“قرار لن يحل الأزمة”.. واشنطن بوست: اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء ينذر بتأجيج الصراع

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/12/12 الساعة 14:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/11 الساعة 21:47 بتوقيت غرينتش
ينوي بيع الرباط أسلحة متطورة.. واشنطن بوست: إقرار ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ينذر بمزيد من التوتر/ أرشيفية AP

ينذر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها بإشعال التوترات القائمة في المنطقة، وحرمان مئات الآلاف من سكان الإقليم من حقهم في تقرير المصير، كما تقول صحيفة Washington Post الأمريكية.

كما أنه سيضع الولايات المتحدة من جديد، في مواجهة مع معظم دول العالم. ففي مقابل موافقة المغرب على بدء تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أصبحت الولايات المتحدة يوم الخميس القوة الكبرى الأولى والوحيدة التي تعترف بالسيادة المغربية على الإقليم الصحراوي المتنازع عليه، وهو الإجراء الذي كان يسعى إليه المغرب منذ سنوات.

"قرار ترامب حول المغرب يعارض قرارات الأمم المتحدة"

ويرى المغاربة أن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية خطوة أولى مهمة في إقناع القوى الكبرى الأخرى، مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، بفعل المثل، بحسب محللين.

لكن حمل المزيد من الدول على الاعتراف بسيادة المغرب يعني معارضة قرارات الأمم المتحدة التي تمنح السكان الصحراويين الأصليين في الإقليم، وجبهة البوليساريو، الحركة المؤيدة للاستقلال، السيادة على المنطقة. واليوم، تعترف 38 دولة، معظمها في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، التي أصبحت عضواً في الاتحاد الإفريقي عام 1984، أو تربطها علاقات دبلوماسية بها.

أنصار المغرب وجبهة البوليساريو في تظاهرة خلال المنتدى الاجتماعي العالمي بتونس في مارس/آذار 2015، أرشيفية/ الأناضول

يقول سيدي عمر، ممثل جبهة البوليساريو في الأمم المتحدة، في إشارة إلى الاعتراف الأمريكي: "لن يكون له أي تأثير على الطبيعة القانونية لقضيتنا. الأمم المتحدة لا تعترف بسيادة المغرب".

ويأتي القرار الأمريكي وسط تصاعد التوترات بين القوات المغربية وجبهة البوليساريو المدعومة من جارتها الجزائر. ويُذكر أن الجبهة أنهت الشهر الماضي وقف إطلاق النار الذي دام 29 عاماً وأعلنت حالة الحرب بعد اتهامها المغرب بتنفيذ عمليات عسكرية في منطقة عازلة في الصحراء. وقال المغرب إن تحركه جاء على خلفية مزاعم باعتراض قوات الجبهة للناس والبضائع ومضايقة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهو ما نفته الأمم المتحدة في وقت لاحق.

عرقلة أمريكية لإيجاد حل للصراع الصحراوي

ويوم الخميس 10 ديسمبر/كانون الأول، امتد العداء إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعلن عمر، مبعوث جبهة البوليساريو، في تغريدة لاذعة أن اعتراف ترامب "يظهر أن النظام المغربي مستعد لبيع روحه للحفاظ على أجزاء من الصحراء الغربية"، حسب تعبيره.

وأعلنت الجبهة في بيان أن الاتفاقية "انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية". وأضافت المجموعة أن هذه الخطوة "تعرقل جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل للصراع".

ويُذكر أن أكثر من 100 ألف شخص فروا من الصراع في الصحراء الغربية ويعيشون الآن لاجئين في ظروف صعبة في الصحراء الجزائرية. وعلّق الكثيرون آمالهم على الوعد بإجراء استفتاء على الاستقلال، وهو الاستفتاء الذي كُلِّفت الأمم المتحدة بالإشراف عليه، لكنه لم يتم بعد. وازدادت معالم مستقبلهم غموضاً.

هل سيؤدي الموقف الأمريكي بتغيير في موقف الدول الكبرى من قضية الصحراء الغربية؟

وتتراجع احتمالات إجراء الاستفتاء مع استخدام الولايات المتحدة لحق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وإذا اتبعت المزيد من الحكومات الموقف الأمريكي، فسيكون الاعتراف الدولي بدولة صحراوية مستقلة بعيد المنال.

وقد تمتد التوترات عبر الحدود. فالجزائر، الراعي الرئيسي لجبهة البوليساريو، لديها مشكلاتها الداخلية لتتعامل معها، ومن ذلك الأزمة الاقتصادية والاضطرابات السياسية والاجتماعية والرئيس الذي يُعالج من فيروس كورونا منذ أواخر أكتوبر/تشرين الأول. لكن الدولة قد تتدخل إذا اُستهدفت جبهة البوليساريو فعلياً.

تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل
ملك المغرب محمد السادس/رويترز

يقول هاميش كينير، محلل شؤون شمال إفريقيا في شركة Verisk Maplecroft الاستشارية للمخاطر السياسية، في تحليل عبر البريد الإلكتروني:  "المغرب الذي شجعه ما هو تأييد أمريكي واضح، سيشعر بالحرية في مواصلة حربه على جبهة البوليساريو، التي قد تدعو إلى تدخل الجزائر، الداعم الأجنبي الرئيسي لها".

وأضاف كينير أن اعتراف الولايات المتحدة "من المستبعد أن يؤدي إلى تغيير بين عشية وضحاها في موقف الدول الكبرى"، مشيراً إلى أنه حتى الحلفاء المقربين للمغرب، مثل فرنسا، يتفقون مع الأمم المتحدة بخصوص وضع الصحراء الغربية.

يقول عمر: "أياً كان ما تختار الدول الأخرى فعله، فهذا شأنها. أما نحن، فسنواصل نضالنا حتى نحقق حريتنا". وقال إن جبهة البوليساريو ما تزال تأمل في أن تلغي الإدارة القادمة للرئيس المنتخب جو بايدن "القرار الذي اتخذه دونالد ترامب، والذي ينتهك القواعد الأساسية للقانون الدولي". لكن كينير ومحللين آخرين قالوا إن مثل هذه الخطوة مستبعدة لأنها على الأرجح ستنسف تطبيع المغرب مع إسرائيل.

ترامب يجهز لصفقة أسلحة مع المغرب بمليار دولار

وفي ظل المساعي الأمريكية "التي لن تؤدي إلا لتأجيج الصراع في المغرب"، نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة، السبت 12 ديسمبر/كانون الأول، أن إدارة ترامب أرسلت إخطاراً للكونغرس بمضيها قدماً في بيع طائرات مسيرة وأسلحة موجّهة بدقة، بقيمة قد تصل إلى مليار دولار للمغرب، وذلك بعد إعلان البيت الأبيض سيادة الرباط على إقليم الصحراء الغربية، والتوصل لاتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل.

وبحسب مصادر رويترز، فإن الصفقة التي تعد لها إدارة ترامب تشمل أربع طائرات مسيرة من طراز "إم كيو-9بي سي جارديان" من صنع شركة جنرال أتوميكس المملوكة للقطاع الخاص، وذخائر موجهة بدقة من نوع هيل فاير، وبيف واي، وجي دي إيه إم. من صنع شركات لوكهيد مارتن وريثيون وبوينغ. 

التطبيع بين المغرب وإسرائيل
ترامب وملك المغرب محمد السادس، أرشيفية/ رويترز

ويتم إخطار الكونغرس بصفقات الأسلحة الدولية الرئيسية وإعطائه فرصة لمراجعتها قبل إتمامها، حيث بموجب قانون صادرات الأسلحة الأمريكي يمكن لأعضاء الكونغرس محاولة منع مثل هذه المبيعات من خلال تقديم قرارات بالرفض، لكن المصادر قالت إن هذا غير متوقع في هذه الحالة. 

تقول رويترز إن هذه الصفقة مع المغرب ستكون من بين أولى مبيعات الطائرات المسيرة، بعد أن مضت إدارة ترامب قدماً في خطة لبيع المزيد من هذه الطائرات لعدد أكبر من الدول، من خلال إعادة تفسير اتفاقية دولية للحدّ من الأسلحة تُسمى نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ.

تشمل بناء ميناء في الصحراء.. أمريكا تعد باستثمار 3 مليارات دولار في المغرب

في السياق نفسه كشف مسؤول بإدارة ترامب، الجمعة 11 ديسمبر/كانون الأول 2020، تعهد واشنطن بتنفيذ استثمارات في المغرب بنحو 3 مليارات دولار على مدار 3 سنوات. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مسؤول بارز بإدارة ترامب- لم تسمه- قوله إن الاستثمارات الأمريكية المرتقبة في المغرب "ليست مرتبطة" باتفاق التطبيع بين إسرائيل والمغرب.

من جهتها، دعت وزارة التجهيز المغربية، الجمعة، إلى تقديم عروض لبناء ميناء في الداخلة، المدينة الواقعة بإقليم الصحراء، إذ قالت في بيان، إنه من المقرر إغلاق المناقصة في 28 يناير/كانون الثاني 2021. تقول الحكومة إن الميناء سيكلف ما يصل إلى مليار دولار، وسيساعد في تعزيز الروابط البحرية والتجارة بين المغرب وسائر إفريقيا.

كما جاءت المناقصة بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة اعتزامها فتح قنصلية بالمدينة الواقعة على ساحل الأطلسي، لتنضم بذلك إلى نحو 17 دولة عربية وإفريقية لها بالفعل بعثات دبلوماسية في الصحراء.

تحميل المزيد