المغرب في مواجهة البرتغال.. تاريخ طويل من النضال ضد الاستعمار وكسر الغزاة جمع البلدين قبل كرة القدم

عربي بوست
تم النشر: 2022/12/10 الساعة 11:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/12/10 الساعة 11:25 بتوقيت غرينتش
المنتخب المغربي بعد فوزه على إسبانيا في كأس العالم 2022/ رويترز

بعد انتصار المغرب المثير على إسبانيا في دور الـ16، سيواجه المنتخب العربي البرتغال في ربع نهائي مونديال كأس العالم، مساء السبت، 10 ديسمبر/كانون الأول. وكانت المباراة التي خاضها المغرب مع الإسبان، وفاز بها "أسود الأطلس" بركلات الترجيح، يغلّفها سياق تاريخي وسياسي.

فالتوترات والحروب التي امتدت لقرون بين البلدين، بداية من الفتح الإسلامي للأندلس، الذي انطلق من الشواطئ المغربية، وانتهاءً بالاستعمار الإسباني لشمال إفريقيا في القرن العشرين، زادت من حدة المنافسة. ومباراة ربع النهائي اليوم لا تختلف كثيراً: فالعلاقات البرتغالية المغربية شابتها- لأكثر من ألف عام- صراعات واضطرابات مشابهة.

ومن الحكم الإسلامي المغربي للبرتغال، إلى الموقع البرتغالي الذي أدرجته "اليونسكو" في قائمتها للتراث العالمي في المغرب، والملوك الثلاثة الذين لقوا مصرعهم في معركة واحدة، يلقي تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني نظرة على التاريخ المشترك بين البلدين.

1- الفتح الإسلامي للبرتغال

في عام 711م، عبر طارق بن زياد، وهو قائد أمازيغي مسلم، وكان يحكم طنجة، مضيق جبل طارق بـ7000 جندي، وبدأ حكماً إسلامياً استمر لـ8 قرون على أجزاء مختلفة من شبه الجزيرة الأيبيرية.

ومعظم المنطقة المحتلة كانت تضم إسبانيا الحديثة، إلا أن جارتها الغربية، البرتغال، وقعت أيضاً تحت الحكم الإسلامي.

وبحلول عام 718م، كان المسلمون يسيطرون على كل البرتغال تقريباً، وأصبح يُشار إليها بغرب الأندلس، أو الغرب، الكلمة التي اشتُق منها اسم منطقة "الغارف" في البرتغال.

وبعد انهيار الحكم الأموي للأندلس في منتصف القرن الـ11، قُسمت المنطقة، التي تضم أجزاء من البرتغال، إلى عدة إمارات إسلامية مستقلة.

وحينذاك، استولى المرابطون، ومن بعدهم الموحّدون، وكلاهما من الأمازيغ، على معظم الأراضي التي يسيطر عليها المسلمون في أيبيريا، التي تضم أجزاء من جنوب البرتغال، وجعلوا من مراكش عاصمة لهم.

لكن كلتا الإمبراطوريتين المتمركزتين في المغرب جاهدتا لصد التقدم المسيحي، الذي كان مدعوماً من البابوية وجذب فرسان صليبيين من جميع أنحاء أوروبا، في إطار حروب الاسترداد (سقوط الأندلس).

سيطرت مملكة البرتغال على العاصمة الحالية خلال حصار لشبونة عام 1147م، وعلى منطقة فارو عام م1249، وبذلك سقطت غرب الأندلس.

وعام م1496، بعد 4 سنوات من سقوط غرناطة، الذي انتهى معه الحكم الإسلامي على إسبانيا تماماً، تبعت مملكة البرتغال جارتها الأيبيرية بإجبار الأقليات اليهودية والمسلمة على التحول إلى المسيحية أو مغادرة البلاد بالقوة.

وفضّل كثيرون الخيار الثاني، واستقروا في المغرب وأجزاء أخرى من شمال إفريقيا.

وترك الحكم الإسلامي للبرتغال أثراً إسلامياً خالداً، من الشِّعر إلى المداخن التي تحمل شكل مئذنة، و19 ألف كلمة ومصطلح برتغالي من أصول عربية. وحصل الكاتب البرتغالي أدالبرتو ألفيس على جائزة اليونسكو-الشارقة للثقافة العربية عام 2008 لتوثيقه هذه الآثار.

2- الاحتلال البرتغالي للمغرب

بدأ توسع الإمبراطورية البرتغالية في المغرب عام م،1415 بغزو مدينة سبتة الساحلية، وامتد لمناطق مختلفة لمدة 3 قرون ونصف أخرى.

وبحلول عام م1520، احتل البرتغاليون أجزاء كبيرة من الساحل المغربي، تشمل سبتة وطنجة وأصيلة والصويرة وأكادير وأزمور والقصر الصغير.

وشيد المحتلون الأوروبيون عدة حصون في البلدات المغربية التي سيطروا عليها، مثل جزيرة غراسيوزا الصغيرة، في كاستيلو ريال في مدينة موغادور (المعروفة الآن باسم الصويرة) ومازاغان، التي تسمى الجديدة في العصر الحديث.

وأُدرجت مدينة الجديدة، التي تقع على بُعد 90 كيلومتراً جنوب غرب الدار البيضاء، في مواقع اليونسكو للتراث العالمي عام 2004 "باعتبارها مثالاً بارزاً على التأثيرات المتبادلة بين الثقافتين الأوروبية والمغربية، التي تتجلى في الهندسة المعمارية والتكنولوجيا وتخطيط المدن".

3- المغاربة يستعيدون السيطرة

في منتصف القرن الـ16، قاد محمد الشيخ، أول سلطان من سلالة السعديين في المغرب، مقاومة ضد البرتغاليين. وتحت قيادته، طرد المغاربيون الأيبيريين من معظم حصونهم على طول ساحل المحيط الأطلسي، التي كان من بينها مدينة أكادير التجارية الرئيسية عام 1541م.

وفي معركة وادي المخازن عام 1578م، التي يُشار إليها غالباً باسم معركة الملوك الثلاثة، تلقت البرتغال أسوأ هزائمها العسكرية في عصرها الاستعماري.

وبمساعدة السلطان المغربي المخلوع أبو عبد الله محمد الثاني عشر، هبط ملك البرتغال سيباستيان في طنجة مع 20 ألف رجل لمواجهة السلطان الجديد عبد الملك وقواته البالغ قوامها 50 ألف جندي.

وهزم الجنود المسلمون الأوروبيين شر هزيمة، وقُتل سيباستيان ومحمد أثناء القتال. ومات عبد الملك إثر القتال أيضاً، ومن هنا جاءت تسمية المعركة، بمعركة الملوك الثلاثة.

وتسببت وفاة سيباستيان، الذي لم يكن له وريث، في أزمة حكم في البرتغال، ولذلك خضعت المملكة لسيطرة إسبانيا مدة 60 عاماً. وخلال هذه الفترة، تدهورت الإمبراطورية البرتغالية على مستوى العالم.

4- آخر معقل مغربي سلّمته البرتغال قبل نحو 250 عاماً

سُلمت طنجة لاحقاً إلى إنجلترا عام 1661 وسبتة إلى إسبانيا عام 1668. وظلت الأخيرة تحت السيطرة الإسبانية من حينها، وهي نقطة خلاف رئيسية بين المغاربة والإسبان حتى يومنا هذا.

وقد سُلِّم المعقل البرتغالي الأخير، مازاغان، إلى المغاربة عام 1769، وتم توقيع اتفاق سلام بين البلدين بعد ذلك بخمس سنوات، وتسمى هذه المدينة اليوم في المغرب باسم "الجَدِيدَةُ".

وعلى عكس علاقة المغرب المضطربة مع إسبانيا، لا توجد أي خلافات إقليمية بينها وبين البرتغال في الوقت الحاضر، وقد حافظ الاثنان على علاقاتهما الودية على مدى القرنين ونصف القرن الماضيين بعد قرون من الاشتباك.

تحميل المزيد