توصلت دراسة جديدة إلى أن حمامات السباحة الخاصة بالأثرياء، وسياراتهم النظيفة، والحدائق المرويّة بكثرة، تتسبب بأزمات مائية في المدن بقدر ما يفعل التغير المناخي والنمو السكاني، مشيرة إلى وجود مخاطر بسبب انعدام المساواة بين الأغنياء والفقراء في استهلاك المياه.
صحيفة The Guardian البريطانية ذكرت، الإثنين 10 أبريل/نيسان 2023، أن الباحثين قالوا إن الفرق الهائل في استهلاك المياه بين الأغنياء والفقراء لا يؤخذ في الاعتبار عند البحث عن حلول لنقص المياه، ويُكتفى بالتركيز على محاولات زيادة إمدادات المياه وارتفاع أسعارها.
أشار الباحثون إلى أن الطريقة الوحيدة لحماية إمدادات المياه هي إعادة توزيعها بدرجة متساوية، وأجرى الباحثون دراسة حالة على مدينة "كيب تاون" في جنوب إفريقيا، ووجدوا أن الأثرياء يستهلكون مياهاً أكثر من الفقراء بـ50 مرة، وقال العلماء إنه حين ضربت أزمة المياه في كيب تاون المدينة عام 2018، بعد عدد من سنوات الجفاف، لم يتوفر للفقراء المياه الكافية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
أضاف الباحثون أن كيب تاون ليست حالة فريدة، وأن العديد من المدن حول العالم تواجه مشكلات مماثلة، وقالوا إنه منذ عام 2000، تعاني أكثر من 80 مدينة كبيرة من جفاف شديد ونقص في المياه، مثل ميامي، وملبورن، ولندن، وبرشلونة، وساو باولو، وبكين، وبنغالور، وهراري.
استعانت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Sustainability، ببيانات لتطوير نموذج لاستهلاك المياه في المدن يأخذ في الاعتبار مستويات الدخل المختلفة.
في كيب تاون، وجدت أن المجموعة الأغنى، 14% من سكان المدينة، تستهلك 51% من المياه في المدينة، وفي المقابل، تستهلك المجموعة الأفقر 62% من السكان 27% فقط من المياه، ومعظم المياه المستهلكة بين مجموعة الأثرياء تذهب لاحتياجات غير أساسية.
يُشير الباحثون إلى أنه من المتوقع أن تتفاقم أزمات المياه في المناطق الحضرية، وأن يعاني أيضاً أكثر من مليار من سكان المدن من نقص المياه في المستقبل القريب.
كان تقرير صادر عن "اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه"، قد خلص في مارس/آذار 2023، إلى أن العالم على وشك الوقوع في أزمة مياه، وأن يتجاوز الطلب المعروض بنسبة 40% بحلول عام 2030.
من جانبها، قالت البروفيسورة هانا كلوك، من جامعة ريدينغ بالمملكة المتحدة، التي شاركت في الدراسة الجديدة، إن "تغير المناخ والنمو السكاني يشيران إلى أن المياه ستزداد قيمتها في المدن الكبرى، لكننا أثبتنا أن انعدام المساواة الاجتماعية أكبر مشكلة يواجهها الفقراء في تلبية احتياجاتهم اليومية من المياه".
توقعت كلوك أن هذه الأزمة قد تتفاقم مع اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في أجزاء كثيرة من العالم، وقالت: "في النهاية، سيعاني الجميع من العواقب ما لم نوزع المياه توزيعاً عادلاً في المدن".
والنموذج الذي اعتمدته الدراسة، والذي يمكن تطبيقه على مدن أخرى، يُظهر أن هذا الاستهلاك الزائد من الأثرياء للمياه له تأثير على وفرة المياه يفوق تأثير التغيرات في السكان أو حالات الجفاف المرتبطة بأزمة المناخ. وقال الباحثون أيضاً إن زيادة استخدام الأثرياء للآبار الخاصة في أوقات شح المياه نتج عنه استنفاد موارد المياه الجوفية بشكل كبير.
أوضح العلماء أن الامتناع عن اعتبار انعدام المساواة الاجتماعية في أزمة المياه يؤدي، في كثير من الأحيان، إلى حلول تكنوقراطية لا ينتج عنها إلا تكرار لأنماط استهلاك المياه غير المتكافئة وغير المستدامة التي ساهمت في أزمة المياه من الأساس.
كانت الأمم المتحدة قد حذّرت من "خطر وشيك" بحدوث أزمة عالمية نتيجة الاستهلاك المفرط للمياه والتغيّر المناخي، اللذين جعلا "نقص المياه مستوطناً" في جميع أنحاء العالم، وفق ما جاء في تقرير نشرته الأمم المتحدة، الثلاثاء 21 مارس/آذار 2023.