يُعد تعلُّم كتابة الكلمات وتشكيل الجُمل بشكل واضح وصحيح أحد محاور التركيز الرئيسية في سنوات الدراسة الابتدائية الأساسية للطفل.
بطبيعة الحال، يواجه جميع الأطفال الصغار بعض الصعوبة عندما يتعلق الأمر بالكتابة أو إتقان فن الخط. ولكن إذا كانت الكتابة اليدوية للطفل مشوهة باستمرار أو غير واضحة ولا تحظى بأي تحسُّن مع التدريب المستمر، فقد يكون ذلك بسبب إعاقة في التعلّم تسمى عسر الكتابة، أو Dysgraphia.
ما هو عسر الكتابة وأسبابه؟
يحدث عسر الكتابة نتيجة لمشكلة في الجهاز العصبي تؤثر على المهارات الحركية الدقيقة اللازمة للكتابة عند الشخص الطبيعي؛ ما يجعل من الصعب على الطفل القيام بمهام وواجبات الكتابة اليدوية.
وقد يطلق الخبراء على الحالة اسم "ضعف التعبير الكتابي"، وعادة ما تظهر بشكل أساسي عند الأطفال في المراحل المدرسية.
حتى يومنا هذا، لا يزال العلماء غير متأكدين من سبب حدوث خلل الكتابة عند الأطفال. ولكن عند إصابة البالغين به فجأة، يرتبط أحياناً بإصابة الدماغ، مثل السكتة الدماغية أو الحوادث التي يُصاب فيها الرأس.
عند الأطفال، يحدث اضطراب التعلم هذا عادةً إضافة لإعاقات التعلم الأخرى؛ مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ADHD، واضطراب عسر القراءة.
أعراض ومؤشرات الإصابة بعسر الكتابة
الأطفال المصابون بخلل الكتابة لديهم عادة خط يد غير واضح أو غير منتظم أو غير متناسق، وغالباً ما يكون خط يد الطفل مائلاً وغير متناسق مع الأسطر، كما قد يكتب أشكالاً وأحرفاً كبيرة وصغيرة وأنماطاً مخطوطة غير واضحة. كما يميلون أيضاً إلى كتابة الأشياء أو نسخها ببطء شديد والشعور بالإرهاق بعد المحاولة.
قد يلاحظ الآباء والمعلمون الأعراض عندما يبدأ الطفل في كتابة المهام في المدرسة لأول مرة. وبحسب موقع Webmd للصحة والطب، تشمل علامات خلل الكتابة الأخرى التي يجب مراقبتها ما يلي:
- تضييق قبضة اليد على القلم؛ مما قد يؤدي إلى ألم في اليد.
- صعوبة في الالتزام بالكتابة ضمن الهوامش أو على الأسطر، وهو ما يُعرف بالتخطيط المكاني السيئ وغير المتزن.
- كثرة المحو والشطب.
- عدم الاتساق في تباعد الأحرف والكلمات عند تشكيل الكلمات والجُمل.
- المعاناة في تهجئة الكلمات وكتابة كل الحروف أو وضعها في مكانها الصحيح، بما في ذلك الكلمات غير المكتملة أو الكلمات أو الأحرف المفقودة.
- وضع غير عادي للمعصم أو الجسم أو الورقة أثناء الكتابة.
هل عسر الكتابة يُعد شكلاً من أشكال عسر القراءة؟
يعد عسر القراءة وعسر الكتابة حالتين عصبيتين مختلفتين تماماً، على الرغم من أنه من السهل الخلط بينهما لأنهما يتشاركان في الأعراض وغالباً ما يحدثان معاً.
ويلفت موقع Cleveland Clinic للصحة والطب أن عسر القراءة يرتبط فقط بالقدرة على فهم أي محتوى مكتوب، بينما يتضمن عسر الكتابة صعوبة في فعل الكتابة نفسه.
يمكن أن تتراوح الصعوبات من مشكلات في الكتابة المادية للكلمات إلى مشكلات تنظيم الأفكار والتعبير عنها في شكل مكتوب.
هل عسر الكتابة شكل من أشكال التوحد؟
عسر الكتابة ليس شكلاً من أشكال اضطراب طيف التوحد. على الرغم من أن خلل الكتابة يحدث بشكل شائع في الأشخاص المصابين بالتوحد، إلا أنه يمكن أن يكون يعاني الشخص من خلل الكتابة دون الإصابة بالتوحد.
الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة
يمكن أن يؤثر عسر الكتابة على الأطفال والبالغين على حدٍ سواء.
كما هو الحال مع العديد من حالات النمو العصبي، يكون عسر الكتابة أكثر شيوعاً بين الأطفال الذكور عن الإناث.
وتزداد احتمالية الإصابة بخلل الكتابة إذا كان أحد أفراد الأسرة مصاباً به أيضاً، كما أن خلل الكتابة شائع أكثر عند الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد (ASD)، أو اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD).
طرق التعامل مع الاضطراب
قد يكون العلاج العملي مفيداً في تحسين مهارات الكتابة اليدوية. قد تشمل الأنشطة العلاجية تدريبات محددة لتحسين قدرة الشخص المصاب؛ مثل:
- الإمساك بقلم رصاص أو قلم بطريقة جديدة لتسهيل الكتابة.
- العمل مع الطين والصلصال لتقوية مهارات اليدين.
- ألعاب وتدريبات تتبع الحروف والمشي عليها بالقلم للتدريب على رسم الحروف والكلمات.
- رسم خطوط داخل متاهات لتعزيز قدرة الشخص المكانية والالتزام بالهوامش.
- القيام بألغاز وتدريبات ربط النقاط لصنع أشكال نهائية.
- هناك أيضاً العديد من برامج الكتابة التي يمكن أن تساعد الأطفال والبالغين في تكوين الحروف والجمل بدقة على الورق.
في حالة وجود صعوبات تعلم أو مشكلات صحية أخرى، قد تحتاج خيارات العلاج إلى معالجة هذه الحالات أيضاً بشكل مستقل.
كما قد تكون هناك حاجة إلى الأدوية لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، على سبيل المثال.
العيش مع اضطراب عسر الكتابة
بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يساعد العلاج المهني والتدريب على المهارات الحركية في تحسين قدرتهم على الكتابة. بالنسبة للآخرين، يظل الأمر تحدياً دائماً معهم مدى الحياة.
وبالنسبة للأطفال والصغار، من المهم العمل مع مدرسة الطفل والمعلمين على توفير وسائل الراحة المناسبة لهذا النوع من صعوبات التعلم. تتضمن بعض استراتيجيات المدرسة التي قد تساعد بحسب موقع Healthline للمعلومات الطبية:
- تدوين ملاحظات معينة في الفصل للطالب المصاب.
- توفير الكمبيوتر للطفل لتدوين الملاحظات والمهام الأخرى.
- الامتحانات والواجبات الشفوية، بدلاً من الاختبارات الكتابية.
- الحصول على وقت إضافي في الاختبارات والواجبات المدرسية.
- توفير ملاحظات الدرس أو المحاضرة التي يقدمها المعلم كمطبوعات أو تسجيلات أو في شكل رقمي.
- استخدام أقلام الرصاص أو غيرها من أدوات الكتابة ذات المقابض الخاصة لتسهيل الكتابة.
- استخدام ورق رسم بياني أو كراسات الأسطر العريضة.
وبشكل عام، إذا شعر المصاب أو والدا الطفل الذي يعاني من اضطراب عسر الكتابة أن العلاج والخطوات المتبعة لا تجدي نفعاً، لا يجب الاستسلام أبداً.
بل يُنصح بالبحث عن معالجين أو موارد أخرى قد تساعد، والبحث عن البرامج المدرسية المصممة لخدمة الطلاب الذين يعانون من جميع أنواع تحديات التعلُّم.