اختر واقي الشمس الذي لا يؤذيك ولا يؤذي الطبيعة

أحدث الانتقادات كانت دراسة أجرتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، بيَّنت أن بشرتنا يمكنها امتصاص مستويات عالية من أربع من هذه المواد الكيميائية

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/05/16 الساعة 23:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/16 الساعة 23:09 بتوقيت غرينتش

إن عملية اختيار واقي الشمس، الذي يكون آمناً وفعالاً في الوقت ذاته، أصبحت تمثل صداعاً في الرأس.

في الوقت الذي قضينا عقوداً نستخدم واقيات الشمس التي نختارها بأنفسنا ونحن سعداء، كانت المكونات الكيميائية التي استخدمها المصنِّعون لصناعة هذه الواقيات تتعرض للانتقاد والهجوم.

أحدث هذه الانتقادات كانت دراسة أجرتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، بيَّنت أن بشرتنا يمكنها امتصاص مستويات عالية من أربع من هذه المواد الكيميائية في مجرى الدم، وذلك بعد يوم واحد فقط من استخدام واقي الشمس.

هل هذا يسبب المشكلات لصحتنا؟ لا أحد يعلم. في فبراير/شباط 2019، كررت إدارة الغذاء والدواء دعوتها للمصنِّعين لإجراء تحقيقات تتعلق بالسلامة لـ12 من المواد الكيميائية الواقية من أشعة الشمس الأكثر استخداماً في الولايات المتحدة. هذه الاختبارات قد تستغرق شهوراً أو حتى سنوات.

في غضون ذلك، ما الذي يجب على الشخص فعله لحماية بشرته من أشعة الشمس الضارة؟ طرحت CNN هذا السؤال على بعض كبار الخبراء في هذا المجال.

ما أفضل خيار للحماية من الشمس؟

خمِّن: إنه ليس واقي الشمس.

تقول الدكتورة صوفي بالك، الطبيبة المعالِجة في مستشفى الأطفال بمركز مونتيفيوري الصحي، وعضو مجلس الصحة البيئية بالأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: "نحن نحاول توجيه انتباه الناس نحو دَور الملابس.

أرى كثيراً من المرضى، وعندما أسألهم ماذا يفعلون في سبيل الوقاية من أشعة الشمس، أول ما يجيبني به الناس هو: (أستخدمُ واقياً شمسياً). هذا ما يلجأ إليه الناس. لكن يجب أن تلجأ أولاً إلى الملابس الخفيفة والقبعات والنظارات الشمسية، وأن تضع واقياً شمسياً فقط على المناطق المعرَّضة لأشعة الشمس".

تضيف بالك ناصحةً: "حاوِل أن تختار بحكمةٍ، الوقت الذي تتعرض فيه لأشعة الشمس، وذلك بتجنُّب أكثر الأشعة شدة والتي تكون فيما بين الساعة الـ10 صباحاً والساعة الـ4 مساءً، وحاوِل السعي إلى الظل كلما كان ذلك ممكناً".

يؤيد الدكتور لين ليشتنفلد، القائم بأعمال المدير الطبي في الجمعية الأمريكية للسرطان، هذا الطرح بقوله: "لدينا عبارة استخدمناها منذ فترة طويلة والتي خرجت فعلياً من أستراليا: ارتدِ واعتمر وضَعْ وغطِّ".

يقول ليشتنفلد: "ارتدِ قميصاً طويل الأكمام، واعتمر قبعة واسعة الحواف، وضعْ واقياً شمسياً، واستخدِم النظارات الشمسية الواقية من الأشعة فوق البنفسجية والتي تلتف لتغطي العينين بالكامل، وذلك عندما تكون خارجاً في الشمس".

وأضاف: "هناك عدد من استراتيجيات السلامة من أشعة الشمس والتي تكون فعالة. إن الواقيات الشمسية واحدة من تلك الاستراتيجيات بالفعل، لكن يجب ألا تكون الاستراتيجيةَ الأساسيةَ".

هل هناك خيار أفضل في واقيات الشمس؟

يقول ليشتنفلد: "تعتبر إدارة الغذاء والدواء أن واقيات الشمس التي تتكون من مواد معدنية مثل ثاني أكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك آمنة بشكل عام". وتعمل واقيات الشمس هذه على تشتيت وحجب أشعة الشمس بطريقة فيزيائية، بدلاً من المرشحات الكيميائية التي تمتص الأشعة فوق البنفسجية، والتي عندما تتفكك تُطلق الحرارة.

واتفقت نيكا ليبا، مديرة علوم الحياة الصحية في مجموعة العمل البيئية، وهي مجموعة مناصرة تقدم دليلاً سنوياً لواقيات الشمس، على أن "أكسيد الزنك هو بالتأكيد المعيار الذهبي".

وقالت ليبا: "يوفر أكسيد الزنك حماية كبيرة واسعة التأثير، فهو يوفر حماية ضد كل من الأشعة فوق البنفسجية الطويلة (UVA) والأشعة فوق البنفسجية المتوسطة (UVB)"، مضيفة أن كثيراً من الناس لا يدركون أن عامل الحماية من أشعة الشمس (SPF) في الواقيات الشمسية يعمل فقط على الحماية من الأشعة المتوسطة التي تتسبب في الحروق الناتجة عن التعرض للشمس. أما الأشعة الطويلة فهي تلحق الضرر بالجلد وتزيد من شيخوخته.

وقالت ليبا: "تخترق الأشعة فوق البنفسجية الطويلة كلاً من الجلد والأنسجة بعمق، ويمكن أن تسبب أضراراً طويلة الأمد، لذا فأنت تحتاج واقياً شمسياً يوفر ما يسمى الحماية واسعة التأثير ويحمي من كليهما. وهذا بالتأكيد ما يوفره أكسيد الزنك".

واقيات الشمس المصنوعة من المواد المعدنية لا تؤذي البيئة أيضاً.

يقول الدكتور هنري ليم المتحدث باسم الأكاديمية الأمريكية لطب الأمراض الجلدية، إن الجانب السلبي للواقيات المعدنية مثل أكسيد الزنك هو أنها تترك لوناً أبيض على الجلد، والذي يجده كثير من الناس غير جذاب.

وأضاف ليم، الذي يعمل بنظام هنري فورد الصحي في ديترويت: "بالنسبة للأفراد ذوي البشرة الفاتحة، فإنه ليس بالأمر المهم. لكن بالنسبة للأشخاص ذوي البشرة الداكنة، فإن هذا ملحوظ".

ومع ذلك، فإن مجموعة العمل البيئية، التي دعت منذ فترة طويلة إلى استخدام واقيات الشمس المعدنية، تقول إن هناك تركيبات أحدث في السوق تقلل من مشكلة التلون.

وقالت ليبا: "لذلك لم يعد هناك سبب يمنع الناس من العثور على واقٍ شمسي آمن وفعال، خاصة إذا كانوا يبحثون فقط بين الخيارات المعدنية".

تحذير واحد: ينصح الخبراء، بعدم استخدام المنتجات المعدنية التي تعمل بالبخاخ، لأنها مكونة من جسيمات نانوية.

تقول ليبا: "إذا فكرت في الصورة المثالية لراكبي الأمواج بالستينيات، عندما كان لديهم شريط من طلاء أبيض على وجوههم، فهذا ما يبدو عليه أكسيد الزنك عندما تضعه على الجلد. ومن أجل جعله قابلاً للاستخدام وغير ملحوظ، صممت الشركات المصنِّعة الإصدارات النانوية بحيث يمكن تدليك الجسم به".

وقالت إن الدراسات أظهرت أن الجسيمات النانوية لا يمكنها اختراق الجلد المتشقق، لكن الأمر ليس نفسه إذا كنت تستخدم واقياً من أشعة الشمس من نوع البخاخ النانوي، "لأنه يمكن استنشاقه ودخوله في التجاويف العميقة بالرئتين، مسبِّباً أضراراً لا رجعة فيها".

إن مسألة ما إذا كانت البخاخات من أي نوع من أنواع الواقيات الشمسية، المعدنية أو الكيميائية، يمكن أن تكون ضارة بالرئتين، ما زالت تحت الفحص من قِبل إدارة الغذاء والدواء.

استخدام واقي الشمس الكيميائي نفسه

قال أدي أدامسون، أستاذ الطب الباطني المساعد بكلية ديلّ للطب بجامعة تكساس في أوستن: "حتى هذا الوقت، لا ضرر في ذلك. إنه يقوم بما تم تسويقه للقيام به، أي إنه يساعد في حمايتك من الأشعة فوق البنفسجية".

وأضاف: "المشكلة هي أنه لم تكن هناك دراسات جيدة لمعرفة ما إذا كان يتم امتصاص بعض مكونات الواقي الشمسي الكيميائية في الدم، وهذا ما فعلته إدارة الغذاء والدواء للتو".

يشير أدامسون، الذي نشر تغريدة تتضمن شرحاً بيانياً لدراسة إدارة الغذاء والدواء، إلى أن الإدارة لم تذكر أن المكونات الأربعة للواقيات الشمسية موضع الدراسة -أفوبينزون​​، وأوكسيبينزون، وإكامسول، وأوكتوكريلين- أو أياً من المواد الكيميائية الأخرى قيد التحقيق، مواد غير آمنة. لكن الهيئة تصر على دراسة المكونات.

وكتبت إدارة الغذاء والدواء، في فبراير/شباط 2019، بلوائحها المقترحة: "لقد كان هناك بعض من التقدم التكنولوجي في الصياغات الكيميائية لواقيات الشمس والتي أدت إلى المنتجات التي يتم تسويقها حالياً، مع مزيد من المكونات النشطة مجتمعةً معاً وبتركيزات أعلى من التي تم استخدامها سابقاً".

وأضافت إدارة الغذاء والدواء: "هذه الظروف المتغيرة للاستخدام والاختلافات في الصياغات الكيميائية للواقيات الشمسية قد تؤدي أيضاً إلى زيادة الامتصاص، وربما إلى مخاطر إضافية".

أشار لشتنفيلد إلى أن "معظم الناس لا يدركون أن هذه المواد الكيميائية تُعتبر في الواقع عقاقير. وتقول إدارة الغذاء والدواء الآن إننا بحاجة إلى التعامل معها معاملة العقاقير. نحن بحاجة إلى فهم المزيد عن كيفية عملها، ونحن بحاجة حقاً إلى معرفة إلى أيِّ مدى هي آمنة".

هل يمكنني تجنُّب الأضرار الكيميائية؟

هذا سيكون صعباً في الوقت الحالي، كما يقول الخبراء. أوكسيبنزون، المادة الكيميائية التي تمت دراستها أكثر من غيرها، توجد في نحو ثلثي جميع منتجات الواقيات الشمسية التي تباع بالولايات المتحدة.

لقد وجدت الأبحاث صلة محتملة بين الأوكسيبينزون ومستويات هرمون التستوستيرون المنخفضة لدى الأولاد المراهقين، والتغيرات الهرمونية في الرجال، وحالات الحمل قصيرة المدة، ونقص أوزان المواليد من البشر، واضطرابات نظم الغدد الصماء بالنسبة لفئران التجارب، وهو ما يعني أن المادة الكيميائية تحاكي عمل الهرمونات الطبيعية.

ومع ذلك، يشير ليم إلى تفاصيل الدراسات، ويحذر من افتراض أن أوكسيبينزون ​​هو الجاني لمجرد وجود رابط. خذ دراسة الفئران على سبيل المثال، يقول ليم: "لقد قمت أنا وزميلي بنشر دراسة قبل بضع سنوات، وأظهرت أنه لتحقيق المستوى نفسه الموجود في عينات دم تلك الفئران بالبيئة المختبرية، سوف يستغرق الأمر استخدام الواقي يومياً في أي مكان على الجلد من 30 إلى 250 عاماً".

يمكن أن يكون للمادة الكيميائية تأثير على البيئة أيضاً. فقد حظرت مؤخراً كل من هاواي، ودولة بالاو الواقعة في المحيط الهادي، وجزيرة كاي وست التابعة لفلوريدا، واقيات الشمس التي تحتوي على أوكسيبينزون وأوكتنوكيزات، لأنها قد تسبب تبيُّض المرجان. ومع ذلك، فقد تم التوصل إلى هذه النتائج بالمختبر، كما قال ليم، وليس في ظروف العالم الحقيقي.

وقال ديفيد أندروز، العالِم البارز في مجموعة العمل البيئي: في دراسة إدارة الغذاء والدواء الجديدة "تم امتصاص أوكسيبينزون ​​في الجسم بمعدل تركيز يتراوح بين 50 و100 مرة، أكثر من أي من هذه المواد الكيميائية الثلاث الأخرى التي اختبرتها".

كما ظهر أوكسي بنزون ​​في 97% من عينات البول بدراسة حكومية عام 2008 على الأمريكيين.

وقال أدامسون: "لذلك في الواقع، لقد عرفنا منذ 20 عاماً أن أوكسيبينزون ​​لديه القدرة على الدخول إلى الدم. ما لا نعرفه حتى يومنا هذا هو ما إذا كان لذلك أي تأثير على صحة الإنسان".

الآن، أضاف: "ما تحتاجه شركات الحماية من الشمس هو إظهار أن المكونات الكيميائية التي انتهى بها المطاف في الدم، ليست مرتبطة ببعض النتائج الضارة".

تحميل المزيد