تُعد ظاهرة قرقرة المعدة أو أصوات البطن المعروفة علمياً باسم borborygmi، أمراً طبيعياً تماماً ويمكن لأي شخص أن يختبرها خلال جميع فترات الحياة.
وهي حالة إما ترتبط بالجوع أو الهضم البطيء أو غير الكامل، أو بسبب استهلاك بعض الأطعمة التي يصعُب على الجسم التعامل معها بالكفاءة المطلوبة.
كما قد لا تصدر قرقرة البطن تلك من المعدة أحياناً، إذ يمكن أن تأتي أيضاً من الأمعاء الدقيقة على طول القناة الهضمية.
في هذا التقرير نستعرض أسباب أصوات البطن الأكثر شيوعاً، ومتى قد تشير تلك الحالة إلى وجود خطب ما في الجسم يستلزم التدخل وتغيير النمط الغذائي وأسلوب الحياة، أو حتى قد يتطلب الحصول على مراجعة طبية متخصصة.
ما هي أصوات البطن؟
تشير قرقرة الأمعاء أو أصوات البطن إلى أي ضوضاء تصدر من الأمعاء الدقيقة والغليظة، وعادةً ما تحدث تلك الظاهرة أثناء عملية الهضم.
ونظراً إلى أن الأمعاء عبارة عن حجرات مجوفة وأنابيب، فإن الأصوات التي تنبعث منها أثناء الهضم غالباً ما تكون مشابهة لأصوات الماء الذي يمر عبر الأنابيب.
غالباً ما تكون أصوات الأمعاء (أو البطن) أمراً طبيعياً. ومع ذلك، قد تشير الأصوات المرتفعة المتكررة أو قلة أصوات البطن إلى وجود حالة كامنة في الجهاز الهضمي، وفقاً لموقع Healthline للصحة والمعلومات الطبية.
لماذا تحدث أصوات المعدة؟
يقول اختصاصي الجهاز الهضمي الأمريكي لورانس بيلين: "عادةً ما تكون تلك الضوضاء عبارة عن هواء يتحرك ذهاباً وإياباً في الأمعاء مُحدثاً ذلك الصوت المسموع، ومع ذلك، ليس من الواضح حقاً سبب الصوت عندما يحدث عند الشعور بالجوع".
وقد تعني أصوات البطن عند الجوع أن الشخص يعاني من انخفاض في نسبة السكر في الدم وأن أمعاءه لا تستطيع الحصول على ما يكفي من العناصر الغذائية من الدم.
لذلك فإن الصوت يخبرك أنه بحاجة إلى الحصول على بعض الطعام.
وتابع الطبيب وفقاً لموقع WebMD للطب والصحة: "غالباً ما يؤدي تناول الطعام إلى تهدئة تلك الضوضاء عند الجوع، لأن الطعام يشغل حيز الصوت في البطن، وتصبح العضلات الهضمية أكثر تركيزاً على هضم وامتصاص الطعام أكثر من مجرد تحريك الهواء".
لكن بشكل عام، هناك العديد من الأمور المتعلقة بالمعدة التي قد تسبب تلك الأصوات، وتشمل ما يلي بحسب موقع Medical News Today:
1- للمساعدة في عملية الهضم
عندما يصل الطعام إلى الأمعاء الدقيقة، يطلق الجسم إنزيمات معينة للمساعدة في تكسير الأطعمة وتسهيل امتصاص العناصر الغذائية. وهنا يحدث التمعُّج، وهو عبارة عن سلسلة من الانقباضات العضلية التي تشبه الموجة، والتي تحدث لتحريك الطعام على طول الجهاز الهضمي.
وتساهم هذه الأنشطة، التي تنطوي على حركة الغازات والأطعمة المهضومة جزئياً، في حدوث أصوات هدير مسببة أصوات البطن المعروفة.
2- لإعلان الإحساس بالجوع
حتى إذا لم يتم تناول أي طعام في الساعات السابقة، فسيقوم الجسم بانتظام بعملية التمعج السالف ذكرها. وستطلق المعدة والأمعاء أيضاً الأحماض والإنزيمات للتحضير لتناول الطعام وهضمه وامتصاص عناصره.
ويمكن أن تستمر الضوضاء تلك لمدة تصل إلى 20 دقيقة في كل مرة، ويمكن أن تتكرر كل ساعة إلى حين يتم تناول الطعام بالفعل.
3- بسبب الانتفاخ
يمكن لأصوات البطن أيضاً أن تحدث عندما يكون لديك غازات في معدتك.
وتحدث الغازات نتيجة معالجة البكتيريا المعوية للأطعمة التي لا يمكن للجسم هضمها. وهذا يشمل الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات.
كما قد تواجه أيضاً تلك القرقرة الناجمة عن الغازات عندما تبتلع الكثير من الهواء.
ويمكن أن تتغير كمية الغازات في المعدة من يوم لآخر؛ إذ تستطيع بعض الظروف أن تجعل من الصعب على بعض الأشخاص هضم الأطعمة مثل منتجات الألبان أو القمح، مما قد يؤدي إلى زيادة الغازات والإسهال – والأصوات المصاحبة لها.
4- للإشارة إلى مشاكل صحية معينة
في بعض الأحيان يمكن ربط هدير المعدة بمشكلة طبية أساسية، خاصةً إذا كانت مصحوبة بأعراض أخرى مثل الألم أو الإمساك أو الإسهال.
وتشمل المشكلات الصحية التي تسبب أصوات البطن ما يلي:
- حساسية الطعام.
- عدم تحمل الطعام.
- التهابات الجهاز الهضمي.
- الانسداد المعوي.
- متلازمة القولون العصبي (IBS).
الأمر طبيعي تماماً.. بل وقد يشير غيابه لمشاكل أكثر خطورة
من المهم ملاحظة أن أصوات البطن أمر طبيعي تماماً، لأن هذا يعني ببساطة أن الأمعاء تعمل؛ لذا لا داعي للقلق بشأن ذلك ما لم تزعجك الأصوات والأعراض المصاحبة لها مثل الألم أو الانتفاخ.
وعندما تغيب هذه الأصوات تماماً من الجهاز الهضمي، يُطلق على تلك الحالة "غياب أصوات الأمعاء"، وهي مثيرة للقلق؛ لأنها تعني أن المعدة لا تعمل كما ينبغي، وقد تشير لوجود مشكلة في الجهاز الهضمي، لذلك ينبغي زيارة الطبيب.
وفي حال استمع الطبيب إلى البطن باستخدام سماعة الطبيب ولم يسمع أي شيء، أو لم يسمع ما يتوقع سماعه، فقد يطلب إجراء اختبارات لتحديد ما إذا كان هناك خطب ما، بحسب موقع Very Well Health للصحة.
هذا هو الحال بشكل خاص إذا كان لديك أعراض أخرى، مثل ألم في البطن أو نزيف من المستقيم.
أما إذا كنت تعاني من ألم في البطن، بالإضافة إلى عدم وجود أصوات في الأمعاء، فقد تكون حالة خطيرة للغاية وتتطلب علاجاً فورياً يحدده الطبيب المختص.
كيف يمكن علاج ظاهرة أصوات البطن؟
يشير موقع WebMD إلى أنك إذا كنت تشعر أن أمعاءك المزعجة تصدر الأصوات بشكل مفرط، فهناك طرق يمكنك من خلالها تقليل المشكلة المُحرجة.
ولجعل معدتك أقل إزعاجاً، يمكنك محاولة تغيير نظامك الغذائي لتجنب الأطعمة الغازية المسببة للانتفاخ مثل القرنبيط والمكسرات والثوم، بالإضافة للمشروبات الغازية بأنواعها.
ويوصي الموقع أيضاً بالإبطاء أثناء تناول الطعام، ومضغ وابتلاع كل لقمة بشكل تام قبل فتح فمك للقمة أخرى. كما يمكن أيضاً تناول المشروبات باستخدام الشافطة، والتي يمكن أن تحد من كمية الهواء التي تبتلعها مع كل رشفة.
وأخيراً، يُنصح بعدم الإفراط في شرب المياه والسوائل أثناء ممارسة الرياضة، لأنه مع كل هذا التنفس الثقيل -إلى جانب الهواء الذي تشربه مع كل رشفة من الماء- يمكن أن تبدأ معدتك في عزف سيمفونيات مزعجة لا تستطيع أن توقفها.