الصين والفضاء والفدية الإلكترونية.. تعرَّف على العقيدة الجديدة لحلف الناتو

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/15 الساعة 22:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/15 الساعة 22:27 بتوقيت غرينتش
رؤساء دول وحكومات الناتو /رويترز

بعد أن كان الناتو يوصف بأنه في حالة موت سريري من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بات واضحاً أن قمة الناتو التي عُقدت أمس في بروكسل قد تشكل انطلاقة لصياغة ما يمكن تسميته عقيدة الناتو الجديدة.

وعقيدة  الناتو الجديدة لن تخصم من رصيد أعداء الناتو، فما زالت روسيا هي خصمه، ولكن سيضاف لها أعداء جدد، وقد تفقد روسيا مكانة الخصم الأول لتحل محلها الصين، والتي أصبحت رسمياً هدفاً للناتو لأول مرة استجابة لضغوط أمريكية.

ولكن عقيدة الناتو الجديدة، لا تكتفي بتجديد التأهب لروسيا وإطلاق حالة من الترصد للصين، بل تشمل محاولة التصدي لتهديدات أخرى في مقدمتها التهديدات السيبرانية والمناخية وأيضاً الفضاء.

وأعرب قادة دول حلف الناتو في ختام قمتهم في بروكسيل أمس، عن قلقهم حيال طموحات الصين والتهديد المتنامي لترسانة روسيا العسكرية، ونددوا بـ"تكثيف الأنشطة الهجينة" والتضليل، مؤكدين خطر التهديدات السيبرانية والإرهاب بكل أشكاله، والتزموا بدعم أفغانستان.

عقيدة الناتو الجديدة

الصين.. تكاد تكون عدواً

 طالبت الولايات المتحدة بكلمات أكثر صرامة حول التهديدات المحتملة التي تشكلها الصين، لا سيما من خلال الوجود العسكري والاقتصادي الأوروبي الأطلسي التقليدي لعمليات الناتو.

ويبدو أنها قد نالت غرضها، فلقد قال قادة دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في البيان الختامي لقمتهم السنوية في بروكسل، أمس الإثنين 14 يونيو/حزيران، إن "طموحات الصين المعلنة وسلوكها المتواصل تشكل تحديات لأسس النظام الدولي المستند إلى قواعد، وفي مجالات لها أهميتها بالنسبة إلى أمن الحلف"، معربين عن قلقهم إزاء "السياسات القمعية" لبكين.

وأضاف البيان أن "الصين تعزز بشكل سريع ترسانتها النووية وتستحوذ على عدد كبير من الرؤوس الحربية والنواقل المتطوّرة من أجل التوصل إلى الثالوث النووي".

والثالوث النووي مصطلح يشير إلى طرق إطلاق الأسلحة النووية من الترسانة الاستراتيجية والتي تتألف من ثلاثة مكونات، قاذفة قنابل استراتيجية، صاروخ بالستي عابر للقارات، صواريخ بالستية تطلق من الغواصات.

وتابع البيان أن الصين "تتعاون عسكرياً أيضاً مع روسيا، خصوصاً من خلال المشاركة في تدريبات روسية في المنطقة الأوروبية-الأطلسية".

 وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، للصحفيين بعد قمة الناتو: "نحن لا ندخل حرباً باردة جديدة والصين ليست خصمنا وليست عدونا، لكن سيتعين على الحلفاء الغربيين التكيف مع التحدي المتمثل في صعود بكين".

وأضاف: "إننا بحاجة إلى أن نتصدى معاً، كحلفاء، للتحديات التي يفرضها صعود الصين على أمننا".

ولكن الأدميرال جيمس ستافريديس القائد السابق بالناتو خلال الفترة من 2009 إلى 2013 يرى أنه في مسألة الصين تحديداً سيكون هناك اختلاف في درجة الالتزام من قبل أعضاء الناتو مثل أي التحالف.

ولذا يرى أن بعض دول الناتو ستكون متحالفة جداً مع الولايات المتحدة وتواجه الصين مثل البريطانيين الذين سيكونون على رأس تلك القائمة.

وقال ستافريديس في حديث مع موقع راديو NBR الأمريكي: أعتقد أن الأمر سيستغرق المزيد من الوقت لبعض الدول الأخرى، خاصة الفرنسيين والألمان والإيطاليين، هذه هي الدول الكبرى في الناتو. قد يكون هناك تباين بين مواقفها وبين مواقف واشنطن في العلاقة مع الصين، خاصة حول التجارة والتكنولوجيا والتعريفات الجمركية.

ولكن من المؤكد أن الناتو سوف يتحد في هذا الأمر في النهاية، لأن الحقيقة إذا لم يفعلوا ذلك، فلن يكونوا قادرين على تحقيق التوازن مع صعود الصين في 10 إلى 15 سنة القادمة.

وردت بكين سريعاً، ففي بيان على تويتر، اتهمت البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي الناتو بـ"الافتراء على التنمية السلمية للصين"، وأصرت على أن "الصين ملتزمة بسياسة دفاعية ذات طبيعة دفاعية".

وأضافت أن "الصين لن تقدم تحديات منهجية "لأي شخص، لكننا لن نجلس جانباً ولن نفعل شيئاً إذا اقتربت منا.

القرصنة الإلكترونية.. عدوان على الجميع

بحث قادة الناتو عن طرق لتحقيق أقصى قدر من أمن الفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي والتقنيات الجديدة.

وصرح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحفيين بأن هناك توجهاً لتطبيق مبادئ "المادة 5" الخاصة بالأمن الجماعي لحلف الناتو في حالة وقوع هجوم إلكتروني. وقال إنه من المتوقع أن يوافق على استراتيجيات الدفاع السيبراني السرية.

قال سوليفان: "هذا التحالف بأكمله سيرقي جوانب الدفاع السيبراني والسياسة والاستخبارات".

ويعني هذا التحديث المقترح أنه إذا احتاج أحد أعضاء التحالف إلى دعم تقني أو استخباراتي رداً على هجوم إلكتروني، فسيكون قادراً على استدعاء بند الدفاع المشترك لتلقي المساعدة، وفقاً لمستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان.

الناتو
الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما كان نائباً للرئيس مع نظيره الصيني شي جين بينغ/رويترز

وفي البيان الصادر عن القمة أكد الناتو، أن "هناك التزاماً قوياً من جانب الناتو بالردع السيبراني والدفاع الجماعي".

من المتوقع أيضاً أن يتم إنشاء سياسة دفاع إلكتروني جديدة لتحسين التنسيق مع البلدان المتأثرة بالتكرار المتزايد لهجمات برامج الفدية الإلكترونية (برامج تؤدي إلى وقف النفاذ إلى حسابات الكمبيوتر المقرصنة، إلى حين يتم دفع فدية من  قبل أصحاب هذه الحسابات للقراصنة).

وتسلط هجمات برامج الفدية الأخيرة على خط الأنابيب الاستعماري الأمريكي والخدمات الطبية الأيرلندية الضوء على المخاطر التي يشكلها المتسللون على البنية التحتية الوطنية الحيوية، حسب موقع California News Times

وكتب أليكس يونغر، الرئيس السابق لجهاز المخابرات البريطانية السرية MI6، قال إن هجوم الفدية لم يعد مجرد قضية جنائية، ولكنه "أمن قومي ومسألة جيوسياسية".

ويتضمن هذا الملف اتخاذ خطوات لتعزيز قدرات التقنيات الناشئة، بما في ذلك: الذكاء الاصطناعي.

يقول الأدميرال جيمس ستافريديس، القائد السابق بالناتو، إن الحلف "استيقظ" على الأمن السيبراني.

 التغير المناخي.. التركيز على النواحي العسكرية

هناك خطة عمل للأمن المناخي لتقليل الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الأنشطة العسكرية، بما يتماشى مع الالتزامات الوطنية بموجب اتفاقية باريس.

يقول ستافريديس: "أعتقد أنه فيما يتعلق بالمناخ سيكون هناك التزام فردي من عدد كبير من الدول ولكن هذا سيكون خطوة جيدة".

روسيا.. وعيد بلا تنفيذ

احتلت روسيا مساحة كبيرة من البيان الختامي، ليس فقط لأنها العدو التقليدي للحلف، بل لأنها أيضاً تنتهج سياسات عدوانية صريحة واستعراضية وليست كتومة وبعيدة المدى مثل الصين.

وأبدى قادة دول الحلف قلقهم حيال "تعزيز ترسانة روسيا العسكرية وأنشطتها الاستفزازية، وخصوصاً في جوار حدود حلف شمال الأطلسي". وجاء في المقررات أن "الاستراتيجية النووية لروسيا كما برنامجها الشامل للتحديث والتنويع وتوسيع أنظمتها للأسلحة النووية، بما في ذلك الزيادة الكمية لأسلحتها النووية غير الاستراتيجية وتنمية قدراتها، لا تزال تسهم وبشكل متزايد في سلوك ترهيبي استراتيجي يزداد عدوانية".

من جهة أخرى، ندد الحلفاء بـ"تكثيف الأنشطة الهجينة" خصوصاً "محاولات التدخل في الانتخابات والاستحقاقات الديمقراطية لدول التحالف"، و"حملات التضليل الواسعة النطاق" و"ممارسات سيبرانية ضارة تستهدف عمل البنى التحتية الحيوية لدول التحالف وتعوقها".

 وحذر القادة من أنه "ما دامت روسيا لا تظهر أنها تحترم القانون الدولي وتفي بالتزاماتها ومسؤولياتها الدولية، لا يمكن أن يعود الوضع إلى طبيعته". 

 ولكن رغم كل هذه التهديدات لروسيا وحديث بايدن عن الخطوط الحمراء التي سيحددها لبوتين، لم يكن هناك رد فعل محدد على عملية القرصنة التي نفذتها بيلاروسيا حليفة روسيا الصغيرة ضد طائرة أيرلندية كانت تطير من اليونان إلى إلى ليتوانيا للقبض على معارض بيلاروسي.

كما لم يفعل الناتو شيئاً يذكر لأوكرانيا التي شجعها على التمرد على روسيا عام 2014، وانتهى الأمر باحتلال موسكو لجزء من أراضيها ودعمها لانفصال جزء آخر دون أن يساعدها الناتو أو يقبل طلباتها المتكررة بالانضمام إليه. 

تحميل المزيد