الحرب التي قد تخسرها واشنطن.. هل تستطيع أمريكا منع الصين من غزو تايوان؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/08/11 الساعة 21:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/30 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
أول حاملة طائرات صينية لياونينغ تشارك في عرض عسكري في بحر الصين الجنوبي في أبريل من العام الماضي/رويترز

هل تستطيع الولايات المتحدة منع الصين من غزو تايوان؟ قبل سنوات كانت إجابة هذا السؤال في صالح أمريكا، ولكن اليوم لم تعد النتيجة مضمونة.

والتدخل العسكري الأمريكي لحماية تايوان أمر يريده الكثيرون في واشنطن في حال تعرضها لاعتداء من قبل بكين، وبات البعض يرى هذا التوجه ضرورياً لمواجهة الصين.

إذ عكس جوزيف بوسكو، المسؤول السابق في البنتاغون، رغبة الكثيرين هذا الصيف عندما جادل بأن الكونغرس يجب أن يمرر قانون الدفاع عن تايوان لأنه "سيحرك سياسة الولايات المتحدة على بعد خطوة واحدة فقط من الالتزام الدفاعي المفتوح تجاه تايوان".

وإذا تم التوقيع عليه ليصبح قانوناً فسوف يُلزم القانون حكومة الولايات المتحدة بـ"تأخير وإحباط، وفي النهاية هزيمة محاولة جمهورية الصين الشعبية استخدام القوة العسكرية للسيطرة على تايوان".

ولكن بعيداً عن السياسة، ومن الناحية العسكرية البحتة هل تستطيع الولايات المتحدة منع الصين من غزو تايوان؟

هل تستطيع الولايات المتحدة منع الصين من غزو تايوان؟

لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تدرك أن مثل هذه الحرب ستكون أمراً سيئاً للولايات المتحدة، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

فقد أظهرت مناورات الحرب الأخيرة التي أجراها البنتاغون ومؤسسة RAND، أن صداماً عسكرياً بين الولايات المتحدة والصين، خاصة حول قضية تايوان، من المرجح أن يؤدي إلى هزيمة الولايات المتحدة.

وفي محاكاة للحرب بين الولايات المتحدة والصين، قال المحلل في مؤسسة RAND ديفيد أوشمانك، "بصراحة إن أمريكا ضربت على مؤخرتها".

الطائرة J 20 الشبحية الصينية/wikipedia

وأوضح أوشمانيك أنه إذا حشدت الصين كل قدارتها للاستيلاء على تايوان، فيمكنها أن تحقق هدفها "في فترة زمنية محدودة، تُقاس بالأيام إلى الأسابيع". وقال إن السبب هو أنه ليس "فقط لأنهم سيهاجمون القواعد الجوية في المنطقة. سوف يهاجمون حاملات الطائرات في البحر… سوف يهاجمون مستشعرات أمريكا في الفضاء، وسوف يهاجمون روابط اتصالاتها التي تمر إلى حد كبير عبر الفضاء".

تعلق المجلة قائلة "ربما تقلل المناورات وألعاب الحرب وعمليات المحاكاة من قدرة أمريكا على الهجوم المضاد أو المبالغة في تقدير قدرة الصين على تنفيذ العمليات العسكرية. ربما تستطيع أمريكا في النهاية صدّ هجوم الصين على تايوان، لكن مثل هذا "الانتصار" سيكون له ثمن باهظ بشكل مذهل بالنسبة للبلد.

ستكون الجغرافيا مشكلة، تقع تايوان تقريباً على نفس المسافة من البر الرئيسي الصيني، حيث تقع كوبا من طرف فلوريدا. وتقع تايوان على بعد يقارب 6 آلاف ميل بحري إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.

استراتيجية فعالة للصين

واشتهرت الصين بتقوية دفاعاتها ضد الولايات المتحدة عن طريق استراتيجية منع الوصول (A2 /AD)، ما قد يفرض تكلفة باهظة على الولايات المتحدة لأي هجوم ضد الصين.

ففي الآونة الأخيرة، برزت الصين كقوة إقليمية حازمة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مع قدرات قوية A2 /AD.

وهذه القدرات تعتمد على استخدام صواريخ باليستية وصواريخ كروز المتقدمة، بالتزامن مع أنظمة الدفاع الجوي والبحري لردع العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة.

وتتركز منظومة A2 /AD الصينية حول تايوان وبحر الصين الجنوبي، ما يضع القوات العسكرية الأمريكية، مثل مجموعة حاملات الطائرات والمنشآت في المنطقة ضمن نطاق الصواريخ الباليستية الموجهة بدقة.

هذا التهديد الإقليمي خفَّف بشدة من قدرة القوات الأمريكية على إجراء عمليات في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ومن أجل منع وصول القوات الأمريكية، تعتمد الصين على الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز للهجوم البري المتطورة لتهديد المنشآت العسكرية الأمريكية في جزر أوكيناوا وغوام.

يفترض وفقاً لهذه الاستراتيجية أن يتم استخدام أنواع مختلفة من الصواريخ المضادة للسفن والصواريخ الباليستية، باستخدام تقنية لديها القدرة على الضرب بدقة وتجاوز معظم منصات الدفاع الصاروخي البحرية.

ويفترض أن يتم إرسال صواريخ كروز الصينية المضادة للسفن عن طريق السفن الحربية والغواصات والطائرات التي تقوم بدوريات في المياه على طول ساحل البلاد.

حتى لو انتصرت أمريكا فقد تتعرض للإفلاس

بالإضافة إلى التكلفة التي تتحملها أمريكا من حيث الخسائر في الأرواح، وغرق السفن، وإسقاط الطائرات، سيكون على الولايات المتحدة بعد ذلك التزام لا تحسد عليه، لبناء وجود عسكري ضخم في تايوان، وبناء قواعد في جميع أنحاء المنطقة، لتأمين البلاد ومنع المحاولة الصينية التالية لاستعادتها.

سيتعين على أمريكا أن تنفق مئات المليارات من الدولارات على الحفاظ على مثل هذه الدفاعات باستمرار، وتتعرض باستمرار لخطر هجوم جديد.

في الوقت الذي تتسبب فيه ميزانيات الدفاع بالفعل في مزيد من الضغط بسبب الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا، فإنه من الممكن أن تشل أمريكا إذا تصاعدت ميزانيتها الدفاعية لتغطية حرب مع الصين.

باختصار، فإن خسارة الحرب مع الصين ستكون كارثية، بينما "الانتصار" في حرب على تايوان من شأنه أن يؤدي إلى إفلاس أمريكا.

ومن الواضح أن واشنطن بحاجة إلى طريقة أفضل للتنافس مع بكين. لحسن الحظ هناك بديل أفضل، حسب تقرير The National Interest.

إن أفضل طريقة يمكن أن تساعد بها أمريكا تايوان وتثني الصين عن استخدام القوة، هي تشجيع جميع الدول الصديقة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ -وليس تايوان فقط- على الانخراط في تعزيز قدراتها في الدفاع عن النفس.

الحل في أن تتبع تايوان بدعم أمريكي نفس الأسلوب الصيني، أي استراتيجية منع الوصول (A2 /AD)، لكي تجعل الهجوم الصيني صعباً.

تحميل المزيد