كانت ليلة عادية من ليالي الشتاء القارس الذي تتميز به المنطقة الواقعة قرب بحيرة أنجيكوني، هذه المنطقة المغطاة بالثلوج والجليد والواقعة في أقصى شمال كندا كانت موطناً لقبائل الإنويت المنحدرين من الإسكيمو.
هذه القبائل أقامت مستعمرات وقرى على طول نهر كازان. أحد فروع هذه القبيلة كان يقطن بالقرب من ضفاف بحيرة أنجيكوني التي كانت مقصداً للصيادين وتجار الفراء، حيث كانت القبيلة ملجأهم بعد سفرهم الطويل، حيث يزودهم سكانها بالطعام والشراب.
قبيلة كاملة اختفت من القرية
يناير/كانون الثاني سنة 1930 سافر صياد الفراء الكندي "جو لابيل" بالقُرْبِ من بحيرة أنجيكوني في الإقليم الشمالي الغربي لكندا، وهي الآن جزء من إقليم نونافوت الحديث، كان على علم بوجود شعب الإنويت في المنطقة، فدخل المجتمع باحثاً عن سكن فوجده مهجوراً تماماً.
خلال مرحلة البحث وجد وجبات تركت مهجورة، وأكواخاً فارغة تركت مليئة بالطعام والممتلكات الشخصية، وإصلاح مهمل لجلد الفقمة الصغير الذي لم يكتمل بعد، ولا توجد علامات على صراع من شأنه أن يفسر اختفاء سكان القرية.
لمح الصياد دخان نار فتوجه نحوه لعله يجد أحداً يشرح له سبب هذا التغيير المفاجئ، إلا أن النار كانت على وشك الخمود، ارتعب جو من الفراغ الذي شهده في القرية التي كانت في يوم من الأيام تضج بالحياة والحيوية، فأسرع متجهاً إلى أقرب مركز تلغراف وأرسل رسالة إلى شرطة المنطقة التي تعرف بشرطة الخيالة الكندية.
حسب موقع "Historic Mysteries" انطلقت فرق الشرطة باتجاه القرية المهجورة في رحلة استمرت بضع ساعات، في الطريق لفت انتباه الشرطة أضواء لامعة في السماء، فحسب تقرير الشرطة هذه ليست الأضواء الشمالية المعروفة في المنطقة، بل كانت أضواءً مائلة إلى الزرقة، وتظهر بين الحين والآخر.
بعد التحقيقات خلصت شرطة الخيالة الملكية الكندية في النهاية إلى أن شعب الإنويت قد فقد قبل 3 أسابيع من وصول الصياد جو، لكنهم لم يتوصلوا أبداً إلى إجابة عن سبب تخلي الشعب بأكمله عن القرية وعن ممتلكاته.
استمر البحث عن سكان القرية لعدة ساعات بعد وصول الشرطة لتكون المفاجأة على بعد بضعة أمتار من القرية، حيث وجدوا كلاب الهاسكي كاملة لا تزال مربوطة بأماكنها، لكن ماتت جوعاً بسبب غياب مالكيها.
هذا الأمر حيّر فريق الشرطة، فهذه الكلاب أساسية لشعب الإسكيمو، حيث يستخدمونها في جر المزالج التي تساعدهم في التنقل فوق الثلوج، لم يقف الأمر عند هذا الحد، توجهت فرق الشرطة إلى مقبرة القرية ليجدوها مفتوحة والجثث ليست في مسكنها الأخير.
لم يستطع فريق الشرطة فهم ما حدث بالفعل، فإذا كان الموضوع يتعلق بالرحيل من القرية فكيف تركوا ممتلكاتهم وأبسط مقومات العيش في تلك الظروف الجوية؟
اختفاء غريب وتحليلات أغرب
ربطت الشرطة اختفاء القبيلة بالأضواء التي شوهدت في السماء، فحسب الموقع نفسه أدلى أحد صيادي الفراء في المنطقة بإفادة مغزاها أنه رأى صحوناً طائرة قبل بضعة أسابيع، ما فتح الباب أمام إمكانية اختطافهم من قبل الفضائيين.
هذه التفسيرات لاقت اقبالاً كبيراً من قبل المؤمنين بهذه النظرية، وقام أحد الصحفيين بإنتاج كتاب صدر في السنة نفسها يتناول قصة اختطافهم من مخلوقات فضائية.
لكن تحقيقات أخرى من المشككين في هذه الرواية تعيد الأمور إلى البداية، فحسب "براين دانينغ" مؤسس موقع Skeptoid المتخصص بالبحث في الحوادث الغامضة، فالقصة الحقيقية لسكان القرية تغيرت مع مرور السنوات، ففي إحدى النسخ يذكر أن القوارب اختفت، ويرجع الأمر إلى الأمواج، رغم أن البحيرة تكون متجمدة في تلك الفترة من السنة.
وأضاف براين أن الصور التي اعتمدها الصحفي في كتابه تعود إلى سنة 1909، أي قبل الحادث بـ21 سنة، أما بخصوص التحقيقات فالصياد كان متمرساً، فيما تبين الوثائق أنه حاز على شهادة الصيد في سنة الحادث نفسها، ما قد يشكك في صحة أقواله.
تحريات حديثة حول اختفاء سكان القرية
حسب التحقيقات الأخيرة التي نشرت في موقع الأمريكي "ATI"، فالتفسير الأكثر واقعية حول القصة هو أن الصحفي الذي دوَّن القصة في أحد كتبه كان يحب إضافة أساليب التشويق على قصصه، فرغم وجود أدلة الشرطة التي تفيد باختفاء القرويين، لكن لا دليل ملموساً على وجود الصحون الطائرة.
لا تزال التحقيقات مفتوحة حول أسباب اختفاء القرويين دون أي دليل بسيط لمكان رحيلهم أو أسباب تخليهم عن كل ممتلكاتهم، لتظل القصة مجهولة دون إجابة ممكنة.