تتميز الثقافة المغربية بالعديد من القطع الأثرية التي تغلغلت في الموروث الثقافي للبلد، والتي يعتبرها معظم المغاربة أساسية في حياتهم اليومية، من بين هذه القطع ما يتجاوز سعرها مئات الدولارات للقطعة الواحدة فقط.
على سبيل المثال يعتبر كاس البلار في المغرب من بين أشهر أنواع كؤوس الشاي التي تتميز بألوانها المختلفة والنقوش التي تزينها من جميع الجوانب، كما استخدمت أسماؤها في الأغاني والأهازيج الشعبية رغم أنها عرفت في أوساط الطبقة الغنية في المغرب.
المادة الأولية لصناعة كاس البلار
حسب موقع "hespress" المغربي فإن كاس البلار الأصلي المغربي مصنوع من البلور الروماني الذي انتشر في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، كان يستخدم هذا الزجاج في صناعة الأوعية بالإضافة إلى بلاط الفسيفساء وزجاج النوافذ.
تطورت صناعة الزجاج الروماني من تقاليد هلنستية تقنية، وكانت تركز بدايةً على صناعة الأواني الزجاجية المصبوبة ذات الألوان الكثيفة. وخلال القرن الأول الميلادي شهدت صناعة الزجاج نمواً تقنياً سريعاً، ومن خلالها ظهرت تقنية النفخ بالزجاج، وانتشر الزجاج الشفاف أو ما يعرف بالزجاج المائي.
ونظراً لانتشار التصنيع على نطاق واسع أصبح الزجاج مادة متوفرة بكثرة في العالم الروماني قبيل انتهاء القرن الأول الميلادي، وأيضاً وُجدت أنواع للزجاج متخصصة وبالغة الصعوبة وكانت تعد من الزجاج الفاخر باهظ الثمن.
يقابل زجاج البلار مصطلح الكريستال أو "كريستالوس" باللغة اليونانية، وهو نوع من الكوارتز الشفاف عدیم اللون. لا یوجد بدیل فعلي للعناصر الكيميائية فی الكوارتز التي تسبب تغير اللون في البلورات الشفافة.
یمكن استخدام هذا الحجر بدیلاً للعديد من أحجار الكريستال الشفافة، كما يمكن الخلط بين المجوهرات عديمة اللون مثل الأقراط والزجاج وحتى الأنواع الاصطناعیة والصناعية مع الكوارتز الصافي.
يُكسر بمجرد ملامسته السم
خلال صناعة كاس البلار تتحول مادة البلور إلى مادة سائلة ثم صلبة تدخل ضمن قائمة النفائس، وذلك لغلاء سعرها وموادها الطبيعية، إذ أبدع الحرفيون في إذابة الكريستال تحت درجة حرارة تصل إلى 1450 درجة مئوية، ليصقل وينحت برموز وكلمات وألوان مختلفة حسب الصانع.
حسب موقع "lakome2" المغربي فإن من أشهر الورشات العالمية التي اشتهرت بصناعة أواني البلار نجد ورشة "بكارا" بفرنسا، وهي أعرق ورشة في العالم تشتهر بصناعة كؤوس وزجاج الكريستال.
يعود السبب وراء غلاء سعر كؤوس البلار المغربية إلى أن الكاس ينفجر فور وجود سم أو مواد كيميائية داخل المشروب المسكوب داخله، كما لا ينصح بشرب الدواء بداخله لأنه يدخل ضمن قائمة الكيماويات التي تؤدي إلى انفجاره، لكن الغريب في هذا النوع من الكؤوس أنه بالإمكان ترميمه، عكس الزجاج.
صنع أول نوع من كؤوس البلار في فرنسا سنة 1586 من المادة التي يصنع منها بلور الثريات الخاصة بالقصور، ولندرته وغلائه تغنى به العديد من المغنين في المغرب، سواء في الطرب الشعبي أم العيطة وغيرها، ولعل أشهر الأغاني التي تشتهر عن هذا النوع من الكؤوس خلال ستينيات القرن الماضي، التي تحمل اسم "كاس البلار"، من أداء المغني المغربي فتح الله لمغاري.
الفرق بين كاس البلار الأصلي والتقليد
يمكن قياس مدى أصلية كاس البلار عن المقلَّد، بتجربة بسيطة تتلخص في ملامسة إبرة أو شفرة لجنباته، فإذا كان الكأس أصلياً فستنجذب الإبرة إليه كالديناميت، أما إن كان مزوراً فسيبقى كل واحد في مكانه بلا أي تأثير.
بالإضافة إلى ذلك يصدر كاس البلار الأصلي صوتاً مميزاً عند طرقه بالأصبع، عكس الكؤوس العادية المصنوعة من زجاج، كما يتميز كاس البلار الأصلي بخطوط أسفل الكأس تدل على الحقبة المصنوع فيها وعلى أصليته، وتدخل هذه العوامل في تقدير ثمنه.
قد يدخل في صناعة كاس البلار المغربي الذهب، وذلك في الرسوم التي تزين جنبات الكأس، ما يزيد من قيمته السوقية، إذ يصل سعر الكأس الواحد من بين 180 إلى ألف دولار أمريكي، فكلما كانت الكؤوس قديمة زاد السعر.