقة مختلفة عن الدهون الأخرى الموجودة في جسمك؛ فهي تنتج حرارة من خلال حرق السكريات والدهون، وعادة ما يتم هذا استجابةً للشعور بالبرد. ومن شأن زيادة نشاط تلك الدهون أن تحسِّن التحكم في مستويات السكر والدهون في الدم، وتساعد السعرات الحرارية الزائدة التي يتم حرقها في تقليل الوزن".
كان يُعتقد في البداية أن الدهون البنية موجودة بأجسام الرُّضع فقط وأجسام الحيوانات التي تدخل في فترات سُبات.
ولكن العلماء يدركون الآن أنها موجودة أيضاً في أجسام البالغين بكميات أقل في أماكن مثل الرقبة.
هذا، وتتصرف تلك الدهون بطريقة مختلفة عن الدهون البيضاء التي تتراكم نتيجة تخزين الجسم للسعرات الحرارية، وهي موجودة حول البطن.
ما علاقة الأمر بالقهوة؟
وجد العلماء أن القهوة بالفعل حفَّزت الدهون البنية لدى البشر، فقد أظهر التصوير الحراري أنه بعد تناول شخص ما كوباً من القهوة، فإن الدهون البنية الموجودة في الرقبة تصبح أكثر حرارة.
ورغم هذا الاكتشاف، لا تزال هناك حاجة لمزيد من البحوث، لفهم ما إذا كان الكافيين هو ما يحفز الدهون البنية أم أنها خاصية أخرى في القهوة.
يقول سيموندز لموقع Mindbodygreen الأمريكي: "إن هذه هي أول دراسة على الإنسان تثبت أن شيئاً مثل كوب القهوة يستطيع أن يؤثر تأثيراً مباشراً في وظائف الدهون البنية".
وأضاف: "إن التضمينات المحتملة للنتائج التي توصلنا إليها كبيرة؛ فالسمنة مشكلة صحية أساسية تؤرق المجتمع، ونحن نواجه أيضاً انتشاراً متزايداً لمرض السكر. وهكذا، من الممكن أن تُمثِّل الدهون البنية جزءاً من حل تلك المشكلات".
بعد أن علمنا تلك المعلومات، قد يكون من المغري أن نبدأ في شرب القهوة، أو نزيد استهلاكنا منها، ولكن من المهم أن نعرف أنها لا تتوافق معنا جميعاً.
بالنسبة إلى بعض الناس، قد تحسِّن القهوة من عملية الهضم ومن التركيز، وبالنسبة إلى البعضٍ الآخر، فهي قد تؤدي إلى مزيدٍ من الإرهاق والتشويش، وغيرهما من الأعراض الهضمية المتعبة.
لهذا، إن كنت حديث العهد بالقهوة، أو إن كنت تنوي تناول كوب إضافيّ منها، فتأكَّد من أن تراقب رد فعل جسمك لها وتصرَّف وفقاً لها.
ماذا يحدث عندما تفرط في تناول القهوة؟
في المقابل، توصي إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بعدم تجاوز أربعة إلى خمسة أكواب يومياً للفرد البالغ المتوسط ذي الصحة الجيدة. وعند تناول قدر أكبر من ذلك، قد تبدأ في الشعور ببعض الأعراض الجانبية البغيضة.
يتناول أغلب البشر القهوة لزيادة تركيزهم، لكن بمجرد شربك كميّة مفرطة ستبدأ في خسارة هذا التركيز، إذ يبدأ الإنسان حينها في الشعور بهياجٍ وعصبيةٍ أكبر.
يحدث ذلك بسبب هرمون الأدرينالين. فعندما يصل الكافيين إلى جسمك، يثير الغدد الكظرية التي تطلق الهرمون بجميع أنحاء الجسم. وهو ما يتسبَّب في شعورك بالنشاط والانتباه.
بالطبع هذه حالة مثالية للمواقف التي تستدعي الهروب أو القتال؛ لكنَّ كميةً مفرطة منه قد تتحوَّل إلى شيء سيئ، خاصة إن كنت تعاني القلق.
أيضاً في حالات القلق ينبغي أن تكون حذِراً من الإفراط في تحفيز أو إطلاق أي نوع من أنواع نوبات الهلع، وزيادة القلق سوءاً، وهو أمرٌ بإمكان الكافيين فعله.