البكاء في حفل الحناء وزيارة المساجد للبركة.. عادات وتقاليد لا تستغني عنها العروس في شمال المغرب

عربي بوست
تم النشر: 2022/08/11 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/11 الساعة 14:46 بتوقيت غرينتش
عروس مغربية| shutterstock

تختلف عادات وتقاليد الزواج في المغرب حسب المدن، إذ إن حفلات أعراس الجنوب لا تشبه تلك التي تُقام في الشمال.

ومن بين المدن التي تتميز بعاداتها المختلفة مدينة تطوان، الموجودة شمال المغرب، حيث إن الاحتفال بالزواج هناك له مراسيم خاصة، ويمر عبر مراحل عدة، لها علاقة بالعروس بشكل خاص، وذلك قبل يوم العرس، الذي يعتبر يوم الاحتفال الأخير.

بكاء العروس شرط أساسي في حفل الحناء

حسب تصريح هدى الخميسي لـ"عربي بوست"، وهي زيانة (أي الشخص المسؤول عن مكياج ولباس العروس) من مدينة تطوان أن هناك عدة أوجه تشابه بين حفلات الأعراس في مدن الشمال، مقارنة بتلك التي تُقام في باقي مدن المغرب.

العروس ترتدي غطاء
العروس ترتدي غطاء "الردا" بعد وضع الحناء / shutterstock

لكن أعراس تطوان لها ما يميزها، حيث تعود أصولها إلى اليهود المغاربة، الذين كانوا يعيشون في هذه المدينة قبل 2000 عام. فتمّ اعتماد بعض هذه العادات من طرف سكان المدينة من المسلمين، وملاءمتها مع بقية الزيجات الأخرى، واستمرت إلى يومنا هذا.

وعن العادات والتقاليد التي تعتمدها العروس في تطوان، تقول الخميسي: "بداية الاحتفالات تكون من داخل الحمام المغربي، الذي تتوجه إليه العروس رفقة صديقاتها والمقربات من أفراد عائلتها، ويتم الاحتفال بها هناك على إيقاع الموسيقى الشعبية المغربية وهي تستحم، مستعملةً خلطات الجسم الخاصة بهذا اليوم، مباشرة بعد ذلك وعند عودتها إلى المنزل، تبدأ مراسيم حفل الحناء التي تشارك فيها النساء فقط".

وفي حفل الحنّاء لا تضع العروس مستحضرات التجميل، إذ يجب أن تحضر المراسيم بوجهٍ صافٍ وشعرٍ منسدل مُغطَّى بوشاحٍ طويل من الدانتيل يسمى "الردا". ثم تضع الحناء في يديها رفقة ضيفاتها، في أجواء تعمها الزغاريد والفرحة.

ومن بين العادات الغريبة لحفل الحناء التي تشترك فيها أغلب مدن الشمال، ضرورة بكاء العروس خلال هذا اليوم، وهذا ما يفسر السبب وراء عدم وضعها المكياج.

بعد الانتهاء من وضع الحناء، تبدأ النساء في ترديد أغنيات بكلمات حزينة، تتحدث عن فراق الأهل والابتعاد عن العائلة بعد الزواج، ولا يتوقفن عن ذلك إلا بعد أن تشرع العروس في البكاء.

مباركة العروس بأدعية الناس في المسجد

أحد أهم مراحل الاحتفال التي تمر بها العروس قبل يوم زفافها، تخصيص أحد الأيام للتوجُّه إلى أحد المساجد القريبة والتبرك بأدعية الناس من أقارب وغرباء، وذلك كي يكون زواجها زواجاً ناجحاً وسعيداً.

وتوضيحاً لتفاصيل هذا اليوم، تخبرنا الزيانة هدى أنّ العروس تخرج إلى المسجد بالبوجة (صندوق خشبي مرصع بالجوهر ومزيَّن بالورد) وترافقها فرقة الغيطة، وهي فرقة تعزف وتغني أغاني من التراث التطواني، وعند وصولها المسجد يجتمع الناس من أجل الدعاء لها، وبعد ذلك تعود إلى المنزل لتجد في استقبالها الحليب والتمر والخبز، وذلك لتكون زوجة مباركة، ومدخل رزق على زوجها.

وفي هذه المرحلة يظهر الاختلاف بين تقاليد الزواج في مدن شمال المغرب، ففي مدينة طنجة تتم تبركة العروس بطريقة مختلفة تسمى "عقدة ليزار".

إذ يتم ربط وشاح طويل بالعروس، وهو نفسه "الردا"، وآخر بإحدى صديقاتها المتزوجات، ثم يتم تبادله فيما بينهما بطريقةٍ خاصة، وذلك على أمل أن تكون تجربة العروس الجديدة ناجحة كتجربة صديقتها التي سبقتها إلى القفص الذهبي.

عقد ليزار عند عروس مدينة طنجة\ shutterstock
عقد ليزار عند عروس مدينة طنجة\ shutterstock

يمكن الاستغناء عن العرس، ولا يمكن الاستغناء عن هذه العادات!

كما أنّ هناك أزياء ومجوهرات خاصة من الضروري ارتداؤها من طرف العروس في مدينة تطوان احتفالاً بعقد قرانها، حتى وإن كانت ستستغني عن حفل الزفاف. وفق ما أخبرتنا الزيانة هدى الخميسي.

من أهم هذه القطع "السبنية ديال البحر"، وهي عبارة عن وشاحٍ يغطي جزءاً كبيراً من الشعر، يتم ارتداؤه مع حلي مصنوعة من الجوهر الحر، خلال يوم الظهور، وهو يوم من أيام الاحتفالات التي تضع فيها العروس المكياج وترتدي فيها القفطان المغربي التقليدي، قبل يوم العرس الأخير.

ولا يمكن أن تستغني العروس عن "فال الحناء"، إذ من الضروري أن تمرّ من جميع المراحل المذكورة قبل أن تنتقل إلى بيت زوجها، كما يجب عليها ارتداء اللبسة التطوانية، وهو زيّ يصمم خصيصاً للعروس في تطوان، حتى وإن كانت ستستغني عن ليلة العرس، فلا يمكنها تجاوز هذه العادات أبداً.

عادات اليهود المغاربة مستمرة إلى يومنا هذا 

بالرغم من أن عدد اليهود المغاربة أصبح قليلاً جداً في مدينة تطوان، فإن بعض عادات وتقاليد حفلات زفافهم استمرت مع سكان المدينة إلى يومنا هذا، حتى بعد هجرتهم، ومن أهم هذه العادات "الشدة التطوانية"، حسبما أخبرتنا الزيانة هدى.

فقد كانت العروس المغربية اليهودية ترتدي ما يُسمى بالحراز، وهو عبارة عن غطاء رأس مع اكسسوارات تعطي امتداداً للرأس، يتم تزيينه بمجوهرات مصنوعة من الأحجار الكريمة تُسمى "خناقات الجوهر"، يتم ارتداؤها مع الزي التقليدي المغربي، ومع مرور السنين أصبح يُطلق على هذا التقليد اسم "الشدة"، فهي أخف وزناً، ويمكن أن توضع على شعر منسدل، عكس ما كان متداولاً قديماً.

مجوهرات العروس/ shutterstock
مجوهرات العروس/ shutterstock

أمّا الزيانة نفسها فتبدأ مهمتها من أول يوم في الاحتفالات، فهي من توفر للعروس جميع أنواع الملابس التي تحتاجها، من المجوهرات ذات الأحجار الكريمة، إلى سبنية البحر، والردا، وصولاً إلى القفطان المغربي بألوانه وأشكاله.

كما أنّ من مهامها كذلك وضع مكياج العروس، وملائمته مع القفاطين التي سيتم ارتداؤها على مدى أيام الاحتفال التي يمكن أن تصل إلى أسبوع متواصل.

وتكون الزيانة الشخص الأقرب من العروس خلال هذه الفترة، فهي من يهتم بجميع طلباتها، والمسؤولة عن نجاح وتميز إطلالتها.

تحميل المزيد