كثيراً ما نشعر بعدم القدرة على التقاط أنفاسنا بصورة عميقة، ويرجع ذلك إما لأسباب جسدية مثل التعب والتهابات الرئة والقولون وغيرها، أو لأسباب نفسية مثل الشعور بالتوتر الشديد أو الاكتئاب.
ولكن ما علاقة الشعور بضيق التنفس والمعدة واضطراباتها؟ الجواب يكمُن في حالات متطورة من انتفاخ البطن الناجمة عن اضطرابات المعدة المختلفة وأمراض القولون وبعض الحالات الصحية الأخرى.
ويحدث انتفاخ البطن عندما تشعر بضيق أو امتلاء البطن بدون أن يكون ذلك متعلقاً بالضرورة بتناول الطعام إلى حين الشعور بالتُّخمة.
قد يتسبب هذا في ظهور بطن بارز أكثر من المعتاد، كما قد يكون البطن صلباً ويعاني المصاب به بالضيق والشعور بالامتلاء وعدم الراحة والألم. وكثيراً ما تتزامن تلك الحالة مع شعور بضيق في التنفس.
وتحدث تلك الحالة عند الشعور بأنك لا تستطيع التقاط أنفاسك بعمق، وأنك لا تستنشق ما يكفي من الهواء لكي تشعر بالراحة. ويمكن أن يسبب هذا الإعياء للشخص المصاب، وشعوراً وكأنه على وشك الإغماء، ما قد يصيبه بالذعر إذا استمر لفترات طويلة.
ما العلاقة بين ضيق التنفس والمعدة؟
يمكن أن يحدث انتفاخ البطن وضيق التنفس بشكل مستقل عن بعضهما البعض. ومع ذلك، في بعض الأحيان، قد يحدث العرضان معاً نتيجة للأسباب نفسها.
وبحسب موقع Medical News Today يمكن أن يؤثر انتفاخ البطن على الحجاب الحاجز، ما يؤدي إلى ضيق التنفس.
والحجاب الحاجز عبارة عن غطاء من العضلات التي تفصل البطن عن منطقة الصدر. وتمكّن حركات الحجاب الحاجز لأعلى ولأسفل الشخص من التنفس بصورة طبيعية.
لكن عندما ينتفخ البطن بشكل غير سليم يمكن أن يضغط على الحجاب الحاجز، وبالتالي يعيق حركته بشكل كامل. وهذا يمكن أن يجعل التنفس صعباً وغير عميق.
وفي حالات أخرى، يمكن أن تسبب الحالات التي تؤثر على سعة الرئة والتنفس تورماً أو انتفاخاً في البطن بدورها. وتشمل الأمثلة على هذه الحالات التليف الكيسي ومرض الانسداد الرئوي المزمن COPD وغيرها.
ومن بين الحالات الصحية التي تربط بين ضيق التنفس والمعدة، ما يلي:
- الحمل.
- حالة فرط تهوية أو Hyperventilation.
- الاستسقاء.
- البدانة المفرطة.
- القلق أو اضطراب الهلع Panic Attacks.
- عدم تحمل اللاكتوز.
- متلازمة القولون العصبي (IBS).
- اضطرابات الحيض.
- الفتاق في الحجاب الحاجز.
- حصوات في المرارة.
- سرطان المبايض.
- قصور البنكرياس.
- التليف الكيسي.
- الاعتلال العصبي المحيطي peripheral neuropathy.
- المعاناة من شلل الأطفال.
- أمراض الاضطرابات الهضمية.
اضطرابات الهضم التي تربط ضيق التنفس والمعدة بنفس الأعراض
هناك أسباب عديدة لانتفاخ البطن التي تؤدي بشكل مباشر إلى التأثير على قدرة التقاط الأنفاس بشكل طبيعي.
يُعتبر الانتفاخ أكثر شيوعاً عند الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية مثل متلازمة القولون العصبي. كما يمكن أن يكون الانتفاخ بسبب تراكم الغازات أو السوائل أو الطعام في المعدة.
وبحسب دراسة منشورة عام 2014، بمجلة NCBI العلمية للأبحاث، قد يؤدي الإفراط في تناول الأطعمة المعروفة بأنها تساهم في الانتفاخ والغازات، مثل الكرنب والفول والعدس، إلى الانتفاخ الشديد ما يسبب ضيق التنفس.
وبصرف النظر عن الارتجاع الحمضي الذي يمكن أن يحدث مع ارتجاع المريء، غالباً ما ترتبط الحالة أيضاً بالربو. غالباً ما تتزامن المسألتان، إذ تساهم كل منهما في الأخرى.
وبحسب موقع Healthline، الأحماض التي تتسرب إلى مجرى الهواء عندما يكون لديك مرض ارتجاع المريء المزمن تكون شديدة التهيج للأنسجة خارج المعدة.
يمكن أن يؤدي هذا الارتجاع الحمضي المزعج ليس فقط إلى ضيق التنفس، ولكن يؤدي إلى نوبة ربو عند المصابين بهذه الحالة.
في الوقت نفسه، يمكن أن يتسبب الربو في استرخاء العضلة العاصرة المريئية السفلى، ما يسهل على حمض المعدة أن يرتفع إلى الحلق، وهكذا دواليك.
لعلاج تلك الحالة قد تساعد التغييرات في نظامك الغذائي، مثل تجنب القهوة أو الأطعمة الحمضية مثل الطماطم في تحسين الحالة.
كما قد ترغب أيضاً في محاولة تناول وجبات أصغر وتجنب تناول الطعام في وقت متأخر من اليوم. وفي حال كانت الحالة شديدة لدرجة تعطيل قدرتك على الحياة بصورة، تحدث إلى طبيب متخصص لوصف الأدوية التي قد تخفف الأعراض، مثل بيبسيد (فاموتيدين) أو بريلوسيك (أوميبرازول).
سوء الهضم وعلاقته بضيق التنفُّس
يمكن أن ينتج عسر الهضم عن أمراض أو حالات تشمل الجهاز الهضمي، وكذلك بسبب بعض الأمراض والحالات التي لا تشمل الجهاز الهضمي.
يمكن أن يكون عسر الهضم حالة مزمنة تتقلب فيها الأعراض في وتيرتها وشدتها. وتشمل العلامات والأعراض المصاحبة لعسر الهضم ألماً في الصدر، وألماً في أعلى البطن، والتجشؤ، والغثيان والانتفاخ وازدياد حجم البطن والشعور بالامتلاء بعد الوجبات الصغيرة، وفي بعض الحالات النادرة قد تسبب الغثيان.
الرابط بين ضيق التنفس والمعدة الملتهبة
التهاب المعدة الحاد والمزمن هو التهاب يصيب بطانة المعدة.
وغالباً ما لا تظهر أعراض الالتهاب على المصابين إلا بعد تدهور الحالة وتفاقمها. ولكن عند حدوثها قد تشمل الانتفاخ والتجشؤ وفقدان الشهية والغثيان والقيء، بحسب موقع Very Well Health الصحي.
عدوى الملوية البوابية والعقاقير المضادة للالتهابات (NSAIDs) هما السببان الرئيسيان لالتهاب المعدة المزمن. وأبرز الأسباب تناول المشروبات الغازية والكحولية والكافيين والأطعمة الغنية بالدهون.
كما أن الأطعمة المقلية والدهنية والتوابل تؤدي إلى تفاقم أعراض التهاب المعدة التي تؤثر بدورها على قدرة الشخص على التنفُّس بعمق وبوتيرة ثابتة.
وتشمل المهيجات الأخرى لبطانة المعدة التي تؤدي إلى تفاقم الأعراض تدخين السجائر وشرب العصائر الحمضية والكافيين ومنتجات الطماطم والفلفل ومسحوق الفلفل الحار.
أما بالنسبة للأطعمة التي تهدئ أعراض التهاب المعدة والتي تساعد في تقليل ووقف نمو عدوى الملوية البوابية في المعدة تشمل: التفاح والبصل والثوم والشاي والخضراوات ذات الأوراق الخضراء وماء جوز الهند ونخالة القمح.
وعادة ما يتم تشخيص التهاب المعدة بالتنظير أو اختبارات الدم أو اختبارات البراز. كما يشعر بعض الأشخاص بالراحة من أعراض التهاب المعدة باستخدام مضادات الحموضة الموصوفة وغير الموصوفة، وحاصرات الهيستامين.
وتشمل مضاعفات التهاب المعدة سرطانات المعدة وسرطان الغدد الليمفاوية ومشاكل الكلى التي تهدد سلامة الشخص وحياته إذا لم تتلق العناية اللازمة، بحسب موقع Medicinenet للصحة والطب.
متى تتوجه إلى الطبيب المتخصص؟
عادة ما تختفي معظم انتفاخات البطن من تلقاء نفسها بمرور الوقت عندما تتحرك الغازات أو السوائل أو الطعام الزائد عبر المعدة والأمعاء.
ومع ذلك، إذا استمر انتفاخ البطن وضيق التنفس لفترة أطول من أسبوع متصل، فاطلب العناية الطبية. اطلب أيضاً عناية طبية فورية إذا كنت تعاني من الأعراض التالية وفقاً لموقع Healthline:
- العثور على دم في البراز.
- ألم صدر مستمر.
- الاختناق الشديد.
- ارتباك وتشوش.
- براز داكن أو دموي.
- قيء لا يمكن السيطرة عليه.
- فقدان السيطرة على حركات المثانة أو الأمعاء.
- ألم شديد في البطن.
- القيء المستمر لأكثر من يوم.
كذلك فإن العلاجات الطبية لانتفاخ البطن وضيق التنفس ستعالج الحالة الأساسية الكامنة وراءها. على سبيل المثال قد تساعد الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية في حل انتفاخ البطن المرتبط بالإمساك.
الرعاية المنزلية
عندما تعاني من انتفاخ البطن، فإن شرب المزيد من الماء قد يساعد في تقليل الأعراض وتحسين قدرتك على التنفُّس. كما يساعد المشي أيضاً على تخفيف الغازات، لكن هذا قد لا يكون ممكناً إذا كنت تعاني من ضيق في التنفس.
إذا كان القلق هو سبب أعراضك، فقد يساعد التنفس البطيء والعميق، والتفكير الهادئ، والأفكار الهادئة في تخفيف الأعراض.
كما قد يساعد تناول الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية لتقليل الانتفاخات، مثل قطرات سيميثيكون والإنزيمات الهاضمة والفحم المنشط وغيرها.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.