صحيحٌ أنّ حيوان غرير العسل يُعتبر من الحيوانات صغيرة الحجم، لكنّه في الوقت ذاته أحد الحيوانات الشُجاعة التي لا تهاب مواجهة الحيوانات الشرسة الأكبر منها.
فبمجرد أن تكتب اسمه على موقع "يوتيوب" سترى الكثير من الفيديوهات التي تحوي عناوين مثل: غرير العسل يهاجم أسداً، غرير العسل قاهر الأسود والثعابين!
غرير العسل
غرير العسل، المعروف أيضاً باسم الراتيل، يحصل هذا الحيوان على اسمه بسبب حبه الكبير للعسل الذي يعتبر مصدر غذائه الأول وهو ويرقات نحل العسل.
لكنّ غذاءه لا يقتصر على ذلك وحسب، بل يتغذى أيضاً على الحشرات والبرمائيات والزواحف والطيور والثدييات وكذلك الجذور والبصيلات والتوت والفواكه.
أين يعيش غرير العسل؟
يعيش غرير العسل في معظم أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء والمملكة العربية السعودية وإيران ودول غرب آسيا، كما يمكنه التكيف مع مجموعة متنوعة من الظروف، من الغابات المطيرة الدافئة إلى الجبال الباردة.
فيما تنشط معظم حيوانات غرير العسل على مدار اليوم، على الرغم من أنها قد تفضّل البقاء قرب المستوطنات البشرية والخروج في الظلام.
غالباً ما تتم رؤية حيوان غرير العسل بشكل منفرد، وبإمكانه التزاوج على مدار العام لكنّه لا ينجب أكثر من شبل واحد في السنة.
كما يجيد غرير العسل تحويل الشقوق الصخرية والأشجار المجوفة إلى ملاجئ، كما أنّ بإمكانه أن يصنع منازل في أوكار مهجورة لحيوانات أخرى مثل النيص والنمس الأصفر.
غرير العسل يهاجم الحيوانات الشرسة!
على الرغم من أنه يبحث عن طعامه في معظم الأوقات، فإن غرير العسل لديه هواية غريبة بعض الشيء في أوقات فراغه، وهي مهاجمة الحيوانات الكبيرة الأكثر شراسة منها وقتلها عندما تسنح الفرصة.
ووفقاً لما ذكره موقع National Geographic فإنّ أسنان غرير العسل البارزة والحادة وبنيته القويّة تساهم في قتل هذه الحيوانات القويّة ويتمكّن بسهولة تامة من نزع لحومها بسهولة من العظام، كما أنّ وسيلته الأساسيّة للقتل هي الخنق عن طريق عض الحلق.
أضف إلى ذلك أن غرير العسل يتميّز بذكاء كبير يمكّنه من الهروب في حال تم الإمساك به أو الإيقاع به في الفخاخ، إذ يمتلك تحت فرائه طبقة من الجلد السميك الفضفاض حول رقبته العضلية، مما يحميه أثناء المعارك، ويسمح له بالتلوي والدفاع عن نفسه عندما يكون في قبضة الحيوانات المفترسة الجائعة، وفقاً لموقع Africa Geographic.
سلاح غرير العسل السري!
يمتلك غرير العسل أدمغة كبيرة نسبياً بالنسبة لحجم جسمه، يجعله يستخدم أشياء قد ربما يكون من أنواع الحيوانات القليلة جداً التي بإمكانها فعل ذلك، وهي جميعها أشياء تدل على ذكائه.
فوفقاً لفيلم وثائقي عن الحيوانات أنتجته هيئة الإذاعة البريطانية BBC، فإن غرير العسل الذي يتمّ أسره يحاول فتح البوابات واستخدام الصخور لإشعال النار من أجل الهروب من السياج.
في حين يمتلك غرير العسل سلاحاً سرياً للدفاع عن نفسه وهو عبارة عن غدتين شرجيتين مختبئتين في قاعدة ذيله، تفرزان سائلاً كريه الرائحة يمكن شمّه على بعد 40 متراً وفقاً للمعهد الوطني للتنوع البيولوجي في جنوب إفريقيا.
وتقوم حيوانات غرير العسل عادة بإطلاق المادة لتحديد حدود أراضيها، لكنها تطلقها أيضاً من خلال "قنبلة كريهة الرائحة" عند التهديد أو الشعور بالخوف.
وقال جوناثان كينغدون، عالم الحيوان بجامعة أكسفورد، في كتابه "ثدييات شرق إفريقيا": "إن هذا السائل قد يكون له تأثير مهدئ على النحل، مما يسمح لغرير العسل بغزو خلايا النحل بشكل أكثر أماناً".
فيما أفاد الفيلم الوثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية BBC أنهم أيضاً صيادون دؤوبون على استعداد للسفر لمسافة 20 ميلاً (32 كيلومتراً) في سعيهم للحصول على وجبة.
ليس لدى غرير العسل مشكلة في أكل الأفاعي والعقارب!
بما أنّ غرير العسل من الحيوانات الشجاعة فإنه لا يعرف الخوف ولا يتردد أبداً في اصطياد الثعابين والعقارب لتناولها على وجبة العشاء، ومع ذلك قد يتعرض الحيوان الصغير إلى لدغات سامة من حيوانات مثل الكوبرا، التي يمكن أن يتسبب سمها في القضاء على غرير العسل مؤقتاً.
ولكن وفقاً لما ذكره موقع Live Science فإن غرير العسل يستيقظ بعد بضع ساعات من لسعه ويواصل تناول وجبته.
غرير العسل لديه مناعة متطورة لعدم التأثر بسم الأفاعي!
قالت دانييل درابيك، عالمة الأحياء التطورية بجامعة مينيسوتا، لمجلة Slate Magazine: "إن الثعابين بما في ذلك السامة، هي مصدر ممتاز للحوم بالنسبة لغرير العسل، وتشكل ما يصل إلى 25% من غذائه".
وأضافت: "ومن أجل تناول الطعام على الثعابين السامة، والتي قد تكون خياراً مميتاً لوجبة معظم الحيوانات آكلة اللحوم، فقد طور غرير العسل نوعاً خاصاً من المناعة ضد السموم في سم الأفعى".
في دراسة عام 2015 منشورة في مجلة Toxicon وجدت درابيك وزملاؤها أن غرير العسل قد طور سلسلة من الطفرات الجينية التي تمنع سم الأفاعي من الارتباط بالمستقبلات الخلوية التي من شأنها أن تشير إلى توقف نظامهم العصبي.
وقد تطورت آلية مماثلة للدفاع عن السم في الثدييات الأخرى التي تشترك في موطنها مع الثعابين السامة، بما في ذلك النمس والقنافذ وحتى الخنازير البرية. فيما ذكرت مجلة Slate Magazine أن غرير العسل لديه عدد قليل من الحيوانات المفترسة الطبيعية، لكن الفهود والأسود والضباع تصطادها من حين لآخر لكنها لم تكون يوماً وجبة سهلة وسانحة لها.