في حين يرتبط القلق والتوتر بزيادة الرغبة في الأكل عند بعض الأشخاص، يشعر آخرون بفقدان الشهية وعدم الرغبة في تناول الطعام عند تعرُّضهم لضغوط نفسية تُسبِّب لهم القلق.
فما الذي يحدث بأجسادنا بالضبط حتى نشعر بفقدان الشهية أو الرغبة الزائدة في تناول الطعام؟ ومتى تصبح هذه القضية جدية بحيث تستدعي تدخُّل الطبيب؟ وما العلاجات الممكنة لحل مشاكل اضطراب الشهية؟
إليكم كل ما تريدون معرفته عن القلق واضطراب الشهية، حسبما ورد في موقع Medical News Today الأمريكي.
القلق وفقدان الشهية
عندما نشعر بالتوتر أو القلق تبدأ أجسامنا فوراً بإفراز هرمون التوتر، الذي ينشّط بدوره الجهاز العصبي، ليبدي استجابة "إما بالمواجهة وإما بالفرار".
استجابة "المواجهة أو الفرار" هذه عبارة عن رد فعل غريزي يهدف إلى حماية البشر من التهديدات المحتملة، إذ تجهّز أجسامنا إما للبقاء والقيام بردِّ فعل ما لمواجهة التهديد، وإما للهرب بعيداً إلى بر الأمان.
ولهذه الزيادة الحادة المفاجئة في هرمونات التوتر عديد من الآثار الجسدية، فعلى سبيل المثال، تشير الأبحاث إلى أن أحد هرمونات التوتر يؤثر في النظام الهضمي ويؤدي إلى كبح الشهية.
بينما يزيد هرمون آخر، وهو الكورتيزول، من إفراز حمض المعدة لتسريع عملية هضم الطعام، لكي يتمكن الإنسان من "المواجهة أو الفرار" بكفاءة أكبر.
وقد تتضمن آثار استجابة الجهاز الهضمي لهذه الهرمونات أعراضاً تتراوح ما بين الإمساك، والإسهال، وعسر الهضم، والغثيان.
وقد تسبب هذه الاستجابة أعراضاً جسدية أخرى، مثل: زيادة معدلَي التنفس وضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وأيضاً قد تتسبب في شد العضلات، وبهوت الجلد أو تورُّده، والارتعاش.
وربما تكون هذه الأعراض الجسدية غير مريحة على الإطلاق، لدرجةٍ تجعل الإنسان غير راغب في تناول الطعام.
فالشعور بالإمساك، على سبيل المثال، قد يجعل فكرة تناول الطعام تبدو سادَّة للشهية.

الإفراط في تناول الطعام مقابل فقدان الشهية
ترتفع احتمالية تأثُّر المصابين بالقلق المستمر أو اضطراب القلق طويل المدى بهرمونات التوتر أكثر من غيرهم، وهو ما يعرّضهم لفقدان شهية مستمرٍ فترة طويلة.
من ناحية أخرى، قد ترتفع احتمالية بحث من لا يشعرون بالتوتر كثيراً عن الراحة بالإفراط في تناول الطعام.
لكن مع ذلك، يختلف رد فعل كل شخص على القلق والتوتر، سواء أكان توتراً مزمناً أم قصير المدى.
في الواقع، قد يختلف رد فعل الشخص وفقاً لحدَّة شعوره بالقلق، فقد يؤدي الشعور البسيط بالقلق، على سبيل المثال، إلى إفراط الإنسان في تناول الطعام، فإذا انتاب الشخص نفسه نوبةُ قلق حادة يفقد شهيته تماماً، وقد يستجيب شخص مختلف بطريقة عكسية تماماً.
إذن هل يؤدي القلق إلى فقدان الشهية أم الإكثار من تناول الطعام؟ هذا يتوقف على حدة القلق أولاً ويختلف من شخص إلى آخر، فلا توجد إجابة واحدة تنطبق على الجميع.
علاوة على ذلك، يستجيب الرجال والنساء أيضاً بطريقة مختلفة للتوتر، من حيث اختيارات الطعام واستهلاكه.
تشير إحدى الدراسات إلى أن النساء قد يكنَّ ميّالات إلى الإفراط في تناول الطعام أكثر، حيث يشعرن بالقلق.
علاج القلق
يجب أن يأخذ الأفراد الذين يعانون فقدان الشهية بسبب القلق، خطواتٍ تجاه معالجة هذه المشكلة.
فقد يؤدي فقدان الشهية على المدى الطويل إلى مشكلات صحية، وتشمل العلاجات والأدوية المحتملة ما يلي:
فهم القلق
بإمكان مجرد استيعاب أن مصادر القلق قد تطلق أحاسيس جسدية معينة، تقريبك بشكل ما، تجاه تقليل شعورك بالقلق والإصابة بأعراضه.
معالجة مصادر القلق
بإمكان تحديد مثيرات التوتر والتعامل معها، المساعدة في استعادة الشهية، إذ ينبغي أن يعمل الأفراد على التخلص من مسببات القلق، والحد منها إذا كان ذلك بإمكانهم.
وإذا واجه الإنسان صعوبة في ذلك، ينبغي أن يأخذ بالحسبان العمل مع معالج يمكنه تقديم المساعدة في إدارة مسببات القلق.
ممارسة إدارة القلق
يمكن أن تكون بعض التقنيات فعَّالة في تقليل أو إدارة أعراض القلق، ومن ضمنها فقدان الشهية.
ومن بين الأمثلة على ذلك: تمارين التنفس العميق، والتأمل، وأخذ قسط من الراحة يومياً من دون التفكير في أي من الأمور المزعجة.
اختيار الأطعمة المغذية سهلة الهضم
إذا كنت مصاباً بفقدان الشهية وتعجز عن تناول كمية مناسبة من الطعام، فتأكَّد من أن نوعية الغذاء الذي تتناوله جيدة وغنية بالعناصر الأساسية اللازمة لجسدك، تناوَل مثلاً:
- الأحسية التي تحتوي على مصادر للبروتين ومجموعة متنوعة من الخضراوات.
- المخفوقات البديلة للوجبات.
- العصائر التي تحتوي على الفواكه والخضراوات الورقية الخضراء والدهون والبروتين.
من الأفكار الجيدة أيضاً اختيار الأطعمة سهلة الهضم، التي لن تزيد من اضطراب الجهاز الهضمي.
ومن أمثلة ذلك: الأرز، والبطاطا البيضاء، والخضراوات المطهية بالبخار، والبروتينات الخالية من الدهون.
قد يجد من يعانون أعراض القلق أيضاً، أن من المفيد تجنُّب الأطعمة الغنية بالدهون أو السكر، وأيضاً الأطعمة الغنية بالألياف، والتي قد تكون صعبة الهضم.
وقد يساعد أيضاً الحد من استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين والكحول؛ إذ غالباً ما تسبب مشكلات هضمية.

الاتجاه إلى خيارات حياتية صحية أخرى
عندما يشعر شخص ما بالقلق، قد يجد صعوبة في ممارسة الرياضة أو النوم، لكن النوم والنشاط البدني يمكنهما تقليل القلق وزيادة الشهية.
ينبغي أن يحاول المصابون الحصول على قسط كافٍ من النوم كل ليلة، من خلال وضع جدول نومٍ منتظم.
ويجب أن يحاولوا أيضاً ممارسة الرياضة في معظم الأيام.
متى أزور الطبيب؟
إذا استمر فقدان الشهية أسبوعين أو أكثر، تجب في هذه الحالة استشارة الطبيب، وكذلك في حالات الفقدان السريع للوزن.
وإذا كان فقدان الشهية نتيجة للقلق وحده، فإن الطبيب يمكنه أن يقترح طرقاً للتكيف مع القلق، من ضمنها زيارة مُعالِج، أو تغييرات في نمط الحياة.
وقد يصف الطبيب أيضاً أدوية لمن يعانون قلقاً مزمناً أو حاداً.
أسباب أخرى لفقدان الشهية:
ليس القلق هو المسبِّب الوحيد لفقدان الشهية، فهناك أسباب أخرى محتملة، مثل:
- الاكتئاب: مثل القلق، يمكن أن يسبب الشعور بالاكتئاب فقدان الشهية لبعض الأشخاص، في حين يقود آخرين إلى الإفراط في الأكل.
- التهاب المعدة والأمعاء: قد يسبب التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي، والذي يُعرف أيضاً باسم أنفلونزا المعدة، القيء والإسهال وفقدان الشهية.
- الأدوية: قد تقلل بعض العقاقير، ومن ضمنها المضادات الحيوية وبعض مسكنات الآلام، الشهية. ويمكنها أيضاً التسبب في أعراض جانبية، من بينها الإسهال والإمساك.
- التمرينات المكثفة: يعاني بعض الناس، خاصةً ممارسي رياضات قوة التحمل، أعراضاً في الجهاز الهضمي مثل: الغثيان والقيء والتشنج المعوي بعد فترات من النشاط الرياضي المكثف؛ وهو ما قد يؤدي إلى فقدان الشهية.
- الحمل: قد تفقد بعض الحوامل شهيتهن، بسبب الغثيان الصباحي أو بسبب الضغط على المعدة.
- المرض: قد تسبب بعض الحالات المرَضية المعيَّنة، مثل السكري والسرطان، انخفاض الشهية.
- الشيخوخة: يشيع فقدان الشهية بين كبار البالغين، وهو ما قد يكون بسبب فقدان القدرة على التذوق أو الشم، أو بسبب المرض أو استخدام العقاقير.