أعلنت عدد من الدول الأوروبية أنها لن تقدِّم لقاح أوكسفورد/أسترا-زينيكا لمن هم أكبر من 65 عاماً، رغم اعتماده من قِبَلِ وكالة الأدوية الأوروبية للاستخدام في جميع الفئات العمرية فوق 18 عاماً.
ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللقاح بأنه "شبه غير فعَّال" للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، وبعد ذلك قدَّمت السلطات الصحية الفرنسية توصيةً غير رسمية بعدم الموافقة على التطعيم لمن هم فوق الـ65 عاماً.
ومع ذلك، هناك بياناتٌ محدودة تشير إلى أن اللقاح لا يعمل مع كبار السن.
وخلال التجارب السريرية، شارك عددٌ مُتنوِّعٌ من الأشخاص لفهم كيفية تأثير اللقاح على مختلف الأشخاص، بناءً على العمر والعرق والجنس. أُعطِيَ بعض هؤلاء الأشخاص اللقاح، وأُعطِيَ البعض الآخر دواءً وهمياً. وكان ذلك لاختبار الفرق بين الحصول على علاج وعدم وجود شيء.
ثم كان على العلماء المشاركين في التجارب الانتظار لمعرفة من سيُصاب بكوفيد-19. إذا أُصيبَ المزيد من الأشخاص بالفيروس بدون اللقاح، فسوف يظهر أن اللقاح يمنح مستوىً من الحماية.
ومع ذلك أُصيبَ فقط اثنان من بين 660 فوق الـ65 عاماً، مِمَّا يعني أن بعض المنظِّمين الأوروبيين لا يعتقدون أن البيانات قوية بما يكفي للتوصُّل إلى استنتاجاتٍ حول فاعلية اللقاح.
يقول جيم نايسميت، أستاذ البيولوجيا التركيبية في جامعة أوكسفورد: "تلخَّص تقييمهم في أن الفاعلية لم تظهر بعد على من هم أكبر من 65 عاماً. ولم يقل أيٌّ منهم إن اللقاح غير فعَّال لمن تزيد أعمارهم على تلك السن".
بعبارةٍ أخرى، ليس هناك قلقٌ من أن اللقاح ليس آمناً لمن هم أكبر من 65 عاماً، أو أنه عديم النفع. في المقابل تختار بعض البلدان انتظار وصول المزيد من البيانات.
يوضح نايسميث قائلاً: "غالباً ما يختلف العلماء حول مقدار الأدلة المطلوبة لأيِّ تقدُّمٍ جديد، وهناك دائماً المزيد من البيانات التي يجب تأمينها". وأضاف: "عادةً ما يحدث كلُّ هذا بعيداً عن مرأى ومسمع وسائل الإعلام.. لكن مثل هذه المناقشات هي جزءٌ مهمٌ من العملية العلمية".
وقال الرئيس التنفيذي لوكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في المملكة المتحدة، الدكتور جون رين، إن "الأدلة الحالية لا تشير إلى أيِّ نقصٍ في الحماية ضد كوفيد-19 لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً والذين يتلقون لقاح أسترا-زينيكا".
موقف الشركة المصنعة للقاح
وعلى الرغم من موقف باريس إلا أن شركة أسترازينيكا المصنعة للقاح، قالت عبر موقعها على الإنترنت، إن "اللقاح أظهر بمرحلة التجارب السريرية أنه آمن وفعال في منع كوفيد19، دون حدوث حالات حادة أو الحاجة للعلاج بالمشفى لأكثر من 14 يوماً، بعد الحصول على الجرعة الثانية".
وتم السماح بالفعل باستخدام لقاح أسترا بشكل طارئ في كل من المغرب والهند والأرجنتين والدومنيكان والمكسيك والسلفادور، وفقاً لما يذكره موقع الشركة، فضلاً عن المملكة المتحدة.
وبعد التجارب السريرية، كان البريطاني براين بينكر البالغ من العمر 82 عاماً أول الحاصلين على الجرعة الأولى من لقاح أسترا في الرابع من شهر يناير/كانون الثاني، وفقاً للنسخة الدولية من موقع بيزنس إنسايدر.
ترتيب زمني للخلاف!
وجاء الموقف الفرنسي بعد التوصية الألمانية الأخيرة عقب إعلان الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عن استيائه من شركة أسترازينيكا، في إشارة إلى تأخر الشركة البريطانية السويدية العملاقة في إمداد الاتحاد بجرعات اللقاح. ويأتي ذلك بالتزامن مع اعتراف ألمانيا مؤخراً بمواجهة "عجز في اللقاحات يمكن أن يستمر حتى شهر إبريل/نيسان"، وفقاً لتصريحات وزير الصحة الألماني يانس شبان، ما دفع شبان للدعوة لعقد اجتماع يجمع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وكبار مسؤولي قطاع الصناعات الدوائية.
أوراق بحثية حول فاعلية اللقاح
وأوضحت جامعة أكسفورد المشاركة في تطوير اللقاح، في بيان صادر عنها قبل ذلك، أن نتائج التجارب السريرية للقاح تم نشرها بالفعل "بكل شفافية" عبر خمسة إصدارات علمية وأظهرت استجابات للمناعة مماثلة لدى الأصغر والأكبر سناً، حسب الجامعة.
إلا أن النسخة الدولية من موقع بيزنس إنسايدر تشير إلى ورقة بحثية منشورة بمجلة لانسيت العلمية في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي ذكرت أن "الباحثين بجامعة أكسفورد تحدثوا عن عدم كفاية البيانات لتحديد ما إن كان اللقاح يعمل لكبار السن، كما أنهم ما زالوا يعملون على تجميع المزيد من البيانات لإجراء تحليل في المستقبل".
ويشير موقع الطبيعة Nature العلمي إلى أن تجارب الجرعة الأولى للقاح لم تتضمن مشاركين من كبار السن، "وهو ما يثير مخاوف بشأن الفاعلية المرتفعة للقاح بسبب استبعاد فئة عمرية معرضة للخطر من الفيروس كوفيد". ولهذا يظل من غير الواضح مقدار استفادة الفئة العمرية الأكبر سناً من اللقاح.