يقضي البشر حوالي ثلث حياتهم نائمين، لكن ماذا يحصل لأجسادنا وأدمغتنا عندما ننام؟ نعتقد أن هذا السؤال قد خطر في بالك على الأرجح أكثر من مرة، والإجابة لا تقتصر بالتأكيد على رؤية الأحلام والاسترخاء، فهناك الكثير من المهام التي يستمر الجسد بالقيام بها، ومن بينها حرق الدهون أثناء النوم وتحويل السعرات الحرارية إلى طاقة للقيام بالوظائف العضوية المختلفة!

دماغك يستخدم أكثر من 20% من سعراتك الحرارية
يحسب الكثير من الناس السعرات الحرارية التي يتناولونها ويحرقونها خلال النهار، ولكنهم لا يفكرون بالسعرات الحرارية التي يحرقها الجسم في فترة الراحة عند النوم اعتقاداً منهم أنه بدون الحفاظ على الحركة لا يمكنهم حرق السعرات.
وجدت الأبحاث التي قامت بها جامعة واشنطن الأمريكية عام 2002، أن الدماغ يستخدم أكثر من 20% من السعرات الحرارية التي يتناولها جسمك يومياً ويستمر في حرق السعرات الحرارية حتى عندما تكون نائماً.
ويعتبر العثور على التوازن الصحيح فيما يتعلق بالنوم أمراً بالغ الأهمية، لأن الإفراط في النوم له تأثير عكسي للراحة ويبطئ عملية التمثيل الغذائي. بينما ترتبط قلة النوم بالسمنة وتدهور الصحة.
وفقاً لتقرير نُشر في موقع Mayo Clinic، تشير الأبحاث إلى وجود ارتباط بين قلة النوم والتغيرات السلبية في عملية التمثيل الغذائي. فعلى سبيل المثال تبين أنه عند البالغين، النوم أربع ساعات في الليلة مقارنة بـ10 ساعات في الليلة يزيد الجوع والشهية.
حتى أثناء نومنا، يتم استخدام السعرات الحرارية في الجسم لتوليد الطاقة للحفاظ على وظائف الأعضاء الحيوية مثل القلب والدماغ والرئتين والكلى والكبد والجهاز العصبي. كما يستخدم الجسم الطاقة لإصلاح الأعضاء وعملية تعافي العضلات والأنسجة وتنقية الدماغ من السموم.
مراحل النوم وارتباطها بحرق السعرات
توجد مرحلتان أساسيتان للنوم يقوم الجسم فيهما بوظائف مختلفة ويتطلب طاقة أكبر أو أقل:

نوم حركة العين غير السريع (NREM)
هذا هو النوع الأول من النوم وينقسم إلى ثلاث مراحل. الأولى هي النوم الخفيف، ويحدث عندما تبدأ بالنوم ويبدأ كل عضو في جسمك بالاسترخاء، بما في ذلك حركة العين ونشاط العضلات.
خلال المرحلة الثانية، لا يكون هناك حركة في العين ويتباطأ معدل ضربات قلبك وتصبح موجات الدماغ أبطأ وتنخفض درجة حرارة الجسم.
أما المرحلة الثالثة فهي عندما تدخل مرحلة النوم العميق وينتج دماغك موجات دماغية بطيئة جداً تسمى موجات دلتا.
نوم حركة العين السريعة (REM)
تتميز هذه المرحلة بحدوث الأحلام وتتحرك فيها العيون بسرعة في اتجاهات مختلفة، لكن لا ترسل أي معلومات مرئية إلى عقلك. كما يصبح التنفس أسرع مع زيادة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب. ويحدث هذا عادة بعد حوالي ساعة إلى ساعة ونصف من النوم.
تتطلب مراحل النوم المختلفة كميات مختلفة من الطاقة. ويكون الاحتياج من الطاقة أعلى أثناء النوم السريع لحركة العين. إذ يزداد معدل ضربات القلب ويكون الدماغ أكثر نشاطاً مما يتطلب كميات أكبر من الغلوكوز ويسبب سرعة أكبر في عملية التمثيل الغذائي أيضاً.
لكن عندما يكون الجسم في نوم عميق، تنخفض درجة حرارة الجسم، ومعدل ضربات القلب ونشاط الدماغ، وبالتالي تقل متطلبات التمثيل الغذائي والطاقة.
لكن ما هو عدد السعرات بالضبط الذي يمكن أن يحرقه أثناء النوم؟
وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة النوم الأمريكية، يحرق البالغون حوالي 50 سعراً حرارياً في الساعة أثناء النوم ليلاً. بأخذ هذا المعدل إلى جانب سبع ساعات من النوم في الليلة التي أوصت بها مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) للبالغين، يمكنك حرق 350 سعراً حرارياً دون فعل أي شيء على الإطلاق.
لكن معدل الحرق يعتمد أيضاً على معدل الأيض الأساسي لدى الشخص، وخيارات الطعام ونظام التمرين الذي يتبعه.
يحدد معدل الأيض الأساسي عدد السعرات الحرارية التي نحتاجها دون أي تأثيرات خارجية مثل الحركة والتمارين الرياضية. يتأثر معدل الأيض الأساسي الخاص بك بجنس الشخص ووزن الجسم والطول والعمر. كما أنه ينخفض مع تقدمنا في السن ومع فقدان الوزن.

ما الذي يؤثر على عدد السعرات الحرارية التي نحرقها أثناء النوم؟
إذا لم تكن عملية التمثيل الغذائي لديك سريعة بطبيعتها، فإن حرق السعرات الحرارية يمكن أن يكون عملية بطيئة للغاية، خاصةً
إذا لم تكن تتبع نمط حياة صحياً مثل اتباع نظام غذائي متوازن مع النشاط البدني اليومي.
الطول والوزن والجنس
كلما كبر جسم الإنسان، زادت السعرات الحرارية التي يحتاجها ليقوم بمهامه اليومية. يؤثر الجنس أيضاً على عملية التمثيل الغذائي، إذ يكون لدى الرجال معدل استقلاب عضلي وتمثيل غذائي أعلى من النساء بسبب ارتفاع نسبة كتلة العضلات التي تكون لديهم عادة.
السن
يتمتع الأطفال بمعدل تمثيل غذائي أعلى أثناء نموهم، ولكن بمجرد بلوغهم سن الرشد، تنخفض عملية التمثيل الغذائي، وبالتالي فإن متطلبات حرق السعرات الحرارية تنخفض أيضاً.
اللياقة والتمارين الرياضية
تحرق العضلات سعرات حرارية أكثر من الدهون، لذا فإن الأشخاص الذين يتمتعون بلياقة بدنية ويمارسون الرياضة بانتظام، وخاصة تمارين القوة، سيحرقون سعرات حرارية أكثر، حتى في حالة الراحة والنوم.
يمكن أن تؤدي التمارين الرياضية أيضاً إلى زيادة معدل التمثيل الغذائي لديك لفترة من الوقت بعد الانتهاء من التمرين قد يصل إلى 14 ساعة، اعتماداً على نوع النشاط ومدته.
بعد جلسة التمارين هوائية قوية أو رفع أوزان ثقيلة، يحتاج جسمك إلى استعادة الجليكوجين والإنزيمات الأخرى داخل العضلات ويبدأ أيضاً في إصلاح الأنسجة العضلية التالفة.
ونظراً لأنك تنشئ أنسجة عضلية أكثر نشاطاً من خلال رفع الأثقال، فإنك تزيد أيضاً من معدل الأيض أثناء الراحة.
تناول الكافيين
الكافيين مادة منبهة يمكن أن تزيد من عدد السعرات الحرارية التي تحرقها لسببين. الأول لأن الزيادة في الطاقة التي تشعر بها بعد تناولها يمكن أن تجعلك تتحرك أكثر.
والثاني هو أن التأثير التحفيزي للكافيين على الجسم سيزيد من عمليات التمثيل الغذائي. حيث يتسبب الكافيين في إفراز الدهون الثلاثية للأحماض الدهنية، والتي يستخدمها الجسم كوقود للقيام بوظائفه. هل النوم يحرق السعرات الحرارية: صورة تظهر أيدياً ممسكة بكوب من القهوة.
الحمية الغذائية
يتطلب تناول الطعام الذي نستهلكه والاستفادة منه طاقة للقيام بذلك، وتعرف هذه العملية بالتأثير الحراري للغذاء (TEF)، أي الطاقة اللازمة لهضم العناصر الغذائية التي يتم تناولها وامتصاصها والتخلص منها.
وحوالي 10-15% من السعرات الحرارية التي نستهلكها تستخدم في استقلاب الطعام المستهلك.
الهرمونات والحالات الطبية
يمكن أن يؤثر الحمل والرضاعة وانقطاع الطمث وقصور الغدة الدرقية أو فرط نشاط الغدة الدرقية وغيرها من الحالات الطبية أيضاً على متطلبات السعرات الحرارية للجسم. وبالتالي فإن عدد السعرات التي يحرقها الشخص الذي يمر بحالات مشابهة قد يكون أكثر أو أقل من العدد الطبيعي.