صراعات شرق المتوسط في 2020.. من فاز بمعركة بسط النفوذ على الثروات المدفونة؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/24 الساعة 13:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/26 الساعة 06:57 بتوقيت غرينتش
مناورات في شرق المتوسط

شهد عام 2020 جولات محتدمة من الصراع في منطقة شرق المتوسط. ورغم أنه في الأصل صراع ثنائي بين تركيا واليونان، فإنه تحول إلى صراع إقليمي مع تدخل أطراف أخرى، بعضها له أهدافها الخاصة، وبعضها يسعى لمزيد من النفوذ، فمن خرج فائزاً من معارك 2020 في شرق المتوسط؟

كيف كان الموقف مطلع 2020؟

بدأ العام الذي يلملم أوراقه هذه الأيام ليأخذ مكانه في التاريخ ويفسح المجال لعام جديد هو 2021 والموقف في شرق المتوسط على النحو التالي:

ليبيا.. صراع شرق المتوسط هو نزاع بين تركيا واليونان له جذور تاريخية تتداخل فيها مشكلات أمن الطاقة مع السيادة والهوية والصراع الإثني بين البلدين، وجاءت اكتشافات الغاز والنفط في عمق البحر الأبيض المتوسط لتفجر هذا الصراع الذي يمكن تسميته صراع الجزر في شرق المتوسط، وأبرزها جزيرة قبرص المقسمة بين قبرص التركية وقبرص الرومية أو اليونانية.

لكن المشهد الأول في تحولات الصراع هذا العام بدأ من العاصمة الليبية طرابلس، التي كانت في يناير/كانون الثاني 2020 تحت الحصار من جانب ميليشيات خليفة حفتر الطامح إلى حكم ليبيا منفرداً. وفي ذلك الوقت، كانت تركيا قد وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينها وبين ليبيا التي مثلتها في الاتفاقية حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً ومقرها طرابلس التي كانت تحت الحصار.

الاتفاقية البحرية بين أنقرة وطرابلس أثارت انتقادات قبرص اليونانية واليونان بطبيعة الحال، على اعتبار أنها تتداخل مع مناطق بحرية تعتبرها أثينا مناطق تابعة لجرفها القاري وهذا بالأساس لبّ الصراع أو بمعنى أدق السبب الرئيسي لتفجر صراع شرق المتوسط في السنوات الأخيرة.

وبالتالي فإن الصراع بدا كما لو أنه انتقل إلى الأراضي الليبية؛ فتركيا تدعم حكومة الوفاق ومقرها طرابلس، بينما خليفة حفتر زعيم ميليشيات شرق ليبيا تدعمه مصر والإمارات وفرنسا وروسيا، وفشلت محاولات إقناع حفتر بالتراجع عن حصار طرابلس والعودة للمسار الدبلوماسي المتمثل في اتفاق الصخيرات الموقع عام 2015 وكان حفتر نفسه طرفاً فيه.

ومع نهاية النصف الأول من العام تعرض حفتر لهزائم متكررة أجبرته على التقهقر مرة أخرى نحو قاعدته الرئيسية في الشرق الليبي وعاد المسار السياسي إلى الواجهة مرة أخرى ولا تزال حكومة الوفاق الوطني هي الممثل الوحيد المعترف به دولياً، انتظاراً لما سيتم الاتفاق عليه من خلال الاجتماعات الجارية حالياً سواء في جنيف أو المغرب أو تونس أو ليبيا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري، قامت تركيا وليبيا بإيداع الاتفاقية البحرية بينهما لدى الأمم المتحدة، بحسب ما أعلن الأمين العام أنطونيو غوتيريش، وذلك طبقاً للمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة التي تضفي الصفة الدولية على الاتفاقيات بين الدول.

ماذا حققت تركيا من الاتفاقية مع ليبيا؟

تطلق تركيا على الاتفاقية الموقعة مع ليبيا "الوطن الأزرق"، وهي تعزز المطالب التركية في جرفها القاري في البحر المتوسط، كما تعطي أنقرة مزيداً من أوراق التفاوض فيما يتعلق بصراع شرق المتوسط بشكل عام، خصوصاً أن أغلب المراقبين يستبعدون أن يؤدي الصراع إلى حرب شاملة بين اليونان وتركيا لأسباب متعددة ومعقدة، وبالتالي فإن تركيا بحاجة لمزيد من الدعم لمنطقها المتعلق بالحقوق البحرية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع فايز السراج

ففي تقرير لمعهد كارنيغي أوروبا بشأن صراع شرق المتوسط، كان الرأي السائد بين المحللين أن "هذا الصراع لا يمثل قضية محددة الأبعاد أو واضحة الحدود سواء من الناحية القانونية أو السياسية"، أو بمعنى آخر هذه ليست مسألة أبيض أو أسود، فكل طرف لديه وجهة نظر منطقية تدعمها أسانيد قانونية واعتبارات سياسية.

فاليونان تعتمد في موقفها على معاهدة لوزان التي وقعتها تركيا عام 1923 وتنازلت من خلالها لليونان على جزر تقع بعضها على بعد كيلومترين فقط من الساحل التركي وتبتعد عن شواطئ اليونان بأكثر من 500 ميل بحري، وتطالب اليونان الآن بأن يكون لتلك الجزر جرف قاري كأي دولة لها شواطئ وهو المنطق الذي ترفض تركيا الاعتراف به.

وتعتمد تركيا على مبدأ التقسيم العادل للمناطق البحرية الخالصة القائم على احتساب المسافة من خط المنتصف، وهو أيضاً مبدأ قانوني منصوص عليه في اتفاقية أعالي البحار. وبالتالي فإن مواقف أطراف الصراع في شرق المتوسط تتحكم فيها اعتبارات سياسية متشابكة تجعل من الشق القانوني عنصراً في تحديد المواقف ولكنه ليس العنصر الوحيد.

ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن تركيا قد حققت ما سعت إليه هذا العام من خلال الاتفاقية البحرية مع ليبيا، لكن نتائج ذلك الانتصار في المعركة لا تزال رهن التطورات في العام المقبل 2021 أو ما يليه. فالتنقيب التركي شرق المتوسط لا زال يثير ردود فعل رافضة من الجانب اليوناني المدعوم من فرنسا وإسرائيل ومصر والإمارات، ولا يمكن توقع ما قد يحدث عندما يتم التوصل لاكتشاف ضخم من الغاز في المنطقة المتنازع عليها.

ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان

يمكن القول إن توقيع اليونان على ترسيم حدودها البحرية مع مصر قد جاء كرد فعل مباشر على ترسيم تركيا للحدود البحرية مع ليبيا، فالمفاوضات المصرية اليونانية كانت مستمرة منذ 15 عاماً دون التوصل لاتفاق مرضي للطرفين، في ظل تمسك أثينا بموقفها من جزر تمتلكها القاهرة وهو ما حال دون التوصل لاتفاق.

وقد علق خبير الشرق الأوسط شتيفان رول من العهد الألماني للسياسة الدولية والأمن (SWP) في برلين على توقيع الاتفاقية بين مصر واليونان، في معرض مقابلة له مع دويتش فيله بقوله إن "الاتفاقية المبرمة الآن (بين أثينا والقاهرة) لها علاقة مباشرة مع اتفاقية المناطق الاقتصادية التي وقعتها تركيا وحكومة الوفاق الليبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. فاليونان ومصر رأتا في تلك الاتفاقية تهديداً واضحاً لمصالحهما".

وزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره اليوناني نيكولاوس ديندياس/رويترز

وأضاف الخبير الألماني: "لا أعرف إلى أي مدى تم التفاوض بين أثينا والقاهرة حول الاتفاقية الجديدة، لكن الأمر يتعلق في نهاية المطاف بسد الأبواب أمام تركيا".

وما يؤكد كلام رول هو أن الاتفاقية اليونانية المصرية ليست إلا اتفاقية مؤقتة، فالتوزيع الحالي للمناطق الاقتصادية لا يولي الاعتبار للمناطق البحرية شرقي الجزر اليونانية رودوس إلى جزيرة كاسالوريزو، وهذا ما جعل البعض يرى أن ما تم الاتفاق عليه بين القاهرة وأثينا ليس إلا رد فعل لما قامت به تركيا في ليبيا، بينما المفاوضات لا تزال مستمرة كما كانت منذ 15 عاماً.

وهو ما لخصه رول بقوله: "الأمر يتعلق بالأساس بإرسال إشارة سريعة جداً في اتجاه أنقرة بأنه لا يمكن قبول أن ترسم تركيا من جديد الحدود البحرية. وهذا قد يفسر أيضاً لماذا تم التوقيع الآن على الاتفاقية وسيستمر التفاوض على التفاصيل".

منتدى غاز شرق المتوسط

عام 2020 شهد أيضاً تحويل منتدى غاز شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية حكومية، وهو تحرك يهدف بالأساس إلى حرمان تركيا من أي وجود في التنقيب عن الموارد الطبيعية واستغلالها في منطقة شرق البحر المتوسط. ووقع 6 أعضاء – من أصل 7 – على ميثاق تحويل المنتدى إلى منظمة دولية للطاقة وذلك في اجتماع عقد عبر دائرة تليفزيونية مغلقة في سبتمبر/أيلول 2020 بسبب جائحة كورونا واستضافته القاهرة مقر المنظمة.

الدول التي وقعت على تأسيس منظمة شرق المتوسط للغاز هي مصر وإسرائيل واليونان وقبرص الرومية وإيطاليا والأردن، بينما غاب ممثل السلطة الفلسطينية عن الحدث الذي حضره أيضا سفراء الولايات المتحدة وفرنسا لدى مصر بصفة مراقبين.

وخلال زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للقاهرة خلال ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت القاهرة انضمام الإمارات لمنظمة شرق المتوسط للغاز بصفة مراقب بناء على ترشيح من تل أبيب.

منتدى غاز شرق المتوسط/مواقع التواصل

أنقرة، من جانبها، لا تعترف بمنظمة شرق المتوسط كما لم تعترف بالمنتدى نفسه حينما أعلن عن تأسيسه في يناير/كانون الثاني 2019، وتقول إن أي تحرك يهدف إلى حرمانها من حقها في التوزيع العادل للثروة الطبيعية في مياه شرق المتوسط هو تحرك لا تعترف به وتعتبره بلا سند قانوني.

وبحسب كثير من المحللين وخبراء الطاقة، من المستحيل أن تتمكن الدول أطراف الصراع في شرق المتوسط من الاستفادة القصوى من موارد المنطقة دون اتفاق سياسي ملزم لجميع الأطراف، نظرا لطبيعة  الاستثمارات الضخمة التي تتطلبها عمليات التنقيب في أعماق البحار وتردد الشركات والمستثمرين في المخاطرة بذلك النوع من الاستثمار الضخم في مناطق يدور حولها نزاع. وهذه النقطة تحديدا تجعل المحللين يستبعدون سيناريو تطور نزاع شرق المتوسط إلى صراع مسلح أو حرب مفتوحة، إضافة بالطبع إلى متغيرات أخرى كثيرة أبرزها كون تركيا عضوا في حلف الناتو – شأنها شأن اليونان – وأي نزاع مسلح بين الجانبين قد يعني تفكك الحلف وهو أمر مرفوض من جميع الأطراف كخيار استراتيجي.

ماذا عن موقف فرنسا والإمارات؟

يمكن القول إن أحداث عام 2020 قد شهدت تبلوراً وتركيزاً في موقف كثير من الأطراف الإقليمية فيما يخص صراع شرق المتوسط، حتى تلك الأطراف التي لا علاقة لها بسبب الصراع من الأصل، وأبرزها الإمارات وفرنسا وإسرائيل.

فالإمارات لا تمتلك شواطئ على ساحل شرق المتوسط ولا تربطها اتفاقيات دفاع مشترك مع اليونان تجبرها على الوقوف في صف أثينا، كما لا توجد مشكلة ثنائية مباشرة بين أبوظبي وأنقرة تبرر الموقف الإماراتي المعادي لتركيا في صراع شرق المتوسط.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد/رويترز

لكن العداء الإماراتي لتركيا يتلخص في أمرين الأول هو عداء قادة الإمارات المعلن لثورات الربيع العربي قبل عشر سنوات والذي جعل من أبوظبي الراعي الأول للثورات المضادة في المنطقة بشكل عام – في مقابل دعم تركيا للربيع العربي. والأمر الثاني يتعلق بالطموح الإماراتي في لعب دور إقليمي مؤثر في المنطقة وهو ما وضعها أيضاً في مواجهة مباشرة مع تركيا، كما هو الحال في ليبيا حيث تدعم أبوظبي خليفة حفتر بينما تدعم أنقرة حكومة الوفاق.

وبالتالي فإن انضمام الإمارات كمراقب لمنتدى أو منظمة غاز شرق المتوسط هدفه الأساسي التأكيد على محاولات إظهار تركيا كدولة معزولة في مواجهة باقي دول المنطقة.

أما فرنسا فقد اندفعت لدعم اليونان في صراع شرق المتوسط لدرجة أنها أرسلت فرقاطة عسكرية وطائرتي رافال إلى المنطقة في أغسطس/آب 2020 بينما كانت سفينة التنقيب التركية "عروج ريس" تقوم بالتنقيب وكانت الأجواء مشحونة بتوتر ينذر بوقوع المحظور، في ظل إرسال اليونان سفناً حربية إلى المنطقة أيضاً.

الدعم الفرنسي لليونان يرجع أيضاً لأسباب بعيدة عن صراع شرق المتوسط ومنها دعم حفتر في ليبيا، لكن أيضاً العلاقة المتوترة للغاية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لها دور كبير فيما يحدث. فقد وصلت الأمور إلى حد تبادل الإهانات الشخصية، وكان موقف ماكرون وتصريحاته الخاصة بالإسلام والرسوم المسيئة للرسول في أكتوبر/تشرين الأول 2020 ورد أردوغان عليه قد أضاف بعداً جديداً للتوتر بين الجانبين.

ثم جاء الانتصار الذي حققته أذربيجان على أرمينيا وساهم في استعادة الأولى – بدعم تركي – لإقليم ناجورنو قره باغ المحتل، وموقف فرنسا الرافض لتلك النتيجة وصدور قرار من البرلمان الفرنسي يعتبر قره باغ إقليماً مستقلاً، كتأكيد آخر على أن موقف فرنسا الداعم لليونان في شرق المتوسط هو موقف سياسي وليس موقفاً قانونياً يدعم أثينا لأنها تمتلك الحق في مواجهة أنقرة التي لا تمتلك ذلك الحق، بحسب زعم الرئيس الفرنسي.

ماذا عن موقف مصر؟

شهد عام 2020 صعوداً وهبوطاً في علاقات القاهرة وأنقرة، ومنذ بدايته إلى نهايته تمحور العداء بين الجانبين حول الملف الليبي بشكل أساسي رغم أن تدهور العلاقة يرجع إلى عام 2013 بسبب موقف تركيا الرافض تماماً للانقلاب الذي أطاح بالرئيس الراحل محمد مرسي وجماعة الإخوان من حكم مصر وجاء بقائد الجيش عبدالفتاح السيسي رئيساً للبلاد في العام التالي.

وهذا الموقف من الانقلاب هو لبّ الصراع بين القاهرة وأنقرة، وبالتالي فإن الدعم التركي لحكومة الوفاق الليبي قابله دعم مصري للجنرال خليفة حفتر، وفي الوقت نفسه اتخذت القاهرة موقفاً داعماً لليونان وقبرص الرومية في نزاعهما البحري مع تركيا لدرجة أن البعض وصف مسارعة القاهرة بالإعلان عن ترسيم حدودها البحرية مع أثينا – رغم الخلافات التي لا تزال قائمة – بأنه "تفريط" مصري في حقوقها البحرية بسبب الموقف السياسي تجاه تركيا.

لكن في نفس الوقت، أدت الهزائم المتكررة لخليفة حفتر وتقهقره إلى الشرق في بني غازي وزحف قوات حكومة الوفاق نحو سرت ومن ثم إعلان الرئيس المصري أن "سرت-الجفرة" خطاً أحمر إلى تهدئة الأوضاع بين القاهرة وأنقرة التي أعربت عن تفهمها للموقف المصري وبدا أن هناك تفاهمات تتم بعيداً عن الإعلام للتوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع الليبي.

وكان لافتاً أن الانتقادات المصرية للاتفاقية البحرية بين حكومة الوفاق في ليبيا وأنقرة ليست بنفس حدة رد الفعل اليوناني والقبرصي، ففي نهاية المطاف ومع تنحية الموقف السياسي بين القاهرة وأنقرة جانباً، تصب تلك الاتفاقية في صالح مصر في نقطتين جوهريتين الأولى تتعلق بإضافة 80 ميلاً بحرياً للمنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر في البحر المتوسط والثانية تتعلق بخط أنابيب الغاز في عمق البحر المتوسط وهو المشروع الذي يفترض أن ينقل الغاز من إسرائيل إلى قبرص واليونان ومنهما إلى أوروبا وجاءت الاتفاقية التركية-الليبية كعقبة أساسية نحو تنفيذ الخط الذي من شأنه أن يضعف من مكانة مصر كمصدر إقليمي للغاز ويصب في صالح إسرائيل.

الخلاصة بشأن صراع المتوسط في 2020

قبل الوصول لخلاصة الموقف مع نهاية عام 2020، يجب التوقف قليلاً عند دور إسرائيل في هذا الصراع متعدد الأطراف متنوع الأسباب في شرق المتوسط. فتل أبيب تقف في صف اليونان وقبرص الرومية، لكن بعيدا عن مشاركتها في اجتماعات منتدى شرق المتوسط وتوقيعها مؤخراً على اتفاق تحويله لمنظمة إقليمية، لم تأخذ إسرائيل دوراً عدائياً في المنطقة البحرية كما فعلت فرنسا مثلاً عندما أرسلت فرقاطة حربية للمنطقة.

وقد بدأت مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان في الشهرين الأخيرين من العام لكنها لم تتوصل بعد لنتائج ملموسة، وربما يتم الإعلان عن الاتفاق بينهما في 2021، وهو ما قد يعني دخول لبنان أيضاً إلى ساحة صراع الغاز شرق المتوسط والسؤال إلى أي جانب ستنضم بيروت في تلك الحالة.

ينتهي العام إذن على النحو التالي: تركيا تتمسك بموقفها القائم على "احترام الجمهورية التركية بشمالي قبرص والاعتراف بها وإقرار حقوق تركيا"، بحسب أردوغان. وفي المقابل نجحت اليونان وفرنسا أخيراً في إقناع الاتحاد الأوروبي بتوقيع عقوبات على تركيا بشأن نزاع شرق المتوسط، وهو ما يطالب به ماكرون منذ يوليو/تموز 2020.

سفن التنقيب التركية عن الغاز في شرق المتوسط، أرشيفية/ الأناضول

لكن بيان قادة الاتحاد الأوروبي الصادر خلال قمتهم في بروكسيل في ديسمبر/كانون الأول الجاري ترك الباب مفتوحاً لمزيد من المشاورات مع تركيا قبل تفعيل تلك العقوبات في مارس/آذار 2021، وجرى بالفعل حوار بين أردوغان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اتفقا خلاله على أن السبيل الأفضل لحل النزاعات هو الدبلوماسية وليس العقوبات.

أردوغان دائما ما يتهم الاتحاد الأوروبي بأنه لم يتعامل قط بشكل نزيه مع بلاده في نزاعها مع اليونان، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2021، وهي المهلة التي أعطاها الاتحاد الأوروبي لتركيا ولقادته أيضاً قبل تفعيل العقوبات، من المتوقع أن تحدث تغييرات كبيرة في الموقف ليس فقط في شرق المتوسط ولكن حول العالم بشكل عام مع تولي إدارة جو بايدن مقاليد الأمور في البيت الأبيض.

فكثير من المحللين يحملون إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب مسؤولية تدهور الأمور وتصعيدها في صراع شرق المتوسط بسبب طريقة إدارته التي اتسمت بالانسحاب الأمريكي مما ترك فراغا يسعى كثير من القادة حول العالم لاستغلاله ومنهم ماكرون وفلاديمير بوتين وغيرهما، فهل يستعيد بايدن الدور الأمريكي وينزع فتيل الصراع في شرق المتوسط؟

وفي السياق، أفاد بيان أعده زعماء الاتحاد الأوروبي للموافقة عليه في قمتهم المقررة الخميس، بأن الاتحاد سيفرض عقوبات على المزيد من الأتراك والشركات التركية المسؤولة عن أعمال التنقيب في المياه المتنازع عليها في البحر المتوسط.

تحميل المزيد