بعد سن قانون انتخابي يستهدفه.. هل يتعرَّض حزب العدالة المغربي للهزيمة أم تشفع له نجاحاته الاقتصادية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/06 الساعة 10:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/06 الساعة 10:51 بتوقيت غرينتش
قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي/رويترز

انتخابات مفصلية يشهدها المغرب الخميس 8 سبتمبر/أيلول 2021، قد تفضي إلى هزيمة حزب العدالة والتنمية، الذي يقود حكومة البلاد منذ سنوات أو أن نجاحاته الاقتصادية قد تجعله ينجو من خريف الأحزاب الإسلامية في المنطقة وتداعيات كورونا.

وتضم الحكومة المغربية الحالية، ائتلافاً من أحزاب "العدالة والتنمية" (125 نائباً بالبرلمان من أصل 395) و"التجمع الوطني للأحرار" (37 نائباً) و"الحركة الشعبية" (27) و"الاتحاد الاشتراكي" (20) و"الاتحاد الدستوري" (23).

 ورغم الانتقادات التي توجه للحزب بسبب أدائه الخدمي والاقتصادي، فإن الواقع أن المغرب في ظل حكم حزب العدالة لديه واحد من أفضل التجارب الاقتصادية في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الإطلاق.

وتأثر الاقتصاد، بشكل كبير جراء جائحة كورونا، ولكن هناك توقعات من مؤسسات دولية بأن الاقتصاد المغربي سوف يتخطى هذه التداعيات بسرعة.

إذ أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، أن الاقتصاد المغربي يعد من أكثر الاقتصادات دينامية للتأقلم والتكيف مع القيود وكذلك الفرص المرتبطة بأزمة جائحة كورونا.

 ولا يقتصر الأمر على مؤشرات عامة لنمو الاقتصاد، ولكن الواقع أن المغرب حقق خلال السنوات الميدانية تطوراً نوعياً في مجالات الطاقة والصناعة، حتى إن الرباط أصبحت من أهم الدول المصنعة للسيارات، وباتت لديها قدرة تصنيع تبلغ 600 ألف سيارة في السنة، وتعد من مصنعي السيارات الكبار في العالم، حسب وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي المغربي، مولاي حفيظ العلمي.

كما بدأت المملكة تحقق تقدماً في مجال صناعة تجميع الطائرات.

ويراهن المغرب على ولوج قائمة أفضل 50 اقتصاداً عالمياً في مجال ممارسة الأعمال في سنة 2021، حيث تفصله 3 نقاط فقط على بلوغ هذا الهدف.

واحتل المغرب المرتبة العاشرة عربياً، والـ106 عالمياً في مؤشر "الحكومة الإلكترونية" الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية من أصل 193 دولة شملها التقرير.

وعلى مستوى قارة إفريقيا، جاء المغرب في المرتبة الثانية ضمن الفئة المرتفعة لمؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية في القارة، متبوعاً بتونس ومصر والجزائر.

مكن هذا الوضع الاقتصادي المغرب من تخصيص أموال غير مسبوقة لزيادة قدراته العسكرية في ظل ازدياد التوتر مع الجزائر المجاورة التي لديها احتياطي نفطي كبير.

ووصل حزب العدالة والتنمية المغربي إلى السلطة عام 2011، في سياق ما عرف بـ"الربيع العربي"، والذي أدى بدوره، إلى تشكيل قوة سياسية ضاغطة في المملكة، تمثلت في حركة "20 فبراير/شباط"، دفعت وقتها القصر إلى إجراء تعديلات دستورية، زادت من صلاحيات الحكومة.

وفي وقت يغرق بقية العالم العربي في الفوضى والحروب الأهلية والاستبداد، والأزمات الاقتصادية، أصبح لدى المغرب نظام حكم غريب يقود فيه حزب إسلامي حكومة ائتلافية متنوعة تضم أحزاباً يسارية وأخرى محسوبة على القصر، كل ذلك تحت مظلة سلطة ملكية قوية توجه الخطوط العريضة للسياسة المغربية، وتفرض خطوط حمراء على الحزب الحاكم، تاركة له إدارة التفاصيل اليومية المرهقة التي تجعله ينال سخط الناس غالباً.

وخلال تلك الفترة، فرض القصر الملكي فيتو على تجديد ولاية رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران الذي لم يتمكن من جمع أصوات النواب الكافية لتشكيل الحكومة؛ مما أدى إلى تشكيل الحكومة بقيادة القيادي في الحزب سعد الدين عثماني.

ولكن هذه الحالة الائتلافية الغريبة أسفرت عن خيبات في ملفات غير اقتصادية بالأساس تمس القاعدة المحافظة للحزب الإسلامي، فلقد مررت هذه الحكومة بموافقة حزب العدالة أو بمعارضته، قوانين لتقنين زراعة الخشخاش، وفرنسة التعليم، والتطبيع مع إسرائيل.

كما أن حزب العدالة بشكل أو بآخر هو ضحية نجاحه الاقتصادي، فبعد 10 سنوات من قيادته للحكومة تعود المواطن المغربي على الوضع الحالي الجيد نسبياً مقارنة بالسنوات السابقة، وبالتالي فهو يريد المزيد.

أسباب احتمالات خسارة حزب العدالة والتنمية

 هناك أسباب عديدة تجعل هناك شعوراً بأن العدالة والتنمية قد يخسر الانتخابات منها أسباب إقليمية، في ظل تراجع الأحزاب الإسلامية في معظم مناطق العالم العربي، وآخرها تونس، وهي التراجعات التي جاءت في الأغلب بغير طريق الانتخابات، بل طرق أقرب للانقلابات بأشكال مختلفة، ولكنها تخلق حالة من العداء للأحزاب الإسلامية في المنطقة، عداء تجاهر به العديد من دول المنطقة وفي مقدمتها الإمارات والسعودية ومصر.

ولكن هناك أسباب محلية ترتبط برغبة يتكهنها القصر في تحجيم حزب العدالة كما بدا الأمر من خلال العديد من المواقف.

وهناك أسباب تتعلق بالخلافات الداخلية داخل الحزب، حيث يمثل رئيس الوزراء السابق عبد الإله بنكيران جناح الصقور، فيما يمثل رئيس الوزراء الحالي سعد الدين عثماني، جناح الحمائم.

وبطبيعة الحال فهناك غضب من بعض القصور الداخلي سواء ما يتعلق بالخدمات أو زيادة عجز الموازنة أو عجز الميزان التجاري.

حزب العدالة والتنمية
العاهل المغربي الملك محمد السادس مع رئيس الوزراء سعد الدين عثماني/رويترز

كما يبدو أن الأحزاب المغربية بما فيها تلك المشاركة في الحكومة لم تتفق على شيء إلا على محاولة تقليم أظافر حزب العدالة، وهو ما ظهر في تغيير نظام الانتخابات.

ووفقاً لمراقبين، فإن حزب "التجمع الوطني للأحرار"، الشريك في الائتلاف الحكومي، والذي يمثله 37 نائباً، في الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، ربما يمثل المنافس الأقوى في الانتخابات المرتقبة، وهو يسعى إلى قيادة الحكومة القادمة مدعوماً برجال الأعمال، حسب تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

ويوصف الحزب، الذي يتزعمه وزير الفلاحة عزيز أخنوش، بأنه مقرب من القصر، ونقل عن زعيمه عزيز أخنوش قوله إن "التجمع الوطني للأحرار قدم الوزراء الذين حققوا نتائج ممتازة في جميع القطاعات الإنتاجية".

على الجانب الآخر، لا تزال أحزاب المعارضة في المغرب، تبحث لها عن موطئ قدم في الحكومة المغربية المقبلة، وهي تضم أحزاب الأصالة والمعاصرة، وله 102 نائب في الغرفة الأولى، والاستقلال وله 46 نائباً، والتقدم والاشتراكية وله 12 نائباً، في وقت يتحدث فيه مراقبون عن أن حزب الأصالة والمعاصرة، ربما تكون له فرص كبيرة في الفوز أيضاً.

 ويؤسس من يتوقعون هزيمة العدالة والتنمية، في هذه الانتخابات لتوقعاتهم، على ما يصفونه بحالة عدم الرضا لدى المواطنين المغاربة، الذين لم ترق لهم حصيلة أداء ومنجزات الحزب، غير أن مراقبين يرون أن حظوظ الحزب ربما لا تزال قائمة، وأنه ربما يفاجئ من يتوقعون هزيمته.

إنجازات الحزب أم الملك؟

ينعكس الطابع المختلط للنظام المغربي على النظر للإنجازات التي تحققت خلال عهد حزب العدالة.

والمفارقة هنا أنه بينما يتهم حزب النهضة الإسلامي التونسي بأنه مسؤول عن أزمات البلاد، علماً بأنه لم يشكل سوى حكومة واحدة، والحكومات التالية لم يشارك فيها وشكلها في الأغلب رؤساء حكومة اختارهم الرئيس الباجي قائد السبسي أو قيس سعيد، في المقابل، فإن حزب العدالة والتنمية تنزع منه أي إنجازات تحققت في عهد الحكومة التي يقودها إما بالقول إنها إنجازات ملكية أو إنجازات وزراء لا ينتمون للحزب.

وبالرغم من الصلاحيات الموسعة لرئيس الحكومة، بقيت معظم القرارات الكبرى بيد الملك في القطاعات الأساسية مثل الزراعة والطاقة والصناعة وتدبير المياه. وحضر القصر بقوة أمام الحكومة في مشاريع كبرى كالتصدي لفيروس كورونا، إذ أعلن العاهل المغربي خطة للإنعاش الاقتصادي صيف 2020 بما يقارب 12 مليار دولار، كما أعلن مشروعاً غير مسبوق لتعميم التغطية الطبية والاجتماعية في أفق العام 2025. كلها مشاريع حاول الحزب الإسلامي استغلالها في الحملة الانتخابية، إلا أن معارضيه يردون بأنها "مشاريع ملكية"، مشككين في حصيلته الحكومية.

وحضور القصر كان أيضاً في تحديد الرهانات المستقبلية عبر "النموذج التنموي الجديد" لإطلاق جملة من الإصلاحات، سيجبر الحزب الفائز، إن كان "العدالة والتنمية" أو سواه، في هذه الانتخابات على الالتزام بخطوطه الكبرى، وهو ما يقلل أكثر من أهمية الاستحقاقات في تحديد توجهات الحكومات المقبلة، وفق بعض المحللين. ويزيد من ضبابية الرؤية لدى الناخب حول جدوى الأحزاب في المملكة.

وبعد تراجع حزب العدالة والتنمية المغربي بالانتخابات المهنية التي جرت مؤخراً، رأى خبير أن هذا قد يكون مؤشراً على تراجع الحزب بالانتخابات التشريعية والبلدية المرتقبة، فيما قال قيادي بـ"العدالة والتنمية" إن حظوظ الحزب ما زالت جيدة.

المال السياسي وكورونا

هناك شكوى من توسع استعمال المال في الحملات الانتخابية لبعض المرشحين المحسوبين على مختلف الأحزاب السياسية، ولكن يظهر لمن يتابع الحملة الانتخابية في المغرب المبالغ المالية التي رصدها حزب التجمع الوطني للأحرار تحديداً، والذي يترأسه الملياردير وأشهر رجال الأعمال في المملكة عزيز أخنوش، وهو مقرب من الملك.

 كما منعت الداخلية المغربية المهرجانات والمسيرات الخطابية قبل الانتخابات بسبب "كورونا"، وهو قرار اعتبر أن العدالة هو أكثر المتضررين منه.

 نظام انتخابي يضر العدالة

يخيّم على هذه الانتخابات شبح التعديلات التي طالت القوانين المنظمة للاقتراع، والتي كان من أبرزها اعتماد قاسم انتخابي جديد في توزيع المقاعد النيابية، وإلغاء العتبة التي كانت محددة في 3% لدخول الحزب للبرلمان.

والعتبة الانتخابية هي الحد الأدنى من الأصوات المطلوب من أي حزب الحصول عليه ليصبح له الحق في الحصول على مقعد.

وبموجب القاسم الانتخابي سيتم احتساب المقاعد بناء على عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس وفق عدد المصوتين كما كان سابقاً.

وأوضحت المادة 84 من القانون التنظيمي لمجلس النواب الطريقة الجديدة لتوزيع مقاعد البرلمان "توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها.

وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور".

سيكون للتعديلات الجديدة أثر على نتائج الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة خاصة الأحزاب الكبرى التي كانت تستأثر بأكبر عدد من المقاعد.

ويرى الحزب الإسلامي أن النظام الجديد لا يصب في مصلحته، واعتبر أنه "يستهدف حظوظه"، بينما يقيمه الخبير الدستوري المتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية رشيد لزرق في حديث لفرانس 24، على أنه "أكثر عدالة" وأن "العدالة والتنمية" "كان المستفيد من النظام الانتخابي السابق".

وسيكون للتعديلات الجديدة أثر على نتائج الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة؛ خاصة الأحزاب الكبرى التي كانت تستأثر بأكبر عدد من المقاعد، ومنها حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة اللذان حازا في الانتخابات الماضية معاً على 227 مقعداً نيابياً من بين 395.

وبحسب مراقبين، فإن الأحزاب المتوسطة والصغيرة ستكون أكبر الرابحين بعد اعتماد هذه التعديلات.

ويؤكد سليمان العمراني نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن القاسم الانتخابي الجديد سيؤثر على نتائج حزبه في الانتخابات النيابية، لافتاً في تصريح للجزيرة نت إلى أن إرادة الأحزاب السياسية التقت على هذا التعديل لإضعاف حظوظ حزب العدالة والتنمية وانتزاع مقاعده.

ويضيف أن حزبه حصل في الانتخابات الماضية التي تصدر نتائجها على 125 مقعداً، وبعد هذا التعديل فإن التوقعات لن تمنحه سوى 90 مقعداً نيابياً.

بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يقود المعارضة في البلاد ويوصف بأنه مقرب للقصر، فإنه لا يريد قياس النتائج بعدد المقاعد الحاصل عليها، ففي نظر أمينه العام عبد اللطيف وهبي فإن حزبه الذي وافق على هذه التعديلات يستهدف الديمقراطية أكثر مما يستهدف النجاحات، وما يهمه أن تكون الأحزاب الوطنية الكبرى موجودة لضمان استمرار العملية الديمقراطية والتعددية السياسية.

يقول وهبي في حوار مع الجزيرة نت: "إذا خسرنا بعض المقاعد من أجل الديمقراطية فلا بأس".

هل العزوف يصب في مصلحة العدالة والتنمية؟

 وتتخوف الأحزاب من حدوث عزوف كبير للناخبين عن التصويت مع عودة النقاش القديم/الجديد حول جدوى الانتخابات في الساحة السياسية. ولا يستبعد أستاذ العلوم السياسية أحمد بوز في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أن يرتبط تراجع الاهتمام بالانتخابات "بوجود شعور بضعف هامش القرار لدى المؤسسات المنتخَبة"، حسبما ورد في تقرير لموقع فرانس 24.

لكن العزوف لربما سيصب في مصلحة "العدالة والتنمية"، باعتبار أنه "قوي لأنه يمتلك خزاناً من الناخبين المتحمسين".

وقال عبد العزيز أفتاتي، القيادي بالعدالة والتنمية، للأناضول إن حظوظ حزبه وافرة للفوز بالانتخابات التشريعية، رغم ما وصفه بـ"استفحال المال الانتخابي"، مضيفاً أن "العدالة والتنمية من الأحزاب القليلة التي تشتغل وفق قواعد سياسية واضحة، ويعمل على التواصل والإقناع، سواء قبل الانتخابات أو خلال الحملة الانتخابية".

 وتابع: "الجديد في هذه الانتخابات هو أن هناك حزباً (لم يذكره) يستعمل المال بشكل كبير.. وهو ما يجعلنا في مواجهة دائمة مع الفساد". وعن تراجع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المهنية الأخيرة أوضح أفتاتي أن استعمال المال أيضاً في هذه الانتخابات هو ما يفسر تراجع حزبه.

ووصف أفتاتي حصيلة العدالة والتنمية بالإيجابية، سواء الحكومية أو في البلديات، بالإضافة إلى تحقيقه للعدالة الاجتماعية، داعياً إلى احترام خيار الشعب في الانتخابات عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.

 هل ينتقل إلى المعارضة؟

يتوقع مصطفى يحياوي، أستاذ الجغرافيا السياسية وتقييم السياسات العمومية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في تصريح للجزيرة نت أن الأحزاب الأربعة الأولى (الأحرار، والعدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال) ستستحوذ على ما يناهز 76% من مقاعد مجلس النواب، مما سيسمح لثلاثة أحزاب منها بتشكيل الأغلبية الحكومية دون الاضطرار إلى اللجوء للأحزاب الصغيرة.

ويخلص إلى أن هذه الاستحقاقات ستفضي إلى حدوث ما سماه "تغييراً غير مكلف سياسياً"، وهو عبارة عن تحوّل في تراتبية المواقع يجعل من حزب الأحرار الذي يقوده عزيز أخنوش الملياردير المقرب للملك الحزب "البديل"، أي الحزب القائد للحكومة؛ الأمر الذي يجعلها عملية تبادل للمواقع أكثر منه تحولاً سياسياً ذا قيمة أيديولوجية تؤثر على ممارسة السلطة وعلى الاختيارات الاستراتيجية للدولة.

هذا التحول في ميزان القوى السياسية، من شأنه أن يفرز 3 أمور: أولاً تثبيت التحالف الاستراتيجي بين الأحرار والاتحاد الاشتراكي وعودة حزب الاستقلال إلى الحكومة، وثانياً عدم اضطرار حزب الأحرار إلى معاودة اللجوء إلى التحالف مع الأحزاب الأخرى للرفع من قدرته التفاوضية.

وثالثاً احتمال قبول حزب العدالة والتنمية بالمشاركة في الأغلبية الحكومية؛ نظراً لكون حاجة الدولة إليه لا تزال قائمة لاعتبارات داخلية وخارجية تستدعي تحصين التلاحم الوطني والتعبئة الجماعية والتوافق السياسي في مواجهة مخاطر سياق جيوسياسي متحول ومتأزم إقليمياً ودولياً.

ولكن يظل هناك مفاجآت لا يمكن استبعادها في الانتخابات؛ فحالة المظلومية التي تحيط بالعدالة في الانتخابات قد تكون في صالحه، كما أن أغلب المنافسين ليست أحزاباً أيدولوجية بل هي أحزاب تعتمد على المال السياسي وعلاقتها بالقصر، باستثناء بعض الأحزاب اليسارية وحزب الاستقلال.

ويكفي النظر إلى أن اثنين من أكبر أحزاب البلاد هما حزب التجمع الوطني للأحرار الشريك في الحكومة وحزب الأصالة الذي يوصف بالمعارض كلاهما، يترأسه مقرب للملك.

تحميل المزيد