وظيفتك مكتبية، وتضطر إلى الجلوس طويلاً وتظن أنك مستريح؛ صحيح، لكن هذه الراحة مؤقتة، وتجلب فيما بعد كثيراً من المتاعب والمشاكل الصحية.
الدكتور جيمس ليفين، مدير مبادرة حلول السمنة بجامعة ولاية أريزونا، قال إن الجلوس طويلاً أكثر خطورة من التدخين، ويتسبب في موت أكثر من فيروس نقص المناعة البشرية، كما أنه أكثر خيانة من القفز بالمظلات.
فما مخاطر الجلوس التي تسببت في هذا الوصف الكارثي؟
– أمراض القلب والأوعية الدموية
في أثناء الجلوس فترة طويلة، تحرق العضلات كمية أقل من الدهون، ويتدفق الدم ببطء أكثر، وهو ما يتيح للأحماض الدهنية أن تسد القلب بسهولة أكبر.
وقد تم ربط الجلوس فترات طويلة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
وبذلك يكون الأشخاص الذين يجلسون فترات طويلة عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أكثر من غيرهم.
– الإصابة بمرض السكري
عند الجلوس فترات طويلة، ينتج البنكرياس الأنسولين بشكل مفرط، وهو هرمون يحمل الغلوكوز إلى الخلايا للحصول على الطاقة.
لكن الخلايا في العضلات الخاملة لا تستجيب بسهولة للأنسولين؛ ومن ثم ينتج البنكرياس أكثر وأكثر؛ وهو ما قد يؤدي إلى مرض السكري وأمراض أخرى.
وجدت دراسة أُجريت عام 2011 انخفاضاً في استجابة الأنسولين بعد يوم واحد فقط من الجلوس المطول.
– سرطان القولون والثدي
لقد ربطت بعض الدراسات بين الجلوس وخطر الإصابة بسرطان القولون والثدي وبطانة الرحم.
السبب غير واضح، لكن إحدى النظريات تقول إن الأنسولين الزائد يشجع نمو الخلايا.
وسبب آخر هو أن الحركة المنتظمة تعزز مضادات الأكسدة الطبيعية التي تقضي على الجذور الحرة التي قد تسبب السرطان.
– ضعف العضلات
عندما تقف، أو تتحرك، أو تجلس بوضع مستقيم، فإن عضلات البطن تبقى مشدودة، لكن عندما ترقد على الكرسي، ترتخي عضلات البطن.
كذلك يمكن أن تبالغ طريقة الجلوس تلك في تقوُّس العمود الفقري، وتنتج حالة طبية تسمى قعس مفرط، وهي حالة تنتج عنها هشاشة العظام القطنية.
يتسبب الجلوس طويلاً كذلك في عدم تحرك العضلة الضامة؛ وهو ما يؤدي إلى ضيقها وقصرها، فيحد هذا من نطاق الحركة وطول الخطوة.
– اضطرابات الساق وهشاشة العظام
نتيجة الجلوس طويلاً، تضعف الدورة الدموية في الساقين؛ وهو ما يؤدي إلى تجمُّع السوائل في الساقين.
تتراوح المشكلات بين الكاحلين المتورمتين والأوردة، وجلطات دموية خطيرة تسمى الجلطة العميقة DVT.
ولأن المشي والجري يمثلان تزايد الثقل على عظام الورك وعظام أسفل الجسم، تنمو العظام أكثر كثافة.
أما في حالة الجلوس، فيكون النشاط قليلاً؛ ومن ثم يقل الثقل على عظام الجزء السفلي من الجسم، وقد يكون هذا سبباً في هشاشة العظام.
– مشكلات في الجزء العلوي من الجسم
ولأنك تعمل عملاً مكتبياً، فبالطبع تنحني إلى الأمام إما للكتابة على لوحة المفاتيح، وإما لتدقيق الرسوم على الطاولة.
تؤدي تلك الانحناءات إلى تحريك الرقبة إلى الأمام دائماً؛ وهو ما يؤدي إلى ضعف فقراتها.
كما يؤدي هذا الانحناء للأمام إلى ترهل عضلات الكتفين والظهر، والمنطقة التي تربط العنق بالكتفين.
كما أن تحريك العضلات ينتج عنه دم جديد وأكسجين عبر المخ، ويؤدي إلى إطلاق جميع أنواع المواد الكيميائية المعززة للدماغ والمزاج.
عندما نجلس باستقرار فترة طويلة، يتباطأ كل شيء، وضمن ذلك وظائف المخ.
– الإصابة بعِرق النَّسا
عندما نتحرك، تتوسع الأقراص اللينة بين الفقرات وتتقلص مثل الإسفنج، وتمتص الدم الطازج والمواد المغذية.
لكن عندما نجلس فترة طويلة، يتم سحق الأقراص بشكل غير متساوٍ، ويتصلب الكولاجين حول الأوتار والأربطة، وتخرج المادة الهلامية من بين الفقرات لتضغط على العصب الوركي، وهو ما يعرف بعِرق النَّسا.
– زيادة الوزن
عادة ما يجلس الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة ساعتين ونصف الساعة في اليوم عن الأشخاص النحيفين.
فانظر ماذا تجني من الجلوس 8 ساعات يومياً على الأقل إذا كنت تعمل عملاً مكتبياً بدوام كامل.
يؤدي الجلوس كثيراً وقلة الحركة إلى قلة معدلات الحرق، فتنتشر الدهون في محيط الخصر، ويزداد الوزن.
السؤال الآن: هل أتخلى عن وظيفتي أم هناك حل آخر؟
الاستقالة ليست حلاً لتلك المشكلة، لكن يمكنك اللجوء إلى بعض الحلول الذكية، وتلك بعض منها:
– قف لتجديد نشاطك
لا تجلس طوال الوقت، لكن جدِّد نشاطك كل نصف ساعة تقريباً من خلال الوقوف دقيقتين، وحاوِل أن تمدد جسدك وتشدَّه، كي يتجدد نشاط الدورة الدموية.
– اشدد عضلات بطنك
لا تجلس في وضع الاسترخاء دائماً، لكن كلما تذكرت اشدد عضلات بطنك 10 ثوانٍ على الأقل، مع إبقاء قدميك بزاوية قائمة على الأرض، فهذا سيساعد على بقاء عضلات بطنك مشدودة غير مترهلة.
– مرِّن ذراعيك
يمكنك استغلال وقت قراءة أحد الأشياء على حاسوبك في تمرين ذراعيك، ويمكنك حمل أي كتب بجوارك كأثقال، وحافِظ على تنفُّسك الطبيعي، وظهرك مستقيماً.
– تمرين رقبتك
كي تتفادى إصابة الرقبة، جرِّب تمرينها. اجلس مستقيماً على مقعدك وارفع يديك فوق رأسك. مع ثني المرفقين، وربط أصابعك معاً، وضعْ يديك على مؤخرة رأسك. ادفع رأسك إلى يديك، وادفع يديك إلى الأمام ضد الحركة. استمرَّ في الدفع المتعاكس خمس ثوانٍ، واسترخِ ثم كرِّرها نحو خمس مرات.
– قوِّ عضلات ساقيك
لتفادي إصابات العضلة الضامة السابق ذكرها بالأعلى، اجلس على مقعدك بوضع مستقيم، وضع ذراعيك على ذراعَي الكرسي، وامسكهما بقوة.
ارفع ساقك عن الأرض مع مدّها إلى الأمام، وأبقِها على هذا الوضع 5 ثوانٍ تقريباً ثم أنزلها إلى الأرض. كرِّر تلك الطريقة نحو 10 مرات، ثم انتقل إلى الساق الأخرى.