التعايش مع مرض السكري يعني التأكد بعناية مما تتناوله من أطعمة لكي تحافظ على توازن السكر في الجسم ومستويات الإنسولين في الدم.
ومع ذلك، هناك أهمية موازية لمرضى السكري فيما يتعلق بالمواعيد التي تقوم فيها بتناول الطعام، أو تمتنع فيها عن استهلاك أي شيء فيما يُعرف بالصيام المتقطع.
في هذا التقرير سنلقي نظرة فاحصة على أهمية الصيام في علاج والسيطرة على تداعيات مرض السكري، والمخاطر والفوائد التي يجب مراعاتها إذا اخترت أن تتبع خيار الصيام المتقطع.
أهمية الصيام المتقطع مع مرض السكري
الصيام المتقطع هو نوع من النظام الغذائي الذي يتضمن حصر وجباتك في فترة زمنية معينة خلال اليوم أو الأسبوع، تليها فترة محددة من الأكل القليل أو الصيام التام والامتناع الكامل عن الطعام. ويمكن أن تستمر فترة الصيام بدءاً من بضع ساعات وصولاً إلى عدة أيام.
وقد أظهرت بعض الأبحاث أن الصيام المتقطع قد يوفر فوائد لمرضى السكري بشكل خاص، مثل فقدان الوزن وتعديل نظام الجسم في الحرق والتعامل مع الإنسولين في الدم.
وأشارت أيضاً وفقاً لموقع Medical News Today إلى أنه من خلال تقليل الدهون في الجسم، فإن الصيام المتقطع قد يحسن أيضاً الحساسية تجاه اللبتين والأديبونكتين، وهما العنصران الكيميائيان اللذان يتحكمان في الشهية ويقللان من عرضة إصابة الجسم بالالتهابات المزمنة.
ومع ذلك، أحياناً قد تؤدي التعديلات الكبيرة في أنماط الأكل إلى تقلبات في مستويات السكر في الدم بشكل حاد، الأمر الذي قد يكون خطيراً بالنسبة لمرضى السكري.
عملية الأيض الطبيعية في الجسم
لفهم فوائد الصيام المتقطع مع مرض السكري، من الضروري معرفة كيفية معالجة جسمك للغلوكوز والإنسولين.
الإنسولين هو هرمون يمكّن الغلوكوز (السكر) من دخول العضلات والدهون وخلايا الكبد، حيث يتم استخدامه للحصول على الطاقة.
عندما يرتفع مستوى الغلوكوز في الدم، يقوم البنكرياس بإفراز الإنسولين. يخفض الإنسولين نسبة السكر في الدم عن طريق "فتح" الخلايا بحيث تمتص السكر من مجرى الدم مباشرة.
هذه هي الطريقة التي يحافظ بها جسمك على نسبة السكر في الدم عند مستوى صحي.
مقاومة الإنسولين
ومع ذلك في بعض الأحيان، لا تستجيب خلايا العضلات والدهون والكبد بشكل طبيعي للإنسولين. فيتراكم الغلوكوز في الدم لأنه لا يمكنه دخول الخلايا. وهذا ما يسمى بمقاومة الإنسولين في الجسم. إذ تقاوم الخلايا تأثيرات الإنسولين.
حينها يستجيب البنكرياس عن طريق إنتاج المزيد من الإنسولين. سيحافظ الإنسولين الإضافي على مستوى السكر في الدم في المعدل الطبيعي – حتى يتوقف البنكرياس عن إنتاج ما يكفي من الإنسولين للتغلب على مقاومة الإنسولين في الخلايا.
مقدمات السكري
تشير مقدمات السكري إلى أن مستويات الغلوكوز في الدم لديك أعلى من المعتاد، ولكنها ليست عالية بما يكفي لإصابتك بمرض السكري.
وبالتالي قد تكون مصاباً بمقدمات السكري إذا كنت تعاني من مقاومة الإنسولين. وفيها يمكن أن تحدث مقدمات السكري إذا لم ينتج البنكرياس ما يكفي من الإنسولين للحفاظ على نسبة السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي.
بمرور الوقت، غالباً ما تتطور مقدمات السكري تلك إلى مرض السكري من النوع 2.
ماذا عن تأثير الصيام المتقطع على المصاب بالسكري؟
في بعض الحالات، يؤدي الصيام المتقطع إلى تعافي مرض السكري ونزوله لمستويات طبيعية، وغالباً ما يحدث ذلك بشكل أساسي بسبب فقدان الوزن.
وفي تقرير طبي صدر عام 2018 بحسب موقع Healthline للصحة والطب، والذي قام بتقييم ثلاثة أشخاص يعانون من مرض السكري من النوع 2 الذين استخدموا الإنسولين وصاموا ثلاث مرات على الأقل في الأسبوع.
ووجد التقرير أنهم في غضون شهر واحد، لم يعودوا بحاجة إلى استخدام الإنسولين.
كما لاحظوا لديهم أيضاً تحسُّناً ملحوظاً في مؤشر كتلة الجسم (BMI) ومحيط الخصر. وبعد عدة أشهر من الانتظام على الصيام المتقطع بنفس الوتيرة، فقد كل مشارك حوالي 10% من وزن جسمه.
ما هي فوائد الصيام المتقطع لمرض السكري؟
عند القيام بالصيام المتقطع بأمان بعد استشارة الطبيب المتابع للحالة، قد يوفر بعض الفوائد لمرضى السكري بصورة خاصة من بين الأمراض المزمنة الأخرى.
إذا أدت خطة الأكل إلى فقدان الوزن بنجاح وبصورة صحية، فقد يتمكن الأشخاص من تقليل كمية أدوية السكري التي يتناولونها كما أسلفنا في الدراسة السابقة.
ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كان الصيام المتقطع يمكن أن يساعد معظم مرضى السكري على التوقف عن استخدام الإنسولين أم لا.
وتشمل الفوائد المحتملة الأخرى للصيام المتقطع على مرض السكري وفقاً لموقع Very Well Health للصحة والمعلومات الطبية:
- الصيام يحسِّن حساسية الإنسولين في الجسم.
- يساعد الصيام في تعديل انخفاض ضغط الدم.
- يعالج الصيام نسب انخفاض الأكسدة.
- يعالج مشكلة قلة الشهية عند مرضى السكري.
- يعالج الصيام المتقطع زيادة أكسدة الدهون.
سيطرة كاملة على المرض وتعافٍ ملحوظ
كما وجدت دراسة أكبر في عام 2018 أن ما يقرب من نصف الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 الذين فقدوا الوزن تمكنوا من التوقف عن استخدام أدوية السكري وتحقيق الشفاء الكامل.
ونظراً إلى أن الصيام المتقطع يمكن أن يكون وسيلة لخفض السعرات الحرارية، فقد يساعد مرضى السكري على إنقاص الوزن.
نصائح للصيام المتقطع عند الإصابة بمرض السكري
إذا كنت مصاباً بداء السكري 1 أو 2 وتفكر في تجربة الصيام المتقطع، فإليك بعض النصائح التي يجب أن تضعها أولاً في الاعتبار، وفقاً لموقع Diatribe لمرض السكري والصحة العامة:
- تحدث مع طبيبك أولاً حول تعديل الدواء أو جرعات الإنسولين ونظامك الغذائي المعتاد. إذ قد يحتاج الطبيب إلى تغيير علاج مرض السكري عند تجربة نظام غذائي قد يؤثر على مستويات السكر في الدم.
- راقب مستويات السكر في الدم أولاً بأول. إذ يمكن أن يؤدي عدم تناول الطعام لفترات طويلة إلى انخفاض نسبة السكر في الدم بشكل كبير، لذا افحص مستويات الغلوكوز لديك كلما سنحت الفرصة لعدم تهديد صحتك.
- تحقق من حالتك المزاجية. يجد الكثير من الناس أن تقييد تناول الطعام يمكن أن يؤثر حقاً على مزاجهم. وبالنسبة لمريض السكري، انتبه لعلامات مثل التهيج والقلق المتزايد وصعوبة التأقلم مع التوتر.
- مراقبة مستويات الطاقة العامة في الجسم. يمكن أن يشعرك الصيام بالإرهاق- وهو شيء قد ترغب في وضعه في الاعتبار إذا كنت تقود السيارة أو تقوم بتشغيل المعدات وتمارس الجهد البدني في عملك وحياتك اليومية.
- وازن ما تستهلكه من الكربوهيدرات. يكسر جسمك الكربوهيدرات إلى غلوكوز، مما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم.
لذلك عندما لا تكون صائماً، حاول أن توازن بين الكربوهيدرات النشوية في وجباتك والخضراوات والبروتين لتجنب ارتفاع نسبة السكر في الدم.
وبشكل عام، من الضروري الانتباه إلى أن كل شخص مختلف، لذا فإن الأفضل بالنسبة لك قد يختلف عن الأفضل بالنسبة لشخص آخر. لذا استشر أخصائي رعاية صحية أو اختصاصي تغذية لتحديد الاستراتيجية المناسبة لك، وقم بالمتابعة معه باستمرار.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.