الدراسات الحديثة تتجه إلى شكل جسمك للتنبؤ بحالتك الصحية

كان مؤشر كتلة الجسم مقياساً ثابتاً معتاداً في مناقشات الصحة والسلامة، على مدى عقود طويلة. لكن دراسة بحثية جديدة تقول إنَّ مؤشر كتلة الجسم قد لا يفيد كثيراً بقدر ما كان يعتقد الأطباء في السابق

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/07/14 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/14 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
الدراسات الحديثة تتجه إلى شكل جسمك للتنبؤ بحالتك الصحية

كان مؤشر كتلة الجسم مقياساً ثابتاً معتاداً في مناقشات الصحة والسلامة، على مدى عقود طويلة.

لكن دراسة بحثية جديدة تقول إنَّ مؤشر كتلة الجسم قد لا يفيد كثيراً بقدر ما كان يعتقد الأطباء في السابق، على الأقل عندما يتعلَّق الأمر بفهم مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية عند النساء في المرحلة العمرية ما بعد انقطاع الطمث.

وبحسب موقع Healthline الأمريكي، ذكرت الدراسة التي نُشرت في مجلة The European Heart Journal البريطانية، أنَّ شكل الجسم، وتحديداً أماكن تخزين الدهون في الجسم، قد يكون مؤشراً للتنبؤ بالمشاكل المتعلّقة بالقلب والأوعية الدموية المحتملة أفضل من مؤشر كتلة الجسم.

وبحسب الدراسة، التي أشرف عليها دكتور كيبين كي، وهو أستاذ مساعد في كلية the Albert Einstein College of Medicine بولاية نيويورك الأمريكية، تابع الباحثون كتلة الجسم وتوزيع الدهون لأكثر من 2600 امرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث .

وكل امرأة مشارِكة في تلك الدراسة البحثية سُجّل اسمها في مبادرة صحة المرأة، وهي دراسة صحية واسعة النطاق أدرجت عدداً كبيراً من النساء بين عامي 1993 و1998 ثم تابعت حالتهن الصحية حتى أوائل عام 2017.

دهون الجسم حول منطقة الوسط

وقد تبيَّن إصابة ما يقرب من 300 امرأة بالأمراض القلبية الوعائية خلال تلك الفترة. ووجد الباحثون عديداً من العوامل الفريدة مُتعلّقة بالنساء، اللاتي قد يشتركن فيها مع أخريات، فيما يُعد أيضاً تحذيراً محتملاً لهن.

أولاً، وجدت الدراسة أنَّ النساء المشاركات، اللاتي تتركز النسبة الأعلى من الدهون لديهن حول منطقة الوسط وتتركز النسبة الأقل من الدهون حول أرجلهن (تأخذ أجسادهن شكل التفاحة)، كن معرَّضات لخطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية بمقدار ثلاثة أضعاف أكثر من النساء، اللاتي تتركز لديهن النسبة الأقل من الدهون حول منطقة الوسط والنسبة الأعلى حول أرجلهم (تأخذ أجسادهن شكل الكمثرى).

ثانياً، النساء اللاتي تتركز نسبة كبيرة من دهون الجسم لديهن حول منطقة الوسط تضاعف خطر تعرضهن لمشاكل القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكتة الدماغية، مقارنةً بالنساء اللاتي تتركز نسبة أقل من دهون الجسم حول المنطقة نفسها.

وكانت النساء اللاتي تتكدس غالبية الدهون حول أرجلهن أقل عرضة بنسبة 40% للإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، مقارنةً بالنساء اللاتي لديهن أقل قدر من الدهون حول أرجلهن.

وختاماً، قرَّر الباحثون أنَّ الوزن الكلي للجسم ليست له علاقة بالمخاطر الصحية اللاحقة المحتملة. فبالنسبة لهؤلاء النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، تبيَّن أنَّه لا تزال هناك احتمالية كبيرة لأن تتعرض صاحبات الوزن الطبيعي منهن لمخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، بسبب طريقة توزيع الدهون في أجسامهن حول منطقة الوسط.

بعبارة آخرى، يبدو أنَّ الوزن لا يُمثّل أي اختلاف، وأنَّ طريقة توزيع الدهون في الجسم كان لها الأثر الأكبر في تحديد مدى تعرُّض المشارِكات في الدراسة لخطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، سواء كان الشخص لديه جسد يأخذ شكل "الكمثرى" أو "التفاحة".

وقال الدكتور كيبي كي في بيان: "تشير نتائجنا إلى أنَّ النساء بعد انقطاع الطمث قد يصبحن عرضة لخطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية بدرجات متفاوتة، بسبب توزيعات الدهون المختلفة إما حول منطقة الوسط وإما حول أرجلهن، وذلك على الرغم من تمتعهن بوزن طبيعي".

وأضاف كي: "بالإضافة إلى أهمية ضبط الوزن الكلي للجسم، قد يحتاج الأشخاص أيضاً الانتباه إلى دهون الجسم المتراكمة في مناطق مُحدّدة، حتى أولئك الذين يتمتعون بوزن صحي ومؤشر طبيعي لكتلة الجسم".

هل ينبغي أن يستبدل الأطباء شكل الجسم بمؤشر كتلة الجسم؟

تعتبر قياسات مؤشر كتلة الجسم جزءاً من الرعاية السريرية الروتينية. ففي كل مرة تذهب فيها لإجراء فحص طبي، من المرجح أن يسجل مُقدّم الرعاية الصحية طولك ووزنك، ويسمح لك بمعرفة تقييم وزنك بالنسبة لطولك وفقاً للمخطط البياني لمؤشر كتلة الجسم.

يُعتبر حساب كتلة الجسم طريقة موثوقة -أو على الأقل كانت- لإخبار الأشخاص بمجى إمكانية لخطر مواجهة مشاكل صحية على نحوٍ متزايد.

وقال ثانو جي، اختصاصي تقويم فقرات العمود الفقري يدوياً من دون جراحة والمدير السريري لعيادة Yorkville للطب الرياضي في تورونتو: "مؤشر كتلة الجسم هو طريقة تقريبية لتقييم الحالة العام لمدى صحة وزن الجسم بالنسبة للطول، لكنه لا يأخذ في الحسبان حجم إطار الجسم".

في الواقع، يمكن أن يتساوى شخصان في حساب مؤشر كتلة الجسم، على الرغم من أنَّ كلاً منهما لديه تكوينات جسمانية مختلفة تماماً.

يمكن أن يتّسم جسم أحد الأشخاص بالعضلات. وقد يكون محيط منطقة الخصر لشخصٍ آخَر كبيراً، نتيجة تراكم الدهون في هذه المنطقة بعينها. 

يساوي مؤشر كتلة الجسم بين هذين الشخصين على الرغم من أنَّ حالتهما الصحية مختلفة تماماً. من هنا، ربما تكون دراسة شكل الجسم أمراً مهماً لتحليل المخاطر الصحية.

قال الدكتور ثانو جي: "يُعد مؤشر كتلة الجسم أداة جيدة لتحديد نقطة بداية أساسية سريعة ومنحنا رقماً موضوعياً لدراسته وتصنيفه. ولا يزال مؤشر كتلة الجسم وسيلة جيدة للإشارة إلى احتمالية وجود مخاطر صحية بالنسبة لعموم السكان، لكن من المهم معرفة أنَّ هناك استثناءات".

وأضاف: "قد يكون لديك مؤشر كتلة جسم مرتفع، لكنك تتمتع بصحة جيدة. فالجسم المُتّخذ شكل التفاحة يعطينا معلومة غير مباشرة بأنَّ مقاس محيط الخصر كبير".

هل تستطيع تغيير طريقة توزيع الدهون الخاصة بجسمك؟

الإجابة: ربما.

وفقاً للباحثين، قلَّ خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية عند النساء اللاتي لم يفقدن دهون الساق في أثناء مرحلة الدراسة، ولكن استطعن خفض دهون البطن.

ووجدت الدراسة أنَّ هذا التغيير وحده كان يمكن أن يمنع سنوياً إصابة 6 حالات بالأمراض القلبية الوعائية من أصل 1000 حالة. هذا يزيد على 100 حالة على مدار فترة الدراسة.

وتعتبر هذه الدراسة البحثية، التي أجراها كي وزملاؤه، أول من تابعت أماكن تخزين الدهون في الجسم ومدى ارتباطها بمخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية عند النساء بعد انقطاع الطمث. ولم يتضح حتى الآن مدى قابلية تلك النتائج للتطبيق على أي فئات سكانية أخرى.

قال كي: "تجدر ملاحظة أنَّ المشارِكات في دراستنا كن من النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، واللاتي لديهن كتلة دهنية أعلى نسبياً في منطقتي الجذع والساق. ولا يزال من غير المعروف مدى إمكانية تعميم نمط الربط في تلك المرحلة العمرية على النساء الأصغر سناً والرجال الذين لديهم نسبة دهون أقل نسبياً".

لكن أماكن تخزين الدهون في جسمك أمر لا علاقة لك به إلى حدٍ كبير. غالباً ما تعود طريقة توزيع الدهون إلى عوامل وراثية وبيئية، مثل النظام الغذائي والتمارين الرياضية.

تستطيع أن تُجرّب ممارسة تمارين رياضية مُخصّصة لخفض دهون منطقة البطن، لكن على الأرجح لن تستطيع إقناع جسمك بالبدء في تخزين الدهون في ساقيك.

خلاصة القول:

لن يُستغنى عن وسيلة مؤشر كتلة الجسم في الوقت الراهن. لكن هذه الدراسة، بالإضافة إلى غيرها من الدراسات التي تطالب بمعيار تنبؤ صحي يتّسم بمزيد من الدقة والوضوح في رصد الفوارق الدقيقة بين الأشخاص، ربما تسهم في الابتعاد تدريجياً عن الاعتماد الثابت المعتاد على مؤشر كتلة الجسم.

قالت خبيرة التغذية، راشيل فاين: "استخدام كتلة الجسم كمؤشر على الصحة يتجاهل الحقيقة البسيطة المُتمثّلة في أنَّ العضلات تزن أكثر من الدهون، وعندما تشارك في نشاط رياضي قوي، يكون مؤشر كتلة جسمك أعلى على نحوٍ طبيعي".

تحدّث إلى طبيبك حول القياسات الأخرى -مثل نسبة الخصر إلى الورك– التي قد تفيد في تقييم حالتك الصحية.

تحميل المزيد