إذا كان لقاح كورونا يحتاج لـ18 شهراً، فإن 70٪ من البشر سيصابون، ما الذي تفعله الحكومات الآن؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/03/27 الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/27 الساعة 10:14 بتوقيت غرينتش

"حتى تاريخه، لا يوجد أي دواء محدد مُوصى به للوقاية من فيروس كورونا المستجد أو علاج له"، اقتباس من موقع منظمة الصحة العالمي يدل على أن الإجراءات الدولية الحالية لمواجهة كورونا هي أساس للوقاية لا للعلاج. ومنذ انتشار الفيروس نهاية العام الماضي وحتى اليوم، شغل موعد توقف انتشاره الرأي العام الدولي، وكان محط تساؤل غالبية شعوب العالم، ليحددها خبراء بأنها تتراوح ما بين شهرين إلى 18 شهراً.

ما الذي تخشاه الدول الآن؟

التخوف السائد حالياً هو الانتشار السريع للمرض، ما يضغط على المستشفيات وأقسام الطوارئ والإسعاف، ولهذا فإن إجراءات الحجر المنزلي أفضل الطرق وقاية لمنع انتشار الفيروس والقضاء عليه.

وتقول منظمة الصحة العالمية: "يجب أن يحصل المصابون بالفيروس على الرعاية المناسبة لتخفيف الأعراض وعلاجها، ولا تزال بعض العلاجات تخضع للاستقصاء، وسيجري اختبارها من خلال تجارب سريرية، وتتعاون المنظمة مع مجموعة شركاء على تسريع وتيرة جهود البحث والتطوير".

فيما أصبح العالم يشعد سباق تسلحٍ عالمي لإنتاج لقاح مضاد للفيروس المستجد. خلال الأشهر الثلاثة الماضية منذ بدء انتشار الفيروس المميت، انطلقت الصين وأوروبا والولايات المتحدة في سباق سرعةٍ على أول من ينتج لقاحاً مضاداً للفيروس بينهم.

يقول الطبيب التركي، رامي أيوب أوغلو: "لا يوجد حالياً تخمين محدد لانتهاء المرض، ولكن هناك أبحاثاً تقول إنه قد يستمر إلى 18 شهراً، حسب النتائج على اللقاحات".

وأضاف: "إجراءات الدول كفيلة بالعلاج، لكن هذه الإجراءات بحاجة للتعاون مع الشعب، وفي الوقت الحالي يعد التزام الناس ببيتهم وعزل المريض من أهم طرق الوقاية".

يعتقد أوغلو أن الناس لديها مخاوف بسبب عدم توصل التجارب العلمية حتى الآن لدواء محدد أو لقاح للمرض، وحالياً هناك أكثر من دولة تعمل على إعداد لقاح قد يتطلب على الأقل 18 شهراً. "هناك مخاوف أيضاً من زيادة الوفيات وخاصة في المجتمعات التي فيها نسبة كبار في السن، في ظل تعامل الأطباء مع فيروس مجهول الهوية".

في السياق، يقول بروس ريبنر، الأستاذ في جامعة إيموري بكلية الطب، للتوضيح: في سياق الأمراض المعدية يوجد نوعان من العلاج، مضيفاً أن "العلاج على المستوى السريري"، ومعناه أن يبدأ الشخص في التحسن وتختفي أعراضه مثل الحمى والسعال. 

وهناك "العلاج على مستوى الأجسام الدقيقة"، وعندها يقرر الأطباء أن الفيروس لم يعد موجوداً في الجسم، وبالتالي لا يمكن لهذا المريض أن ينقل المرض. النوع الأول يتضح على المرضى بصورةٍ جلية، لكن النوع الثاني يقول عنه ريبنر: "إننا ليس لدينا طريقة جيدة بشأن ما يتطلبه".

الالتزام بالتعليمات

أيوب أوغلو تحدث عن سيناريوهات مستقبلية بالقول: "كعاملين في القطاع الصحي نتطلع بتفاؤل، القضاء على المرض لن يكون سهلاً، لكن أهم طرق القضاء عليه الالتزام بالبيت وعدم الخروج في التجمعات وعزل المريض".

وبحسب وصف أوغلو، "في مجتمعات الشرق الأوسط هناك لا مبالاة ويسعى الكل لزيارة المريض وهذا غير صحي، أنا كطبيب أخاف مصافحة ابني، هناك حالات لا تنذر بالشفاء"، موضحاً أن "80٪ من مرضى كورونا يمرضون بدون أن يشعروا، يبقى 20٪ منهم من يمكنه الشعور بمعاناة كحرارة وسعال وضيق في التنفس، وأحياناً إسهال".

وتعد النسبة الكبيرة للمصابين بين فئة كبار السن، وهذا يقودنا إلى ألا نعتقد أنه لا يصيب الشباب، بل عليهم الالتزام بالبيت وعدم مخالطة الناس، متوقعاً استمرار الأزمة لبضعة أشهر.

التقليل من الانتشار السريع

الطبيب التركي أيمن صقلي قال، من ناحيته عن فترة القضاء على كورونا، إنها "ليست أقل من أن تنتهي في يونيو/حزيران المقبل وأقصى حد سبتمبر/أيلول المقبل". وأردف أن "القضاء على الفيروس يكون إما بإيجاد اللقاح، أو إصابة 60-70٪ من المجتمع، وبعدها يتوقف عن الانتشار"، وهي نسبة يتوقعها الكثير من العلماء والحكومات حول العالم.

بحسب صقلي، يجب "على الناس الالتزام بالحجر الصحي قدر الإمكان، وعدم الخروج إن لم يكن هناك ضرورة، والاهتمام بالنظافة الشخصية في أماكن العمل والحمامات، واتخاذ التدابير اللازمة".

في السياق، يرى بعض الخبراء أن فيروس كورونا ربما يتبع نمطاً موسمياً، ويصل إلى ذروته في أشهر الشتاء. وربما يصيب العديد من الناس الآن وبعد ذلك يبدأ في الانحسار في نصف الكرة الشمالي، قبل أن يعود في الخريف. وربما يُحكم قبضته في نصف الكرة الجنوبي.

يقول أليسون ماكغير، عالم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة تورونتو: "هذا الفيروس قد يفعل ما يريده، النمط الذي قد ينتشر به غير معروف تماماً، لكنه أمرٌ مهم لتحديد العبء الذي سيقع علينا جميعاً ربما يكون مثله مثل فيروسات كورونا الأخرى؛ مجموعة من نزلات البرد، ومن الممكن أن يكون مثل الإنفلونزا الموسمية العادية، ومن الممكن أيضاً أن يكون مختلفاً وأسوأ".

الدول تريد شراء الوقت

في السياق، لا يبدو أن لدى الحكومات والعلماء إجابة حاسمة للسؤال الأكثر إلحاحاً في العالم حالياً: متى ينتهي فيروس كورونا؟ ويبدو أن أقصى ما تستطيع فعله هو شراء الوقت حتى إيجاد لقاح للوباء.

يقول الكاتب والباحث علي باكير، حول استراتيجيات الدول في مواجهة الأزمة، بالقول: "لا يوجد وقت محدد للسيطرة على الفيروس أو التعامل مع التداعيات التي سيُخلّفها، حالياً هناك أزمة عالمية".

وأضاف: "بعض المتفائلين يعتقدون أنّ الفيروس سيتراجع مع حلول الصيف، لكن آخرين يعتقدون أن الحل الأنجع هو المسارعة في إيجاد لقاح، وهو ما يستغرق سنة على الأقل، لا يوجد شيء قطعي في هذه المسألة".

ولفت إلى أن "الفيروس أظهر أن أحداً لم يكن مستعداً لمواجهة مثل هذا التهديد غير التقليدي، كما أن ردة فعل الحكومات كانت بطيئة نوعاً ما مقارنة بسرعة انتشار الفيروس عالمياً".

وعن الأهداف المقبلة لمواجهة الأزمة، قال باكير إن "الهدف الأول لهذه الإجراءات هو تقليل سرعة انتشار الفيروس بالشكل الذي يسمح للقطاع الصحي حول العالم بالتعامل مع الحالات المصابة دون أن ينهار، ويتيح للدول أيضاً إبقاء الفيروس تحت السيطرة، والتقليل من الخسائر البشرية والاقتصادية، وشراء الوقت بانتظار الحل الأمثل".

"الأكثر تفاؤلاً يأملون أن تؤدي الإجراءات الراديكالية لمنع انتشاره بشكل نهائي، لكن باستثناء المزاعم الصينية عن احتوائه بهذه الطريقة، لم تستطع أي دولة الوصول إلى هذا الهدف، محاصرة الفيروس تعتمد على سلسلة كبيرة من العوامل تنخرط فيها الدولة والمجتمع والفرد".

وبحسب باكير "إذا لم يكن هناك قرارات سريعة من قِبل الدول والحكومات من جهة، واستجابة من قِبل المجتمع والفرد، فستكون السيطرة على الفيروس، الخوف والهلع لن يساعدا، إنما هناك حاجة للتصرف بوعي ومسؤولية إزاء إجراءات الوقاية منه، أو الحد من انتشاره".

تحميل المزيد