لم يكن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا يوم 6 فبراير/شباط 2023 الأول من نوعه الذي شهده البلدان في التاريخ؛ إذ تعرف المنطقة بوقوع العديد من أقوى الزلازل ، منها ما تسبب في آلاف القتلى وخسائر مادية كبيرة، فيما يتوقع حدوث هزة أرضية ضخمة خلال السنوات المقبلة في مدينة إسطنبول التركية.
تتعرض كل من تركيا وسوريا لزلازل متكررة وهزات أرضية شبه يومية، يعود ذلك حسب علماء الجيولوجيا إلى خضوع صفيحة الأناضول إلى تكتونيات تؤثر على الصفيحة العربية التي تتجه شمالاً، مع حالة شبه ثبات لصفيحة أوراسيا في الشمال.
فمنذ القرن الـ12 شهدت كل من تركيا وسوريا أزيد من 20 زلزالاً مدمراً، تجاوزت قوتها 7.0 درجات، وفق تقديرات علماء الجيولوجيا، بالنظر إلى الدمار الذي سجّله المؤرخون.
أقوى الزلازل التركية في التاريخ
شهدت تركيا منذ قرون عدداً كبيراً من الزلازل المدمرة، التي تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة، إذ تجاوزت قوتها 7 درجات على مقياس ريختر، من بين هذه الزلازل نجد:
زلزال "يوم القيامة الصغرى":
في 10 سبتمبر/أيلول سنة 1509 شهدت مدينة إسطنبول دماراً كبيراً بسبب زلزال قدرت قوته بـ7.2 درجة ضرب بحر مرمرة بالقرب، سمي هذا الزلزال بيوم القيامة الصغرى لعدد وجود أرقام محددة على أرقام القتلى التي خلَّفها.
قدر عدد الضحايا بـ10 آلاف شخص، فيما دمر أزيد من ألف مبنى، حسب "وكالة الأناضول" شهدت إسطنبول أزيد من 40 يوماً من الهزات الأرضية بعد الزلزال الكبير الذي شهدته، فيما كان سبب سلسلة من الزلازل التي تبعته.
إذ سجلت ولاية أدرنة في كل من "26 أكتوبر/تشرين الأول 1509 و16 نوفمبر/تشرين الثاني 1509 ومارس/آذار 1510" عدداً من الهزات الأرضية تبعتها مدينة إسطنبول في 10 يوليو/تموز 1510 وأدرنة 26 مايو/أيار 1511 ثم إسطنبول بداية 1512.
زلزال إسطنبول سنة 1719:
حسب نفس المصدر، ضرب إسطنبول في 24 مايو/أيار 1719 زلزال بلغت قوته 7.1 درجة على مقياس ريختر، وصلت قوته إلى مدينة إزميت جنوب إسطنبول، تسبب هذا الزلزال في تدمير أجزاء من سور المدينة القديمة، بالإضافة إلى مساجد وحمامات، من بين هذه المساجد مجد مهرماه سلطان بمنطقة أدرنة كابي.
إسطنبول سنة 1766:
في 22 مايو/أيار 1766 تسببت ثلاث هزات ارتدادية في دمار أجزاء من جامع الفاتح الكبير، بالإضافة إلى كل من قصر توب قابي وقصر توب خانة زيادة على السوق المسقوف وأجزاء من سور المدينة وثكنات الانكشارية "العساكر في فترة السلطنة العثمانية".
وصل زلزال 1766 من إزميت جنوب إسطنبول إلى ولاية تكير داغ شمالي المدينة.
زلزال إسطنبول 1894:
في 10 يوليوز/تموز 1894، ضرب حوض بحر مرمرة على مقربة من مدينة إسطنبول وكلاً من يالوفا وكوجا إلي، حسب وكالة الأناضول تشير التقديرات إلى أن الزلزال بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر، تسبب في موجات مد عالية "تسونامي" انسحبت فيها مياه البحر مسافة 200 متر، تبعها موجات ضربت مواني المدينة؛ مما تسبب في تحطيم عدد كبير من السفن.
سمي هذا الزلزال "حركة الأرض الكبرى"؛ إذ تسبب في دمار بنايات في المدينة القديمة في إسطنبول، خاصة في مدينة أمينونو والفاتح.
زلازل تركيا 1999:
كان أول زلزال يضرب تركيا سنة 1999 في ولاية كوجايلي شمال غرب تركيا، إذ بلغت شدته 7.4 درجة، فيما استمر لقرابة الدقيقة ليسجل أطول الزلازل مدة في تاريخ الجمهورية التركية، تسبب هذا الزلزال في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
إذ تأثرت كل من مدينة كوجا إلي وإسطنبول ويالوفا به، فيما لقي أزيد من 17 ألف شخص مصرعهم فيما أصيب 25 ألف آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
حسب الموقع الرسمي للموقع الرسمي لوزارة الداخلية ورئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية تسبب الزلزال في مصرع 894 شخصاً، وإصابة ألفين و679، وترك آلاف الأشخاص دون مأوى بعد تدمير 16 ألفاً و666 منزلاً، و3 آلاف و837 مكاناً تجارياً وصناعياً.
أقوى الزلازل التي ضرب سوريا في التاريخ
ليس بالبعيد عن تركيا شهدت سوريا عبر التاريخ عدداً من الزلازل التي خلَّفت وراءها خسائر كبيرة سواء من الناحية البشرية أو حتى المادية، من بين هذه الزلازل نذكر:
زلزال دمشق سنة 847:
في 24 أكتوبر/تشرين الأول 847 شهدت مدينة دمشق في سوريا زلزالاً متعدد الضربات، إذ امتد من مدينة دمشق في سوريا إلى مدينة أنطاكيا التركية شمالاً وإلى الموصل شرق سوريا.
تجاوز عدد الضحايا الناجم عن هذا الزلزال 20 ألف شخص في مدينة أنطاكيا و50 ألفاً في الموصل، فيما يعتقد العلماء أنه من بين أقوى الزلازل التي ضربت صدع البحر الميت في التاريخ.
زلزال حلب 1138:
في 11 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1138 شهدت مدينة حلب أحد أقوى الزلازل في تاريخ الكرة الأرضية، تسبب الزلزال حسب "britannica" في مقتل أزيد من 230 ألف شخص فيما بلغت قوته 8.5 درجة على مقياس ريختر.
زلزال حماة 1157:
سنة 1157 وبالقرب من مدينة حماة بسوريا حدث أحد أكثر الزلازل المدمرة في تاريخ المنطقة، إذ قدر عدد الضحايا بعشرات الآلاف، إذ يذكر المؤرخ الطرابلسي د. عمر تدمري في كتابه "تاريخ طرابلس السياسي والحضاري عبر العصور" أن الزلزال العظيم هذا أصاب كونتية طرابلس التي كانت تحت الحكم الصليبي في زمن الكونت ريموند الثالث، وهلك أكثر أهلها، فيما هُدم كثيراً من أبنيتها.