غالباً ما يكون التمرين على آلات المشي كأنه تعذيب، وهذا الإحساس ليس صدفة أو من فراغ، فهذه الآلات التي تباع بآلاف الدولارات لإذابة الدهون العنيدة، كانت تُستخدم فيما مضي كآلات تعذيب للمساجين.
فمن السهل كره آلات المشي؛ بل يمكن القول إنها أقل معدات صالة الألعاب الرياضية أهمية، لأنها تعيد خلق شيء يمكن فعله مجاناً في الخارج. ومع ذلك، فهي الخيار الأول لمن يريد أن يبدأ جلسة تمارين تحمية.
فهي كآلة رياضية، قد تبدو مناسبة جداً لمن يريد الاستماع للموسيقى أو مشاهدة حلقة من مسلسل أو حتى القراءة، ولكنها مملة جداً للآخرين وغير جذابة؛ لرتابتها وثباتها، حتى تكاد تبدو تعذيباً.
تاريخ آلات المشي بالأرقام:
بحسب ما نشره موقع Quartz، فإن تاريخ آلات المشي يمكن اختصاره في هذه الأرقام:
وظَّف 109 من أصل 200 سجن في بريطانيا آلات المشي بالقرن التاسع عشر.
وقعت حالة وفاة واحدة في الأسبوع على آلات المشي في سجن درم.
بلغ الرقم القياسي العالمي للركض على آلات المشي في أسبوع واحد، 524 ميلاً (843 كم تقريباً)، وسجَّله جيمي ماكدونالد، من مدينة غلوستر الإنجليزية، في مايو/أيار 2019، وقد نُقل بعدها إلى المستشفى، بسبب إصابات مرتبطة بقدمه.
بلغ سعر أول آلة مشي منزلية، وكانت تدعى PaceMaster، 399 دولاراً في الستينيات، أي ما يعادل 2.800 دولارٍ اليوم.
يبلغ العمر الافتراضي لآلة المشي عادةً 7 إلى 12 عاماً.
تكلفة آلة SereneLife الذكية القابلة للطي 280 دولاراً، وهي واحدة من أرخص النماذج.
أما إحدى أغلى آلات المشي فهي Star Trac التي يبلغ سعرها 13,250 دولاراً.
تبلغ تكلفة المواد المستخدمة لبناء آلة مشي لسمكة روبيان أو قريدس 47 دولاراً، وقد بُنيت لأغراض علمية.
من الجدير ذكره أن تكلفة الجري في الهواء الطلق 0 دولار أو جنيه أو درهم، أو أياً ما كانت عملة بلادك.
من اخترع آلات المشي؟
لم يكن الغرض من بناء المهندسين البريطانيين آلات المشي (أو المطحنة كما سُميت حينها) في القرن الـ19 هي التمارين الرياضية؛ بل العقاب.
فقد كان الإنجليز يعملون على إصلاح أنظمة السجون الخاصة بهم؛ للتأكد من أن الفقراء لن يرتكبوا جرائم بسيطة؛ للحصول على طعام ومأوى مجاني في السجن.
تقول ديان بيترز في كتاب JSTOR الصادر في 2018: "كانوا بحاجة لمقابلة هذا الترف بالعمل. وكان في العادة عملاً مؤلماً وبلا فائدة".
في البداية، استُخدِمَت هذه الآلات لإبقاء السجناء مشغولين، وكانت آلات المشي متصلة بآلات أخرى يمكنها طحن الذُّرة أو ضخ الماء، مع عمل (أو مشي) ما يصل إلى 20 سجيناً في وقت واحد.
وقد وَجد هذا الاتجاه طريقه إلى الولايات المتحدة، لكن واضعي السياسات بدأوا التشكيك في فاعليته؛ فلم يكن السجناء يتعلمون أي نوع من أنواع المهارات المفيدة مع حلول موعد إطلاق سراحهم، وكان جدول عملهم شاقاً (10 ساعات في اليوم، و7 فقط في الشتاء!)، وهو ما يعني أن كثيراً منهم ماتوا في النهاية.
ومع حلول أوائل القرن الـ20، صدرت قوانين تأمر بإيقاف مطاحن السجون المرتبطة بآلات المشي.
وفي إنجلترا، استمرت آلات المشي باعتبارها وسيلة عقاب حتى أواخر القرن التاسع عشر، عندما تم التخلي عنها؛ لكونها "قاسية للغاية".
أسلوب الحياة الراكد يعيدها للعمل من جديد
لكن في منتصف القرن الـ20، أصبحت الطبقة العاملة المتوسطة العليا كثيرة الجلوس وراء المكاتب.
وفي الستينيات، أصبحت ممارسة التمارين الرياضية للمتعة نوعاً من الترف.
ومع ظهور تمارين الآيروبكس والعدو البطيء، عادت آلات المشي مرة أخرى، وهو ما حوَّل بدعة الركض الذي يمارَس بالخارج إلى وسيلة راحة تمارس في بيئة مضبوطة داخل صالة الألعاب الرياضية وفي راحة المنزل.
وما كان يُعتبر تعذيباً في يومٍ من الأيام، أصبح هواية مُكلفة، فإما أن نستثمر في آلة كبيرة تضاف إلى أثاث المنزل، وإما أن نستثمر في نوادٍ رياضية شهرياً، لنجبر أنفسنا على الحركة، ويتقمص المدرب الشخصي دور آمر السجن بضع ساعات!