ملك قتل ابنَي أخيه ومستعمرة كاملة اختفت فجأة! تعرّف على أعظم أسرار التاريخ

نكمل معكم في هذا التقرير سلسلة أعظم أسرار التاريخ التي اختارها مؤرخون وباحثون متخصصون لموقع History Extra. هذه الأسرار التاريخية هي التي اعتبرها هؤلاء المتخصصون أبرز وأغمض الأسرار في التاريخ.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/16 الساعة 08:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/16 الساعة 08:54 بتوقيت غرينتش
لوحة لمعركة خاضها الملك ريتشارد الثالث

نكمل معكم في هذا التقرير سلسلة أعظم أسرار التاريخ التي اختارها مؤرخون وباحثون متخصصون لموقع History Extra. هذه الأسرار التاريخية هي التي اعتبرها هؤلاء المتخصصون أبرز وأغمض الأسرار في التاريخ. تناولنا بعضاً منها في موضوعات سابقة يمكنكم الاطلاع عليها هنا وهنا وهنا.

وفي هذا التقرير نستكمل آخر هذه الأسرار.

أين أمضت إميليا إيرهارت لحظاتها المأساوية الأخيرة؟

اختارت كلير مولي وهي مؤلفة وناقدة ومذيعة، حدثاً حصل عام 1937، عندما اختفت إميليا إيرهارت وهي رائدة الطيران الأمريكي. ولا تزال وفاتها حتّى اليوم تمثل لغزاً لم يستطع أحد الإجابة عليه.

أميليا إيرهارت
أميليا إيرهارت

اختفت إميليا إيرهارت وملّاحها، فريد نونان، حين كانا متجهين إلى جزيرة هاولاند في المحيط الهادي في آخر محطة بمحاولتهما للدوران حول العالم. وكانت إيرهارت مشهورة باعتبارها أول امرأة تُحلِّق منفردةً عبر المحيط الأطلنطي. وكتبت في مذكراتها: "قد لا يكون التحليق كله سهلاً، لكن متعته تستحق الثمن".

كانت إيرهارت قد طلبت طائرة مُصنَّعة خصيصاً لها من طراز Lockheed Model 10-E Electra مع خزانات وقود إضافية، ونظام الطيار الآلي، وخصائص أخرى، من أجل محاولتها للدوران حول العالم.

ظهرت الطائرة قبل تسليمها لفترة وجيزة في فيلم رومانسي كوميدي عام 1936. وقال الممثل كلارك غيبل مازحاً في قمرة القيادة: "أتساءل ما الغرض من كل هذه التجهيزات". لكن حين تفقَّد نونان (مساعد إيرهارت) الطائرة، شعر بالإحباط بسبب قِلّة تجهيزات مساعدة الملاحة.

أقلعت إيرهارت ونونان في شهر يونيو/حزيران 1937، وقطعا ثلاثة أرباع طريقهما قبل نهاية الشهر. وكان قد تبقى لهما فقط عبور المحيط الهادي، وكانت بهذا تستطيع أن تحتفل بعيد ميلادها الأربعين في 24 يوليو/تموز باعتبارها "ملكة الأجواء" في العالم كله بلا منازع.

في آخر بث لاسلكيّ مؤكد لهما يوم 2 يوليو/تموز، أعطت إيرهارت إحداثياتٍ تشير إلى أنَّها تخطّت لتوّها جزيرة هاولاند في المحيط الهادي، قبل أن تقول: "انتظروا". ثُمَّ توقف البث فجأة.

بحثت البحرية الأمريكية في المنطقة لأسبوعين، لكن لم يُعثر على أيِّ أثرٍ للطائرة. وفق الرواية الرسمية، ماتت الطيَّارة والملّاح بعدما تحطَّمت طائرتهما في المحيط. لكنَّ الكثيرين طرحوا نظرياتٍ بديلة لتفسير اللغز.

ففي عام 1940، أي بعد فقدانهما بثلاث سنوات عُثِر على 13 عظمة بشرية بينها جمجمة في جزيرة نيكومارورو، وهي عبارة عن حيّز مرجاني يقع على بُعد 400 ميل (644 كيلومتراً تقريباً) من جزيرة هاولاند.

لكنَّ التصوُّر المُفجع بأنَّ إيرهارت نَجَت من هبوطٍ اضطراري على حيزٍ مرجاني، فقط لتموت بعدها من الجوع والعراء، بدا خاطئاً؛ وجرى التعرُّف على أنَّ العظام تعود إلى رجلٍ "أوروبي ذي جسم عضلي" كان جسده البالغ 166 سم طولاً و15 سم عرضاً تقريباً أصغر من جسدي إيرهارت ونونان.

أميليا إيرهارت
أميليا إيرهارت أمام طائرتها قبل الرحلة

وفي عام 1991، عُثِر على جسم طائرة فوق جزيرة نيكومارورو. ومع أنَّ الخبراء منقسمون حول ما إن كان الألومونيوم يعود إلى عام 1937 أم إلى الحرب العالمية الثانية، كان الاكتشاف كافياً لإعادة إثارة الاهتمام بقضية إميليا إيرهارت.

أفادت "المجموعة الدولية لاستعادة الطائرات التاريخية" منذ ذلك الحين بأنَّه تم استقبال 57 محاولة بث لاسلكي حقيقية على ترددات إيرهارت في أرجاء أمريكا الشمالية بين يومي 2 و6 يوليو/تموز 1937، بينها بثٌّ استمعت إليه ربة منزل في ولاية تكساس الأمريكية لإيرهارت وهي تبلغ عن إصابات.

في عام 2017، اكتَشَفَت 4 من كلاب البوردر بولي على ما يبدو رائحة رفاتٍ بشريّ تحت شجرة في جزيرة نيكومارورو، لكن لم يُعثَر على أيّ عظام. وبحث روبرت بالارد، عالِم المحيطات الذي اكتشف سفينة "تيتانيك"، في الآونة الأخيرة في البحار المحيطة بالحيّز المرجاني عن أدلة على طائرة إيرهارت، لكن لم يعثر على شيء.

إذاً، هل أكلت سرطانات البحر إميليا إيرهارت مثلاً؟ يبدو هذا محتملاً، ولو أنَّه من الأصعب الجزم إذا ما كان ذلك حدث فوق رمال جزيرة نيكامارورو أم في مكانٍ ما تحت سطح المحيط. لكن كلير مولي تختم حديثها عن هذا السرّ بقولها "ربما يجب علينا إيلاء مزيدٍ من الاهتمام للسبب الذي يجعلنا كلنا شغوفين جداً بلحظات إيرهارت المأساوية الأخيرة، بدلاً من الإنجازات التي لا تُصدَّق التي حققتها في حياتها".

سرّ الألف عام: أين دُفن الملك هارولد؟

أمّا المؤرّخ والمؤلّف مارك موريس فقد اختار لنا سراً إنجليزياً بامتياز، وهو الحدث الذي تقرّر بسببه مصير إنجلترا منذ ألف عام تقريباً.

حُكمت إنجلترا لعدّة قرون من قبل الأنجلوسكسونيين، إلى أن جاء الملك إدوارد المعترف (1033 – 1066)، الذي لم يكن له من الأمر شيء في أمور مملكته، وسلّمها لوالد زوجته "إيرل غودوين"، وعندما توفِّي غودوين هذا سلّم إدارة المملكة إلى ابنه هارولد. وبهذا أصبح هارولد – أخو زوجة الملك – ما يمكن أن نوصّفه وصياً على العرش أو الرجل الأوّل في إنجلترا.

أعظم أسرار التاريخ
لوحة للملك إدوارد المعترف

كان إدوارد المعترف ضعيفاً وبلا رغبة له في الحكم، وكان ورعاً ومتديناً ما جعل الكنيسة تعتبره قديساً. ولم يكن له أيضاً أبناء يورّثهم المملكة، لذلك عندما حانت لحظة وفاته وهو في الثالثة والثلاثين من عمره طمع في حكم إنجلترا قائدان: هارولد أخو زوجة الملك ومصرِّف شؤون المملكة، وويليام الفاتح وهو ابن خال إدوارد المعترف، لكنّه دوق النورماندي الفرنسية وليس أنجلوساكسونياً.

ما إن توفي إدوارد المعترف حتّى أعلن هارولد نفسه ملكاً، باعتبار أنّ المعترف ورّثه المُلك وهو على فراش الموت. لكنّ ويليام الفاتح عَبَرَ القناة الإنجليزية، مصدماً مع هارولد في معركةٍ كانت حاسمة: فإمّا أن يمتدّ حكم الأنجلو ساكسونيين لإنجلترا أو أن يحكمها النورمانديون.

وقد وقعت بينهما معركة هاستينغز الهائلة في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1066، التي فاز فيها ويليام الفاتح، وبعدها بوقتٍ قليل توِّج ويليام ملكاً لإنجلترا منهياً قروناً من الحكم الأنجلو ساكسوني لإنجلترا.

لكن ماذا حدث لجثة هارولد بمجرد انتهاء المعركة؟

أحد التخمينات التي وجدت لها صدى لدى المؤرخين في السنوات الأخيرة هو أنه دفن في منطقة  بوشام بساسيكس، وهي عزبة مهمّة تنتمي إلى عائلته. استلهمت هذه الفكرة من اكتشاف قبرٍ عام 1954، داخل كنيسة العزبة يحتوي على بقايا رجل أنجلو سكسوني يرتدي ملابس أنيقة.

ولنفترض أنه هارولد يتطلب الأمر منا قفزة هائلة، لأنه لا يوجد مصدر مكتوب يشير إلى أن الملك قد دُفن هناك. ويمكن أن تكون العظام في بوشام عائدة لأي شخصٍ أنجلوساكسونيٍّ آخر.

وبالانتقال إلى المصادر المكتوبة، ربما كان التخمين الأكثر شهرة هو أن هارولد دفن في دير والتهام في إسيكس. وكان هارولد قد أعاد ترميمه ليصبح بيتاً لرجال الدين العلمانيين، ووفقاً لسجلات الدير الخاصة، سافر بعض هؤلاء الرجال إلى ساسيكس بعد معركة هاستينغز  للمطالبة بجسده.

لكن هناك أسباباً للشك في هذه الرواية أيضاً. فلم تكتب سجلات دير والتهام حتى أواخر القرن الثاني عشر، أي بعد أكثر من قرن على وقوع الأحداث التي تدَّعي السجلات أنها تصفها. وبحلول القرن الثالث عشر، كتب مؤرخ آخر رواية جديدة تدَّعي أن هارولد نجا من المعركة وعاش لسنوات عديدة كناسكٍ في منطقة تشيستر النائية.

يظلّ هذا السرّ محلياً بعض الشيء، لأنّه لم يؤثّر تأثيراً كبيراً في المجريات العالمية وإنّما في شكل العلاقة بين فرنسا وبريطانيا القائمة على العداء الدائم طوال أغلب فترات التاريخ، لكنّه يظلُّ لغزاً وسراً تاريخياً غامضاً لم يحلّ رغم مرور ألف سنة عليه.

لماذا اختفت إحدى المستعمرات الإنجليزية تماماً؟

لنسافر معاً إلى عالم أمريكا قبل خمسة قرون، حيث كانت المستعمرات الإنجليزية والإسبانية تجتاح الأمريكتين، وقد اختار لنا مالكولم غاسكيل وهو أستاذ التاريخ الحديث المبكر في جامعة إيست أنجليا، اختار لنا حادثة اختفاء مستعمرة إنجليزية كاملة.

فقد هبط السير ريتشارد غرينفيل (وهو بحّار ومستكشف بريطاني) مع 600 رجل على جزيرة رونوك بأمريكا في يوليو/تموز عام 1585. ولم يكن لديه أي فكرة بأن لغزاً سيلتهم الجزيرة بعد خمس سنوات.

أعظم أسرار التاريخ
السير ريتشارد غرينفيل

كان همه الأول هو البقاء. ومن أجل البقاء على قيد الحياة في رونوك، وهي جزيرة قبالة سواحل ما سيصبح لاحقاً ولاية كارولينا الشمالية، سيحتاج المستوطنون الجدد إلى المساعدة من "مجموعة سيكوتان" العرقية الأصلية بالمنطقة. لكنّ الحاكم رالف لين (وهو أحد المستوطنين) عاملهم بوحشية، لذلك عندما نَفَدَ طعام المستعمرين، كان على السير غرينفيل العودة إلى إنجلترا للحصول على الإمدادات.

بينما كان غرينفيل في البحر، قاد الحاكم رالف لين غارةً شهدت ذبح العديد من الأمريكيين الأصليين، بما في ذلك قائدهم، الزعيم وينجينا. لكن على الرغم من تلك الغارة كان معسكر المستعمرين الجُدد في حالةٍ من الفوضى. وعاد غرينفيل إلى رونوك في صيف عام 1586، ثم غادرها مرةً أخرى.

وفي مايو/أيار 1587 قاد جون وايت، وهو أحد المستوطنين الأصليين مجموعةً من المستوطنين الجدد إلى رونوك، من بينهم ابنته الحامل إليانور داري. ولم يكن وايت قائداً بالفطرة، وتوترت العلاقات مع السكان الأصليين.

استلزم تضاؤل ​​الإمدادات مرة أخرى رحلة عودة إلى إنجلترا. لذا ودع وايت ابنته وحفيدته، فيرجينيا داري، وهي أول طفل يولد في أمريكا لأبوين إنجليزيين.

أدى الصراع المستمر بين بريطانيا وإسبانيا إلى عدم تمكُّن وايت من العودة إلى رونوك حتى حلول 18 أغسطس/آب 1590 أي في عيد ميلاد حفيدته الثالث. ليجد فرجينيا قد اختفت مع المستعمرة بأكملها: 115 رجل وامرأة وطفل اختفوا جميعهم.

نُهب منزل وايت، وبُعثرت ممتلكاته. لكن لم يكن هناك أيّ قبور أو هياكل عظمية في المستعمرة. وكان من المشجِّع بالنسبة إلى وايت، أنه وجد نقش كلمة "Croatoan" -وهي جزيرة تقع على بعد 50 ميلاً جنوباً- محفوراً على سور المستعمرة.

فهل تمكّنت عائلته من الإبحار إلى هناك؟ لم يكن لدى وايت الوقت لمعرفة ذلك. فقد أجبره موسم الأعاصير على الإبحار، تاركاً أسئلته دون إجابة.

فشلت بعثات البحث. وفي عام 1609 وصل تقرير إلى لندن من هنود بوهاتان بأن مستعمري رونوك قد قتلوا، لكن هذا لم يكن له أساس. وفي أوائل القرن الثامن عشر، اكتشف زوار جزيرة كروتون تأثيراً للثقافة الإنجليزية على الجزيرة.

لكن ما زال الموقع الدقيق للمستعمرة غير معروف. وقد يكون التآكل الساحلي سبباً في كون المستعمرة مخبَّأة تحت الماء؛ وهي نظريةٌ دُعمت في عام 2002 عندما وجد سبّاح رأس فأس تعود إلى القرن السادس عشر.

في المقام الأول، يبقى السؤال عن المكان الذي انتهى إليه مستوطنو رونوك لغزاً، على الرغم من أن رسمة حِصن، اكتُشِفَت في عام 2011 تحت رقعة على خريطة تعود إلى جون وايت، بدت وكأنها اكتشاف مهم.

وفي عام 2017، أعلن علماء الآثار أنهم عثروا على قطع أثرية تعود للعصر الإليزابيثي، على بعد 50 ميلاً غرب رونوك، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه القطع تنتمي إلى المستعمرين المختفين.

وتتراوح النظريات التاريخية عن مصير مستعمرة رونوك بين تحطُّم السفن، والاستعباد على يد الإسبان، وإعادة التوطين الهادئ في خليج تشيسابيك. وقد يكون شاهد القبر الحجري الذي وجد في مستنقع في ولاية كارولينا الشمالية في عام 1937، والذي كان يُعتقد إن إليانور داري قد نقشته ولكنه رُفض على أساس إنه مزيف، حقيقياً بعد كل شيء.

بطريقةٍ ما، كلما علمنا أكثر، ازداد عمق اللغز. هناك شيءٌ واحد مؤكد فقط: لن يتم إغلاق القضية على رونوك في أي وقت قريب، حتى ولو لم يكن لها حلٌّ على الإطلاق.

هل أمر ريتشارد الثالث بقتل الأميرين في البرج؟

اختار ناثين أمين المؤرخ والمؤلف البريطاني حدثاً محلياً بعض الشيء دار في إنجلترا منذ خمسة قرون، وهو مصير الأميرين إدوارد الخامس وريتشارد. كانت إنجلترا في القرن الخامس دولةً مفككة تتنازعها بعض العائلات متساوية القوّة فيما بينهما ما جعل حسم الصراع صعباً بينهما جميعاً، خصوصاً مع تدخلات دول أقوى في ذلك الوقت مثل فرنسا وهولندا.

استطاع إدوارد الثالث اختطاف حكم إنجلترا بعد الكثير من المعارك والصراعات، وتوفي في سنّ 41 عاماً فقط، إلا أنّه ترك وراءه طفلين إدوارد الخامس (12 عاماً) وشقيقه الأصغر ريتشارد (9 أعوام)، وكان اختفاؤهما سبباً لجدلٍ حاد استمرّ قروناً. فهل كان اختفاؤهما، كما ادعى البعض، خدعةً ملفقة من تيودور عدوّ عمّهما الملك ريتشارد الثالث، لتشويه صورته؟ أو كان هناك شيء أكثر شراً جرى لهما فعلاً؟

أعظم أسرار التاريخ
لوحة لمعركة خاضها الملك ريتشارد الثالث

في 9 أبريل/نيسان 1483، قبل أشهر قليلة فقط من اختفاء الصبية، توفّى أبوهما إدوارد الرابع، تاركاً وراءه بلاطاً شلته الانقسامات. وبما أن وريثه كان لا يزال طفلاً (12 عاماً)، فسرعان ما حشدت الفصائل المعارضة في محاولة للاستيلاء على حكم المملكة. في إحدى الزوايا وقف أخوال إدوارد الخامس، عائلة وودفيل؛ وفي الجانب الآخر وقف عمّه ريتشارد الثالث دوق مدينة غلوستر. وكانت طموحات الفريقين غير متوافقة، وراح ضحيتها الطفلان.

أثناء سفر الطفل إدوارد الخامس إلى لندن للتحضير لتتويجه، اعترض عمّه ريتشارد سبيل موكبه، وقبض على ثلاثة من مرافقيه -بما في ذلك خاله أنتوني وودفيل-. عندما وصلت الأخبار إلى والدة إدوارد، إليزابيث وودفيل، هربت مع ابنها الأصغر، ريتشارد (9 أعوام)، وأخواته البنات الخمس إلى ملاذ آمن في دير وستمنستر.

في الوقت نفسه، واصل عمّهم ريتشارد سيره إلى العاصمة، إذ عين رسمياً وصياً على العرش في 10 مايو/أيار. ثم وضع إدوارد الخامس في برج لندن المطلّ على نهر التايمز، في انتظار تتويجه بشكل صوري.

لكن الأمور أخذت تحولاً كبيراً وعنيفاً خلال اجتماع مجلس اللوردات في 13 يونيو/حزيران. فبناء على أوامر ريتشارد العمّ، ألقي القبض على صديق أخيه الملك المتوفّى المقرّب وليام هاستينغز وجرّه إلى الخارج وقطع رأسه وسط اتهامات بالخيانة ضد الوصيّ على العرش.

بعد ذلك بيومين، حاصر دير وستمنستر مع جنوده مجبراً إليزابيث وودفيل على تسليم ابنها الأصغر ريتشارد الذي انضم بعد ذلك إلى شقيقه إدوارد الخامس في البرج. وفي الأسبوع التالي، أُعلن فجأة أن الصبيين غير شرعيين على أساس أن والدهما قد تزوّج قبل زواجه إليزابيث وودفيل، وبالتالي فزواجهما وأبناؤهما باطلان. وهو ما جعل أخاه ريتشارد الوريث الشرعي من أسرة يورك الحاكمة.

بعد أربعة أيام تولّى العمّ العرش باسم ريتشارد الثالث. لكنّ الكثيرين يختلفون حول ما إذا كان ريتشارد استفاد من المشكلات والنزاعات في بلاط أخيه ليصبح الملك أم أنّه قد دبّر هو شخصياً هذه المشكلات ليحكم سيطرته على عرش أخيه؟

لكن ماذا عن الطفلين المجرَّدَين من إرثهما؟ اتسمت الروايات المعاصرة بالحذر. فوفقاً لبعض الروايات فقد شوهدا يلعبان في ساحة البرج، وأشارت رواية أخرى إلى أنه مع مرور كل يوم، كانا يُشاهدان أقل فأقل، حتى اختفيا تماماً. بل إنّ بعض الأنباء حينها تحدّثت أنّهما "قُتلا".

لكن حتّى وإن كانا قد قتلا، فإنّ الشك حول من المسؤول يحوم حول بعض الشخصيات وليس حول ريتشارد الثالث وحده.

المشتبه به الرئيسي كان ريتشارد الثالث بالطبع، على الرغم من أنّ آخرين قد استفادوا بالتأكيد؛ فلا يمكن لأحد أن ينكر أن مارغريت بوفورت وابنها هنري تيودور (عائلة منافسة على الحكم) قد كسبا الكثير من خلال الاستفادة من الشائعات التي تقول بأن الطفلين قد قتلا، لتحشد الأم وابنها الدعم من أسرة يورك الموالية سابقاً لإدوارد الرابع.

هناك نظرية أخرى اكتسبت ثِقَلاً كبيراً مؤخراً، وهي أن أحد الأميرين أو كلاهما قد نجا وأُبعد تحت جُنح الظلام. وفي الواقع، ادّعى البعض بأنهما سليلي أسرة يورك المفقودَين: فبعد أقل من عقدٍ من الزمان، ادعى شاب أنه الأخ الأصغر من بين الولدين المفقودين، وأنه نجا من القتل بفضل التعاطف الذي ناله لحداثة سنه. 

لا يزال مصير الأميرين مثيراً للاهتمام حتى يومنا هذا مع مرور أكتر من 500 سنة منذ آخر مرة شوهدا فيها علناً. وسواء اعتقد المرء أن الولدين قُتلا على يد أولئك الذين وثقا بهم، أم حُكم عليهما بدلاً من ذلك بالعيش بقية حياتهما في الظل، فإن الجدل ما زال دائراً بعناد.

علامات:
تحميل المزيد