متلازمة كوتار، "Cotard's syndrome"، وتسمى كذلك متلازمة وهم كوتار، أو متلازمة الجثة المتحركة، هي عبارة عن حالة نفسية نادرة، تجعل المصاب بها يعتقد أنه ميت، أو غير موجود، أو أنه سيموت في وقت قريب، أو أن بعض أعضائه غير موجودة، أو متعفنة.
وقد اكتُشفت هذه المتلازمة لأول مرة من طرف الطبيب الفرنسي المختص في الأمراض النفسية جول كوتار، سنة 1880، وشخّصها على أنها اضطراب نفسي يحدث للإنسان بسبب عدة مشاكل عاشها في الماضي، ما يجعله يعيش حالة من التوهمات المذكورة سابقاً.
وفي سنة 1882، أكد كوتار على أن هذه المتلازمة متفاوتة الشدة، والتي تتراوح ما بين خفيفة إلى حادة، إذ يمكن أن يشعر المريض فقط بنكران الذات، وقد يصل الأمر إلى التوهم بأنه ميت وغير موجود في الحياة الواقعية.
أبرز أعراض متلازمة كوتار
من بين أبرز الأعراض التي تظهر على المصابين بوهم كوتار، اعتقادهم أنهم لا قيمة لهم في الحياة، وأنهم لا شيء أمام بقية الناس الآخرين.
كما أن البعض منهم يعتقدون أنه لا وجود لهم في الحياة، أو لا وجود لشيء في الحياة بشكل كامل، الشيء الذي يجعلهم يظنون أنهم أموات، أو متعفنون، أو خالون من الأعضاء والأحشاء الداخلية.
فيما هناك فئة أخرى من المصابين بمتلازمة كوتار يعتقدون أنهم لم يكن لهم وجود في الحياة من الأساس، الشيء الذي يجعلهم يفكرون بأن جسدهم عبارة عن وهم وليس حقيقة.
فيما تظهر أعراض أخرى على المصابين، والتي غالباً ما تحدُث عند جميعهم، كيفما كانت درجة تفاوت الحالية، وهي كالتالي:
- القلق
- الهلوسة
- الشعور بالذنب
- محاولة إيذاء النفس
أسباب الإصابة بالمتلازمة
هناك عدة أسباب تؤدي إلى الإصابة بوهم كوتار، إذ يعتبر الاكتئاب واحداً من بين الأسباب الأساسية المؤدية إلى ذلك، فحسب مجلة "healthline" الطبية، تؤكد دراسة أجريت سنة 2011، على أن 89% من الحالات الموثقة، قد تعرضت للمتلازمة بسبب الاكتئاب.
كما أن المصابين بكل من الفصام واضطراب ثنائي القطب يكونون كذلك معرضين بشكل كبير للإصابة بمتلازمة وهم كوتار.
وحسب عدة أبحاث، كشف عنها المصدر نفسه، فقد تبيّن أن متوسط أعمار الأشخاص المصابين بوهم كوتار هو حوالي 50 سنة، فيما يمكن أن يصيب كذلك الأطفال والمراهقين.
وغالباً ما تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة وهم كوتار أكثر من الرجال، فيما يكون اضطراب ثنائي القطب سبباً في إصابة الأشخاص الذين يقل عمرهم عن 25 سنة.
وعند الإصابة بهذه المتلازمة، فإن كل الأعراض التي يشعر بها الشخص تؤثر عليه بشكل شخصي، إذ إنه يرى نفسه فقط أنه ميت أو غير موجود، فيما يكون واعياً بأن من حوله أحياء.
وفي حال أصبح هذا الاعتقاد مرتبطاً كذلك بمحيط المريض، فهذا دليل على أنه مصاب بمتلازمة أخرى، تسمى كابجراس، وهي التي تجعل الشخص يظن أن كل من حوله غير حقيقي.
أمراض نفسية وأخرى عصبية لها كذلك علاقة بالمتلازمة
هناك أسباب أخرى تؤدي إلى متلازمة وهم كوتار، والتي تزيد من حدة المرض على الشخص المصاب، وتشمل ما يلي:
- اضطراب ذو اتجاهين
- اكتئاب ما بعد الولادة
- مرض كاتاتونيا
- اضطراب تبدد الشخصية
- اكتئاب ذهاني
فيما يبدو أيضاً أن متلازمة وهم كوتار مرتبطة بحالات عصبية معينة، والتي تتمثل في:
- التهابات الدماغ
- أورام الدماغ
- الخَرَف
- الصرع
- الصداع النصفي
- تصلب متعدد
- مرض الشلل الرعاش
- سكتة دماغية
طرق تشخيص متلازمة وهم كوتار
غالباً ما يكون تشخيص متلازمة وهم كوتار صعباً، لأنه يكون مرتبطاً بأمراض نفسية أخرى، ولا يتمكن الأطباء من التعرف عليه من الوهلة الأولى.
وبهذا، فإنه لا توجد طرق معينة، أو معايير محددة يمكن اتباعها من طرف الطبيب المعالج، من أجل علاج هذه المتلازمة النادرة.
لأنه غالباً ما يتم خلط أعراض متلازمة كوتار بعدة أمراض عقلية أخرى، من بينها الجنون على سبيل المثال.
لذلك يكون من الجيد على المريض قبل التوجه إلى الطبيب، محاولة كتابة جميع الأعراض التي يعاني منها، ووصفها بشكل دقيق، من أجل مساعدته، ومنحه معلومات كافية تساعده في إيجاد العلاج.
طرق علاج المتلازمة
لأن الإصابة بمتلازمة كوتار هي نتاج الإصابة بأمراض أخرى، لذلك يمكن أن تختلف خيارات العلاج من شخص لآخر، ومن حالة إلى أخرى.
وحسب عدة مراجع وجدت سنة 2009، فقد تبيّن أن العلاج الشائع قديماً من أجل علاج المتلازمة كان هو الصدمات الكهربائية (ECT)، وهو الذي كان يتم اعتماده من أجل مرضى الاكتئاب الشديد.
إلا أنه بسبب مخاطر هذا النوع من العلاج على المريض، والتي يمكن أن تصل إلى فقدان الذاكرة، فإنه لا يتم اعتماده من أجل العلاج في الوقت الحالي.
لذلك فإن أغلب الأطباء يلجأون لطرق علاجية أخرى، أبرزها مضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان، ومثبتات المزاج، والعلاج النفسي، أو العلاج السلوكي.
مضاعفات متلازمة كوتار
يعيش المصابون بمتلازمة كوتار العديد من المضاعفات، التي تؤثر بشكل مباشر على سير حياتهم الشخصية، وتعيق كذلك تواصلهم مع العالم الخارجي.
ومن بين أبرز هذه المضاعفات رفض المرضى الاستحمام، أو الاعتناء بنظافتهم الشخصية، وهذا الأمر يؤدي إلى أمراض جلدية خطيرة، أو حتى قد تؤثر على الأسنان واللثة.
هناك كذلك من يرفضون الأكل والشرب، لأنهم يعتقدون أن أجسادهم خالية من الأعضاء، وبذلك فهي لا تحتاج إلى الغذاء، وهذا الأمر قد يؤدي إلى الإصابة بعدة أمراض لها علاقة بسوء التغذية.
ومن الشائع أن يحاول المصابون بمتلازمة وهم كوتار الانتحار، لأنهم يرون أنه وسيلة لإثبات أنهم أموات بالفعل، وأنهم لا يمكنهم الموت مرتين عند الانتحار.