قال البروفيسور آي مين لي، عالم الأوبئة في جامعة هارفارد، إن الفكرة التي تقول بضرورة مشي الإنسان 10 آلاف خطوة في اليوم من أجل صحته، لم تصدر عن هيئة صحة عامة، مشيراً إلى أنها في الأساس كانت حملة تسويقية انتشرت حتى ظنها الناس حقيقة.
صحيفة The Times البريطانية، ذكرت السبت 5 أغسطس/آب 2023، أن كبار المسؤولين الطبيين في المملكة المتحدة، ينصحون بـ 150 دقيقة أسبوعياً من النشاط البدني "المعتدل" للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و64 عاماً.
أما بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون ممارسة المشي السريع، فهو يعد طريقة سهلة لتطبيق هذه النصيحة، وتساءلت الصحيفة: لكن هل نحتاج حقاً إلى استهداف العديد من الخطوات؟
يروي البروفيسور مين لي، منشئ الفكرة التي تدعو لضرورة تحقيق 10 آلاف خطوة يومياً، وقال إنه مع تزايد الاهتمام باللياقة البدنية في أعقاب أولمبياد طوكيو عام 1964، أطلقت الشركة اليابانية Yamasa Tokei Keiki عدّاد خطوات يسمى manpo-kei، الذي يُترجَم اسمه إلى عدّاد 10000 خطوة.
بقي الرقم حاضراً. ويقول البروفيسور مين لي: "أعتقد أنَّ السبب الأساسي في ذلك هو أنه من السهل جداً تذكره".
بحسب الصحيفة البريطانية، تُقدَّر صناعة أجهزة تتبع اللياقة البدنية اليوم بمليارات الجنيهات، وصار لهدف الـ 10 آلاف خطوة تأثيرٌ كبير لدرجة لا تقبل التنازل؛ فإذا تعثر شخص في الوصول لهذا الرقم يُعتبَر كما لو أنه لم ينهض عن سريره.
في هذا السياق، يقول البروفيسور مين لي إنَّ هذه مشكلة لأنها "قد تثني الناس عن ممارسة النشاط البدني لأنهم يعتقدون أنَّ هذا هو المعيار. وإذا لم يتمكنوا من الوصول إلى هذا المستوى ، فقد لا يحاولون ذلك. وهذا في الحقيقة ليس صحيحاً".
في دراسة أُجرِيَت عام 2019 على النساء الأكبر سناً بمتوسط عمر 72، وجد البروفيسور مين لي أنَّ معدلات الوفيات تنخفض مع زيادة عدد الخطوات، لكن النساء لاحظن ظهور الفوائد الصحية قبل فترة طويلة من الوصول لهدف الـ10 آلاف خطوة.
بحسب الدراسة، فإن النساء اللاتي قطعن 4400 خطوة فقط في اليوم، تراجع معدل الوفيات بينهن إلى 41% مقارنة باللاتي قطعن 2700 خطوة أو أقل، وعند 7500 خطوة، استقرت الفوائد الصحية، ولم تشهد النساء اللاتي اتخذن المزيد من الخطوات تغييراً كبيراً عن ذلك في معدل الوفيات.
باختصار، يمكنك جني الفوائد الصحية للمشي بعدد خطوات أقل بكثير، ويقول الدكتور جو بلودجيت، عالم الأوبئة بجامعة كوليدج لندن، إن "مشي 7000 خطوة أفضل من 5000 خطوة. ببساطة، ما نقوله هو أنَّ ممارسة بعض الخطوات جيدة، والمزيد من الخطوات يكون أفضل".
أضاف بلودجيت أنَّ هناك مشكلة أخرى في الهدف المكون من 10000 خطوة. ويوضح أن "عدد الخطوات لا يُعوِّض عن سرعة المشي. نحن نعلم أنه كلما مشيت أسرع، زادت فوائد القلب والأوعية الدموية التي ستكتسبها؛ لذلك قد يكون من الأفضل اتخاذ خطوات أقل لكن بوتيرة أسرع".
يقول البروفيسور مين لي إنه "إذا بدأت بخطوات صغيرة، فلن تتأذَّى، وإذا حددت لنفسك هدفاً قابلاً للتحقيق، فسوف يمنحك ذلك إحساساً بالإنجاز. ولا تقلق بشأن الآخرين. فقط ركّز على نفسك فكل ما يمكنك إضافته إلى مستوى نشاطك البدني الأساسي سيكون رائعاً".