كلنا عُرضةً لزلة اللسان، لكن كيف نتدارك الأمر؟

حين تقول تعليقاً غير ملائم أو مزحة غير محسوبة، يصبح الجرح عميقاً، ما قد يجعل المداواة مشحونة أكثر؛ وهذا التقرير سيشرح لك كيفية العمل على تدارك الأمر بشكل لائق

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/08/29 الساعة 07:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/28 الساعة 12:09 بتوقيت غرينتش
كلنا عُرضةً لزلة اللسان، لكن كيف نتدارك الأمر؟

هل سألت صديقك المفصول حديثاً من العمل عن عمله؟ انطلقت الكلمات من شفاهك قبل أن تستطيع سحبها. السؤال عن أكبر ضغط في حياته، ذلك الضغط الذي كان يدعو الله ألا يستحضره أي شخص، كان خطأ بريئاً. اعتذرت مراراً بالطبع لكنك تشعر أنه ما زال مجروحاً.

هذا أمر شائع، وإن كان مؤلماً، إنه جزء من كونك مخلوقاً اجتماعياً في المجتمع. لكن الاعتذار لقول أمور خاطئة يتطلب نوعاً مختلفاً من الاعتذار عما يقال عند سكب القهوة على حقيبة شخص غريب أو الوصول للعمل متأخراً. حين تقول تعليقاً غير ملائم أو مزحة غير محسوبة، يصبح الجرح عميقاً، ما قد يجعل المداواة مشحونة أكثر؛ وهذا التقرير سيشرح لك كيفية العمل على تدارك الأمر بشكل لائق،؛ بحسب ما نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية.

قبل أن تعتذر

قدر الألم. قالت أندريا بونيور، الطبيبة النفسية السريرية المرخصة: "كن منفتحاً مع نفسك واستعد للتعرض للنقد بشأن الضرر الذي حدث". قد تعتقد أنك بحاجة للاعتذار عن تعليق واحد عابر، لكن بالنسبة للشخص الآخر، قد يكون التعليق جزءاً من نمط أكبر من عدم المراعاة من طرفك. في الواقع، قد يكون غاضباً أكثر مما توقعت، خاصة لو لمس تعليقك وتراً حساساً لديه. 

زلة اللسان، وكيفية الاعتذار

وتقول إيجوما أولو، مؤلفة كتاب "So You Want to Talk About Race": "حين نكتشف أننا جرحنا شخصاً ما، تظهر فجأة تلك الغرائز بهدف استعادة التوازن". إذا كنت لا تعرف ماذا قلت بالضبط وكان جارحاً، تقترح إيجوما أن تتواصل وتقول شيئاً مثل: "لو استطعت أن تفسر لي ما الذي قلته وجرحك، قد يساعدني هذا في تصحيح ما فعلت بشكل سليم"، ولا تستخدم أموراً مثل: "قل لي لِم أنت غاضب؟"، بل اسأل: "ماذا فعلتُ؟". 

لا تضخّم الأمر

يميل الأشخاص المعرضون لأفكار الشعور بالذنب إلى القسوة على أنفسهم. إذ يقولون أشياءً مثل: "لا أصدق أني قلت هذا، أنا شخص فظيع". لو وجدت نفسك في دوامة من الشعور بالخزي، تقترح بونيور إعادة تشكيل سرديتك الداخلية عن الحدث إلى شيء أكثر واقعية، وفائدة، ودعماً مثل: "أصاب الموقف وتراً حساساً، أشعر بالخزي لكن يمكنني تحسين ذلك. يرتكب الجميع أخطاء".

لا تدع الموقف يتفاقم 

ربما تميل إلى تنحية المشكلة من أولوياتك، لكن وفقاً للخبراء فهذا تصرف خاطئ. إذ لن يقتصر الأمر فقط على قضائك مزيد من الوقت في القلق بخصوص الموقف، لكن كلما تأخر استحضار الزلة، زاد الحرج. وتقترح بونيور تحديد وقت محدد لاستعادة ثقتك بنفسك (ساعة أو يوم)، لكن حاول الإصلاح في أقرب وقت ممكن. أحياناً حين نسوِّف إجراء محادثة صعبة، ينتهي الأمر بألا نتحدث على الإطلاق، ما يسبب في الواقع ضرراً لا يمكن إصلاحه في العلاقة. وتفسر بونيور: "لا يتعلق الأمر بالخطأ الأول، لكن بالطريقة التي عُولج بها" .

وقت الاعتذار تحمُّل المسؤولية 

قاوم رغبتك في أن تكون دفاعياً أو تقديم الأعذار، ولا تقل أشياءً مثل: "حسناً لم أقصد ذلك"، أو "لماذا أنت حساس لهذه الدرجة؟ كانت مزحة بكل وضوح". وتضيف بونيور أن عليك تجنب الجدال حول التفاصيل وأن تدع للشخص مجالاً للتعبير عن مشاعره. وأوضح أيضاً أنك لا تعتبر ما فعلته هيناً. تُظهر الدراسات أن تصنيف مشاعرك يساعد في السيطرة على القلق والاكتئاب. لذا فقول أمور مثل: "أشعر بالخجل لأني قلت ذلك"، أو "أنا منزعج لأني جرحتك"، قد يخفف بعضاً من قلقك وضيقك. لكنك على أي حال لا ترغب في جعل نفسك ضحية، لذا تنصح بونيور بعدم المبالغة في وصف مشاعرك.

زلة اللسان، وكيفية الاعتذار

اعترف بآلامهم

ربما يغريك استخدام هذه المساحة من الوقت لتوضيح نيتك، إذ تشعر أنك تحت الهجوم، ورغبتك في تبرئة ساحتك مفهومة. لكن لا تتطرق لهذا ما لم يسألك الطرف الآخر عما عنيته بتعليقك أو مزحتك. إذ إن ما كنت تنوي قوله غير مهم في محادثة تركز على الأثر السلبي لما قلته فعلاً. إضافة إلى أن النقاش حول صحة رؤية أحدكما للموقف غير مُجدٍ. ويفسر كول إذ يقول إن الذاكرة ليست تسجيلاً رقمياً للأحداث، بل ترميزاً عاطفياً لها. تقبل أن ما سمعه الطرف الآخر وشعر به كان حقيقياً وقل أمراً مثل: "كان تعليقي في غير محله وأتفهم لما أنت مستاء".

كن صادقاً

اجعل اعتذارك نابعاً من القلب. وتجنب استخدام العبارات المبتذلة مثل: "آسف لو جرحتك". إذ إن هذه اللغة تفرض مسافة بينك وبين أفعالك وتشعر المُستقبل بأنك لا تشعر بما تقول. إضافة إلى أن لغة الجسد، وتعبيرات الوجه، وطبقات الصوت تُفقد كلها في التواصل النصي المكتوب، ما يجعل رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية غير مناسبة لتناول موضوعات حساسة مثل الاعتذار. ويقول الخبراء إن أفضل طريقة لتقديم الاعتذار هي وجهاً لوجه إن كان هذا متاحاً، والحديث عبر الهاتف هو ثاني أفضل خيار. 

اشرح كيف لن تُكرر هذا مرة أخرى

مشاركة ما تعلمته من الموقف يطمئن الطرف الآخر بأنك تعلمت من خطئك. علاوةً على ذلك فإن تعليم نفسك وبذل الجهد لتصحيح سلوكك يظهر أنك حسن النية. على سبيل المثال، لو كنت تخطئ في نطق اسم زميل عمل، اعترف بخطئك. تقول أليسون جرين لا تراوغ ولا تقل شيئاً مثل: "حسناً، هذا اسم صعب حقاً ولم أسمع به من قبل". وبصفتها ناشرة في مدونة النصح المهني "Ask a Manager" ومؤلفة كتاب يحمل الاسم نفسه، تقترح أليسون قول: "أنا آسف حقاً لأني فعلت هذا. أنني سعيد أيضاً لأنك أخبرتني، وسأعمل على قوله بالطريقة الصحيحة".

بعد الاعتذار استرجع العلاقة 

قد يكون حدوث تفاعل هادئ بين الطرفين بعد الخلاف مهم خاصة في حالة تساؤل الطرف الآخر عن شكل العلاقة في المستقبل. لذا أرح مخاوفه. وتفسر أليسون: "إذا عدت بعد نصف ساعة وتحدثت معه عن أمر عادي في العمل، سيريحه هذا غالباً". وسيساعد أيضاً في إعادة ترتيب العلاقة وطمأنته بأن كل شيء على ما يرام. 

التجاوز

إذا عجز الطرف الآخر عن تجاوز الأمر بعدما بذلت أفضل ما في وسعك لإرضائه، انسحب إذن. يقول كول إن بإمكانك تقديم اعتذار صادق، والاعتراف بخطئك، لكنك لن تجعل شخصاً ما يقبله. أحياناً تتسبب الكلمات في ضرر لا يمكن إصلاحه.

فلا أحد مجبراً على الاستمرار في العلاقة التي تجمعكما. وتفسّر أوليجا: "لو آذيت شخصاً ما، هناك القليل الذي يمكنك فعله لإصلاح الأمر، لكن لو لم يرغب هو في ذلك، فهو غير مُجبَر".

رغم ذلك، عليك استغلال الفرصة لفهم تجربة الطرف الآخر، وتفهّم آلامه، حتى لو كنت سبباً فيها. لن يجعلك هذا فقط صديقاً وزميلاً أكثر مراعاة، لكن لو نظرت للعالم بعين الطرف الآخر، ستجعله يشعر بالأمان، وأنه مسموع، ومفهوم.

تحميل المزيد