حبسوه بسجن انفرادي، عذبوه فدخل في غيبوبة ومات.. كواليس وفاة داعية سعودي انتقد العائلة الحاكمة

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/22 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/22 الساعة 18:57 بتوقيت غرينتش

كثيرون سمعوا أمس الإثنين عن وفاة الداعية السعودي أحمد العماري الزهراني (70 عاماً)، لكنّ قليلين وقفوا عند تفاصيل ما حصل معه.

مصدر خاص، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال إن الشيخ توفي بعد تعرضه للتعذيب الشديد في سجن ذهبان، بالقرب من مدينة جدة غربي السعودية، فأصيب بجلطة دماغية حادة فارق الحياة في إثرها.

وبحسب المصادر فإن الشيخ قد دفن في 21 يناير/كانون الثاني 2019، في مقبرة الشهداء بجوار منطقة حجز الشرايع بمكة.

العماري الذي كان يعمل عميداً لكلية القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً، كانت قد اعتقلته السلطات السعودية في سجن ذهبان، الواقع بالقرب من مدينة جدة، وذلك في نهاية شهر يونيو/حزيران من العام الماضي 2018.

وذلك بعد اعتقال الداعية السعودي الشهير سفر الحوالي على خلفية علاقته وارتباطه الوثيق به.

خلفيات اعتقال ووفاة الداعية السعودي أحمد العماري

قصة اعتقال الشيخ وبدايتها يكشفها الناشط الحقوقي السعودي ورئيس منظمة القسط يحيى العسيري، الذي يؤكدّ في حديث خاص لـ "عربي بوست"، أنّ الشيخ العماري بعد أن دخل السجن وضع في الحبس الانفرادي لمدة خمسة أشهر، وبعد ذلك سمح لذويه بزيارته، وكان بصحة مقبولة وجيدة.

وأشار إلى أنّ حالته قد تدهورت بشكل مفاجئ، وذلك في الثاني من الشهر الحالي، حيث اتصلت السلطات السعودية عبر إدارة السجن بأسرته، وأخبروهم بأنّ الشيخ العماري موجود في مستشفى الملك فهد بمدينة جدة، وبأنّه قد أسقطت جميع التهم عنه وقد تمّ الإفراج عنه.

يقول عسيري إن سبب الإفراج الحقيقي عن العماري هو عدم استفاقته من الغيبوبة، وتأكيد الأطباء أنّه بحالة "موت دماغي".

مشيراً إلى أنّ قصة الإفراج عنه لم تكن صحيحة، فهو لو لم يفرج عنه، بل تمّ نقله من السجن إلى المستشفى.

منوهاً إلى أنّه لو كانت هناك صحة لحقيقة الادعاءات حول الإفراج عنه لكان الأولى به أن يذهب إلى منزله وليس إلى المستشفى، بعد تدهور حالته الصحية.

ويضيف عسيري لـ "عربي بوست" قائلاً: "عندما تمت زيارته من قبل عائلته في المستشفى اكتشفوا أنّ لديه نزيفاً حاداً في الدماغ، حيث حاول الأطباء إجراء عدة عمليات له بعد دخوله في غيبوبة تامة، حتى توفي يوم أمس الأول الأحد 20-1-2019".

مشدداً على أنّ العماري قد تعرض للضرب والتعذيب والتعليق من القدمين.

وبحسب عسيري فإن محاولة الحديث عن الإفراج عن الشيخ في وسائل الإعلام ما هي إلا دعاية من قبل السلطات السعودية، للتغطية على الجريمة، ولتُخلي مسؤوليتها من حادثة مقتله.

لماذا اعتقل؟

من منزله للقبر، هكذا باختصار ما حصل مع الداعية السعودي، يقول الناشط الحقوقي سلطان العبدلي وهو أحد أقرب أصدقائه، فقد اعتقلوه قبل 5 أشهر من منزله، وتحديداً في أغسطس/آب.

وبحسب العبدلي فقد اعتقل هذا الداعية بعد إصداره كتاباً بعنوان "المسلمون والحضارة الغربية" في عام 2018، اعتقلوه من منزله ببلدة النصباء.

فهذا الكتاب أحدث جدلاً واسعاً بسبب انتقاده للعائلة الحاكمة بالسعودية وهيئة كبار العلماء.

خلال حبسه، رفض العماري الإدلاء بأي معلومات خلال التحقيقات "فضايقوه أكثر"، بحسب العبدلي.

يقول العبدلي لـ "عربي بوست" لقد "كان شخصية فاعلة وناشطة في الجانب الديني والدعوي، حيث كان يرأس مجلس شؤون الدعوة التابع للجامعة الإسلامية، حيث كان فاعلاً ناشطاً بشكل كبير على مستوى السعودية، يقوم بتنظيم التجمعات والندوات الشرعية، إضافة إلى عمله في الجامعة الإسلامية محاضراً في كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية".

ويروي العبدلي قصة العماري، منوهاً إلى أنّه كان يسكن في المدينة المنورة، وتحديداً في حي سيد الشهداء، وهو أحد الأحياء الواقعة بجانب جبل أحد شمالي المدينة، ويبعد عن المسجد النبوي الشريف مسافة 4 كم.

مشيراً إلى أنّه بدأت معرفته به منذ عام 1990-1991م، وتحديداً في المرحلة المتوسطة، حيث كانت أبرزت سماته أنّه كان يستوعب الجميع من كافة الفئات، وكان حاضراً في كثير من المناسبات الدينية والدعوية.

ويتحدث العبدلي عن حياة العماري، مشيراً إلى أنّ بيته الواقع ببلدة النصباء، التابعة لمحافظة المندق، 35 كم شمال منطقة الباحة، قد تحول إلى منشط دعوي ومحفل ديني كبير، وكان ذلك تحديداً بعد عام 1996، وهو العام الذي تمّ فصل العماري فيه من الجامعة الإسلامية، بعد أن كان عميداً لكلية القرآن، ومُنع من السفر وحرم من جميع النشاطات، ومن تدريس العلم الشرعي، الأمر الذي جعله يفتح منزله الخاص لعقد الندوات وحلقات تحفيظ القرآن، وكذلك إجراء المسابقات الدينية، وعقد الدروس العلمية الشرعية والتربوية، الأمر الذي جعله يشكل حجر الزاوية ونقطة الدائرة في المنطقة التي كان يعيش بها.

وتشهد السعودية حملة على المعارضة شملت اعتقال ناشطات، وردت أنباء عن تعرضهن للتعذيب، ومفكرين ليبراليين ونشطاء إسلاميين، حتى مع إدخال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعض الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية البارزة.

وتقول السعودية، التي تحظر الاحتجاجات العامة والأحزاب السياسية، إنه ليس لديها سجناء سياسيون وتنفي مزاعم التعذيب. ويقول المسؤولون إن مراقبة النشطاء لازمة لضمان الاستقرار الاجتماعي.

لكنه ليس الوحيد من الشيوخ المعتقلين في السعودية

إذ كانت النيابة العامة السعودية قد طالبت بالإعدام للداعية المعروف الشيخ سلمان العودة في بداية محاكمته بالرياض، الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول، بعدما وجَّهت له 37 تهمة، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.

وقالت صحيفة "عكاظ" في حسابها بتويتر: "بدأت قبل قليل المحكمة الجزائية المتخصصة في محاكمة مساعد الأمين للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المصنف ككيان إرهابي"، في إشارة إلى العودة.

والعودة  إضافة غلى الداعية السعودي أحمد العماري من رجال الدين المعروفين الذين أوقفوا في سبتمبر/أيلول الماضي ضمن حملة اعتقالات قالت السلطات إنها موجهة ضد أشخاص يعملون "لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة ومصالحها".

كما سبق أن قال حساب على منصة تويتر مهتم باحتجاز سياسيين ورجال دين في السعودية، إن السلطات اعتقلت الدكتور عبد العزيز الفوزان، أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء، على خلفية تغريدات في تويتر.

وعند العودة إلى حساب الفوزان الذي يتابعه ما يزيد عن 2 مليون شخص في تويتر تجد أنه أعاد قبل 10 أيام نشر تغريدة تتحدث عن الجو البوليسي والتشبيح الإلكتروني، وبعدها بيومين كتب تغريدة كأنها توديعية قال فيها: "أحبتي في كل مكان لا تنسوني من صالح دعواتكم، وحسبنا الله ونعم الوكيل".

علامات:
تحميل المزيد