يُجرب البعض كافة الطرق والوسائل والحميات التي من المُمكن أن تُقلل الوزن الزائد المستعصي. لا شيء ينفع، ويبقى الوزن على ما هو عليه، ثم يقترح الطبيب عملية جراحية. نعم هو احتمال يقدم حلاً جذرياً، ولكن يعني أيضاً المغامرة بمضاعفات العملية الجراحية.
البدانة لا تتمحور فقط حول المظهر العام، بل يمتد تأثيرها إلى صحة الشخص، وقد تتسبب في إصابته ببعض الأمراض التي يكون لها مُضاعفات صحية خطيرة.
جميع هذه العوامل قد تؤدي إلى اتخاذ قرار إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن.
لكن ما هي هذه العمليات؟ وما هي الطريقة التي تعمل بها لإنقاص الوزن؟ ومتى يجب أن يكون خيار إجراء هذه الجراحة مطروحاً أمامك؟ ما هي سلبيات وإيجابيات جراحات إنقاص الوزن؟
في هذا التقرير، نستعرض كل ما تحتاج معرفته عن جراحات إنقاص الوزن.
كيف تعمل جراحات إنقاص الوزن؟
لا توجد عملية واحدة مُحددة لإنقاص الوزن، فهناك عدّة عمليات جراحية تُساعد على علاج البدانة:
– الطريقة الأولى: تقليل كمية الطعام التي يمكن أن تحتويه معدتك، مما يساعد المريض على أكل كميات أقل من الطعام، فيفقد وزنه.
– الطريقة الثانية: إيقاف الجهاز الهضمي عن امتصاص بعض السعرات الحرارية في الأطعمة التي تتناولها.
– الطريقة الثالثة: تتمثل في دمج الطريقتين معاً.
متى يصبح إجراء جراحة لإنقاص الوزن مطروحاً؟
يُحدد مؤشر كتلة الجسم (BMI) مدى أهمية إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن.
ومؤشر كتلة الجسم هو صيغة رياضية للتعرف على الوزن الطبيعي للشخص، ويكون عبارة عن ناتج قسمة الوزن على مربع الطول بالمتر (كجم/ متر 2).
فيجب أن يكون لديك الكثير من الكيلوغرامات الزائدة لتخضع لعملية جراحية لإنقاص الوزن.
عندما يكون مؤشر كتلة الجسم من 40 أو أكثر فهذا يعني أن لديك نحو 50 كيلوغراماً زيادة في الوزن.
هُنا يجب أن تكون فكرة إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن خياراً مطروحاً.
وقد يكون مؤشر كتلة الجسم أقل من هذا، ويعرض عليك الطبيب أيضاً إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن.
إذا كانت البدانة تُسبب لك بعض الأمراض التي قد تؤدي إلى نتائج خطيرة، فإذا كان مؤشر كتلة الجسم من 35 إلى 40، فهذا يعني أن لديك نحو 40 كيلوغراماً زيادة في الوزن.
وتكون هذه الزيادة مصحوبة ببعض الأمراض مثل مرض السكري، أو متلازمة الأيض Metabolic syndrome، وهي مجموعة من الحالات المرضية التي تشمل زيادة ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم والدهون الزائدة في الجسم حول منطقة الخصر.
تؤدي هذه المتلازمة إلى تغيُّر مستويات الكولسترول أو الدهون الثلاثية بشكل غير طبيعي، وتحدث هذه الأشياء معاً لتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري، أو مرض الربو، أو فقدان السيطرة على المثانة وعدم التحكم في التبول، أو توقف التنفس أثناء النوم.
يحدد الطبيب قائمة الأمراض التي تُسببها البدانة قبل تحديد مدى احتياج المريض إلى إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن.
في الحالتين السابقتين يكون خيار إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن حلاً مطروحاً، لكنه لا يجب أن يكون أول ما يرِد إلى ذهنك من الحلول.
يجب اللجوء إلى كافة طرق إنقاص الوزن الأخرى، واللجوء إلى العملية الجراحية يكون فقط في حالة إثبات عدم جدوى وفاعلية هذه الطرق في فقدان الوزن.
أنواع العمليات الجراحية لإنقاص الوزن
من أنواع العمليات الجراحية لإنقاص الوزن:
– العمليات الجراحية التقليدية: وهي العمليات التي تتعامل مع المعدة بربطها أو تكميمها، فيتقلص حجم المعدة، ويؤدي هذا إلى الحدّ من مقدار الأطعمة التي يُمكن أن تتحملها المعدة.
– عمليات سوء الامتصاص: وفي هذا النوع من العمليات الجراحية يتم تجاوز جزء من الأمعاء، مما يقلل من مقدار السعرات الحرارية والمواد الغذائية التي يمتصها الجسم.
– الجراحة المُقيدة والمُغيرة للامتصاص: وهذا النوع من الجراحات يجعل المعدة أصغر، بالإضافة إلى إزالة جزء من الأمعاء.
تقل قدرة الشخص على تناول الطعام، وتقل أيضاً قدرة الجهاز الهضمي على امتصاص السعرات الحرارية.
4 أنواع شائعة في جراحات إنقاص الوزن
– مجازة التفاغر المعوي على شكل Y
في هذه الجراحة يقوم الجرّاح بعمل جيبة صغيرة في الجزء العلوي من المعدة، لتصبح هي الجزء الوحيد من المعدة الذي يستقبل الطعام، وبذلك تُقلل هذه العملية من كمية الطعام والشراب الذي يمكن تناوله بشكل مريح في المرة الواحدة.
ثم يتم قَطع الأمعاء الدقيقة وتُربط بالجيبة الجديدة، فيتدفق الطعام مباشرة من الجيبة إلى هذا الجزء من الأمعاء.
يتجاوز الطعام جزءاً من الأمعاء الدقيقة، مما يجعل الجهاز الهضمي يمتص قدراً أقل من العناصر الغذائية والسعرات الحرارية.
– ربط المعدة بالمنظار القابل للتعديل
في هذه الجراحة يتم وضع شريط يحتوي على بالون قابل للنفخ حول الجزء الأعلى من المعدة ويُثبت في مكانه، يؤدي ذلك إِلى تشكيل جيبة معدية صغيرة فوق الشريط، وتكون الجيبة ذات فتحة صغيرة جداً باتجاه باقي المعدة.
ثم يتم عمل منفذ تحت جلد البطن، ويُستخدم أنبوب لتوصيل المنفذ بالشريط، وعن طريق حقن أو إزالة السائل عبر المنفذ يتم نفخ البالون أو تفريغه من الهواء لتعديل حجم الشريط، لذلك اتصفت بكونها قابلة للتعديل.
تعمل عملية ربط المعدة على الحدّ من كمية الطعام التي يمكن للمعدة تحملها، لذلك يتم الشعور بامتلاء المعدة في وقت أقصر، ولكن لا تعمل هذه العملية على تقليل قدرة الجهاز الهضمي على امتصاص السعرات الحرارية والعناصر الغذائية.
– جراحة تكميم المعدة
في جراحة تكميم المعدة يُفصل جزء من المعدة ويُزال من الجسم، فتصغر المعدة، ويقلّ بالتبعية مقدار الطعام الذي تتحمله.
لكن جراحة تكميم المعدة لا تُقلل مع ذلك امتصاص السعرات الحرارية والمُغذيات في الأمعاء.
– جراحة تحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية وتحويل مجرى الاثني عشر
تبدأ هذه الجراحة باستئصال الجراح لجزء كبير من المعدة، ويترك الصمام الذي يمرر الطعام إلى الأمعاء الدقيقة، ويترك أيضاً الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة الذي يُعرف بالاثني عشر.
ثم يقوم بإغلاق الجزء الأوسط من الأمعاء ويوصل الجزء الأخير بالاثني عشر مباشرة، وهذا هو تحويل مسار الاثني عشر.
لا تتم إزالة الجزء المنفصل من الأمعاء إلى خارج الجسم، لكن تتم إعادة توصيله بنهاية الأمعاء، مما يسمح لعصارة الصفراء والعصارة الهضمية البنكرياسية بالتدفق إلى داخل هذا الجزء من الأمعاء.
ويُسمى هذا الإجراء بتحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية.
هذه التغيرات تؤدي إلى عدم مرور الطعام في معظم الأمعاء الدقيقة، مما يحد من امتصاص السعرات الحرارية وعناصر التغذية، بالإضافة إلى تصغير حجم المعدة، فيعملان معاً على إنقاص الوزن.
لكن هذه الجراحة أقل شيوعاً بين العمليات الجراحية التي تؤدي إلى إنقاص الوزن.
كيف يتم الاستعداد لجراحة إنقاص الوزن؟
من المُفترض أن يقوم طبيبك بفحصك بعناية للتأكد من أنك مُستعد ذهنياً وجسدياً لإجراء العملية الجراحية.
استعدادك الذهني هو أن تعرف أبعاد العملية الجراحية التي أنت مُقدم عليها، وما هي سلبياتها وإيجابياتها؟ وما عليك فعله بعد الجراحة للحفاظ على نتائجها.
أما الاستعداد الجسدي فيكون بأن يطلب منك الطبيب القيام ببعض الأشياء قبل الجراحة، مثل الإقلاع عن التدخين، وفقدان بعض الوزن، والتأكد من كون نسبة السكر في الدم تحت السيطرة.
سيُخبرك الطبيب أنه عليك تجنب الأسبرين أو أياً من المنتجات التي تحتوي عليه، والتوقف عن تناول المُكملات العشبية قبل العملية بأسبوع واحد، وستحتاج إلى شرب السوائل الصافيّة فقط قبل الجراحة بيوم أو يومين.
ماذا على المريض فعله بعد إجراء الجراحة؟
بعد إجراء الجراحة بغض النظر عن نوعها، ستبقى في المستشفى لفترة قصيرة للتأكد من كونك على ما يُرام.
يراقب الطبيب حدوث أي مُشكلات بعد الجراحة مثل انخفاض نسبة السكر في الدم أو الجفاف أو جلطات الدم.
وفي البدء عليك تناول نظام غذائي سائل فقط، وبعد بضعة أسابيع من الجراحة يُمكنك تناول الأطعمة الصلبة، عليك المُتابعة مع إخصائي تغذية يكون على دراية بالعمليات الجراحية لفقدان الوزن، ليُساعدك على تحديد الأنظمة الغذائية المُناسبة.
يجب التأكد من تناول كميات أصغر من الأطعمة، ويكون عدد السعرات الحرارية أقل، لكن يجب أيضاً التأكد من حصولك على ما يكفي لصحة جسدك من المواد والعناصر الغذائية.
فكثير من الناس لا تمتص معدتهم بعد الجراحة فيتامينات A ، D ، E ، K ، B-12، والحديد، والنحاس، والكالسيوم، والمواد المغذية الأخرى، مما قد يعني حاجتك لتناول المُكملات الغذائية.
بعد الجراحة ستجد أنك تفقد الكثير من الوزن، وقد يصل مقداره إلى نصف كيلوغرام يومياً خلال الثلاثة أشهر الأولى.
العمليات الجراحية التي تُسبب سوء الامتصاص وتصغير المعدة، تؤدي إلى خسارة وزن أكثر من عمليات التقييد فقط.
فإجراءات سوء الامتصاص تتسبب في إنقاص الوزن بشكل صارم، ولكن من سلبياتها أنها قد تجعل حصولك على العناصر الغذائية التي تحتاجها صعباً.
عليك أيضاً تغيير نمط حياتك بعد الجراحة، فقد يتطلب الأمر التزاماً طويل الأمد للحفاظ على نتائج إنقاص الوزن التي حققتها العملية الجراحية.
ستحتاج إلى التغذية الجيدة بتناول العديد من الوجبات الصغيرة طوال اليوم، كما ستحتاج إلى المواظبة على مُمارسة الرياضة.
إيجابيات وسلبيات العمليات الجراحية لإنقاص الوزن
هُناك بعض الفوائد الصحية التي تجنيها من إجراء العمليات الجراحية لإنقاص الوزن، فإذا كُنت تُعاني من ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري، أو غيرها من المُشكلات الصحية المُتعلقة بزيادة الوزن فستجد أنها قد تحسنت بعد الجراحة أو اختفت تماماً.
لكن عليك أن تعمل مع طبيبك على ضبط الأدوية التي تأخذها خلال فترة ما بعد الجراحة.
فقدان الوزن أيضاً الذي هو النتيجة الأساسية للجراحة يُساعدك على التخلص من التهاب وآلام المفاصل، كما سيُجنبك توقف التنفس أثناء النوم، وستجد أنك أصبحت نشيطاً وقدرتك على التحرك أسهل كثيراً من السابق.
أما عن سلبيات هذا النوع من الجراحات فهي كأي عملية جراحية تحمل بعض المخاطر، والأكثر عُرضة لها هم أولئك الأكبر سناً، أو أولئك الذين لديهم تاريخ من الجلطات الدموية.
من المُضاعفات التي قد تحدث بعد الجراحة: سهولة الإصابة بالعدوى، جلطات الدم، قرحة المعدة، حصى المرارة الناتج عن فقدان الوزن، عدم الحصول على ما يكفي من المواد والعناصر الغذائية، بالإضافة إلى ترهل الجلد في الأماكن التي حدث بها فقدان كبير للوزن.
يُمكنك إجراء جراحة تجميلية لشدّ الجلد المُترهل، لكن هذا لا يجب أن يتم إلا بعد مرور 18 شهراً على الأقل من جراحة فقدان الوزن.
قد تؤدي جراحة تحويل مسار المعدة أيضاً إلى تحرك الطعام والشراب بسرعة فائقة عبر الأمعاء الدقيقة.
وتشمل أعراض حدوث هذا الغثيان والضعف والتعرق والإغماء والإسهال بعد تناول الطعام، وعليك أن تُخبر طبيبك إذا كان لديك أي من هذه الأعراض.
أفضل طريقة لتجنب المُضاعفات والمخاطر هي الالتزام بالذهاب إلى جميع زيارات المُتابعة مع الطبيب، والالتزام باتباع النظام الغذائي المُحدد.