لا يمكن للتجارب الفردية أن تُعمم أو أن تُعتبر ظاهرة بشرية تُقاس على إثرها كل التجارب اللاحقة، كتجربة الزواج مثلاً أو ربما الحُب أيضاً، تبقى تجاربها فردية بحتة، وإنما يقاس نمطها في كل علاقة على حدة، بشكل مختلف تماماً عن غيرها، لأنها تجارب منفصلة.
لستُ من الذين من الممكن أن يُنظِّروا في قضية الزواج، وذلك لقصر المدة التي عاينتها في هذه التجربة، ولكني لا أخفيكم أني كنتُ من الشخوص الذين كانوا يترددون في الزواج معتقدةً أن هذا الارتباط ليس سهلاً، وما زلتُ أؤمن بذلك، ولكني لله الحمد تجاوزته بإيجابية، وأعترف أني كنتُ سوداوية النظرة وكأن نرجسية أعوام العشرين غالباً ما تُسيطر علينا عاطفياً فنعتقد أن الزواج امتلاك وليس مؤسسة شراكة جميلة جداً، خاصة حين تكون مبنية على الاحترام والحب.
ومع انتشار الكثير من الحملات المعارضة للزواج كزواج، أعتقد أنه ضَربٌ من الغباء الانسياق خلف هذه النظرية دون النظر إلى إيجابيات الزواج سواء النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى الجسمانية، فالزواج بالمفهوم العام هو شراكة متكاملة الأركان لكل من الأطراف، دوره المتكامل والقادر على القيام بأدوار أخرى، ما يعني أن الزواج ليس مبنيّاً على عبودية الفتاة وملكية الرجل.
إنما في عهد شبابنا الواعي، نجد أن الزواج بات له معنى جميل من حيث تقاسم الأحمال والأعباء، يساند ذلك وعي الفتاة والشاب، يسانده أيضاً الاختيار السليم المبني على المنظور العميق لمؤسسة الزواج، ليس القائم على فستان أبيض واعتقاد أن الشاب هو فارس الأحلام من قِبَل الفتاة، ولا على اعتقاد الشاب بأن الأنثى أداة يتحكم بها كيفما أراد، إن الزواج القويم هو المبني على انصهار الأنا الأنثوية في الأنا الذكورية ضمن الأنا المسؤولة عن إنجاح هذه المؤسسة والشراكة، مع بقاء فردانية الشخص وذاته القائمة من حيث الاهتمامات إن كانت مختلفة عن شريكه الآخر.
لا يمكن القول إن المسؤولية صعبة جداً أو سهلة جداً، إنما تخضع كلها لقانون السهل الممتنع الذي يمكن العيش ضمنه بسعادة طالما كان الوعي سيد هذه العلاقة، ولا يمكن القول إن الحياة الزوجية لن يشوبها بعض الإشكاليات والمشكلات والخلافات، ولكن التعامل معها بوعي هو الذي يحتويها من أن تتحول إلى كرة الثلج التي تكبر وتتدحرج لأكبر فأكبر وتصبح العلاقة مأزومة بتراكمات معقدة دون حلول لكل من المشكلات في حينه، فالزواج هو بداية مشروع صعب في بدايته وجميل في مسيرته طالما كان الشركاء يتمتعون بالاتزان والعقلانية، ومحصنين بوعي تام خلال هذه العلاقة المقدسة الكبيرة.
أما النصيحة العامة، فلا تتزوجوا ما دمتم عيالاً، وإنما تزوجوا ما أصبحتم رجالاً، والرجولة ليست جنساً إنما صفة يكتسبها الإنسان من حياته، فتزوجوا أيها الرجال الرجال، ليس في الزواج ضير، إنما في الاستغناء عنه كل همّ وشر.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.