بين التعرض للأخبار السيئة والمقارنات.. أسوأ ما تُسببه لنا السوشيال ميديا وكيف يمكن التغلب عليه؟

قد يبدو أخذ استراحة من صفحاتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعية أمراً ليس باليسير، رُبما يُشعرك هذا بالعزلة، أو يُفقدك خيط التواصل مع الآخرين

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/21 الساعة 23:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/21 الساعة 23:19 بتوقيت غرينتش

قد يبدو أخذ استراحة من صفحاتك الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعية أمراً ليس باليسير، رُبما يُشعرك هذا بالعزلة، أو يُفقدك خيط التواصل مع الآخرين، أو يُشعرك أنك خارج الحياة بشكل ما، وغير مُلمّ بما يدور من أحداث وأخبار،  خاصةً عندما تكون دورة الأخبار غير متوقفة.

عدم التوقف هذا أدى إلى إرضاء الناس بتغذياتهم الخبرية أكثر من المعتاد، وهذا يقودهم بدوره إلى الشعور بالمزيد من القلق، لكن التخلص من هذه "السموم الرقمية" لن يكون بإغلاق هاتفك حتى ليوم واحد، فلن يكون المنع التام وغض الطرف عن الأحداث العالمية الهامة هو الحل.

كذلك، فعدد الساعات الطويلة التي يقضيها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي يكون له بعض الآثار السلبية على صحته العقلية وحالته النفسية،

لماذا تجعلنا وسائل التواصل الاجتماعي نشعر بالاكتئاب؟

رَبَطَ بحثٌ نُشر في عدد 2018 من مجلة علم النفس الاجتماعي والسريري استخدامَ وسائل التواصل الاجتماعي بزيادة الشعور بالاكتئاب والشعور بالوحدة. يقول عالم النفس ميليسا هانت، مؤلف الدراسة، إن شعور الناس بالتعاسة عندما يقضون الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط إلى حدٍّ كبير بالمقارنة الاجتماعية.

عندما تنظر إلى حياة الآخرين، لاسيما على Instagram، يكون من السهل أن نستنتج أن حياة أي شخص آخر أمتع وأفضل من حياتك، ووفقاً لنظرية المقارنة الاجتماعية، يبني الناس قيمتهم بأنفسهم بناء على أفضليتهم عن الآخرين.

هذه الرغبة في المقارنة تعود إلى ما قبل وجود وسائل التواصل الاجتماعي، فمنذ فترة طويلة كان مفتاح البقاء على قيد الحياة.

لا توجد طريقة سهلة لتجنُّب المقارنة تماماً، وعلى الرغم من أنك قد لا تكون قادراً على تغيير دائرتك أو تفادى كل منشور يجعلك تشعر بالنقص، يمكنك أن تتعلم كيف لا تقع فريسةً لفخّ المقارنة.

كيف تتغلب على فخ المقارنة؟

هناك بعض الطرق التي تجعلك لا تقع في فخ المقارنة، ومن ثم تتغلب على الشعور بالاكتئاب الذي يُسببه، ومنها

حدِّد الأشياء التي تُشعرك بالضيق

تتمثل الخطوة الأولى للحفاظ على سلامة عقلك على مواقع التواصل الاجتماعي في معرفة ما الذي ينقلك للحالة السيئة، ويُشعرك بعدم الكفاية أو الاكتئاب دائماً؟

لمعرفة الإجابة حاول إجراء تجربة شخصية، كما تقول سونيا ليوبوميرسكي، أستاذة علم النفس بجامعة كاليفورنيا ريفرسايد ومؤلفة كتاب "أساطير السعادة"، وهي متابعة استخدامك لوسائط التواصل الاجتماعي ورصد حالتك المزاجية، مع التركيز بشكل خاص على مشاعر احترام الذات ثماني مرات أو 12 مرة في اليوم.

بالنظر إلى ثقافتنا المهووسة بالشهرة، قد تخمن أن المقارنات مع نجومك المفضلين، بأجسادهم البراقة ومساكنهم وسياراتهم الفارهة، هي التي تُسبب الاكتئاب، لكن هذا ليس هو الحال دائماً، فكما يقول إيرين فوجل، زميل ما بعد الدكتوراه في قسم الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، أن المقارنات تميل إلى أن تكون الأقوى عندما تُجرى للأشخاص الذين يشبهوننا.

ممارسة اليقظة

الذهن هو أسلوب رائع لوضع الأمور في نصابها الصحيح، ومساعدتنا في مواجهة الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي، مع الممارسة يمكنك أن تتعلم مراعاة هذه المشاعر بعناية، دون أن تنخرط تماماً معها أو تتعثر فيها.

كيف تقوم بذلك؟ بالنسبة للمبتدئين، لا تقاوم أو تتجنب المشاعر غير المريحة، وفقاً لموقع Mindful.org راقبهم، وانتبِه لمدى شعور الضيق والسخط في جسمك، لاحظ أفكارَك، ماذا يقول صوتك الداخلي؟ اعترِف بهذه الأفكار من مسافة بعيدة، فلا تتوحد معها ولا تعترف بصحتها.

بمجرد التعرف على الأفكار والمشاعر السلبية التي تطفو على رأسك تلقائياً أثناء تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك كسر حلقة اللاوعي، ومن ثم يمكنك اتخاذ قرار مدروس لفصل نفسِك عن هذا الشعور السلبي وعدم التوحد معه.

إعادة صياغة وجهة نظرك

مثلما توصل مواقع التواصل الاجتماعي الحقيقة مشوهة، يمكنها أيضاً تشويه أفكارك الناتجة عن التصفح الدائم، على سبيل المثال، عندما تنشر صديقتكِ صوراً لأطفالها المؤدبين في مرحلة ما قبل المدرسة فقد تستنتجين على الفور أنكِ أُم سيئة، لأن أطفالكِ لا يتصرَّفون مثل الملائكة طوال الوقت هكذا، وهذا هو ما يسمى التشويه المعرفي.

بمرور الوقت، ستقوم بتطوير رادار شخصي، وتعلم إعادة صياغة المعتقدات السلبية لتصبح أفكاراً صحية أكثر واقعية.

خلق علاقات حقيقية عبر الإنترنت وخارجه

على الرغم من الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك، فمن الممكن تماماً إنشاء تفاعلات حقيقية مع الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي، في بعض الأحيان يمكن أن يكون التخلي عن حذرك ومشاركة عيوبك هو الطريق لإقامة هذه العلاقات الحقيقية.

إذا كنتَ تمرُّ بشيء صعب، فلا بأس بطلب الدعم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعبارة أخرى عندما تقدم نفسك بطريقة حقيقية فإنك تشجع الآخرين على أن يحذوا حذوك، ويمهد الطريق لحوار صادق.

حماية صحتك العقلية والنفسية من الأخبار السيئة على السوشيال ميديا

جانب آخر يمكن أن تؤثر به وسائل التواصل الاجتماعية سلباً عليك هو أنها تُمطرك بوابل من الأخبار السيئة، وتُعرفك بها عن قرب

الأخبار يمكن أن تؤثر على حالتك المزاجية

تقول دكتورة فيرجسون إن الأخبار السيئة جزء من الحياة، لكن عندما تبدو العناوين لا نهائية، فقد يكون لها بالتأكيد خسائر، يمكن أن يؤثر ذلك على الجميع، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الضعف

مثل الإجهاد اللاحق للصدمة أو تاريخ من مشاكل الصحة العقلية أو القلق، يمكن أن يُمثل هذا التعرض المُبالغ فيه للأخبار السيئة خطراً ويصبح مشكلة حقيقية.

وهنا تكون الرعاية الذاتية أمراً حيوياً لصحتك، والتي يمكنك ممارستها عن طريق  مراقبة علامات التحذير مثل التهيج والعصبية، والحالة المزاجية المنخفضة، والرغبة في عزل نفسك، كل هذه العلامات قد تحتاج إلى التراجع وتقليل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو مشاهدة الأخبار.

إذا كنت تشعر بأن طاقتك بدأت تضعف خلال أدائك اليومي العادي، سواء كان ذلك في العمل أو في حياتك الشخصية، فقد حان الوقت لممارسة بعض الرعاية الذاتية.

كن على دراية بكيفية تعاملك مع الأخبار

يعدّ "تعيين الحدود" بينك وبين ما تقرأه من أخبار وأحداث نصيحة شائعة، ولكنها غالباً ما تكون من النصائح الصعب اتباعها، لأن الناس يتفاعلون مع الأخبار بطرق مختلفة.

لذلك حاوِل أن تحدد الأشياء التي تدفعك إلى الشعور بالقلق أو الاكتئاب، فإذا كان التحقق من موجز الأخبار لديك لا يدفعك إلى هذه الحالة النفسية السيئة، ولكن التعامل مع المعلقين هو ما يدفعك إلى الأسفل، فضع حدّاً للقيام بهذا الأمر.

إذا كان المرور على العناوين الرئيسية وحده يجعل حالتك النفسية سيئة أكثر من اللازم، فجرِّب أن تضع جدول مواعيد للتصفح، وألا تترك الأمر مفتوحاً خلال يومك بأكمله، كذلك حاوِل تعيين مرشحات على نتائج الأخبار بحيث لا تتابع المواقع المثيرة بشكل خاص، والتي قد تغريك على الانخراط والمتابعة الزائدة.

كن حذراً من أن البقاء على اتصال لا يتحول إلى إدمان

معظمنا يعرض سلوكيات مدمنة فيما يتعلق بأجهزتنا المحمولة، دون حتى معرفة ذلك، قد يكون هذا غير صحي، خاصةً إذا كان الإمساك بهاتفك والولوج إلى صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي هو أول شيء تقوم بفعله في الصباح، وآخر شيء تفعله قبل النوم.

إذا كان الخوف من أن يفوتك خبر أو حدث يبقيك ملتصقاً بجهازك أكثر من المعتاد، فابدأ في تحطيم هذه العادة عن طريق وضع حد للإمساك بهاتفك وتحويله إلى الوضع الصامت، خاصةً عندما تشارك في نشاط آخر، حتى لا تُشتتك التنبيهات وتُغريك بالمتابعة.

لا تخش العزلة بالتراجع عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي

أنت تُضيع على نفسك شيئاً هاماً بكثرة الاطلاع والتواجد على مواقع التواصل الاجتماعي وليس العكس

تفقد فرص ممارسة الأنشطة الهامة والمُحببة لك والتي تُحسن من حالتك النفسية وتنمي مهاراتك العقلية، وفي الوقت نفسه أنت لا تفقد الشيء الكثير إذا قلَّلت تواجدك على مواقع التواصل الاجتماعي.

فلا تخش العزلة وعدم الاطلاع على المستجدات إذا قلَّلت من وجودك على السوشيال ميديا، فحتى عندما لا تشارك في مواقع التواصل الاجتماعي وتتواصل مع الأصدقاء والزملاء بدلاً من ذلك، سيظل هؤلاء الأشخاص يشاركون الأخبار وستظل مُطلعاً دائماً على المستجدات.

تحميل المزيد